الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَكَبَيْعِهِ) سِلْعَةً - عَقَارًا كَانَتْ أَوْ عَرَضًا - (بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ) : أَيْ عَلَى الْبَائِعِ لَهَا (حَيَاتَهُ) : أَيْ مُدَّةَ حَيَاتِهِ؛ فَفَاسِدٌ لِلْغَرَرِ بِعَدَمِ عِلْمِ الثَّمَنِ. (وَرَجَعَ) الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ (بِقِيمَةِ مَا أَنْفَقَ) الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، أَوْ مِثْلِيًّا جَهِلَ قَدْرَهُ كَمَا إذَا كَانَ فِي عِيَالِهِ (أَوْ بِمِثْلِهِ إنْ) كَانَ مِثْلِيًّا (وَ) عَلِمَ قَدْرَهُ، بِأَنْ دَفَعَ لَهُ قَدْرًا مَعْلُومًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ دَرَاهِمَ. فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ؛ يَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ فِي ثَلَاثَةٍ: الْمُقَوَّمُ مُطْلَقًا وَالْمِثْلِيُّ الْمَجْهُولُ الْقَدْرِ، وَبِالْمِثْلِ فِي وَاحِدَةٍ. (وَرُدَّ الْمَبِيعُ) لِبَائِعِهِ (إلَّا أَنْ يَفُوتَ) عِنْدَ الْمُشْتَرِي (فَالْقِيمَةُ) يَرُدُّهَا لِلْبَائِعِ وَتُعْتَبَرُ (يَوْمَ الْقَبْضِ) لَا يَوْمَ الْحُكْمِ.
(وَكَبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ) فَإِنَّهُ فَاسِدٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ لِلْجَهْلِ بِالثَّمَنِ حَالَ الْعَقْدِ، وَفَسَّرَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:(يَبِيعُهَا بَتًّا) لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا. فَإِنْ كَانَ عَلَى الْخِيَارِ لَهُمَا مَعًا جَازَ (بِعَشَرَةٍ نَقْدًا أَوْ أَكْثَرَ) كَأَحَدَ عَشَرَ (لِأَجَلٍ) مَعْلُومٍ وَأَوْلَى مَجْهُولٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَكَبَيْعِهِ سِلْعَةً] : هُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ وَسِلْعَةٌ مَفْعُولٌ وَالضَّمِيرُ فِي حَيَاتِهِ يَرْجِعُ لِلْبَائِعِ وَيَصِحُّ أَنْ يَرْجِعَ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ، فَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مُدَّةً مَجْهُولَةً: وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَاهَا بِالنَّفَقَةِ مُدَّةً مَعْلُومَةً لَجَازَ. فَإِنْ مَاتَ الْبَائِعُ قَبْلَ تَمَامِهَا رَجَعَ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ لِوَرَثَتِهِ لَا إنْ دَخَلَ عَلَى أَنَّهُ إنْ مَاتَ يَكُونُ الْبَاقِي هِبَةً لِلْمُشْتَرِي فَلَا يَجُوزُ.
قَوْلُهُ: [وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي] إلَخْ: اخْتَلَفَ: هَلْ يَرْجِعُ بِمَا كَانَ سَرَفًا بِالنِّسْبَةِ لِلْبَائِعِ أَوْ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِالْمُعْتَادِ؟ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ: إذَا كَانَ السَّرَفُ قَائِمًا فَإِنْ فَاتَ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ وَلَا بِعِوَضِهِ. وَمَا قِيلَ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ حَيَاتَهُ يُقَالُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ، كَمَا لَوْ أَجَّرَهَا مِنْهُ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ مُدَّةً مَجْهُولَةً إلَّا فِي السَّرَفِ فَيَرْجِعُ بِهِ وَيُعَوِّضُهُ إنْ فَاتَ. وَالْفَرْقُ أَنَّ مُشْتَرِيَ الذَّاتِ يَمْلِكُ الْغَلَّةَ بِمِلْكِ الرَّقَبَةِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَرْجِعْ مَعَ الْفَوَاتِ بِالسَّرَفِ، وَالْإِجَارَةُ لَا يَمْلِكُ فِيهَا غَلَّةً لِعَدَمِ مِلْكِهِ الرَّقَبَةَ فَيَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ.
قَوْلُهُ: [وَتُعْتَبَرُ يَوْمَ الْقَبْضِ] : أَيْ وَأَمَّا فِي الْإِجَارَةِ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَهِيَ قِيمَةُ الْمَنَافِعِ فِي أَزْمَانِهَا وَفِي النَّفَقَةِ عَلَيْهِ قِيمَةُ مَا أَنْفَقَ فِي زَمَانِهِ.
[بَيْع الْبَيْعَتَيْنِ فِي بيعة أَوْ بَيْع سِلْعَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ]
قَوْلُهُ: [وَكَبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ] : الْمُرَادُ بِالْبَيْعَةِ: الْعَقْدُ وَ " فِي ": إمَّا لِلظَّرْفِيَّةِ أَوْ السَّبَبِيَّةِ، وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَكَبَيْعَتَيْنِ حَاصِلَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ أَوْ نَاشِئَتَيْنِ بِسَبَبِ بَيْعَةٍ.
(أَوْ) يَبِيعُ (سِلْعَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ) جِنْسًا كَثَوْبٍ وَدَابَّةٍ، أَوْ صِفَةٍ؛ كَرِدَاءٍ وَكِسَاءٍ؛ وَالْمُرَادُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا عَلَى اللُّزُومِ بِعَشَرَةِ، فَفَاسِدٌ لِلْجَهْلِ بِالْمُثَمَّنِ حَالَ الْعَقْدِ. فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى اخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي جَازَ (إلَّا) إذَا كَانَ اخْتِلَافُهُمَا (بِجَوْدَةٍ وَرَدَاءَةٍ) فَقَطْ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا فِيمَا عَدَاهُمَا كَثَوْبٍ جَيِّدٍ وَآخَرَ مِنْ جِنْسِهِ رَدِيءٍ، فَيَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا عَلَى اللُّزُومِ بِعَشَرَةٍ لِأَنَّ الشَّأْنَ الدُّخُولُ عَلَى أَخْذِ الْجَيِّدِ. (وَلَوْ طَعَامًا) رِبَوِيًّا (إنْ اتَّحَدَ الْكَيْلُ) كَإِرْدَبَّيْ قَمْحٍ أَحَدُهُمَا أَجْوَدُ فَيَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِدِينَارٍ عَلَى اللُّزُومِ لِأَنَّ الشَّأْنَ اخْتِيَارُ الْأَجْوَدِ (أَوْ الْأَجْوَدُ أَكْثَرُ) مِنْ الرَّدِيءِ فَيَجُوزُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَهَذَا نَسَبَهُ فَضْلٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَاخْتَارَهُ غَيْرُهُ وَاعْتَمَدَ هَذَا الْقَوْلَ، فَقَوْلُ الشَّيْخِ:" لَا طَعَامَ " ضَعِيفٌ وَقَوْلُنَا: " إنْ اتَّحَدَ الْكَيْلُ " أَيْ وَالْوَزْنُ فِيمَا يُوزَنُ (و) اتَّحَدَ (الثَّمَنُ) كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ، صَرَّحَ بِهِ لِمَزِيدِ الْإِيضَاحِ. (إلَّا أَنْ يَصْحَبَهُمَا) : أَيْ الطَّعَامَيْنِ (أَوْ) يَصْحَبَ (الرَّدِيءُ) مِنْهُمَا (غَيْرَهُ) : أَيْ غَيْرَ الطَّعَامِ مِنْ عَرَضٍ أَوْ حَيَوَانٍ، فَلَا يَجُوزُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى اخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي جَازَ] : الْمُنَاسِبُ عَلَى خِيَارِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ هُوَ الْمَوْضُوعُ فَتَارَةً الِاخْتِيَارُ يُجَامِعُ اللُّزُومَ أَوْ السُّكُوتَ وَهُوَ الْمَمْنُوعُ وَتَارَةً يُجَامِعُ الْخِيَارَ وَهُوَ الْجَائِزُ.
قَوْلُهُ: [فَقَوْلُ الشَّيْخِ لَا طَعَامَ] : وَجْهُ مَنْعِ الطَّعَامِ عَلَى مَا قَالَ الشَّيْخُ: أَنَّ مَنْ خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ يُعَدُّ مُنْتَقِلًا لِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَارُ شَيْئًا ثُمَّ يَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَى أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَجْوَدَ وَهُوَ تَفَاضُلٌ. وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ. وَرَدُّ هَذَا: بِأَنَّ الشَّأْنَ الدُّخُولُ عَلَى أَخْذِ الْجَيِّدِ فَلَا يَتَأَتَّى لِلْعَاقِلِ انْتِقَالٌ.
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ يَصْحَبَهُمَا] إلَخْ: عِلَّةُ الْمَنْعِ فِيهِمَا مَا فِي ذَلِكَ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلِأَنَّ مَنْ خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ مُنْتَقِلًا فَيُؤَدِّي إلَى بَيْعِ طَعَامٍ وَعَرَضٍ بِطَعَامٍ وَعَرَضٍ أَوْ بَيْعِ طَعَامٍ وَعَرَضٍ بِطَعَامٍ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَمْنُوعٌ لِدُخُولِ الشَّكِّ فِي التَّمَاثُلِ. وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمَنْعِ، بَيْعُهُ نَخْلَةً مُثْمِرَةً عَلَى اللُّزُومِ لِيَخْتَارَهَا الْمُشْتَرِي مِنْ نَخْلَاتٍ مُثْمِرَاتٍ مُعَيَّنَاتٍ إلَّا مَنْ بَاعَ بُسْتَانَهُ الْمُثْمِرَ فَلَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ عَدَدًا يَخْتَارُهُ مِنْهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى قَدْرَ ثُلُثِ الثَّمَرِ كَيْلًا فَأَقَلَّ وَلَا يُنْظَرُ لِعَدَدِ النَّخْلِ وَلَا لَقِيمَتِهِ