الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَمَرْهُونٌ بِهِ) : أَيْ فِيهِ وَهُوَ الدَّيْنُ الْمَذْكُورُ. (وَصِيغَةٌ كَالْبَيْعِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكْفِي مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ. لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ اللَّفْظِ الصَّرِيحِ.
(وَلَوْ) كَانَ الْمُتَمَوَّلُ مُلْتَبِسًا (بِغَرَرٍ كَآبِقٍ وَثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا) فَإِنَّهُ يَصِحُّ رَهْنُهُ لِجَوَازِ تَرْكِ الرَّهْنِ مِنْ أَصْلِهِ، فَشَيْءٌ يُتَوَثَّقُ بِهِ خَيْرٌ مِنْ عَدَمِهِ. وَالْمُرَادُ: غَرَرٌ خَفِيفٌ، فَإِنْ اشْتَدَّ فَلَا يَصِحُّ رَهْنُهُ؛ كَالْجَنِينِ كَمَا سَيَأْتِي،
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَيْ فِيهِ] : جَعَلَ الْبَاءَ بِمَعْنَى فِي الظَّرْفِيَّةِ وَيَصِحُّ جَعْلُ الْبَاءِ سَبَبِيَّةً.
قَوْلُهُ: [وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ اللَّفْظِ الصَّرِيحِ] : ابْنُ عَرَفَةَ. الْخِلَافُ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ: هَلْ يَفْتَقِرُ الرَّهْنُ لِلتَّصْرِيحِ بِهِ أَمْ لَا؟ وَلَوْ دَفَعَ رَجُلٌ إلَى آخَرَ سِلْعَةً وَلَمْ يَزِدْ عَلَى قَوْلِهِ: أَمْسِكْهَا حَتَّى أَدْفَعَ لَك حَقَّك، كَانَ رَهْنًا عِنْدَ أَشْهَبَ لِابْنِ الْقَاسِمِ (اهـ) أَيْ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَا يَخْتَصُّ الْمُرْتَهِنُ بِالرَّهْنِ بَلْ يَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ وَلَوْ حَازَهُ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ.
[رَهْن مَا الْتَبَسَ بِغَرَرِ]
قَوْلُهُ: [مُتَلَبِّسًا بِغَرَرٍ] : أَيْ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ وُجُودُهُ وَقْتَ الرَّهْنِ وَعَدَمُهُ وَعَلَى فَرْضِ وُجُودِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقْبِضَ وَأَلَّا يَقْبِضَ.
قَوْلُهُ: [وَثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا] : مِثْلُهَا الزَّرْعُ بَلْ يَجُوزُ رَهْنُ مَا ذَكَرَ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ كَمَا عَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ. وَحَيْثُ قُلْتُمْ بِجَوَازِ ذَلِكَ حَصَلَ عَقْدُ الرَّهْنِيَّةِ عَلَيْهِ اُنْتُظِرَ بَدْوُ صَلَاحِهِ لِيُبَاعَ فِي الدَّيْنِ وَيُحَاصِصُ مُرْتَهِنُهُ مَعَ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ حَيْثُ حَصَلَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ. فَإِذَا صَلُحَ الرَّهْنُ بِيعَ، فَإِنْ وَفَّى رَدَّ لِلْغُرَمَاءِ مَا أَخَذَهُ فِي الْمُحَاصَّةِ، وَإِلَّا يَفِ الرَّهْنُ بِدَيْنِهِ قُدِّرَ مُحَاصًّا لِلْغُرَمَاءِ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ دَيْنِهِ بَعْدَ اخْتِصَاصِهِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ الثَّمَنِ لَا بِالْجَمِيعِ؛ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ ثَلَاثُمِائَةِ دِينَارٍ لِثَلَاثَةِ أَنْفَارٍ وَرَهَنَ لِأَحَدِهِمْ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ فَفَلِسَ أَوْ مَاتَ فَوُجِدَ عِنْدَ الرَّاهِنِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دِينَارًا، فَإِنَّ الثَّلَاثَةَ يَتَحَاصُّونَ فِيهَا فَيَأْخُذُ كُلَّ خَمْسِينَ نِصْفُ دَيْنِهِ. وَإِنَّمَا دَخَلَ الْمُرْتَهِنُ مَعَهُمْ لِأَنَّ دَيْنَهُ مُتَعَلِّقٌ بِالذِّمَّةِ لَا بِعَيْنِ الرَّهْنِ وَالرَّهْنُ لَا يُمْكِنُ بَيْعُهُ الْآنَ وَإِذَا حَلَّ بَيْعُهُ بِبُدُوِّ الصَّلَاحِ بِيعَ وَاخْتَصَّ الْمُرْتَهِنُ بِالثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مِائَةً رَدَّ الْخَمْسِينَ الَّتِي كَانَ أَخَذَهَا، وَكَذَا مَا زَادَ عَلَى الْمِائَةِ إنْ بِيعَتْ بِأَكْثَرَ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهَا. وَإِنْ بِيعَتْ بِأَقَلَّ كَخَمْسِينَ اخْتَصَّ بِهَا وَقُدِّرَ مُحَاصًّا
ثُمَّ إنْ حَازَ الْمُرْتَهِنُ الْآبِقُ وَنَحْوُهُ قَبْلَ الْمَانِعِ تَمَّ الرَّهْنُ وَاخْتَصَّ بِهِ، وَإِلَّا كَانَ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ. (أَوْ) كَانَ (كِتَابَةَ مُكَاتَبٍ) فَيَصِحُّ رَهْنُهَا (وَخِدْمَةَ مُدَبَّرٍ) مِثْلُهُ الْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ وَوَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ فَيَصِحُّ رَهْنُهَا (وَاسْتُوْفِيَ) الدَّيْنُ (مِنْهُمَا) : أَيْ مِنْ الْكِتَابَةِ وَالْخِدْمَةِ (فَإِنْ رَقَّ) الْمُكَاتَبُ بِأَنْ عَجَزَ
ــ
[حاشية الصاوي]
بِالْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةِ لَهُ مِنْ دَيْنِهِ، فَلَيْسَ لَهُ مِنْ الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ إلَّا ثَلَاثُونَ وَثَمَنُ الثَّمَرَةِ يَجْتَمِعُ لَهُ ثَمَانُونَ وَيَرُدُّ لِصَاحِبَيْهِ عِشْرِينَ لِكُلِّ عَشَرَةٍ مِنْ الْخَمْسِينَ فَيَصِيرُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا سِتُّونَ كَذَا فِي الْأَصْلِ.
قَوْلُ: [ثُمَّ إنْ حَازَ الْمُرْتَهِنُ الْآبِقُ وَنَحْوُهُ] إلَخْ: أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَبِقَ بَعْدَ الْحِيَازَةِ فَفِي الْخَرَشِيِّ وَ (عب) : يَسْتَوِي الْغُرَمَاءُ فِيهِ وَهُوَ آبِقٌ. وَرَدَّهُ بْن بِأَنَّهُ مَتَى حِيزَ لَا يُبْطِلُ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ مِنْهُ إلَّا رُجُوعُهُ لِسَيِّدِهِ مَعَ عِلْمِ الْمُرْتَهِنِ وَسُكُوتِهِ.
قَوْلُهُ: [فَيَصِحُّ رَهْنُهَا] : أَيْ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ رَهْنِ الْمُكَاتَبِ.
قَوْلُهُ: [وَوَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ] : الْمُرَادُ بِهِ الْوَلَدُ الَّذِي يَحْدُثُ مِنْ الْجَارِيَةِ مِنْ زِنًا أَوْ زَوَاجٍ بَعْدَ أَنْ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا.
قَوْلُهُ: [أَيْ مِنْ الْكِتَابَةِ وَالْخِدْمَةِ] : أَيْ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ فِي الْمُكَاتَبِ وَثَمَنِ الْخِدْمَةِ فِي الْمُدَبَّرِ وَالْمُعْتَقِ لِأَجْلٍ وَوَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ إذَا لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الرَّاهِنُ دَيْنَهُ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ رَقَّ الْمُكَاتَبُ] : حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا رَهَنَ السَّيِّدُ خِدْمَةَ الْمُدَبَّرِ فَمَاتَ السَّيِّدُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ سَابِقٌ عَلَى التَّدْبِيرِ أَوْ لَاحِقٌ وَرَقَّ الْمُدَبَّرُ أَوْ جُزْءٌ مِنْهُ، فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ يَسْتَوْفِي دَيْنَهُ مِنْ ثَمَنِ ذَلِكَ الْجُزْءِ الَّذِي رَقَّ، كَمَا أَنَّهُ إذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ اُسْتُوْفِيَ مِنْ رَقَبَتِهِ. وَأَمَّا رَهْنُ رَقَبَةِ الْمُدَبَّرِ لِيُبَاعَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ فَلَا يَجُوزُ حَيْثُ تَأَخَّرَ الدَّيْنُ عَنْ التَّدْبِيرِ، بِخِلَافِ دَيْنٍ تَقَدَّمَ أَوْ عَلَى أَنْ يُبَاعَ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ فَيَصِحُّ رَهْنُهُ. وَاخْتُلِفَ إذَا رَهَنَ رَقَبَةَ الْمُدَبَّرِ لِيُبَاعَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ فِي دَيْنٍ مُتَأَخِّرٍ، هَلْ يَبْطُلُ الرَّهْنُ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ يَنْتَقِلُ لِخِدْمَتِهِ؟ قَوْلَانِ، الرَّاجِحُ الْأَوَّلُ. كَظُهُورِ حَبْسِ دَارٍ رُهِنَتْ رَقَبَتُهَا عَلَى أَنَّهَا مِلْكٌ لِرَاهِنِهَا وَثَبَتَ حَبْسُهَا عَلَيْهِ، فَهَلْ يَنْتَقِلُ الرَّاهِنُ لِمَنْفَعَتِهَا لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ كَجُزْءٍ مِنْهَا؟ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ الرَّاجِحُ، أَوْ يَبْطُلُ الرَّهْنُ وَلَا يَعُودُ لِمَنْفَعَتِهَا؟ وَأَمَّا إنْ ظَهَرَتْ حَبْسًا عَلَى غَيْرِ الرَّاهِنِ أَوْ انْتَقَلَ الْحَقُّ لِغَيْرِهِ بِمَوْتٍ أَوْ بِانْقِضَاءِ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ شَرَطَهَا لَهُ الْوَاقِفُ فَلَا يَنْتَقِلُ الرَّهْنُ لِمَنْفَعَتِهَا قَطْعًا. هَذَا مُلَخَّصُ مَا فِي الْأَصْلِ.
أَوْ الْمُدَبَّرُ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ أَوْ رَقَّ جُزْءٌ مِنْهُ (فَمِنْهُ) : يُسْتَوْفَى: أَيْ مِنْ رَقَبَتِهِ بِأَنْ يُبَاعَ. (أَوْ) كَانَ (غَلَّةً نَحْوَ دَارٍ) : كَحَانُوتٍ وَدَابَّةٍ وَيُسْتَوْفَى مِنْهَا (أَوْ) كَانَ (جُزْءًا مُشَاعًا) فِي دَارٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ ثَوْبٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَيَصِحُّ رَهْنُهُ.
(وَحَازَ) الْمُرْتَهِنُ (الْجَمِيعَ) : أَيْ جَمِيعَ الْمُشَاعِ مَا رُهِنَ وَمَا لَمْ يُرْهَنْ بِالْقَضَاءِ لِيَتِمَّ الرَّهْنُ وَإِلَّا لَجَالَتْ يَدُ الرَّاهِنِ فِيهِ مَعَ الْمُرْتَهِنِ فَيَبْطُلُ الرَّهْنُ وَهَذَا (إنْ كَانَ) الْجُزْءُ (الْبَاقِي لِلرَّاهِنِ) ، فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ كَفَى حَوْزُ الْجُزْءِ الْمَرْهُونِ مِنْ ذَلِكَ الْمُشَاعِ، لِأَنَّ جَوَلَانَ يَدِ غَيْرِ الرَّاهِنِ لَا يَضُرُّ فِي الْحَوْزِ. (وَلَهُ) : أَيْ لِلرَّاهِنِ الَّذِي رَهَنَ الْجُزْءَ الْمُشَاعَ وَكَانَ الْبَاقِي لِغَيْرِهِ (اسْتِئْجَارُ جُزْءِ شَرِيكِهِ) وَلَكِنْ لَا يُمَكَّنُ مِنْ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ (وَيَقْبِضُهُ) : أَيْ يَقْبِضُ أَجْرَتَهُ (الْمُرْتَهِن) لِئَلَّا يَبْطُلَ حَوْزُهُ بِجَوَلَانِ يَدِهِ عَلَيْهِ (لَهُ) : أَيْ لِلرَّاهِنِ الْمُسْتَأْجَرِ لِجُزْءِ شَرِيكِهِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَوْ الْمُدَبَّرُ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ] : أَيْ بِأَنْ لَمْ يُحَمِّلْهُ الثُّلُثَ.
وَقَوْلُهُ: [أَوْ رَقَّ جُزْءٌ مِنْهُ] : أَيْ بِأَنْ حَمَلَ الثُّلُثَ بَعْضُهُ.
قَوْلُهُ: [أَوْ كَانَ جُزْءًا مُشَاعًا] : أَيْ فَيَصِحُّ رَهْنُ الْجُزْءِ الْمُشَاعِ كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: لَا يَصِحُّ رَهْنُ الْمُشَاعِ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا وَقْفُهُ كَالْحَنَفِيَّةِ. وَلَا يَلْزَمُ الرَّاهِنَ لِلْجُزْءِ الْمُشَاعِ اسْتِئْذَانٌ شَرِيكِهِ إذَا لَا ضَرَرَ عَلَى الشَّرِيكِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الرَّهْنِ بِحِصَّتِهِ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَشْهُورُ، نَعَمْ يُنْدَبُ الِاسْتِئْذَانُ لِمَا فِيهِ مِنْ جَبْرِ الْخَوَاطِرِ فَلِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَرْهَنْ أَنْ يُقَسِّمَ وَيَبِيعَ وَيُسَلِّمَ لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ.
قَوْلُهُ: [أَيْ يُقْبِضَ أُجْرَتَهُ الْمُرْتَهِنَ] : أَيْ وَيُسَلِّمُهَا لَهُ وَكَذَا يُؤَاجِرُ لَهُ الْجُزْءَ الْمُرْتَهَنَ وَلَا يُؤَاجِرُهُ هُوَ فَإِنَّهُ فِي حُكْمِ الْجَوَلَانِ.
تَنْبِيهٌ لَوْ رَهَنَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَأَمِنَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ الشَّرِيكَ الْآخَرَ فَرَهَنَ الشَّرِيكُ الْأَمِينُ حِصَّتَهُ لِلْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ وَأَمِنَ الْأَمِينُ وَالْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ الْأَوَّلَ عَلَى هَذِهِ الْحِصَّةِ الثَّانِيَةِ، بَطَلَ حَوْزُهُمَا لِلْحِصَّتَيْنِ مَعًا لِجَوَلَانِ يَدِ الرَّاهِنِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا رَهَنَهُ، لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ الرَّاهِنِ الثَّانِي وَهِيَ شَائِعَةٌ، فَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ حِصَّتَهُ تَحْتَ يَدِهِ وَالثَّانِي يَدُهُ جَائِلَةٌ أَوَّلًا عَلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ لِاسْتِئْمَانِ الْأَوَّلِ، فَلَوْ جَعَلَ حِصَّةَ الثَّانِي تَحْتَ يَدِ أَجْنَبِيٍّ بَطَلَ رَهْنُ الثَّانِي فَقَطْ.
(وَجَازَ) لِلرَّاهِنِ (رَهْنُ فَضْلَتِهِ) : أَيْ الْجُزْءُ الْبَاقِي مِنْ الْمُشَاعِ فِي دَيْنٍ آخَرَ (بِرِضَا) الْمُرْتَهِنِ (الْأَوَّلِ) لَا بِغَيْرِ رِضَاهُ (وَحَازَهُ) الْأَوَّلُ (لَهُ) : أَيْ لِلثَّانِي فَيَكُونُ أَمِينًا فِيهِ. (وَ) لِذَا (لَا يَضْمَنُهُ) إنْ ضَاعَ مِنْهُ: أَيْ ادَّعَى ضَيَاعَ الرَّهْنِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا تَفْرِيطٍ، وَهُوَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ إلَّا مَا يَخُصُّهُ. (فَإِنْ حَلَّ أَحَدُهُمَا) : أَيْ الدَّيْنَيْنِ (أَوَّلًا) قَبْلَ الْآخَرِ (قُسِّمَ) الرَّهْنُ وَأُعْطِيَ لِمَنْ حَلَّ دَيْنُهُ مَنَابَهُ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ إذَا لَمْ يُوَفِّهِ الْمَدِينُ دَيْنَهُ (إنْ أَمْكَنَ) قَسَمُهُ (بِلَا ضَرَرٍ، وَإِلَّا) يُمْكِنُ أَوْ يُمْكِنُ بِضَرَرٍ (بِيعَ) الرَّهْنُ جَمِيعُهُ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بِرِضَا الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ] : وَيَلْزَمُ مِنْ رِضَاهُ عِلْمُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِ وَرِضَاهُ. وَهَذَا إذَا رَهَنَ الْفَضْلَةَ لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ، أَمَّا لَوْ رَهَنَهَا لَهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَجَلُ الدَّيْنِ الثَّانِي مُسَاوِيًا لِلْأَوَّلِ لَا أَقَلَّ وَلَا أَكْثَرَ، وَإِلَّا مُنِعَ؛ لِأَنَّهُ إذْ كَانَ أَجَلُ الثَّانِي أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ يُبَاعُ الرَّهْنُ عِنْدَ انْقِضَاءِ أَجَلِ الْأَوَّلِ وَيَقْضِي الدَّيْنَانِ فَيَتَعَجَّلُ الدَّيْنَ الثَّانِي قَبْلَ أَجَلِهِ وَهُوَ سَلَفٌ، وَإِنْ كَانَ أَجَلُ الثَّانِي أَقْرَبَ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ يُبَاعُ الرَّهْنُ عِنْدَ انْقِضَاءِ أَجَلِ الثَّانِي وَيُقْضَى الدَّيْنَانِ فَيُعَجَّلُ الدَّيْنُ الْأَوَّلُ قَبْلَ أَجَلِهِ وَهُوَ سَلَفٌ. فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ الْأَوَّلُ مِنْ بَيْعٍ لَزِمَ اجْتِمَاعُ بَيْعٍ وَسَلَفٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْ قَرْضٍ لَزِمَ: أَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك، فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْفَضْلَةَ إمَّا أَنْ تُرْهَنَ لِلْأَوَّلِ أَوْ لِغَيْرِهِ، فَإِنْ رُهِنَتْ لِلْأَوَّلِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَسَاوِي الدَّيْنَيْنِ أَجَلًا، وَإِنْ رُهِنَتْ لِغَيْرِهِ جَازَ مُطْلَقًا، تَسَاوَى الْأَجَلَانِ أَمْ لَا، بِشَرْطِ عِلْمِ الْحَائِزِ لَهَا وَرِضَاهُ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْمُرْتَهِنَ الْأَوَّلَ أَوْ أَمِينَ غَيْرِهِ. وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ رِضَا الْحَائِزِ كَانَ هُوَ الْمُرْتَهِنُ أَوْ غَيْرُهُ لِأَجْلِ أَنْ يَصِيرَ حَائِزًا لِلثَّانِي.
قَوْلُهُ: [فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ إلَّا مَا يَخُصُّهُ] : أَيْ كَحَالِهِ قَبْلَ الرَّهْنِيَّةِ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ حَلَّ أَحَدُهُمَا] إلَخْ: لَمْ يَتَعَرَّضْ لِحُكْمِ مَا إذَا تَسَاوَى الدَّيْنَانِ فِي الْأَجَلِ لِوُضُوحِهِ.
قَوْلُهُ: [وَأَعْطَى لِمَنْ حَلَّ دَيْنُهُ مَنَابَهُ] : أَيْ وَيُدْفَعُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ الَّذِي لَمْ يَحِلَّ قَدْرَ مَا يَنُوبُهُ يَبْقَى رَهْنًا عِنْدَهُ.
(وَقُضِيَا) : أَيْ الدَّيْنَانِ مَعًا.
(وَ) جَازَ رَهْنُ (أُمٍّ دُونَ) رَهْنِ (وَلَدِهَا) الصَّغِيرِ مَعَهَا (وَعَكْسُهُ) : إذْ لَيْسَ فِي الرَّهْنِ انْتِقَالُ مِلْكٍ (وَحَازَهُمَا) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (الْمُرْتَهِنُ) لِعَدَمِ جَوَازِ التَّفْرِيقِ.
(وَ) جَازَ رَهْنُ شَيْءٍ (مُسْتَأْجَرٍ) لِمَنْ اسْتَأْجَرَهُ. (وَ) رَهْنُ حَائِطٍ (مَسَاقِي) لِلْعَامِلِ (وَحَوْزُهُمَا الْأَوَّلُ كَافٍ) : عَنْ حَوْزَتَانِ لِلرَّهْنِ، وَكَذَا يَجُوزُ رَهْنُهُمَا عِنْدَ غَيْرِهِمَا إنْ جَعَلَ الْمُرْتَهِنُ مَعَ الْعَامِلِ أَمِينًا، أَوْ يَجْعَلَانِهِ مَعًا تَحْتَ أَمِينٍ وَيَجْعَلُ الْمُرْتَهِنُ يَدَهُ مَعَ الْأَجِيرِ أَوْ أَمِينًا مَعَهُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَقُضِيَا] : وَصِفَةُ الْقَضَاءِ أَنْ يَقْضِيَ الدَّيْنَ الْأَوَّلَ كُلَّهُ أَوَّلًا لِتَقَدُّمِ الْحَقِّ ثُمَّ مَا بَقِيَ لِلثَّانِي.
قَوْلُهُ: [وَجَازَ رَهْنُ أُمٍّ دُونَ رَهْنِ وَلَدِهَا] : أَيْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الرَّهْنِ بَيْعُهَا دُونَ وَلَدِهَا فَإِنْ اُحْتِيجَ لِلْبَيْعِ بِيعَتْ مَعَ وَلَدِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِي الرَّهْنِيَّةِ، لَكِنْ مَثَّلَ فِي الْمَجْمُوعِ لِلرَّهْنِ الْفَاسِدِ بِقَوْلِهِ: وَلَيْسَ الْوَلَدُ رَهْنًا مَعَ أُمِّهِ، فَانْظُرْهُ مَعَهَا - قَالَهُ الشَّيْخُ.
قَوْلُهُ: [وَحَازَهُمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْمُرْتَهِنُ] : وَكَفَى الْحَوْزُ هُنَا لِكَوْنِهِمَا فِي مِلْكِ وَاحِدٍ وَهُوَ الرَّاهِنُ.
قَوْلُهُ: [وَجَازَ رَهْنُ شَيْءٍ مُسْتَأْجَرٍ] إلَخْ: أَيْ فَإِذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ دَارًا مِنْ رَبِّهَا شَهْرًا مَثَلًا جَازَ لِرَبِّهَا إذَا تَدَايَنَ مِنْ زَيْدٍ دَيْنًا أَنْ يُرْهِنَهُ تِلْكَ الدَّارَ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ.
قَوْلُهُ: [وَرَهْنُ حَائِطِ مَسَاقِي] إلَخْ: صُورَتُهَا: زَيْدٌ نَزَلَ مَسَاقِي فِي حَائِطِ سَنَةٍ مَثَلًا، فَإِذَا تَدَايَنَ رَبُّهَا مِنْهُ دَيْنًا جَازَ لَهُ أَنْ يُرْهِنَهُ تِلْكَ الْحَائِطَ فِي مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ.
قَوْلُهُ: [عِنْدَ غَيْرِهِمَا] : أَيْ غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسَاقِي بِأَنْ يَكُونَ رَبُّ الدَّارِ وَرَبُّ الْحَائِطِ تَدَايَنَا مِنْ غَيْرِهِمَا وَأَرَادَا رَهْنَ الدَّارِ أَوْ الْحَائِطِ لِذَلِكَ الْغَيْرِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ يَجْعَلَانِهِ] : أَيْ الْمُرْتَهِنَ وَالْعَامِلَ.
قَوْلُهُ: [وَيَجْعَلُ الْمُرْتَهِنُ] إلَخْ: مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ ": إنْ جَعَلَ " فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ الْمَتْنِ عَلَى سَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوَّشِ ابْنُ يُونُسَ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ. مَنْ سَاقَى
(وَ) جَازَ رَهْنُ (مِثْلِيٍّ) : مِنْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ مَعْدُودٍ (وَلَوْ عَيْنًا) مَسْكُوكَةً، وَمَحَلُّ الْجَوَازِ (إنْ طُبِعَ عَلَيْهِ) طَبْعًا مُحْكَمًا - سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ لِئَلَّا يَقْصِدَ بِهِ السَّلَفَ مَعَ تَسْمِيَتِهِ رَهْنًا، وَالسَّلَفُ مَعَ الدَّيْنِ لَا يَجُوزُ - وَهَذَا إنْ وُضِعَ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ (أَوْ) لَمْ يُطْبَعْ عَلَيْهِ وَ (كَانَ تَحْتَ أَمِينٍ) لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ. (وَ) جَازَ رَهْنُ (دَيْنٍ) عَلَى إنْسَانٍ (وَلَوْ) كَانَ (عَلَى الْمُرْتَهِنِ) لَهُ؛
ــ
[حاشية الصاوي]
حَائِطَهُ ثُمَّ رَهَنَهُ فَلْيَجْعَلْ الْمُرْتَهِنُ مَعَ الْمُسَاقِي رَجُلًا أَوْ يَجْعَلَانِهِ عَلَى يَدِ عَدْلٍ، قَالَ مَالِكٌ: وَجَعْلُهُ بِيَدِ الْمُسَاقِي أَوْ أَجِيرٍ لَهُ يُبْطِلُ رَهْنَهُ (اهـ) لِأَنَّ يَدَ الْمُسَاقِي وَالْأَجِيرِ بِمَنْزِلَةِ يَدِ الرَّهْنِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَمَا كَفَى الْأَمِينُ مَعَهُمَا - فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [مَنْ طُبِعَ عَلَيْهِ] : أَيْ لَوْ غَيْرُ عَيْنٍ وَإِنَّمَا بُولِغَ عَلَى غَيْرِ الْعَيْنِ لِأَنَّ الْعَيْنَ تَتَسَارَعُ الْأَيْدِي إلَيْهَا أَكْثَرَ فَيُتَوَهَّمُ لُزُومُ الطَّبْعِ عَلَيْهَا دُونَ غَيْرِهَا. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْمِثْلِيَّ غَيْرُ الْعَيْنِ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، فَابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَقُولُ بِوُجُوبِ الطَّبْعِ، وَأَشْهَبُ يَقُولُ بِعَدَمِهِ، وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْعَيْنَ لَا يَجُوزُ رَهْنُهَا إلَّا بِالطَّبْعِ عَلَيْهَا - هَذِهِ طَرِيقَةُ الْمَازِرِيِّ وَابْنِ الْحَاجِبِ. وَأَمَّا ابْنُ يُونُسَ وَالْبَاجِيُّ وَابْنُ شَاسٍ فَلَمْ يَذْكُرُوا عَنْ أَشْهَبَ إلَّا اسْتِحْبَابَ الطَّبْعِ عَلَى الْعَيْنِ، إذْ لَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ الطَّبْعِ. وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي هُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّ جَمِيعَ الْمِثْلِيَّاتِ لَا تُرْهَنُ إلَّا مَطْبُوعًا عَلَيْهَا قَالَهُ. ح.
قَوْلُهُ: [سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ] : عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ الطَّبْعَ عَلَيْهِ سَدًّا إلَخْ وَقَوْلُهُ: " لِئَلَّا يَقْصِدَ " إلَخْ عِلَّةٌ لِلْمَعْلُولِ مَعَ عِلَّتِهِ.
قَوْلُهُ: [وَالسَّلَفُ مَعَ الدَّيْنِ لَا يَجُوزُ] : أَيْ سَوَاءٌ كَانَ السَّلَفُ مُشْتَرَطًا فِي عَقْدِ الْمَدِينَةِ أَوْ مُتَطَوَّعٌ بِهِ بَعْدَهَا لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُشْتَرَطًا كَانَ بَيْعًا وَسَلَفًا كَانَ الدَّيْنُ مِنْ بَيْعٍ وَأَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك إنْ كَانَ مِنْ قَرْضٍ وَإِنْ كَانَ السَّلَفُ مُتَطَوَّعًا بِهِ فَهَدِيَّةُ مِدْيَانٍ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصْلِ أَنَّ الطَّبْعَ شَرْطٌ لِجَوَازِ الرَّهْنِ؛ وَعَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يُطْبَعْ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ ابْتِدَاءً وَلَكِنَّهُ يَصِحُّ وَيَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِهِ قَبْلَ الطَّبْعِ إنْ حَصَلَ مَانِعٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.