الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَكَبَيْعِ حَامِلٍ) آدَمِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانِ (بِشَرْطِ الْحَمْلِ) إنْ قَصَدَ اسْتِزَادَةَ الثَّمَنِ لِلْغَرَرِ؛ إذْ قَدْ تَلِدُهُ حَيًّا وَقَدْ لَا تَلِدُهُ لِانْفِشَاشِ الْحَمْلِ وَقَدْ تَلِدُهُ مَيِّتًا، فَإِنْ قَصَدَ التَّبَرِّي جَازَ.
(وَاغْتُفِرَ) لِلضَّرُورَةِ (غَرَرٌ يَسِيرٌ) إجْمَاعًا: كَأَسَاسٍ لِدَارِهِ الْمَبِيعَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ عُمْقَهُ وَلَا عَرْضَهُ وَلَا مَتَانَتَهُ. وَكَإِجَارَتِهَا مُشَاهِرَةً مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ نُقْصَانِ الشُّهُورِ، وَكَجُبَّةٍ مَحْشُوَّةٍ وَلِحَافٍ، وَشُرْبٍ مِنْ سِقَاءٍ، وَدُخُولِ حَمَّامٍ مَعَ اخْتِلَافِ الشُّرْبِ وَالِاغْتِسَالِ (لَمْ يُقْصَدْ) فَإِنْ كَانَ يَقْصِدُ، كَبَيْعِ حَامِلٍ بِشَرْطِ الْحَمْلِ لَمْ يَجُزْ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَكَالِئٍ بِكَالِئٍ) : مِنْ الْكِلَاءَةِ بِكَسْرِ الْكَافِ: أَيْ الْحِفْظِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
وَإِنَّمَا جَازَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، إمَّا لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى أَوْ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَعْلَمُ جَيِّدَ حَائِطِهِ مِنْ رَدِيئِهِ فَلَا يَخْتَارُ ثُمَّ يَنْتَقِلُ كَذَا فِي الْأَصْلِ.
[بَيْع الْأَمَة الْحَامِل]
قَوْلُهُ: [وَكَبَيْعِ حَامِلٍ] : أَيْ فَهُوَ فَاسِدٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فَإِنْ فَاتَ الْمَبِيعُ مَضَى بِالثَّمَنِ لِأَنَّ بَيْعَ الْحَامِلِ بِشَرْطِ الْحَمْلِ مُخْتَلَفٌ فِي صِحَّتِهِ، فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ - كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَمْضِي بِالثَّمَنِ عِنْدَ الْفَوَاتِ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ أَوْ لَا، وَالصَّوَابُ قَصْرُهُ عَلَى مَا إذَا تَبَيَّنَّ حَمْلُهَا فَإِنْ تَبَيَّنَّ عَدَمُهُ مَضَى بِالْقِيمَةِ كَذَا فِي الـ (مج)، لِأَنَّ الْحَامِلَ يُزَادُ فِي ثَمَنِهَا فَأَخَذَ مَا زِيدَ مِنْ الثَّمَنِ إنْ تَخَلَّفَ الْحَمْلُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ. قَوْلُهُ:[فَإِنْ قَصَدَ التَّبَرِّي جَازَ] : ظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَمْلِ الظَّاهِرِ وَالْخَفِيِّ. وَلَكِنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ وَأَمَّا الْآدَمِيُّ فَإِنْ قَصَدَ التَّبَرِّي جَازَ فِي الْحَمْلِ الظَّاهِرِ كَالْخَفِيِّ فِي الْوَخْشِ إذْ قَدْ يَزِيدُ ثَمَنُهَا بِهِ دُونَ الرَّائِعَةِ، فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِمَا قَصَدَ حُمِلَ عَلَى الِاسْتِزَادَةِ فِي الْوَخْشِ وَفِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ. وَعَلَى التَّبَرِّي فِي الرَّائِعَةِ - كَذَا فِي الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [كَأَسَاسٍ لِدَارِهِ] أَيْ كَالْغَرَرِ بِالنِّسْبَةِ لِأَسَاسِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ وَإِلَّا فَالْأَسَاسُ لَيْسَ غَرَرًا وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ. قَوْلُهُ: [وَكَجُبَّةٍ مَحْشُوَّةٍ وَلِحَافٍ] : أَيْ وَأَمَّا حَشْوُ الطَّرَّاحَةِ. فَلَا بُدَّ مِنْ نَظَرِهِ وَلَا يُغْتَفَرُ الْغَرَرُ فِيهِ لِكَثْرَتِهِ.
[بَيْع الْكَالِئ بِالْكَالِئِ]
قَوْلُهُ: [مِنْ الْكِلَاءَةِ بِكَسْرِ الْكَافِ أَيْ الْحِفْظِ] : اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الدَّيْنَ
وَفِي الْحَدِيثِ: «اللَّهُمَّ كِلَاءَةً كَكِلَاءَةِ الْوَلِيدِ» ، وَفِي الْقُرْآنِ:{قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ} [الأنبياء: 42] ، وَهُوَ (دَيْنٌ بِمِثْلِهِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَحْفَظُ صَاحِبَهُ وَيُرَاقِبُهُ.
(وَهُوَ أَقْسَامٌ) ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ (فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ) مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ أَوْ فِي أَكْثَرِ مِمَّا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَسَخْتهَا فِي دِينَارٍ أَوْ ثَوْبٍ مُتَأَخَّرٍ قَبْضُهُ أَوْ فِي أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا، وَأَمَّا تَأْخِيرُهَا أَوْ مَعَ حَطِيطَةِ بَعْضِهَا فَجَائِزٌ هَذَا إذَا كَانَ
ــ
[حاشية الصاوي]
مَكْلُوءٌ لَا كَالِئٌ وَالْكَالِئُ إنَّمَا هُوَ صَاحِبُهُ لِأَنَّهُ الَّذِي يَحْفَظُ الْمَدِينَ. وَأُجِيبُ: بِأَنَّهُ مَجَازٌ فِي إسْنَادِ مَعْنَى الْفِعْلِ لِمُلَابِسِهِ. فَحَقُّ الْكِلَاءَةِ أَنْ تُسْنَدَ لِلشَّخْصِ بِأَنْ يُقَالَ: كَالِئُ صَاحِبِهِ فَأُسْنِدَتْ لِلدَّيْنِ لِلْمُلَابَسَةِ الَّتِي بَيْنَ الدَّيْنِ وَصَاحِبِهِ، أَوْ: إنْ كَالِئًا بِمَعْنَى مَكْلُوءٍ، فَهُوَ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْفَاعِلِ وَإِرَادَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ لِعِلَاقَةِ اللُّزُومِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْكَالِئِ الْمَكْلُوءُ وَعَكْسُهُ.
قَوْلُهُ: [وَفِي الْحَدِيثِ] إلَخْ اسْتِدْلَالٌ عَلَى أَنَّ الْكِلَاءَةَ مَعْنَاهَا الْحِفْظُ، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُك حِفْظًا مِنْك لِأَنْفُسِنَا كَحِفْظِ وَالِدَيْ الْمَوْلُودِ لِلْمَوْلُودِ فَوَلِيدٌ بِمَعْنَى مَوْلُودٍ. قَوْلُهُ:[وَهُوَ أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ] : أَيْ وَهِيَ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَبَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِفَسْخِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ أَشَدُّهَا لِكَوْنِهِ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ.
قَوْلُهُ: [وَأَمَّا تَأْخِيرُهَا] : أَيْ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَقَوْلُهُ أَوْ مَعَ حَطِيطَةِ بَعْضِهَا أَيْ بِأَنْ يَحُطَّ عَنْهُ الْبَعْضَ وَيُؤَخِّرَ بِالْبَاقِي فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَلَوْ كَانَ طَعَامًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ كَانَ نَقْدًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ خِلَافًا لِ (عب) وَلَيْسَ هَذَا مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ بَلْ هُوَ سَلَفٌ أَوْ مَعَ حَطِيطَةٍ وَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْفَسْخِ الِانْتِقَالُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ إلَى غَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ الْأُجْهُورِيُّ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةُ أَيْ وَلَوْ اتِّهَامًا فَدَخَلَ فِيهِ مَا إذَا أَخَذَ مِنْهُ فِي الدَّيْنِ شَيْئًا ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ بِشَيْءٍ مُؤَخَّرٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ أَوْ مِنْ جِنْسِهِ وَهُوَ أَكْثَرُ لِأَنَّ مَا خَرَجَ مِنْ الْيَدِ وَعَادَ إلَيْهَا يُعَدُّ لَغْوًا، وَدَخَلَ أَيْضًا مَا لَوْ قَضَاك دَيْنَك ثُمَّ رَدَدْته إلَيْهِ سَلَمًا وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ تَقَعَانِ بِمِصْرَ لِلتَّحَيُّلِ عَلَى التَّأْخِيرِ بِزِيَادَةٍ.
الْمَفْسُوخُ فِيهِ فِي الذِّمَّةِ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (مُعَيَّنًا) عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ (يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ) .
(كَغَائِبٍ) عَنْ مَجْلِسِ الْفَسْخِ، لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ إلَّا بِالْقَبْضِ مَعَ بَقَاءِ الصِّفَةِ الْمُعَيَّنَةِ حِينَ الْفَسْخِ.
(وَ) كَأَمَةٍ (مُوَاضَعَةٍ) فَسَخَهَا بَائِعُهَا الْمَدِينُ لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ رُؤْيَتِهَا الدَّمَ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ لَهُ. أَوْ أَنَّ عِنْدَهُ أَمَةً شَأْنُهَا أَنْ تَتَوَاضَعَ لَا يَصِحُّ دَفْعُهَا فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ، لِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي ضَمَانِ مُشْتَرِيهَا إلَّا بِرُؤْيَةِ الدَّمِ.
(أَوْ) كَانَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ (مَنَافِعُ) شَيْءٍ (مُعَيَّنٍ) : كَأَنْ يَفْسَخَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فِي رُكُوبِ دَابَّةٍ أَوْ خِدْمَةِ عَبْدٍ أَوْ سُكْنَى دَارٍ مُعَيَّنَةٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ بِالْجَوَازِ. وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنَةِ فَلَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقِهِمَا فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى نَاسِخٍ أَنْ يَقُولَ لَهُ: انْسَخْ لِي هَذَا الْكِتَابَ بِمَا لِي عَلَيْك مِنْ الدَّيْنِ، وَأَمَّا لَوْ نَسَخَ لَك الْكِتَابَ أَوْ خَدَمَك بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ بِغَيْرِ شَرْطٍ. وَبَعْدَ الْفَرَاغِ قَاصَصْته بِمَا عَلَيْهِ، فَجَائِزٌ.
(وَ) الثَّانِي: (بَيْعُهُ) أَيْ الدَّيْنِ (بِدَيْنٍ) لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، (كَبَيْعٍ مَا) أَيْ دَيْنٌ (عَلَى غَرِيمِك بِدَيْنٍ فِي ذِمَّةِ) رَجُلٍ (ثَالِثٍ) . وَأَمَّا بَيْعُهُ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بَلْ وَلَوْ كَانَ مُعَيَّنًا] : رُدَّ بِ " لَوْ " عَلَى أَشْهَبَ وَسَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ، وَمِثْلُ الْفَسْخِ فِي مَنَافِعِ الذَّاتِ الْمُعَيَّنَةِ عَدَمُ جَوَازِ الْفَسْخِ فِي ثِمَارٍ يَتَأَخَّرُ جَذُّهَا أَوْ سِلْعَةٍ فِيهَا خِيَارٌ أَوْ رَقِيقٌ فِيهِ عُهْدَةُ ثَلَاثٍ أَوْ مَا فِيهِ حَقٌّ نُوفِيهِ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ.
قَوْلُهُ: [وَقَالَ أَشْهَبُ بِالْجَوَازِ] : أَيْ وَصَحَّحَ وَقَدْ كَانَ الْأُجْهُورِيُّ يَعْمَلُ بِهِ فَكَانَتْ لِ حَانُوتٍ سَاكِنٍ فِيهَا مُجَلِّدُ الْكُتُبِ فَكَانَ إذَا تَرَتَّبَ لَهُ أُجْرَةٌ فِي ذِمَّتِهِ يَسْتَأْجِرُهُ بِهَا عَلَى تَجْلِيدِ كُتُبِهِ وَكَانَ يَقُولُ هَذَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَصَحَّحَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ رُشْدٍ
قَوْلُهُ: [وَبَعْدَ الْفَرَاغِ قَاصَصْته بِمَا عَلَيْهِ فَجَائِزٌ] أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ بَلْ هُوَ مُقَاصَصَةٌ شَرْعِيَّةٌ. قَوْلُهُ: [فِي ذِمَّةِ رَجُلِ ثَالِثٍ] : أَيْ فَلَا يُتَصَوَّرُ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ بَلْ فِي ثَلَاثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ تَقَدُّمِ عِمَارَةِ ذِمَّةٍ أَوْ ذِمَّتَيْنِ فَالْأَوَّلُ يُتَصَوَّرُ فِي ثَلَاثَةٍ كَمَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى شَخْصٍ فَيَبِيعُهُ مِنْ ثَالِثٍ لِأَجَلٍ وَالثَّانِي فِي أَرْبَعَةٍ وَمِثَالُهُ