الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَالصُّوَرُ خَمْسَةٌ فَقَوْلُهُ: " إنْ اقْتَضَاهُ ": أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَيَشْمَلُ الثَّلَاثَةَ. وَقَوْلُهُ: " لَا أُرْسِلُهُ بِهِ ": أَيْ وَلَوْ حُكْمًا فَيَشْتَمِلُ الصُّورَتَيْنِ.
(وَعُجِّلَ) الدَّيْنُ (بِمَوْتِهِ) : أَيْ الضَّامِنِ قَبْلَ الْأَجَلِ مِنْ تَرِكَتِهِ إنْ كَانَ لَهُ تَرِكَةٌ (وَرَجَعَ وَارِثُهُ) : أَيْ وَارِثُ الضَّامِنِ عَلَى الْغَرِيمِ (بَعْدَ الْأَجَلِ أَوْ) بَعْدَ (مَوْتِ الْغَرِيمِ) عَلَى تَرِكَتِهِ (إنْ تَرَكَهُ) : أَيْ إنْ تَرَكَ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الدَّيْنُ وَإِلَّا سَقَطَ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي
مُبْطِلَاتِ الضَّمَانِ
فَقَالَ:
(وَبَطَلَ) الضَّمَانُ (إنْ فَسَدَ مُتَحَمِّلٌ بِهِ) : أَيْ الدَّيْنِ الْمَضْمُونِ كَدَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ لِأَجَلٍ وَعَكْسُهُ فَلَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ حِينَئِذٍ شَيْءٌ.
ــ
[حاشية الصاوي]
أَنْ يَغْرَمَ الضَّامِنُ نِيَابَةً عَنْ الْمَدِينِ كَمَا صَرَّحَ، بِذَلِكَ الرَّكْرَاكِيُّ فِي شَرْحِ مُشْكِلَاتِ الْمُدَوَّنَةِ. وَيُفْهَمُ مِنْ التَّوْضِيحِ: أَنَّ رَبَّ الْحَقِّ إذَا رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ فَلِلْأَصِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْكَفِيلِ. قَوْلُهُ: [فَالصُّوَرُ خَمْسَةٌ] : أَيْ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ، أَوْ الْإِرْسَالِ، أَوْ الْوَكَالَةِ عَنْ رَبِّ الدَّيْنِ، أَوْ يَتَنَازَعُ الْمَدِينُ وَالضَّامِنُ فِي أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ أَوْ الْإِرْسَالِ، أَوْ يَمُوتُ الْمَدِينُ، أَوْ الضَّامِنُ وَيُعَرَّى الْقَبْضُ عَنْ الْقَرَائِنِ الدَّالَّةِ عَلَى الِاقْتِضَاءِ أَوْ الْإِرْسَالِ أَوْ الْوَكَالَةِ. وَقَدْ عَلِمْت أَحْكَامَهَا مِنْ الشَّارِحِ.
تَنْبِيهٌ: إنْ كَانَ الضَّامِنُ وَكِيلًا لِرَبِّ الدَّيْنِ فِي الْقَبْضِ وَتَلِفَ مِنْهُ بَرِئَ كُلٌّ مِنْ الضَّامِنِ وَالْغَرِيمِ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ عَلَى دَفْعِ الْغَرِيمِ.
قَوْلُهُ: [أَيْ الضَّامِنُ] : مَفْهُومُهُ لَوْ مَاتَ الْمَدِينُ فَإِنَّ الْحَقَّ يُعَجَّلُ أَيْضًا مِنْ تَرِكَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا فَلَا طَلَبَ عَلَى الضَّامِنِ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ حُلُولِ الدَّيْنِ عَلَى الْمَدِينِ حُلُولُهُ عَلَى الْكَفِيلِ لِبَقَاءِ ذِمَّتِهِ - كَذَا فِي الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [وَإِلَّا سَقَطَ] : أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ مَاتَ الْغَرِيمُ وَهُوَ مُعْسِرٌ سَقَطَ مَا عَلَيْهِ وَضَاعَ عَلَى وَرَثَةِ الضَّامِنِ.
[مُبْطِلَاتِ الضَّمَانِ]
قَوْلُهُ: [كَدِرْهَمٍ بِدَنَانِيرَ] إلَخْ: أَيْ وَكَبَيْعِ سِلْعَةٍ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ أَوْ كَانَ الْبَيْعُ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ وَكَضَمَانِ جُعْلٍ جُعِلَ لِذِي جَاهٍ عَلَى تَخْلِيصِ شَيْءٍ بِجَاهِهِ.
قَوْلُهُ: [فَلَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ حِينَئِذٍ شَيْءٌ] : ظَاهِرُهُ: وَلَوْ فَاتَ الْمَبِيعُ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ
(أَوْ فَسَدَتْ) الْحَمَالَةُ نَفْسُهَا شَرْعًا؛ بِأَنْ اخْتَلَّ مِنْهَا شَرْطٌ أَوْ حَصَلَ مَانِعٌ فَتَبْطُلُ؛ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا حُكْمُهَا مِنْ غُرْمٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَلْزَمُ اتِّحَادُ الْمُعَلَّقِ وَالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ. وَمَثَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:
(كَبِجُعْلٍ) لِلضَّامِنِ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ مِنْ الْمَدِينِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ. وَعِلَّةُ الْمَنْعِ أَنَّ الْغَرِيمَ إنْ أَدَّى الدَّيْنَ لِرَبِّهِ كَانَ الْجُعَلُ بَاطِلًا؛ فَهُوَ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَإِنْ أَدَّاهُ الْحَمِيلُ لِرَبِّهِ ثُمَّ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْغَرِيمِ كَانَ مِنْ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ، فَتَفْسُدُ الْحَمَالَةُ
ــ
[حاشية الصاوي]
الْقِيمَةُ أَوْ الثَّمَنُ وَلَكِنْ اُسْتُظْهِرَ فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ الضَّمَانَ فِي الْقِيمَةِ أَوْ الثَّمَنِ.
قَوْلُهُ: [فَلَا يَلْزَمُ اتِّحَادُ الْمُعَلَّقِ] إلَخْ: حَاصِلُهُ: أَنَّ قَوْلَهُ: " أَوْ فَسَدَتْ " عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: " فَسَدَ " فَيَنْحَلُّ الْمَعْنَى وَبَطَلَ الضَّمَانُ إنْ فَسَدَتْ الْحَمَالَةُ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْفَسَادَ هُوَ الْبُطْلَانُ وَالضَّمَانُ هُوَ الْحَمَالَةُ؛ فَيَلْزَمُ اتِّحَادُ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ وَهُوَ تَهَافُتٌ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبُطْلَانِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ وَهُوَ: عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِالشَّيْءِ بِحَيْثُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٍ. وَبِالْفَسَادِ: الْفَسَادُ الشَّرْعِيُّ، وَهُوَ عَدَمُ اسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ. فَيَنْحَلُّ الْمَعْنَى وَإِذَا كَانَتْ الْحَمَالَةُ فَاسِدَةً شَرْعًا غَيْرَ مُسْتَوْفِيَةٍ لِلشُّرُوطِ كَانَتْ غَيْرَ مُعْتَدٍ بِهَا.
قَوْلُهُ: [كَبِجُعْلٍ] : إنَّمَا فَسَدَتْ بِالْجُعْلِ لِلضَّامِنِ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: «ثَلَاثَةٌ لَا تَكُونُ إلَّا لِلَّهِ: الْجُعْلُ وَالضَّمَانُ وَالْجَاهُ» . وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الصُّوَرَ تِسْعٌ؛ لِأَنَّ الْجُعْلَ: إمَّا لِلضَّامِنِ مِنْ الْمَدِينِ، أَوْ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ، أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ. وَإِمَّا لِلْمَدِينِ مِنْ الضَّامِنِ، أَوْ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ، أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ. فَيَمْتَنِعُ حَيْثُ كَانَ لِلضَّامِنِ فِي الثَّلَاثِ وَيَجُوزُ فِيمَا عَدَاهَا. إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، أَوْ مِنْ الضَّامِنِ لِلْمَدِينِ فَلَا يُقَيَّدُ الْجَوَازُ بِحُلُولِ الدَّيْنِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ فَيُشْتَرَطُ حُلُولُ أَجَلِ الدَّيْنِ، وَإِلَّا أَدَّى لِضَعْ وَتَعَجَّلْ لِأَنَّ مَجِيءَ الْمَدِينَ كَالضَّامِنِ بِمَنْزِلَةِ تَعْجِيلِ الْحَقِّ - كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [كَانَ الْجُعْلُ بَاطِلًا] : أَيْ لِعَدَمِ تَمَامِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ مِنْ الْمَدِينِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ.
وَقَوْلُهُ: [وَإِنْ أَدَّاهُ] : أَيْ الدَّيْنَ.
وَقَوْلُهُ: [ثُمَّ رَجَعَ بِهِ] : أَيْ بِالدَّيْنِ.
وَقَوْلُهُ: [كَانَ مِنْ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ] : أَيْ كَانَ دَفْعُهُ الدَّيْنَ وَأَخْذُهُ سَلَفًا
وَيَرُدُّ الْجُعَلَ لِرَبِّهِ. ثُمَّ إنْ كَانَ الْجُعَلُ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ لِلْحَمِيلِ سَقَطَتْ الْحَمَالَةُ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا غَرَضَ لَهُ فِيمَا فَعَلَ الْبَائِعُ مَعَ الْحَمِيلِ؛ كَمَا لَوْ كَانَ الْجُعَلُ مِنْ الْمَدِينِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ مِنْ عِلْمِ رَبِّ الدَّيْنِ. فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَالْحَمَالَةُ لَازِمَةٌ وَرَدَّ الْجُعَلَ. وَإِنْ كَانَ الْجُعَلُ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لِلْمَدِينِ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِضَامِنٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ. فَعَلِمَ أَنَّ مَحَلَّ الْبُطْلَانِ: إذَا كَانَ الْجُعَلُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لِلضَّامِنِ، إذَا عَلِمَ رَبُّ الدَّيْنِ، وَإِلَّا رَدَّ وَلَزِمَتْ الْحَمَالَةُ.
وَبَالَغَ عَلَى بُطْلَانِ الضَّمَانِ بِالْجُعَلِ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ) كَانَ الْجُعَلُ الْوَاصِلُ لِلضَّامِنِ (ضَمَانَ مَضْمُونِهِ) : أَيْ الضَّامِنَ؛
ــ
[حاشية الصاوي]
وَالزِّيَادَةُ هِيَ الْجُعْلُ الَّذِي أَخَذَهُ.
قَوْلُهُ: [سَقَطَتْ الْحَمَالَةُ] : أَيْ لِفَسَادِ الْجُعْلِ.
قَوْلُهُ: [كَمَا لَوْ كَانَ الْجُعْلُ مِنْ الْمَدِينِ] : تَشْبِيهٌ فِي سُقُوطِ الْحَمَالَةِ مَعَ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَالْمُرَادُ بِالْمَدِينِ الْمُشْتَرِي وَبِرَبِّ الدَّيْنِ الْبَائِعُ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَالْحَمَالَةُ لَازِمَةٌ] : أَيْ مَعَ صِحَّةِ الْبَيْعِ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ] إلَخْ: هَذَا هُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ لِلضَّامِنِ.
قَوْلُهُ: [إذَا كَانَ الْجُعْلُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ] : أَيْ أَوْ مِنْ الْمَدِينِ.
قَوْلُهُ: [إذَا عَلِمَ رَبُّ الدَّيْنِ] : هَذَا هُوَ مَحَلُّ الْبُطْلَانِ. وَحَاصِلُ مَا فِي الشَّارِحِ: أَنَّ الْجُعْلَ إذَا كَانَ لِلضَّامِنِ فَإِنَّهُ يُرَدُّ قَوْلًا وَاحِدًا، وَيَفْتَرِقُ الْجَوَابُ فِي ثُبُوتِ الْحَمَالَةِ وَسُقُوطِهَا مَعَ لُزُومِ الْبَيْعِ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ فَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ مِنْ الْبَائِعِ كَانَتْ الْحَمَالَةُ سَاقِطَةً لِأَنَّهَا بِعِوَضٍ وَلَمْ يَصِحَّ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا غَرَضَ لَهُ فِيمَا فَعَلَ الْبَائِعُ مَعَ الْحَمِيلِ. وَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَالْبَائِعُ غَيْرُ عَالِمٍ بِهِ فَالْحَمَالَةُ لَازِمَةٌ كَالْبَيْعِ. وَإِنْ عَلِمَ الْبَائِعُ سَقَطَتْ الْحَمَالَةُ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ - هَكَذَا قَالَ الشَّارِحُ.
وَلَكِنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: أَنَّ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ فِي سِلْعَته. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: الْحَمَالَةُ لَازِمَةٌ وَإِنْ عَلِمَ الْبَائِعُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَقُّ فِي ذَلِكَ سَبَبًا، وَهَذَا مُحَصَّلُ مَا فِي (بْن) نَقْلًا عَنْ ابْنِ عَاصِمٍ.