الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ عَادَةً كَتَصَرُّفِ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ فِي مَالِهَا وَهِيَ عَالِمَةٌ سَاكِتَةٌ أَوْ تَصَرَّفَ لِإِخْوَتِهِ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّوْكِيلِ فَيَمْضِي فِعْلُهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ حَتَّى يَثْبُتَ الْمَنْعُ لِلْمُصَرِّفِ مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ الْوَكِيلِ.
(لَا بِمُجَرَّدِ: وَكَّلْتُك) أَوْ: أَنْتَ وَكِيلِي، فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ، وَتَكُونُ وَكَالَةً بَاطِلَةً وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: تُفِيدُ وَتَعُمُّ. وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ بَشِيرٍ دَرَجَ الشَّيْخُ.
وَلِذَا قَالَ: (بَلْ حَتَّى يُفَوِّضَ) لِلْوَكِيلِ بِأَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ وَكَّلْتُك وَكَالَةً مُفَوَّضَةً أَوْ فِي جَمِيعِ أُمُورِي أَوْ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
(أَوْ يُعَيَّنُ) لَهُ (بِنَصٍّ أَوْ قَرِينَة) فِي شَيْءٍ خَاصٍّ كَنِكَاحٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ لِخَاصٍّ أَوْ عَامٍّ.
(وَلَهُ) : أَيْ الْوَكِيلِ (فِي) تَوْكِيلِهِ عَلَى (الْبَيْعِ: طَلَبُ الثَّمَنِ) مِنْ الْمُشْتَرِي (وَقَبْضُهُ) مِنْهُ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ الْبَيْعِ الَّذِي وُكِّلَ عَلَيْهِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
[مَا تَنْعَقِد بِهِ الْوَكَالَة]
قَوْلُهُ: [أَوْ تُصْرَفُ لِإِخْوَتِهِ كَذَلِكَ] : أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي رُبْعٍ بَيْنَ أَخٍ وَأُخْتٍ، وَكَانَ الْأَخُ يَتَوَلَّى كِرَاءَهُ وَقَبْضَهُ سِنِينَ مُتَطَاوِلَةً وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ يَدْفَعُ لِأُخْتِهِ مَا يَخُصُّهَا فِي الْكِرَاءِ، فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ بِالْعَادَةِ.
قَوْلُهُ: [وَتَكُونُ وَكَالَةً بَاطِلَةً] : أَيْ فِي كُلِّ مَا أُبْهِمَ فِيهِ الْمُوَكِّلُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ أَنْتَ وَصِيٌّ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ وَتَعُمُّ كُلَّ شَيْءٍ.
قَوْلُهُ: [وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ تُفِيدُ وَتَعُمُّ] : أَوْ وَوَافَقَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ: وَهُوَ قَوْلُهُمْ فِي الْوَكَالَةِ إنْ قَصُرَتْ طَالَتْ وَإِنْ طَالَتْ قَصُرَتْ، فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَرَّقَ ابْنُ شَاسٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَصِيَّةِ بِوَجْهَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: الْعَادَةُ قَالَ: لِأَنَّهَا تَقْتَضِي عِنْدَ إطْلَاقِ لَفْظِ الْوَصِيَّةِ التَّصَرُّفَ فِي كُلِّ الْأَشْيَاءِ وَلَا تَقْتَضِيه فِي الْوَكَالَةِ وَيَرْجِعُ إلَى اللَّفْظِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ.
الثَّانِي: أَنَّ الْمُوَكِّلَ مُهَيَّأٌ لِلتَّصَرُّفِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُبْقِيَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا فَيُفْتَقَرُ لِتَقْرِيرِ مَا أَبْقَى وَالْوَصِيُّ لَا تَصَرُّفَ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا يَفْتَقِرُ لِتَقْرِيرِهِ (اهـ. بْن) .
[مَا يَجُوز لِلْوَكِيلِ وَمَا يَجِب عَلَيْهِ]
قَوْلُهُ: [وَلَهُ أَيْ لِلْوَكِيلِ] إلَخْ: " اللَّامُ " بِمَعْنَى " عَلَى " لِقَوْلِ خَلِيلٍ فِي التَّوْضِيحِ لَوْ سَلَّمَ الْوَكِيلُ الْمَبِيعَ وَلَمْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ ضَمِنَهُ (اهـ) وَهَذَا حَيْثُ لَا عُرْفَ بِعَدَمِ طَلَبِهِ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ بَلْ لَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ قَبْضُهُ، وَلَا يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ الثَّمَنِ إلَيْهِ. قَالَ
(وَ) لَهُ (فِي) تَوْكِيلِهِ عَلَى (الشِّرَاءِ: قَبْضُ الْمَبِيعِ) مِنْ بَائِعِهِ وَتَسْلِيمِهِ لِمُوَكَّلِهِ.
(وَ) لَهُ (رَدُّهُ) : أَيْ الْمَبِيعِ (بِعَيْبٍ) ظَهَرَ فِيهِ (إنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ مُوَكِّلُهُ) . فَإِنْ عَيَّنَهُ بِأَنْ قَالَ لَهُ: اشْتَرِ لِي هَذِهِ السِّلْعَةَ أَوْ سِلْعَةَ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّةَ، فَلَا رَدَّ لِلْوَكِيلِ بِعَيْبٍ ظَهَرَ فِيهَا. وَهَذَا فِي غَيْرِ الْوَكِيلِ الْمِفْرَضِ وَإِلَّا فَلَهُ الرَّدُّ وَلَوْ عَيَّنَ لَهُ.
(وَطُولِبَ) الْوَكِيلُ (بِالثَّمَنِ) لِسِلْعَةٍ اشْتَرَاهَا لِمُوَكِّلِهِ (وَبِالثَّمَنِ) الَّذِي بَاعَهُ لِمُوَكِّلِهِ عَلَى بَيْعِهِ (إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ) الْوَكِيلُ (بِالْبَرَاءَةِ) مِنْ ذَلِكَ، بِأَنْ يَقُولَ: وَلَا أَتَوَلَّى دَفْعَ الثَّمَنِ لَك، أَوْ لَا أَتَوَلَّى دَفْعَ الْمُثَمَّنِ فَلَا يُطَالَبُ وَإِنَّمَا يُطَالَبُ بِالثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ مُوَكِّلُهُ.
وَشَبَّهَ فِي مَفْهُومٍ (إلَّا أَنْ كَ: بَعَثَنِي) : أَيْ كَقَوْلِهِ لِبَائِعٍ: بَعَثَنِي (فُلَانٌ لِتَبِيعَهُ) كَذَا فَبَاعَهُ، فَلَا يُطَالَبُ بِالثَّمَنِ، (بِخِلَافِ) : بَعَثَنِي (لِأَشْتَرِيَ لَهُ مِنْك) كَذَا فَيُطَالَبُ الرَّسُولُ إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ الْمُرْسِلُ بِأَنَّهُ أَرْسَلَهُ فَلْيَتْبَعْ أَيَّهُمَا شَاءَ، كَمَا فِي الْحَطَّابِ عَنْ التَّوْضِيحِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا: أَنَّهُ فِي هَذِهِ أَسْنَدَ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ وَفِيمَا قَبْلَهَا أَسْنَدَهُ لِغَيْرِهِ، وَلِذَا لَوْ قَالَ: لِتَبِيعَنِي، كَانَ الطَّلَبُ عَلَى الرَّسُولِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
الْمُتَيْطِيُّ نَقْلًا عَنْ أَبِي عِمْرَانَ: وَلَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ عِنْدَ النَّاسِ فِي الرُّبَاعِ أَنَّ وَكِيلَ الْبَيْعِ لَا يَقْبِضُ الثَّمَنَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ لِلْوَكِيلِ الَّذِي بَاعَ، وَإِنَّمَا يُحْمَلُ هَذَا عَلَى الْعَادَةِ الْجَارِيَةِ بَيْنَهُمْ (اهـ. بْن) .
قَوْلُهُ: [قَبْضُ الْمَبِيعِ] : أَيْ عَلَيْهِ أَيْضًا قَبْضُ الْمَبِيعِ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ الثَّمَنِ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [وَلَهُ رَدُّهُ] : قَدْ عَلِمْت أَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ أَنْ يَرُدَّ الْمَعِيبَ إذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ بِالْعَيْبِ حَالَ شِرَائِهِ وَلَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا لِغَيْرِ الْمُتَأَمِّلِ وَإِلَّا فَلَا رَدَّ لَهُ، وَيَكُونُ لَازِمًا لِلْوَكِيلِ إنْ لَمْ يَقْبَلْهُ الْمُوَكِّلُ.
قَوْلُهُ: [وَشَبَه فِي مَفْهُومِ إلَّا] : هَكَذَا نُسْخَةَ الْمُؤَلَّفِ وَصَوَابُ الْعِبَارَةِ وَشَبَّهَ فِي مَفْهُومِ إلَّا أَنْ يُصَرَّحَ بِالْبَرَاءَةِ كَبَعَثَنِي إلَخْ.
(و) طُولِبَ الْوَكِيلُ (بِالْعُهْدَةِ) مِنْ عَيْبٍ فِيمَا بَاعَهُ لِمُوَكِّلِهِ أَوْ اسْتِحْقَاقِ (مَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي) بِأَنَّهُ وَكِيلٌ، وَإِلَّا فَالطَّلَبُ عَلَى الْمُوَكِّلِ.
(إلَّا الْمُفَوَّضَ) فَالطَّلَبُ عَلَيْهِ وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ وَكِيلٌ.
(وَفَعَلَ) الْوَكِيلُ (الْمَصْلَحَةَ) وُجُوبًا أَيْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ مَا فِيهِ الْمُصْلِحَةُ لِمُوَكِّلِهِ (فَيَتَعَيَّنُ) عَلَيْهِ فِي التَّوْكِيلِ الْمُطْلَقِ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءِ (نَقْدُ الْبَلَدِ) مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ.
(وَ) شِرَاءِ (لَائِقٍ) بِمُوَكِّلِهِ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْ الْمُوَكِّلَ (وَثَمَنُ الْمِثْلِ) .
(وَإِلَّا) لَمْ يَلْزَمْ الْمُوَكِّلَ وَ (خُيِّرَ) فِي الْقَبُولِ وَالرَّدِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا يَسِيرًا يَقَعُ التَّغَابُنُ بِهِ بَيْنَ النَّاسِ فَلَا كَلَامَ لِلْمُوَكِّلِ.
(كَصَرْفِ ذَهَبٍ) دَفَعَهُ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ لِيُسْلِمَهُ لَهُ فِي طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ شَيْئًا فَصَرَفَهُ (بِفِضَّةٍ) وَأَسْلَمَهَا أَوْ اشْتَرَى بِهَا فَيُخَيِّرُ الْمُوَكِّلُ بَيْنَ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ فِي غَيْرِ السَّلَمِ مُطْلَقًا، وَفِي السَّلَمِ إنْ قَبَضَهُ الْوَكِيلُ لَا إنْ لَمْ يَقْبِضْهُ فَيَتَعَيَّنُ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَطُولِبَ الْوَكِيلُ بِالْعُهْدَةِ] : أَيْ فَإِذَا بَاعَ الْوَكِيلُ سِلْعَةً وَظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ أَوْ حَصَلَ فِيهَا اسْتِحْقَاقٌ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَكِيلِ.
قَوْلُهُ: [مَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ وَكِيلٌ] : أَيْ كَالسِّمْسَارِ وَمَا لَمْ يَحْلِفْ الْوَكِيلُ أَنَّهُ كَانَ وَكِيلًا فِي الْبَيْعِ فَقَطْ.
قَوْلُهُ: [إلَّا الْمُفَوَّضُ فَالطَّلَبُ عَلَيْهِ] : أَيْ فَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مُوَكِّلِهِ فَيَصِيرُ لَهُ غَرِيمَانِ يَتْبَعُ أَيَّهُمَا شَاءَ كَالشَّرِيكِ الْمُفَوَّضِ.
قَوْلُهُ: [فِي التَّوْكِيلِ الْمُطْلَقِ] : الْمُرَادُ بِإِطْلَاقِهِ عَدَمُ ذِكْرِ نَوْعِ الثَّمَنِ أَوْ جِنْسِهِ عِنْدَهُ.
قَوْلُهُ: [نَقْدُ الْبَلَدِ] أَيْ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ سَوَاءٌ وَقَعَ التَّوْكِيلُ فِيهِ أَوْ فِي غَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: [وَثَمَنُ الْمِثْلِ] : أَيْ فَإِذَا وَكَّلَهُ عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيْعِهَا بِثَمَنٍ مِثْلِهَا لَا بِأَقَلَّ، وَإِذَا وَكَّلَهُ عَلَى شِرَاءِ سِلَعٍ فَلَا بُدَّ مِنْ شِرَائِهَا بِثَمَنِ مِثْلِهَا لَا بِأَكْثَرَ، وَمَحَلُّ تَعَيُّنِ ثَمَنِ الْمِثْلِ إذَا كَانَ التَّوْكِيلُ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ مُطْلَقًا لَمْ يُسَمِّ لَهُ ثَمَنًا فَإِنْ سَمَّاهُ تَعَيَّنَ
قَوْلُهُ: [وَخُيِّرَ فِي الْقَبُولِ وَالرَّدِّ] : مَحَلُّ الْخِيَارِ إذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ لَا نِزَاعَ فِيهَا. وَأَمَّا لَوْ أَنْكَرَ الْوَكِيلُ الْمُخَالَفَةَ فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُوَكِّلِ وَهُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ.
وَلَيْسَ لَهُ الْإِجَازَةُ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ كَانَ طَعَامًا وَقِيلَ التَّخْيِيرُ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْقَبْضِ فِي السَّلَمِ وَغَيْرِهِ لَا بَعْدَهُ لِجَرَيَانِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، فَتَأَمَّلْهُ.
(إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّأْنُ) هُوَ الصَّرْفُ أَوْ كَانَ نَظَرًا فَلَا خِيَارَ لِلْمُوَكِّلِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إنْ دَفَعْت إلَيْهِ دَنَانِيرَ يُسْلِمُهَا فِي طَعَامٍ فَلَمْ يُسْلِمْهَا حَتَّى صَرَفَهَا بِدَرَاهِمَ فَإِنْ كَانَ هُوَ الشَّأْنُ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ أَوْ كَانَ نَظَرًا فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِلَّا كَانَ مُتَعَدِّيًا وَضَمِنَ الدَّنَانِيرَ وَلَزِمَهُ الطَّعَامُ (اهـ) . لَكِنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلسَّلَمِ وَلَا لِلطَّعَامِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ.
(وَمُخَالَفَةِ مُشْتَرًى) عَطْفٌ عَلَى " صَرْفٍ ". وَمُشْتَرًى بِفَتْحِ الرَّاءِ اسْمُ مَفْعُولٍ: أَيْ وَكَمُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ مُوَكِّلَهُ فِي مُشْتَرًى (عَيَّنَ) لِلْوَكِيلِ بِأَنْ قَالَ لَهُ: اشْتَرِ لِي هَذَا الشَّيْءَ فَاشْتَرَى غَيْرَهُ، أَوْ قَالَ لَهُ: اشْتَرِ لِي حِمَارًا فَاشْتَرَى ثَوْبًا.
(أَوْ) مُخَالَفَةِ (سُوقٍ) عَيَّنَ (أَوْ زَمَانٍ) عَيَّنَ فَيُخَيَّرُ الْمُوَكِّلُ بَيْنَ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ لِأَنَّ تَخْصِيصَهُ مُعْتَبَرٌ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ] : أَيْ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ مُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ تَرَتَّبَ الثَّمَنُ فِي ذِمَّتِهِ دَيْنًا وَقَدْ فُسِخَ ذَلِكَ فِي مُؤَخَّرٍ وَهُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ.
قَوْلُهُ: [وَبَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ] إلَخْ: إنَّمَا لَزِمَ ذَلِكَ لِأَنَّ الطَّعَامَ لَزِمَ الْوَكِيلَ بِمُجَرَّدِ شِرَائِهِ بِالدَّرَاهِمِ الْمُخَالَفَةِ لِنَقْدِ الْمُوَكِّلِ، فَإِذَا رَضِيَ الْمُوَكِّلُ بِذَلِكَ فَكَأَنَّ الْوَكِيلَ بَاعَهُ الطَّعَامَ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ التَّخْيِيرُ] إلَخْ: مُقَابِلُ الْإِطْلَاقِ الْمُتَقَدِّمِ.
وَقَوْلُهُ: [لَا بَعْدَهُ] : صَوَابُهُ لَا قَبْلَهُ.
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّأْنُ] : أَيْ عَادَةُ النَّاسِ شِرَاءَ تِلْكَ السِّلْعَةِ الْمُوَكَّلِ عَلَى شِرَائِهَا بِالدَّرَاهِمِ أَوْ سَلَّمَ الدَّرَاهِمَ فِيهَا.
وَقَوْلُهُ: [أَوْ كَانَ نَظَرًا] : أَيْ أَوْ كَانَ صَرْفُ الدَّنَانِيرِ بِالدَّرَاهِمِ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُوَكِّلِ كَمَا لَوْ كَانَتْ الدَّنَانِيرُ تَنْقُصُ فِي الْوَزْنِ فَيَتَعَلَّلُ عَلَيْهَا الْبَائِعُ مَثَلًا.
قَوْلُهُ: [بِفَتْحِ الرَّاءِ] : وَيَصِحُّ كَسْرُهَا أَيْضًا كَمَا إذَا قَالَ لَهُ: لَا تَبِعْ هَذِهِ السِّلْعَةَ إلَّا مِنْ فُلَانٍ فَلَا يَبِيعُ لِغَيْرِهِ فَإِنْ بَاعَ لِغَيْرِهِ خُيِّرَ الْمُوَكِّلُ.
(أَوْ بَاعَ) الْوَكِيلُ (بِأَقَلَّ مِمَّا سَمَّى) لَهُ الْمُوَكِّلُ وَلَوْ يَسِيرًا فَيُخَيَّرُ (أَوْ اشْتَرَى) لِمُوَكَّلِهِ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَمَّى لَهُ أَوْ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ كَثِيرًا، فَيُخَيَّرُ لَا يَسِيرًا لِأَنَّ شَأْنَ الشِّرَاءِ الزِّيَادَةُ لِحُصُولِ الْمَطْلُوبِ، وَلِذَا اسْتَثْنَى الْيَسِيرَ بِقَوْلِهِ:(إلَّا) زِيَادَةً (كَدِينَارَيْنِ) فِي تَسْمِيَةِ (أَرْبَعِينَ) دِينَارًا فَيَلْزَمُ وَلَا خِيَارَ؛ فَالْيَسَارَةُ نِصْفُ الْعَشْرِ كَوَاحِدٍ فِي عِشْرِينَ وَثَلَاثَةٍ فِي سِتِّينَ. وَاعْتَبَرَ بَعْضُهُمْ قَيْدَ الْكَثْرَةِ فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ مَعًا فَلَا خِيَارَ فِي الْمُخَالَفَةِ بِالْيَسِيرِ حَتَّى فِي الشِّرَاءِ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
(وَ) حَيْثُ خَالَفَ الْوَكِيلُ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَ وَثَبَتَ لِلْمُوَكِّلِ الْخِيَارُ (لَزِمَهُ) أَيْ الْوَكِيلَ (مَا اشْتَرَى إنْ رَدَّهُ مُوَكِّلُهُ) . وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ رَدُّ الْمَبِيعِ عَلَى بَائِعِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْبَائِعُ بِأَنَّهُ وَكِيلٌ قَدْ خَالَفَ مُوَكِّلَهُ بِشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ أَوْ يَكُونَ لَهُ الْخِيَارُ وَلَمْ تَمْضِ أَيَّامُ الْخِيَارِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَيْضًا أَمْ لَا كَمَا تَقَدَّمَ، فِي الْخِيَارِ. وَلَا وَجْهَ لِلتَّنْظِيرِ فِيهِ وَفِي الْأَصْلِ هُنَا مَسَائِلُ حَسَنَةٌ فَرَاجِعْهَا.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ شَأْنَ الشِّرَاءِ الزِّيَادَةُ] : عِلَّةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ.
قَوْلُهُ: [حَتَّى فِي الشِّرَاءِ] : هَكَذَا نُسْخَةُ الْمُؤَلَّفِ وَالصَّوَابُ حَتَّى فِي الْبَيْعِ لِأَنَّ الشِّرَاءَ يُغْتَفَرُ فِيهِ الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ اتِّفَاقًا.
قَوْلُهُ: [وَمَا ذَكَرْنَاهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ] : أَيْ مِنْ اغْتِفَارِ الْيَسِيرِ خَاصٌّ بِالشِّرَاءِ لَا بِالْبَيْعِ.
قَوْلُهُ: [وَحَيْثُ خَالَفَ الْوَكِيلُ] إلَخْ: يَحْتَمِلُ أَنَّهَا شَرْطِيَّةٌ فَالْفِعْلُ فِي مَحَلِّ جَزْمٍ وَالْجَزْمُ بِهَا بِدُونِ مَا قَلِيلٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ ظَرْفَ زَمَانٍ مَعْمُولَةً لَلَزِمَ وَهُوَ الْأَحْسَنُ.
قَوْلُهُ: [وَسَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَيْضًا أَمْ لَا] إلَخْ: أَيْ فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا وَاخْتَارَ أَحَدُهُمَا الرَّدَّ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْخِيَارِ أَنَّ الْحَقَّ لِمَنْ اخْتَارَ الرَّدَّ مِنْهُمَا كَانَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي، وَلَا يَلْزَمُ إلَّا بِرِضَاهُمَا.
قَوْلُهُ: [وَفِي الْأَصْلِ هُنَا مَسَائِلُ حَسَنَةٌ فَرَاجِعْهَا] : مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ مَعِيبًا مَعَ عِلْمِهِ بِهِ فَيَلْزَمُهُ إنْ لَمْ يَرْضَى بِهِ الْمُوَكِّلُ أَوْ يَقِلَّ الْعَيْبُ وَهُوَ فُرْصَةٌ؛ كَدَابَّةٍ مَقْطُوعَةِ ذَنَبٍ لِغَيْرِ ذِي هَيْئَةٍ وَهِيَ رَخِيصَةٌ، أَوْ زَادَ الْوَكِيلُ فِي الثَّمَنِ الَّذِي
(وَمُنِعَ تَوْكِيلُ كَافِرٍ) ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الذِّمِّيِّ (فِي بَيْعٍ) لِمُسْلِمٍ (أَوْ شِرَاءٍ) لَهُ (أَوْ تَقَاضٍ) لِدَيْنٍ وَنَحْوِهِ كَغَلَّةِ وَقْفٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
سَمَّاهُ لَهُ وَالْتَزَمَ لِتِلْكَ الزِّيَادَةِ فَيَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ أَيْضًا، كَذَلِكَ يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ لَوْ زَادَ الْوَكِيلُ فِي بَيْعِ سِلْعَةٍ عَمَّا سَمَّاهُ لَهُ أَوْ نَقَصَ فِي اشْتِرَاءِ سِلْعَةٍ عَمَّا سَمَّاهُ لَهُ أَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ يَشْتَرِي بِهَا فَاشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَنَقَدَهَا أَوْ عَكَسَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْآمِرِ غَرَضٌ فِي تَعْيِينِ الدَّرَاهِمِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُولَى، أَوْ فِي عَدَمِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ فَلَهُ الْخِيَارُ، وَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ إنْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ شَاةً بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى بِهِ اثْنَتَيْنِ عَلَى الصِّفَةِ أَوْ إحْدَاهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ إنْ أَبَى الْبَائِعُ مِنْ بَيْعٍ إحْدَاهُمَا مُفْرَدَةٌ وَإِلَّا خُيِّرَ الْمُوَكِّلُ فِي رَدِّ إحْدَاهُمَا إنْ كَانَ كُلٌّ عَلَى الصِّفَةِ، أَوْ فِي رَدِّ الَّتِي لَيْسَتْ عَلَى الصِّفَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ لَوْ وَكَّلْتَهُ عَلَى أَنْ يُسْلِمَ لَك فِي شَيْءٍ فَعَقَدَ السَّلَمَ وَأَخَذَ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ حَمِيلًا أَوْ رَهْنًا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَأْمُرَهُ بِهِ فَلَا خِيَارَ لَك إنْ أَخَذَ الرَّهْنَ أَوْ الْحَمِيلَ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَيَكُونُ الرَّهْنُ فِي ضَمَانِهِ قَبْلَ عِلْمِك بِهِ وَرِضَاك. وَاخْتَلَفَ إذَا أَمَرَهُ بِالْبَيْعِ بِالذَّهَبِ فَبَاعَ بِفِضَّةٍ وَعَكْسُهُ هَلْ يَثْبُتُ لِلْمُوَكَّلِ الْخِيَارُ أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ. إذَا كَانَ نَقْدُ الْبَلَدِ وَالسِّلْعَةِ مِمَّا تُبَاعُ بِهِمَا وَاسْتَوَتْ قِيمَةُ الذَّهَبِ وَالدَّرَاهِمِ، وَإِلَّا خُيِّرَ قَوْلًا وَاحِدًا. وَلَوْ حَلَفَ الشَّخْصُ عَلَى شَيْءٍ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ فَوَكَّلَ عَلَى فِعْلِهِ، كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَشْتَرِي عَبْدَ فُلَانٍ أَوْ لَا يَضْرِبُ عَبْدَهُ أَوْ لَا يَبِيعُهُ مَثَلًا، فَأَمَرَ غَيْرَهُ بِفِعْلِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ بِنَفْسِهِ. هَذَا إذَا حَلَفَ بِاَللَّهِ أَوْ بِعِتْقِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ بِطَلَاقٍ أَوْ بِعِتْقٍ مُعَيَّنٍ وَرُفِعَ لِلْقَاضِي فَلَا يَقْبَلُ مِنْهُ نِيَّةً وَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَيَلْزَمُهُ الْعِتْقُ (اهـ مُلَخَّصُ مَا أَحَالَ عَلَيْهِ) .
قَوْلُهُ: [تَوْكِيلُ كَافِرٍ] : مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ بَيَّنَهُ فِيمَا يَأْتِي بِقَوْلِهِ لِمُسْلِمٍ فَإِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِتَوْكِيلٍ.
قَوْلُهُ: [فِي بَيْعٍ لِمُسْلِمٍ] : أَيْ وَأَمَّا تَوْكِيلُ الْكَافِرِ لِكَافِرٍ فَإِنْ كَانَ عَلَى اسْتِخْلَاصِ دَيْنٍ لَهُ مِنْ مُسْلِمٍ مُنِعَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَغْلَظَ عَلَيْهِ وَشَقَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا مَنْعَ. فَإِنْ قُلْت: إنَّ الْعِلَّةَ جَارِيَةٌ حَتَّى فِي الْأَصِيلِ. قُلْت: نَعَمْ لَكِنَّ التَّوْكِيلَ فِيهِ تَسَلُّطُ كَافِرَيْنِ بِخِلَافِ عَدَمِهِ فَإِنَّهُ لَا تَسَلُّطَ فِيهِ إلَّا لِصَاحِبِ الْحَقِّ.
قَوْلُهُ: [كَغَلَّةِ وَقْفٍ] : بَيَانٌ لِلنَّحْوِ.