الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ شَرِبَهُ (مُطْلَقًا) ضِيَافَةً أَوْ لَا بِإِذْنِ الْغَاصِبِ أَوْ لَا.
(وَمَلَكَهُ) الْغَاصِبُ أَيْ مَلَكَ الْمَغْصُوبَ (إنْ اشْتَرَاهُ) مِنْ رَبِّهِ (أَوْ وَرِثَهُ) عَنْهُ (أَوْ غَرِمَ) لَهُ (قِيمَتَهُ لِتَلَفٍ) أَوْ ضَيَاعٍ ثُمَّ وَجَدَهُ (أَوْ نَقْصٍ) فِي ذَاتِهِ. وَالْمُرَادُ: إنْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْغُرْمِ وَلَوْ لَمْ يَغْرَمْ بِالْفِعْلِ.
(وَالْقَوْلُ لَهُ) أَيْ لِلْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ (فِي) دَعْوَى (تَلَفِهِ وَنَعْتِهِ
ــ
[حاشية الصاوي]
الْفَوَاتِ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ عَلَى الْغَاصِبِ، وَلَوْ أَكَلَهُ رَبُّهُ ضِيَافَةً؛ فَإِنْ أَكَلَهُ رَبُّهُ بَعْدَ الْفَوَاتِ بِغَيْرِ إذْنِ الْغَاصِبِ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ الْقِيمَةَ، فَالْغَاصِبُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَقْتَ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ، وَرَبُّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِلْغَاصِبِ وَقْتَ الْأَكْلِ. قَوْلُهُ:[بِإِذْنِ الْغَاصِبِ أَوْ لَا] : فَمَتَى أَكَلَهُ قَبْلَ الْفَوَاتِ لَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ، وَلَوْ أَكْرَهَهُ الْغَاصِبُ عَلَى أَكْلِهِ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ خَلِيلٍ ضِيَافَةً؛ لِأَنَّهُ بَاشَرَ إتْلَافَهُ وَالْمُبَاشِرُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ فِي الضَّمَانِ إذَا ضَعُفَ السَّبَبُ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ ضَمَانِ الْغَاصِبِ إذَا أَكَلَهُ رَبُّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الطَّعَامُ مُنَاسِبًا لِحَالِ مَالِكِهِ، كَمَا لَوْ هَيَّأَهُ لِلْأَكْلِ لَا لِلْبَيْعِ وَإِلَّا ضَمِنَهُ الْغَاصِبُ لِرَبِّهِ وَيَسْقُطُ عَنْ الْغَاصِبِ مِنْ قِيمَتِهِ قِيمَةُ مَا شَأْنُهُ أَكْلُهُ، كَمَا إذَا كَانَ الطَّعَامُ يُسَاوِي عَشْرَةَ دَرَاهِمَ وَيَكْفِي مَالِكَهُ مِنْ الطَّعَامِ اللَّائِقِ بِهِ مَا يُسَاوِي نِصْفَ دِرْهَمٍ، فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَغْرَمُ لَهُ تِسْعَةَ دَرَاهِمَ وَنِصْفًا، قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقَيْدُ إذَا أَكَلَهُ مُكْرَهًا أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ، أَمَّا إنْ أَكَلَهُ طَائِعًا عَالِمًا بِأَنَّهُ مِلْكُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ.
[شِرَاء الْغَاصِب لِلْمَغْصُوبِ وَبَيْعه لَهُ]
قَوْلُهُ: [وَمَلَكَهُ الْغَاصِبُ] إلَخْ. أَيْ وَلَوْ غَابَ الْمَغْصُوبُ بِبَلَدٍ آخَرَ إذْ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ الْبَلَدَ. وَهَذَا صَرِيحٌ فِي ضَعْفِ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ بَيْعِ الْمَغْصُوبِ لِغَاصِبِهِ رَدُّهُ لِرَبِّهِ وَهُوَ أَحَدُ شِقَّيْ التَّرَدُّدِ فِي قَوْلِ خَلِيلٍ أَوَّلَ بَابِ الْبُيُوعِ. وَهَلْ إنْ رَدَّهُ لِرَبِّهِ مُدَّةً؟ تَرَدَّدَ. وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَغْصُوبِ لِغَاصِبِهِ إذَا كَانَ غَائِبًا؛ لِأَنَّ ذَاتَ الْمَغْصُوبِ فَاتَتْ بِالْغِيبَةِ عَلَيْهَا وَصَارَ الْوَاجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ إنَّمَا هُوَ الْقِيمَةُ لَا ذَاتُ الْمَغْصُوبِ.
قَوْلُهُ: [وَنَعْتِهِ] : أَيْ فَإِذَا غَصَبَ جَارِيَةً وَادَّعَى هَلَاكَهَا وَاخْتُلِفَ فِي صِفَاتِهَا مِنْ كَوْنِهَا بَيْضَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ بِيَمِينِهِ إنْ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِسَيِّدِهَا إنْ انْفَرَدَ بِالشَّبَهِ، فَإِنْ تَجَاهَلَا الصِّفَةَ فَإِنَّ الْمَغْصُوبَ يُقَدَّرُ مِنْ أَدْنَى الْجِنْسِ،
وَقَدْرِهِ وَجِنْسِهِ بِيَمِينِهِ) إذَا خَالَفَهُ رَبُّهُ (إنْ أَشْبَهَ) فِي دَعْوَاهُ، أَشْبَهَ رَبُّهُ أَمْ لَا. (وَإِلَّا) يُشْبِهُ (فَلِرَبِّهِ) الْقَوْلُ (بِهِ) أَيْ بِيَمِينِهِ. (فَإِنْ ظَهَرَ كَذِبُهُ) : أَيْ كَذِبُ الْغَاصِبِ فِي دَعْوَاهُ مَا ذَكَرَ (فَلِرَبِّهِ الرُّجُوعُ) عَلَيْهِ بِمَا أَخْفَاهُ.
(وَالْمُشْتَرِي مِنْهُ) : أَيْ مِنْ الْغَاصِبِ (وَوَارِثُهُ وَمَوْهُوبُهُ) : أَيْ الْغَاصِبِ (إنْ عَلِمُوا) بِالْغَصْبِ (كَهُوَ) : أَيْ كَالْغَاصِبِ، يَجْرِي فِيهِمْ
ــ
[حاشية الصاوي]
وَيَغْرَمُ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ عَلَى ذَلِكَ يَوْمَ الْغَصْبِ، وَإِذَا تَجَاهَلَا الْقَدْرَ أَمَرَهُمَا الْحَاكِمُ بِالصُّلْحِ، فَإِنْ لَمْ يَصْطَلِحَا تُرِكَا حَتَّى يَصْطَلِحَا.
قَوْلُهُ: [وَقَدْرِهِ] : أَيْ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ، قَالَ التَّتَّائِيُّ رُبَّمَا يَدْخُلُ فِي تَخَالُفِهِمَا فِي الْقَدْرِ مَسْأَلَتَانِ.
الْأُولَى: غَاصِبٌ صُرَّةً ثُمَّ يُلْقِيهَا فِي الْبَحْرِ مَثَلًا وَلَا يَدْرِي مَا فِيهَا؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ بِيَمِينِهِ عِنْدَ مَالِكٍ، ابْنُ نَاجِي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِإِمْكَانِ مَعْرِفَةِ مَا فِيهِ بِعِلْمٍ سَابِقٍ أَوْ بِجَسِّهَا، وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ كِنَانَةَ وَأَشْهَبُ: الْقَوْلُ لِرَبِّهَا إنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ وَكَانَ مِثْلُهُ يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي تَحْقِيقًا وَالْآخَرُ يَدَّعِي تَخْمِينًا، وَهَذَا مَا لَمْ يَغِبْ الْغَاصِبُ عَلَيْهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ.
وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي قَوْمٍ أَغَارُوا عَلَى مَنْزِلِ رَجُلٍ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ، فَنَهَبُوا مَا فِيهِ وَشَهِدَتْ النَّاسُ بِالْإِغَارَةِ وَالنَّهْبِ لَا بِأَعْيَانِ الْمَغْصُوبِ فَلَا يُعْطَى الْمُنْتَهَبُ مِنْهُ بِيَمِينِهِ وَإِنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُغَارِ عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ إنْ أَشْبَهَ وَكَانَ مِثْلُهُ يَمْلِكُ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [فَلِرَبِّهِ الْقَوْلُ] : الْأَوْضَحُ تَقْدِيمُ الْمُبْتَدَأِ عَلَى الْخَبَرِ. وَكَلَامُهُ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ: أَنْ يُشْبِهَ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ، أَوْ لَا يُشْبِهَ وَاحِدًا مِنْهُمَا.
قَوْلُهُ: [فَلِرَبِّهِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ] : أَيْ فَإِنْ كَذَّبَ فِي الصِّفَةِ أَوْ الْقَدْرِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِزَائِدِ مَا أَخْفَاهُ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَإِنْ كَذَّبَ فِي دَعْوَى التَّلَفِ أَوْ الضَّيَاعِ نَقَضَ الْبَيْعَ مِنْ أَصْلِهِ وَرَجَعَ فِي عَيْنِ شَيْئِهِ.
قَوْلُهُ: [إنْ عَلِمُوا بِالْغَصْبِ] : قَالَ عب: الْمُعْتَبَرُ عِلْمُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ وَعِلْمُ النَّاسِ فِي مَوْهُوبِ الْغَاصِبِ كَمَا لِأَبِي عِمْرَانَ، وَذَكَرَهُ التَّتَّائِيُّ، فَيُتَّبَعُ وَإِنْ كَانَ
مَا جَرَى فِي الْغَاصِبِ مِنْ ضَمَانِ الْمِثْلِيِّ بِمِثْلِهِ وَالْمُقَوَّمِ بِقِيمَتِهِ، وَيَضْمَنُوا الْغَلَّةَ وَالسَّمَاوِيَّ، لِأَنَّهُمْ غُصَّابٌ بِعِلْمِهِمْ الْغَصْبَ وَيَتْبَعُ رَبُّهُ أَيَّهمَا شَاءَ. (وَإِلَّا) يَعْلَمُوا (فَالْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي) : لِأَنَّهُ صَاحِبُ شُبْهَةٍ لِعَدَمِ الْعِلْمِ. وَالْغَلَّةُ لِذِي الشُّبَهِ لِلْحُكْمِ بِهِ لِرَبِّهِ كَمَا يَأْتِي؛ وَلَا يَرْجِعُ رَبُّهُ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْ.
(وَلَا يَضْمَنُ السَّمَاوِيَّ) : أَيْ لَا يَكُونُ غَرِيمًا ثَانِيًا لِلْمَالِكِ بِحَيْثُ يَتْبَعُ أَيَّهمَا شَاءَ، بَلْ الضَّمَانُ فِيهِ عَلَى الْغَاصِبِ، أَيْ ضَمَانُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ. وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَضْمَنُ لِبَائِعِهِ الْغَاصِبِ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ. (بِخِلَافِ غَيْرِهِ) : أَيْ غَيْرِ السَّمَاوِيِّ بِأَنْ جَنَى عَلَيْهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَإِنَّهُ يَضْمَنُ اتِّفَاقًا فِي الْعَمْدِ، وَعَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْخَطَأِ. الثَّانِي: أَنَّهُ لَا ضَمَانَ
ــ
[حاشية الصاوي]
خِلَافَ ظَاهِرِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ؛ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ عِلْمُ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَا عِلْمُ النَّاسِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْمَوْهُوبِ لَهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَهُ شُبْهَةٌ بِالْمُعَاوَضَةِ فَقَوِيَ جَانِبُهُ.
قَوْلُهُ: [وَيَضْمَنُوا الْغَلَّةَ] : مَنْصُوبٌ بِحَذْفِ النُّونِ عَطْفٌ عَلَى " ضَمَانِ " مِنْ قَوْلِهِ: " مِنْ ضَمَانِ الْمِثْلِيِّ "، مِنْ بَابِ عَطْفِ الْفِعْلِ عَلَى اسْمٍ خَالِصٍ فَيُنْصَبُ الْفِعْلُ بِأَنْ مُضْمَرَةٍ جَوَازًا عَلَى حَدِّ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
وَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ عَيْنِي
…
أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ لُبْسِ الشُّفُوفِ
قَوْلُهُ: [لِذِي الشُّبَهِ] : هَكَذَا نُسْخَةُ الْمُؤَلَّفِ بِالْجَمْعِ، وَالْمُنَاسِبُ الشُّبْهَةُ بِالْإِفْرَادِ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْ] : أَيْ وَالْغَاصِبُ لَا يَضْمَنُ الْغَلَّةَ إلَّا إذَا حَصَلَتْ لَهُ بِتَحْرِيكٍ أَوْ بِغَيْرِ تَحْرِيكٍ.
قَوْلُهُ: [وَلَا يَضْمَنُ السَّمَاوِيَّ] : أَيْ إذَا كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَثَبَتَ التَّلَفُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَثْبُتْ التَّلَفُ بِبَيِّنَةٍ فِي الْأَوَّلِ، أَوْ ظَهَرَ كَذِبُهُ فِي الثَّانِي فَإِنَّهُ يَغْرَمُ الْقِيمَةَ لِآخِرِ رُؤْيَةٍ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَضْمَنُ لِبَائِعِهِ الْغَاصِبِ الثَّمَنَ] : إنَّمَا كَانَ يَضْمَنُ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرَى فَاسِدًا يُضْمَنُ بِالْقَبْضِ.
قَوْلُهُ: [أَيْ غَيْرِ السَّمَاوِيِّ] : وَيُحْتَمَلُ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا سَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: [فَإِنَّهُ يَضْمَنُ] : أَيْ الْمُشْتَرِي لِغَيْرِ الْعَالِمِ.
قَوْلُهُ: [وَعَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْخَطَأِ] : إنَّمَا قِيلَ بِضَمَانِهِ فِي الْخَطَأِ؛ لِأَنَّ الْعَمْدَ