الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَشْيَاءَ يُقْضَى بِهَا عِنْدَ التَّنَازُعِ بَيْنَ شُرَكَاءَ وَغَيْرِهِمْ
(يُقْضَى عَلَى شَرِيكٍ فِيمَا) : أَيْ فِي شَيْءٍ (لَا يَنْقَسِمُ) بَيْنَ الشُّرَكَاءِ؛ كَحَمَّامٍ وَفُرْنٍ وَحَانُوتٍ وَبُرْجٍ وَطَاحُونٍ حَصَلَ بِهِ خَلَلٌ وَأَرَادَ الْبَعْضُ أَنْ يُعَمِّرَ وَأَبَى الْآخَرُ (أَنْ يُعَمِّرَ) الْأَبِيُّ مَعَ مَنْ أَرَادَ التَّعْمِيرَ (أَوْ يَبِيعَ) لِمَنْ يُعَمِّرُ مَعَهُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
[فَصَلِّ فِي بَيَان أَشْيَاء يُقْضَى بِهَا عِنْد التَّنَازُع بَيْن شُرَكَاء وَغَيْرهمْ]
[الِاخْتِلَاف عَلَى تَعْمِيم الْمَال الْمُشْتَرَك وكنس الْمِرْحَاض وَنَحْوه]
فَصْلٌ
لَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ تَعُمُّ الشُّرَكَاءَ وَغَيْرَهُمْ عَقَدَ لَهَا فَصْلًا وَخَالَفَ أَصْلَهُ.
قَوْلُهُ: [وَغَيْرَهُمْ] : وَمَثَّلَ لِغَيْرِ الشُّرَكَاءِ فِيمَا سَيَأْتِي بِقَوْلِهِ: " كَذِي سُفْلٍ إنْ وَهِيَ " وَبِمَا بَعُدَ.
قَوْلُهُ: [يَقْضِي عَلَى شَرِيكٍ] إلَخْ: شَمِلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْعَقَارُ الَّذِي لَا يَنْقَسِمُ بَعْضُهُ مِلْكٌ وَبَعْضُهُ وَقْفٌ وَأَبَى الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَوْ النَّاظِرُ مِنْ التَّعْمِيرِ بَعْدَ أَمْرِ الْحَاكِمِ لَهُ؛ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ لَا يُبَاعُ وَيَعْمُرُ طَالِبُ الْعِمَارَةِ وَيَسْتَوْفِي مَا صَرَفَهُ عَلَى الْوَقْفِ مِنْ غَلَّتِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيُبَاعُ مِنْهُ بِقَدْرِ الْإِصْلَاحِ لَا جَمِيعِهِ حَيْثُ لَمْ يَحْتَجْ لَهُ كَذَا فِي (عب) وَكَتَبَ النَّفْرَاوِيُّ بِطُرَّتِهِ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُبَاعُ الْكُلُّ وَلَوْ كَانَ ثَمَنُ الْبَعْضِ يَكْفِي فِي الْعِمَارَةِ دَفْعًا لِضَرُورَةِ تَكْثِيرِ الشُّرَكَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَرَاغِيُّ (اهـ) . نَعَمْ مَحَلُّ الْبَيْعِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَقْفِ رَيْعٌ يَعْمُرُ مِنْهُ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ سِنِينَ فَدَفَعَ الْأُجْرَةَ مُعَجَّلَةً لِيَعْمُرَ بِهَا وَإِلَّا فَلَا يُبَاعُ (انْتَهَى مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) .
قَوْلُهُ: [أَنْ يُعَمِّرَ] : " أَنْ " وَمَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ فِي تَأْوِيلِ مَصْدَرٍ مَجْرُورٍ بِحَرْفِ جَرٍّ مَحْذُوفٍ مُتَعَلِّقٍ " يَقْضِي "، وَنَائِبُ فَاعِلِهِ قَوْلُهُ:" عَلَى شَرِيكٍ " فَيَنْحَلُّ الْمَعْنَى يُقْضَى عَلَى شَرِيكٍ بِالتَّعْمِيرِ أَوْ بِالْبَيْعِ.
قَوْلُهُ: [لِمَنْ يُعَمِّرُ مَعَهُ] : أَيْ لِشَخْصٍ آخَرَ يُعَمِّرُهُ فَإِنْ أَبَى الْمُشْتَرِي مِنْ التَّعْمِيرِ قُضِيَ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا قُضِيَ بِهِ عَلَى الْأَوَّلِ وَهَكَذَا.
فَإِنْ بَاعَهُ لِغَيْرِ الشَّرِيكِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ لَلشَّرِيك كَمَا يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَالْمُرَادُ: يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ إنْ امْتَنَعَ مِنْ التَّعْمِيرِ فَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ أَوَّلًا بِالتَّعْمِيرِ بِلَا حُكْمٍ، فَإِنْ امْتَنَعَ قَالَ لَهُ: إنْ لَمْ تُعَمِّرْ حَكَمْنَا عَلَيْك بِالْبَيْعِ فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ حَكَمَ عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ. وَلَوْ كَانَتْ حِصَّتُهُ يَزِيدُ ثَمَنُهَا عَلَى التَّعْمِيرِ. وَقِيلَ: يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِبَيْعِ قَدْرِ مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّعْمِيرُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْجَبْرِيَّ إنَّمَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى قَدْرِهَا. وَرَدَّ بِأَنَّ دَفْعَ ضَرَرِ كَثْرَةِ الشُّرَكَاءِ إنَّمَا يَكُونُ بِبَيْعِ الْكُلِّ. وَقِيلَ: إنْ كَانَ غَنِيًّا جَبَرَهُ بِالتَّعْمِيرِ وَإِلَّا جَبَرَهُ عَلَى الْبَيْعِ.
وَالْكَلَامِ فِي غَيْرِ الْعُيُونِ وَالْآبَارِ، فَإِنَّ الْآبِيَ مِنْ التَّعْمِيرِ لَهَا لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ بَلْ يُقَالُ لِصَاحِبِهِ: عَمِّرْ وَلَك جَمِيعُ الْمَاءِ مَا لَمْ يَدْفَعْ لَك الْآبِي مَا يَخُصُّهُ مِنْ النَّفَقَةِ، فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ فَالْمَاءُ لِلْمُعَمِّرِ وَلَوْ زَادَ عَلَى مَا أَنْفَقَ - كَذَا فِي الْمَوَّاقِ. وَقِيلَ: بَلْ لَهُ مِنْ الْمَاءِ بِقَدْرِ مَا أَنْفَقَ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [كَمَا يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى] : أَيْ فِي بَابِهَا.
قَوْلُهُ: [وَالْمُرَادُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ] : جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْحَاكِمَ يَقُولُ لِلشَّرِيكِ الْمُمْتَنِعِ مِنْ التَّعْمِيرِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ: حَكَمْتُ عَلَيْك بِأَنْ تُعَمِّرَ أَوْ تَبِيعَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ إذْ الْحُكْمُ إنَّمَا يَكُونُ بِمُعَيَّنٍ وَهُوَ إذَا قَالَ لَهُ: حَكَمْتُ عَلَيْك أَنْ تُعَمِّرَ أَوْ تَبِيعَ لَمْ يَكُنْ الْمَحْكُومُ بِهِ مُعَيَّنًا، بَلْ الْحَاكِمُ يَأْمُرُهُ أَوَّلًا بِالْعِمَارَةِ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ كَانَتْ حِصَّتُهُ يَزِيدُ ثَمَنُهَا عَلَى التَّعْمِيرِ] : هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَوْ كَانَ فِي الْوَقْفِ كَمَا لِلنَّفْرَاوِيِّ دَفْعًا لِضَرُورَةِ تَكْثِيرِ الشُّرَكَاءِ.
قَوْلُهُ: [جَبَرَهُ بِالتَّعْمِيرِ] : أَيْ حَكَمَ عَلَيْهِ بِهِ فَضَمِنَ جَبْرَ مَعْنَى حُكْمٍ فَعَدَّاهُ بِالْبَاءِ.
قَوْلُهُ: [لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ] إلَخْ: أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعُيُونِ وَالْآبَارِ زَرْعٌ أَوْ شَجَرٌ أَمْ لَا.
قَوْلُ: [كَذَا فِي الْمَوَّاقِ] : أَيْ نَقْلًا عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ: مَحَلُّ جَبْرِ الشَّرِيكِ إنْ كَانَ عَلَى الْبِئْرِ أَوْ الْعَيْنِ زَرْعٌ أَوْ شَجَرٌ فِيهِ ثَمَرٌ مُؤَبَّرٌ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَرَجَّحَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.
(كَذِي سُفْلٍ) عَلَيْهِ بِنَاءً لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ (إنْ وَهِيَ) أَنْ يَعْمُرَ أَوْ يَبِيعَ لِمَنْ يَعْمُرُ لِدَفْعِ ضَرَرِ الْأَعْلَى، وَلَوْ كَانَ الْأَسْفَلُ وَقْفًا حَيْثُ لَا رَيْعَ لَهُ يَعْمُرُ مِنْهُ وَلَمْ يُمْكِنْ اسْتِئْجَارُهُ بِشَيْءٍ يَعْمُرُ بِهِ، وَلَكِنْ لَا يُبَاعُ مِنْ الْوَقْفِ إلَّا بِقَدْرِ التَّعْمِيرِ. (وَعَلَيْهِ) : أَيْ عَلَى ذِي السُّفْلِ (التَّعْلِيقُ) : أَيْ تَعْلِيقُ الْأَعْلَى بِالْجَوَائِزِ وَالْمِسْمَارِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ إصْلَاحِهِ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِمَنْزِلَةِ الْبِنَاءِ؛ وَالْبِنَاءُ عَلَى ذِي الْأَسْفَلِ. هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَقِيلَ: التَّعْلِيقُ عَلَى رَبِّ الْعُلْوِ؛ فَلَوْ سَقَطَ الْأَعْلَى فَهُوَ الْأَسْفَلُ أُجْبِرَ رَبُّ الْأَسْفَلِ عَلَى الْبِنَاءِ أَوْ الْبَيْعِ لِمَنْ يَبْنِي لِيَبْنِيَ رَبُّ الْعُلُوِّ عُلُوَّهُ. (وَ) عَلَيْهِ أَيْضًا (السَّقْفُ) السَّاتِرُ لِسُفْلِهِ، إذْ الْأَسْفَلُ لَا يُسَمَّى بَيْتًا إلَّا بِالسَّقْفِ، وَلِذَا كَانَ يُقْضَى لَهُ بِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ. (وَ) عَلَيْهِ أَيْضًا (كَنْسُ الْمِرْحَاضِ) الَّذِي يُلْقِي فِيهِ رَبُّ الْعُلْوِ سَقَطَاتِهِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَلَكِنْ لَا يُبَاعُ مِنْ الْوَقْفِ إلَّا بِقَدْرِ التَّعْمِيرِ] : أَيْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ عِلَّةَ دَفْعِ تَكْثِيرِ الشُّرَكَاءِ مَنْفِيَّةٌ هُنَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ الْوَقْفِ خَمْسَ مَسَائِلَ: هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا، وَبَيْعَ الْعَقَارِ الْوَقْفِ لِتَوْسِعَةِ الْمَسْجِدِ وَالطَّرِيقِ وَالْمَقْبَرَةِ إذَا كَانَتْ الْحَاجَةُ دَاعِيَةً لِتَوْسِيعِ مَا ذُكِرَ.
قَوْلُهُ: [فَلَوْ سَقَطَ الْأَعْلَى فَهَدَمَ الْأَسْفَلَ] إلَخْ: أَيْ وَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الْأَعْلَى إلَّا بِشَرْطِ الْإِنْذَارِ عِنْدَ حَاكِمٍ وَمَضَى مُدَّةٌ يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ الْإِصْلَاحِ، وَكَذَلِكَ الْعَكْسُ كَمَا إذَا وَهِيَ الْأَسْفَلُ وَخِيفَ بِانْهِدَامِهِ انْهِدَامَ الْأَعْلَى، فَإِنَّ صَاحِبَ الْأَسْفَلِ لَا يَضْمَنُ عَدَمَ الْأَعْلَى إلَّا بِتِلْكَ الشُّرُوطِ.
قَوْلُهُ: [وَعَلَيْهِ أَيْضًا السَّقْفُ] : أَيْ كَمَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ أَبِي مُحَمَّدِ صَالِحٍ.
قَوْلُهُ: [الَّذِي يَلْقَى فِيهِ رَبُّ الْعُلْوِ] إلَخْ: أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فَمُهُ أَعْلَى أَوْ أَسْفَلَ.
قَوْلُهُ: [إلَّا لَعُرْفٍ بَيْنَهُمْ] : أَيْ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ.