الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَتَعَجَّلَ الْجَمِيعُ) : أَيْ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالسِّلْعَةِ مَعَ الدَّرَاهِمِ مِنْ الْبَائِعِ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى يَجْتَمِعَا.
(وَلَا) يَجُوزُ (إعْطَاءُ صَائِغٍ الزِّنَةَ وَالْأُجْرَةَ) صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ: الْأُولَى: أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الصَّائِغِ سَبِيكَةً بِوَزْنِهَا دَرَاهِمَ مَسْكُوكَةٍ وَيَدْفَعَ لَهُ السَّبِيكَةَ لِيَصُوغَهَا لَهُ وَيَدْفَعَ لَهُ أُجْرَةَ الصِّيَاغَةِ.
الثَّانِيَةُ: أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مَصُوغًا أَوْ مَسْكُوكًا بِوَزْنِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَزِيَادَةَ الْأُجْرَةِ. وَالْأُولَى تَمْتَنِعُ وَإِنْ لَمْ يَزِدْهُ أُجْرَةً لِلتَّأْخِيرِ. وَالثَّانِيَةُ تَمْتَنِعُ إنْ زَادَهُ الْأُجْرَةَ لِلْمُفَاضَلَةِ، وَإِلَّا جَازَ بِشَرْطِ الْمُنَاجَزَةِ. فَلَوْ وَقَعَ
ــ
[حاشية الصاوي]
إبْقَاءً لِلْكُلِّ عَلَى حُكْمِهِ الْأَصْلِيِّ. تَنْبِيهٌ:
مِنْ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ فَدُونَ، فَيَجُوزُ إنْ تُعُجِّلَ الْجَمِيعُ الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمَانِ وَالسِّلْعَةُ أَوْ عُجِّلَتْ السِّلْعَةُ فَقَطْ وَأُجِّلَ الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمَانِ لِأَجَلٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ تَعْجِيلَ السِّلْعَةِ دُونَ النَّقْدِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الصَّرْفَ لَيْسَ مَقْصُودًا لِيَسَارَةِ الدِّرْهَمَيْنِ بِخِلَافِ تَأْجِيلِ الْجَمِيعِ أَوْ السِّلْعَةِ فَيُمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَصَرْفٌ تَأَخَّرَ عِوَضَاهُ أَوْ بَعْضُهُمَا وَهُوَ السِّلْعَةُ. وَتَأْجِيلُ بَعْضِهَا كَتَأْجِيلِ كُلِّهَا إلَّا بِقَدْرِ خِيَاطَتِهَا أَوْ بَعْثِ مَنْ يَأْخُذُهَا وَهِيَ مُعَيَّنَةٌ فَيَجُوزُ فَإِنْ زَادَ الْمُسْتَثْنَى عَنْ دِرْهَمَيْنِ لَمْ تَجُزْ الْمَسْأَلَةُ إلَّا بِتَعْجِيلِ الْجَمِيعِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَيَجُوزُ أَيْضًا أَنْ تَشْتَرِيَ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ مَثَلًا كُلُّ ثَوْبٍ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَصَرْفُ الدِّينَارِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَوَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى شَرْطِ الْمُقَاصَّةِ بِأَنَّ كُلَّ مَا اجْتَمَعَ مِنْ الدَّرَاهِمِ قَدْرُ صَرْفِ دِينَارٍ أَسْقَطَ لَهُ دِينَارًا، فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ بَعْدَ الْمُقَاصَّةِ - كَمَا فِي الْمِثَالِ؛ لِأَنَّهُ يُعْطِيهِ تِسْعَةَ دَنَانِيرَ وَيُسْقِطُ الْعَاشِرَ فِي نَظِيرِ الْعِشْرِينَ دِرْهَمًا - فَالْجَوَازُ ظَاهِرٌ. وَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ الْمُقَاصَّةِ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمَانِ جَازَ أَنْ يُعَجَّلَ الْجَمِيعُ أَوْ السِّلْعَةُ وَإِنْ فَضَلَ أَكْثَرُ مِنْ دِرْهَمَيْنِ وَلَمْ يَبْلُغْ دِينَارًا جَازَ أَنْ يُعَجَّلَ الْجَمِيعُ كَذَا فِي الْأَصْلِ.
[إعْطَاء الصَّائِغ أُجْرَةً وزنه]
[تَنْبِيه رد الزِّيَادَة فِي الصَّرْف]
قَوْلُهُ: [لِلتَّأْخِيرِ] : أَيْ لِمَا فِيهَا مِنْ رِبَا النَّسَاءِ. قَوْلُهُ: [لِلْمُفَاضَلَةِ] : أَيْ لِدُخُولِ رِبَا الْفَضْلِ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ زِيَادَةٌ مِنْ الْمُشْتَرِي.
الشِّرَاءُ بِنَقْدٍ مُخَالِفٍ جِنْسًا - كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ - امْتَنَعَتْ الْأُولَى لِلتَّأْخِيرِ وَجَازَتْ الثَّانِيَةُ بِشَرْطِ الْمُنَاجَزَةِ (كَزَيْتُونٍ وَنَحْوِهِ) : أَيْ كَمَنْعِ إعْطَاءِ زَيْتُونٍ وَنَحْوِهِ - كَسِمْسِمٍ وَحِنْطَةٍ - (لِمُعْصِرِهِ) أَوْ لِمَنْ يَطْحَنُ نَحْوَ الْحِنْطَةِ (عَلَى أَنْ يَأْخُذَ قَدْرَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ تَحَرِّيًا) لِلشَّكِّ فِي الْمُمَاثَلَةِ، وَسَوَاءٌ دَفَعَ أُجْرَةً أَمْ لَا. وَكَذَا دَفْعُهُ عَلَى أَنْ يَخْلِطَهُ عَلَى شَيْءٍ عِنْدَهُ ثُمَّ يَقْسِمَهُ بَعْدَ عَصْرِهِ عَلَى حَسَبِ مَا لِكُلٍّ.
(بِخِلَافِ كَتِبْرٍ) : أَيْ تِبْرٍ وَنَحْوِهِ كَسَبِيكَةٍ وَمَسْكُوكٍ لَا يَرُوجُ فِي مَحَلِّ الْحَاجَةِ. وَعَبَّرَ فِي الْعُتْبِيَّةِ بِالْمَالِ، وَعَبَّرَ غَيْرُهُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (يُعْطِيهِ مُسَافِرٌ) يُعْطِي (أُجْرَتَهُ لِدَارٍ) : أَيْ لِأَهْلِ دَارٍ (الضَّرْبِ) السُّلْطَانِيِّ (لِيَأْخُذَ زِنَتَهُ) مَسْكُوكًا، فَيَجُوزُ مُنَاجَزَةً لِلضَّرُورَةِ عَلَى الْأَرْجَحِ.
(وَبِخِلَافِ) إعْطَاءِ (دِرْهَمٍ بِنِصْفٍ) : أَيْ فِي نَظِيرِ نِصْفِ دِرْهَمٍ؛ أَيْ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَجَازَتْ الثَّانِيَةُ بِشَرْطِ الْمُنَاجَزَةِ] : أَيْ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَحُصُولِ الْمُنَاجَزَةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُقَالُ فِيهِ إعْطَاءُ زِنَتِهِ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهِ صَرْفٌ وَالصَّرْفُ يَجُوزُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ بِشَرْطِ الْمُنَاجَزَةِ.
قَوْلُهُ: [كَسِمْسِمٍ وَحِنْطَةٍ] : أَدْخَلَتْ الْكَافُ: حَبَّ الْفُجْلِ الْأَحْمَرِ وَأَمَّا بَزْرُ الْكَتَّانِ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَعَامٍ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ وَسَيَأْتِي التَّحْقِيقُ أَنَّهُ رِبَوِيٌّ.
قَوْلُهُ: [لِلشَّكِّ فِي الْمُمَاثَلَةِ] : أَيْ فَحُرْمَتُهُ لِرِبَا الْفَضْلِ وَلِلنَّسِيئَةِ فِي الطَّعَامِ وَهِيَ التَّأْخِيرُ مُدَّةَ الْعَصْرِ أَوْ الطَّحْنِ فَإِنْ كَانَ يُرْفِيهِ مِنْ زَيْتٍ حَاضِرٍ عِنْدَهُ عَاجِلًا مُنِعَ لِرِبَا الْفَضْلِ. قَوْلُهُ: [وَكَذَا دَفْعُهُ] إلَخْ: أَيْ وَأَمَّا عَصْرُ شَيْئِهِ عَلَى حِدَتِهِ بِأُجْرَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا فَجَائِزٌ. قَوْلُهُ: [يُعْطِيهِ مُسَافِرٌ] : أَيْ مُحْتَاجٌ. وَأَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَاجِ فَيُمْنَعُ اتِّفَاقًا كَمَا أَنَّ غَيْرَ الْمُسَافِرِ يُمْنَعُ كَذَلِكَ. وَلَا مَفْهُومَ لِدَارِ الضَّرْبِ، بَلْ لَوْ أَعْطَاهُ لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ غَيْرِ أَهْلِ دَارِ الضَّرْبِ، فَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ. فَذَكَرَ دَارَ الضَّرْبِ لِمُجَرَّدِ التَّمْثِيلِ لِمَا هُوَ الشَّأْنُ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [وَبِخِلَافِ إعْطَاءِ دِرْهَمٍ بِنِصْفٍ] : حَاصِلُهُ أَنَّ شُرُوطَ الْجَوَازِ ثَمَانِيَةٌ:
مَا يَرُوجُ رَوَاجَ النِّصْفِ وَإِنْ زَادَ وَزْنًا أَوْ نَقَصَ عَنْ النِّصْفِ (فَدُونَ) .
(وَفُلُوسٍ أَوْ غَيْرِهَا) : أَيْ غَيْرِ الْفُلُوسِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَجُوزُ (فِي بَيْعٍ أَوْ كِرَاءٍ بَعْدَ الْعَمَلِ) : أَيْ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ (وَسَكًّا) : أَيْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الدِّرْهَمِ وَالنِّصْفِ مَسْكُوكًا (وَتُعُومِلَ بِهِمَا) مَعًا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَرْوَجَ فِي التَّعَامُلِ لَا إنْ كَانَا أَوْ أَحَدُهُمَا غَيْرَ مَسْكُوكٍ أَوْ لَمْ يُتَعَامَلْ بِهِ (وَعُرِفَ الْوَزْنُ) : أَيْ كَوْنُ هَذَا كَامِلًا وَهَذَا يَرُوجُ رَوَاجَ النِّصْفِ - وَإِنْ أَقَلَّ وَزْنًا أَوْ أَنْقَصَ كَمَا تَقَدَّمَ - وَإِلَّا لَكَانَ مِنْ بَيْعِ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ جُزَافًا وَلَا شَكَّ فِي مَنْعِهِ، قَالَهُ الْقَبَّابُ (وَعَجَّلَ الْجَمِيعُ) : أَيْ الدِّرْهَمَ وَالنِّصْفَ وَمَا مَعَهُ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْبَدَلُ الْمُؤَخَّرُ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَمَا قَبْلَهَا اقْتَضَتْ الْحَاجَةُ جَوَازَهُمَا، فَهَلْ تُجَوِّزُ الْحَاجَةُ مَا يَقَعُ عِنْدَنَا بِمِصْرَ مِنْ صَرْفِ الرِّيَالِ بِدَرَاهِمَ فِضَّةٍ عَدَدِيَّةٍ - وَإِلَّا لَضَاقَ عَلَى النَّاسِ مَعَاشُهُمْ - قِيَاسًا عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؟ كَانَ بَعْضُهُمْ يُجَوِّزُهُ فِي تَقْرِيرِهِ إذْ الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ.
(وَإِنْ وَجَدَ) أَحَدُهُمَا (عَيْبًا) فِي دَرَاهِمِهِ أَوْ دَنَانِيرِهِ (مِنْ نَقْصٍ أَوْ
ــ
[حاشية الصاوي]
كَوْنُ الْمَدْفُوعِ دِرْهَمًا وَالْمَرْدُودِ نِصْفَهُ فِي بَيْعٍ أَوْ كِرَاءٍ بَعْدَ الْعَمَلِ وَسَكًّا وَاتَّحَدَا وَعُرِفَ الْوَزْنُ، وَعُجِّلَ الْجَمِيعُ، وَعُومِلَ بِكُلٍّ. قَوْلُهُ:[كَأَنَّ بَعْضَهُمْ يُجَوِّزُهُ فِي تَقْرِيرِهِ] : قَالَ فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ شَيْخِهِ الْعَدَوِيِّ وَالشَّرْحِ: أَجَازَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ فِي الرِّيَالِ الْوَاحِدِ أَوْ نِصْفِهِ أَوْ رُبُعِهِ لِلضَّرُورَةِ. كَمَا أُجِيزَ صَرْفُ الرِّيَالِ الْوَاحِدِ بِالْفِضَّةِ الْعَدَدِيَّةِ، وَكَذَا نِصْفُهُ وَرُبُعُهُ لِلضَّرُورَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْقَوَاعِدُ تَقْتَضِي الْمَنْعَ (اهـ) . وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَتَخَلَّصُونَ بِالْهِبَةِ فِي إبْدَالِ الرِّيَالَاتِ بِالْفِضَّةِ الْعَدَدِيَّةِ وَهِيَ فُسْحَةٌ. تَنْبِيهٌ:
يَلْزَمُ رَدُّ الزِّيَادَةِ الَّتِي زَادَهَا أَحَدُ الْمُتَصَارِفَيْنِ عَلَى أَصْلِ الصَّرْفِ بَعْدَ الْعَقْدِ، بِأَنْ لَقِيَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَقَالَ لَهُ: اسْتَرْخَصْت مِنِّي الدِّينَارَ فَزِدْنِي، فَزَادَهُ شَيْئًا. فَإِنَّهُ إذَا رَدَّ الصَّرْفَ لِعَيْبٍ تُرَدُّ تِلْكَ الزِّيَادَةُ تَبَعًا لَهُ لَا تُرَدُّ لِعَيْبٍ بِهَا. وَهَلْ عَدَمُ رَدِّهَا لِعَيْبِهَا مُطْلَقًا عَيَّنَهَا أَمْ لَا أَوْجَبَهَا أَمْ لَا؟ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، خِلَافًا لِمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ. وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِنَا: بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فِي الْعَقْدِ لَرُدَّتْ لِعَيْبِهِ وَلِعَيْبِهَا اتِّفَاقًا. قَوْلُهُ: [وَإِنْ وَجَدَ أَحَدُهُمَا عَيْبًا] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ الْعَيْبَ الَّذِي اطَّلَعَ عَلَيْهِ أَحَدُ
غِشٍّ أَوْ) وَجَدَ غَيْرَ فِضَّةٍ وَلَا ذَهَبٍ (كَرَصَاصِ) وَنُحَاسٍ؛ (فَإِنْ كَانَ بِالْحَضْرَةِ) : أَيْ حَضْرَةِ الصَّرْفِ مِنْ غَيْرِ مُفَارِقَةٍ وَلَا طُولٍ (جَازَ لَهُ الرِّضَا) بِمَا وَجَدَهُ مِمَّا ذُكِرَ وَصَحَّ الصَّرْفُ (وَلَهُ) عَدَمُ الرِّضَا و (طَلَبُ الْإِتْمَامِ) فِي النَّاقِصِ عَدَدًا أَوْ وَزْنًا (أَوْ الْبَدَلِ) فِي الْغِشِّ وَالرَّصَاصِ وَنَحْوِهِ، (فَيُجْبَرُ عَلَيْهِ مَنْ أَبَاهُ إنْ لَمْ تُعَيَّنْ) الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، بِأَنْ لَمْ يُعَيَّنَا أَوْ أَحَدُهُمَا، فَإِنْ عُيِّنْت مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَهَذَا الدِّينَارُ فِي هَذِهِ الدَّرَاهِمِ، فَلَا جَبْرَ.
(وَإِنْ كَانَ بَعْدَ مُفَارَقَةٍ أَوْ طُولٍ) فِي الْمَجْلِسِ (فَإِنْ رَضِيَ) وَاجِدُ الْعَيْبِ (بِغَيْرِ النَّقْصِ) وَهُوَ الْغِشُّ وَنَحْوُ الرَّصَاصِ (صَحَّ) الصَّرْفُ لِجَوَازِ الْبَيْعِ بِهِ مِنْ غَيْرِ صَرْفٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
الْمُتَصَارِفَيْنِ بَعْدَ الْعَقْدِ إمَّا نَقْصُ عَدَدٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ رَصَاصٍ أَوْ نُحَاسٍ خَالِصَيْنِ أَوْ مَغْشُوشَيْنِ بِأَنْ كَانَ فِضَّةً مَخْلُوطَةً بِنُحَاسٍ مَثَلًا. فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ الْآخِذُ بِحَضْرَةِ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ مُفَارَقَةِ أَبْدَانٍ وَلَا طُولٍ وَرَضِيَ بِذَلِكَ مَجَّانًا، صَحَّ الْعَقْدُ. وَكَذَا إنْ لَمْ يَرْضَ وَرَضِيَ الدَّافِعُ بِإِبْدَالِهَا فَإِنَّ الْعَقْدَ يَصِحُّ فِي الْجَمِيعِ مُطْلَقًا عُيِّنْت الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ أَمْ لَا. وَيُجْبَرُ عَلَى إتْمَامِ الْعَقْدِ مَنْ أَبَاهُ مِنْهُمَا إنْ لَمْ تُعَيَّنْ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَإِنْ عُيِّنْت فَلَا جَبْرَ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ كَانَ بَعْدَ مُفَارَقَةٍ أَوْ طُولٍ] : إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ نَقْصِ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدَدِ أَوْ الرَّصَاصِ أَوْ النُّحَاسِ أَوْ الْمَغْشُوشِ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْأَبْدَانِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ طُولٌ أَوْ بَعْدَ طُولٍ وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ مُفَارَقَةٌ. فَإِنْ رَضِيَ آخِذُ الْمَعِيبِ مَجَّانًا صَحَّ الصَّرْفُ فِي الْجَمِيعِ، إلَّا فِي نَقْصِ الْعَدَدِ فَلَيْسَ لَهُ الرِّضَا بِهِ مَجَّانًا عَلَى الْمَشْهُورِ. وَلَا بُدَّ مِنْ نَقْضِ الصَّرْفِ فِيهِ سَوَاءٌ قَامَ بِحَقِّهِ فِيهِ وَطَلَبَ الْبَدَلَ أَوْ رَضِيَ مَجَّانًا. وَأَلْحَقَ اللَّخْمِيُّ بِهِ نَقْصَ الْوَزْنِ فِيمَا إذَا كَانَ التَّعَامُلُ بِهَا وَزْنًا؛ فَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ: أَيْ نَقْصُ الْعَدَدِ أَوْ الْوَزْنِ وَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ التَّعَامُلُ بِهَا وَزْنًا فَقَطْ أَوْ وَزْنًا وَعَدَدًا. قَوْلُهُ: [صَحَّ الصَّرْفُ] : أَيْ وَلَا يَجُوزُ التَّرَاضِي عَلَى الْبَدَلِ إلَّا فِي الْمَغْشُوشِ الْمُعَيَّنِ مِنْ الْجِهَتَيْنِ كَذَا الدِّينَارُ بِهَذِهِ الْعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَفِيهِ طَرِيقَتَانِ: الْأُولَى: إجَازَةُ الْبَدَلِ وَلَا يَنْتَقِضُ الصَّرْفُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَفْتَرِقَا وَفِي ذِمَّةِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ شَيْءٌ وَلَمْ يَزَلْ
(وَإِلَّا) يَرْضَ بِهِ (نَقَضَ) الصَّرْفُ وَأَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ. (كَالنَّقْصِ) : أَيْ نَقْصِ الْعَدَدِ أَوْ الْوَزْنِ فَإِنَّهُ يُنْقَضُ بَعْدَ الطُّولِ مُطْلَقًا رَضِيَ بِهِ وَاجِدُهُ أَوْ لَمْ يَرْضَ. (وَحَيْثُ نَقَضَ) : أَيْ مَتَى قُلْنَا بِالنَّقْضِ وَكَانَتْ الدَّنَانِيرُ مُتَعَدِّدَةً، فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا أَكْبَرُ وَأَصْغَرُ، أَوْ أَعْلَى وَأَدْنَى، أَوْ مُتَسَاوِيَةً. فَإِنْ كَانَ فِيهَا أَصْغَرُ وَأَكْبَرُ (فَأَصْغَرُ دِينَارٍ) يَتَعَلَّقُ بِهِ النَّقْضُ دُونَ الْجَمِيعِ (إلَّا أَنْ يَتَعَدَّاهُ النَّقْصُ) : أَيْ يَتَعَدَّى الْأَصْغَرَ وَلَوْ بِدِرْهَمٍ (فَالْأَكْبَرُ) هُوَ الَّذِي يُنْقَضُ دُونَ الْأَصْغَرِ. (فَإِنْ تَسَاوَتْ) فِي الصِّغَرِ أَوْ الْكِبَرِ وَالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ (فَوَاحِدٌ) مِنْهَا يُنْقَضُ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ مُوجِبُ النَّقْضِ فَآخِرُ.
(لَا الْجَمِيعُ - وَلَوْ لَمْ يُسَمَّ لِكُلِّ دِينَارٍ) مِنْهَا (عَدَدٌ) نَائِبُ فَاعِلِ يُسَمَّ. (إلَّا إذَا كَانَ فِيهَا أَعْلَى وَأَدْنَى) فَيُفْسَخُ الْجَمِيعُ عَلَى الْأَرْجَحِ. وَقِيلَ: الْأَعْلَى فَقَطْ. وَقِيلَ: إذَا لَمْ يُسَمَّ لِكُلِّ دِينَارٍ عَدَدٌ نُقِضَ الْجَمِيعُ وَلَوْ تَسَاوَتْ. وَالرَّاجِحُ
ــ
[حاشية الصاوي]
الْمُعَيَّنُ مَقْبُوضًا لِوَقْتِ الْبَدَلِ، فَلَمْ يَلْزَمْ عَلَى الْبَدَلِ صَرْفُ مُؤَخَّرٍ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ فَيَفْتَرِقَانِ وَذِمَّةُ أَحَدِهِمَا مَشْغُولَةٌ لِصَاحِبِهِ فَفِي الْبَدَلِ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ. وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ الْمَغْشُوشَ الْمُعَيَّنَ فِيهِ قَوْلَانِ: الْمَشْهُورُ مِنْهُمَا نَقْضُ الصَّرْفِ وَعَدَمُ إجَازَةِ الْبَدَلِ.
قَوْلُهُ: [فَإِنَّهُ يُنْقَضُ بَعْدَ الطُّولِ مُطْلَقًا] : وَالْفَرْقُ بَيْنَ النَّقْصِ وَغَيْرِهِ حَيْثُ قُلْتُمْ إنَّ النَّقْصَ يُوجِبُ نَقْضَ الصَّرْفِ عِنْدَ الطُّولِ مُطْلَقًا وَغَيْرِهِ إنْ رَضِيَ بِهِ مَجَّانًا فَلَا يُنْقَضُ أَنَّ النَّاقِصَ لَمْ يَقْبِضْ لَا حِسًّا وَلَا مَعْنًى بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَقَدْ قَبَضَ حِسًّا. قَوْلُهُ: [وَحَيْثُ نَقَضَ] : أَيْ جَبْرًا أَوْ بِغَيْرِ جَبْرٍ. قَوْلُهُ: [فَالْأَكْبَرُ هُوَ الَّذِي يُنْقَضُ] : أَيْ وَلَا يُنْقَضُ الْأَصْغَرُ وَقِطْعَةٌ مِنْ الْأَكْبَرِ فِي نَظِيرِ مَا زَادَ عَلَى الْأَصْغَرِ؛ لِأَنَّ الدَّنَانِيرَ الْمَضْرُوبَةَ لَا يَجُوزُ كَسْرُهَا لِهَذَا الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ.
قَوْلُهُ: [فَآخَرُ] : أَيْ فَيُنْقَضُ الْآخَرُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ الْمَعِيبُ جَمِيعَهُ وَيُرَدُّ تَمَامُهُ مِنْ السَّلِيمِ لِأَجْلِ النَّقْضِ وَلَا يَكْسِرُهُ كَمَا عَلِمْت.
مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ فِي التَّسَاوِي يُنْقَضُ وَاحِدٌ مُطْلَقًا - سُمِّيَ أَمْ لَا - وَفِي الِاخْتِلَافِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ يَنْقُضُ الْجَمِيعُ.
(وَشَرْطُ) صِحَّةِ (الْبَدَلِ) : أَيْ بَدَلُ الْمَعِيبِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ مِنْ مَغْشُوشٍ أَوْ نَحْوِ رَصَاصٍ، حَيْثُ أُجِيزَ أَوْ تَعَيَّنَ كَمَا تَقَدَّمَ:(تَعْجِيلٌ) لِئَلَّا يَلْزَمَ رِبَا النَّسَاءِ.
(وَنَوْعِيَّةٌ) فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ ذَهَبٍ عَنْ دَرَاهِمَ زِيَافٍ وَلَا فِضَّةٍ عَنْ ذَهَبٍ، لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى أَخْذِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ عَنْ ذَهَبٍ وَلَا أَخْذُ عَرَضٍ عَنْهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا يَجُوزُ اجْتِمَاعُهُ فِي الصَّرْفِ وَالْبَيْعِ بِأَنْ يَجْتَمِعَا فِي دِينَارٍ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى مَا إذَا وُجِدَ مَعِيبًا، شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا إذَا اسْتَحَقَّ أَحَدٌ النَّقْدَيْنِ فَقَالَ:(وَإِنْ اُسْتُحِقَّ) مِنْ أَحَدِ الْمُتَصَارِفَيْنِ (غَيْرَ مَصُوغٍ) - سَوَاءٌ كَانَ مَسْكُوكًا أَمْ لَا - (بَعْدَ مُفَارَقَةٍ أَوْ طُولٍ وَلَوْ) كَانَ مَا اُسْتُحِقَّ (غَيْرَ مُعَيَّنٍ) لِلصَّرْفِ - فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: " مُعَيَّنٌ سُكَّ " - (أَوْ) اُسْتُحِقَّ (مَصُوغٌ مُطْلَقًا) حَصَلَ طُولٌ أَوْ مُفَارِقٌ أَمْ لَا - لِأَنَّ الْمَصُوغَ يُرَادُ لَعَيْنِهِ فَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ - (نُقِضَ) الصَّرْفُ فِيمَا اُسْتُحِقَّ، لَا الْجَمِيعُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. (وَإِلَّا) بِأَنْ اُسْتُحِقَّ غَيْرُ الْمَصُوغِ بِالْحَضْرَةِ (صَحَّ) الصَّرْفُ (فَيَلْزَمُ) الدَّافِعَ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [عَنْ ذَهَبٍ] : أَيْ لِأَنَّ الْفِضَّةَ الْمُصَاحِبَةَ لِلذَّهَبِ تُقَدَّرُ ذَهَبًا فَيَأْتِي الشَّكُّ فِي تَمَاثُلِ الذَّهَبَيْنِ.
وَقَوْلُهُ: [وَلَا أَخْذِ عَرَضٍ عَنْهُ] : لَيْسَ الْعِلَّةُ فِي مَنْعِ الْعَرَضِ جِهَةَ التَّفَاضُلِ، وَإِنَّمَا الْعِلَّةُ فِي مَنْعِهِ اجْتِمَاعَ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ:" إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا " إلَخْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: وَشَرْطُ الْبَدَلِ تَعْجِيلٌ وَنَوْعِيَّةٌ مَعْنَاهُ: يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِنْ نَوْعِ الْمُبْدَلِ مِنْهُ لَا مِنْ غَيْرِهِ مِنْ عَيْنٍ أَوْ عَرَضٍ فَإِنْ كَانَ عَيْنًا مُنِعَ لِلتَّفَاضُلِ الْمَعْنَوِيِّ وَإِنْ كَانَ عَرَضًا مُنِعَ لِلْبَيْعِ وَالصَّرْفِ. إلَّا إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَرَضِ يَسِيرَةً بِحَيْثُ تَجْتَمِعُ مَعَ الدَّرَاهِمِ فِي دِينَارٍ وَإِلَّا فَلَا مَنْعَ. قَوْلُهُ: [وَإِنْ اُسْتُحِقَّ مِنْ أَحَدِ الْمُتَصَارِفَيْنِ غَيْرُ مَصُوغٍ] : حَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الصَّرْفَ إذَا وَقَعَ بِمَسْكُوكَيْنِ أَوْ بِمَسْكُوكٍ وَمَصُوغٍ فَاسْتُحِقَّ الْمَسْكُوكُ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا قَابَلَ الْمَصُوغَ فَيَشْمَلُ التِّبْرَ وَالْمَكْسُورَ بَعْدَ مُفَارَقَةِ أَحَدِهِمَا الْمَجْلِسَ أَوْ بَعْدَ الطُّولِ، فَإِنَّ عَقْدَ الصَّرْفِ يُنْقَضُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ مُعَيَّنًا حَالَ الْعَقْدِ أَمْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ. وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ مَصُوغًا نُقِضَ عَقْدُ الصَّرْفِ كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ بِحَضْرَةِ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَ طُولٍ مُعَيَّنًا أَمْ لَا: لِأَنَّ الْمَصُوغَ يُرَادُ لَعَيْنِهِ وَغَيْرُهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ