الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشَّرِكَةِ يَتَّجِرُ فِيهِ (لِنَفْسِهِ) : أَيْ عَلَى حِدَةٍ فِي مَكَان آخَرَ فِي الْبَلَدِ أَوْ فِي بَلَدٍ آخَرَ، عَلَى أَنَّ مَا حَصَلَ مِنْ رِبْحٍ فِي كُلٍّ فَهُوَ بَيْنَهُمَا مَا دَخَلَا عَلَيْهِ.
(ثُمَّ) الشَّرِكَةُ قِسْمَانِ: شَرِكَةُ مُفَاوَضَةٍ وَشَرِكَةُ عِنَانٍ. وَيَتَرَتَّبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَحْكَامٌ فَأَشَارَ إلَى الْأُولَى بِقَوْلِهِ: (إنْ أَطْلَقَا) : أَيْ أَطْلَقَ كُلُّ وَاحِدٍ (التَّصَرُّفَ، وَإِنْ) كَانَ الْإِطْلَاقُ (بِنَوْعٍ) أَيْ فِي نَوْعٍ خَاصٍّ - كَالرَّقِيقِ لِصَاحِبِهِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ دُونَ تَوَقُّفٍ عَلَى إذْنِ الْآخَرِ (فَمُفَاوَضَةٌ) : أَيْ فَهِيَ شَرِكَةُ مُفَاوَضَةٌ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ فَوَّضَ، لِصَاحِبِهِ التَّصَرُّفَ. إلَّا أَنَّهُ إذًا لَمْ يُقَيَّدْ بِنَوْعٍ تُسَمَّى مُفَاوَضَةً عَامَّةً، وَإِذَا خُصَّتْ بِنَوْعٍ سُمِّيَتْ مُفَاوَضَاتٍ خَاصَّةٍ أَيْ بِنَوْعِ الَّذِي أُطْلِقَ التَّصَرُّفُ فِيهِ.
(وَلَهُ) : أَيْ لِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ (التَّبَرُّعُ) : فِي مَالِ الشَّرِكَةِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ بِشَيْءٍ كَهِبَةٍ وَحَطِيطَةٍ لِبَعْضِ ثَمَنٍ بِالْمَعْرُوفِ (إنْ اسْتَأْلَفَ بِهِ) : أَيْ بِالتَّبَرُّعِ قُلُوبَ النَّاسِ لِلتِّجَارَةِ (أَوْ خَفَّ) الْمُتَبَرِّعُ بِهِ (كَإِعَارَةِ آلَةٍ) : كَحَبْلٍ وَدَلْوٍ وَإِنَاءٍ (وَدَفْعِ كِسْرَةٍ) لِفَقِيرٍ
. (وَ) لَهُ أَنْ (يُبْضِعَ) مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ، بِأَنْ يُعْطِيَ، إنْسَانًا مَالًا مِنْهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِضَاعَةً مِنْ بَلَدِ كَذَا.
ــ
[حاشية الصاوي]
فَسَادِهَا مُطْلَقًا تَسَاوَيَا فِي عَمَلِ الشَّرِكَةِ أَوْ لَا.
[شَرِكَة الْمُفَاوَضَة]
قَوْلُهُ: [ثُمَّ الشَّرِكَةُ قِسْمَانِ] : أَيْ الْمَشْهُورَةُ الْمَعْهُودَةُ بَيْنَ النَّاسِ وَإِلَّا فَتَقَدَّمَ أَنَّهَا سِتَّةُ أَقْسَامٍ.
قَوْلُهُ: [إنْ أَطْلَقَا] : اعْلَمْ أَنَّ إطْلَاقَ التَّصَرُّفِ إمَّا بِالنَّصِّ عَلَيْهِ أَوْ بِالْقَرِينَةِ، وَأَمَّا لَوْ قَالَا: اشْتَرَكْنَا فَقَطْ، وَلَيْسَ هُنَا قَرِينَةٌ - وَلَا تَقْيِيدٌ بِعَنَانٍ وَلَا مُفَاوَضَةٍ - احْتَاجَ كُلٌّ لِمُرَاجَعَةِ صَاحِبِهِ وَكَانَتْ عَنَانًا.
قَوْلُهُ: [فَمُفَاوَضَةٌ] : أَيْ تُسَمَّى بِذَلِكَ، وَهِيَ بِفَتْحِ الْوَاوِ: مِنْ تَفَاوَضَ، الرَّجُلَانِ فِي الْحَدِيثِ إذَا شَرَعَا فِيهِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ خَفَّ الْمُتَبَرِّعُ بِهِ] : أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلِاسْتِئْلَافِ.
(وَيُقَارِضَ) : بِأَنْ يُعْطِيَ مَالًا لِغَيْرِهِ قِرَاضًا حَيْثُ اتَّسَعَ الْمَالُ وَإِلَّا مُنِعَ. (وَيُودَعُ) وَدِيعَةً مِنْهُ (لِعُذْرٍ) اقْتَضَى الْإِيدَاعَ (وَإِلَّا) يَكُنْ الْإِيدَاعُ لِعُذْرٍ (ضَمِنَ) إنْ ضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ. (وَ) لَهُ أَنْ (يُشَارِكَ فِي) شَيْءٍ (مُعَيَّنٍ) أَجْنَبِيًّا حَيْثُ لَا تَجُولُ يَدُهُ فِي مَالٍ لِلشَّرِكَةِ. (وَ) أَنْ (يَقْبَلَ الْمَعِيبَ) : إذَا بَاعَهُ هُوَ أَوْ شَرِيكُهُ ثُمَّ رَدَّ بِالْعَيْبِ (وَإِنْ أَبَى الْآخَرُ) . (وَ) لَهُ أَنْ (يُقِرَّ بِدَيْنٍ) عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ (لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ) ، وَيَلْزَمُ شَرِيكَهُ الْآخَرَ، لَا لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ؛ كَابْنٍ وَزَوْجَةٍ وَصَدِيقٍ مُلَاطِفٍ فَلَا يَلْزَمُ صَاحِبَهُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بِأَنْ يُعْطِيَ مَالًا لِغَيْرِهِ قِرَاضًا] : أَيْ بِجُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ شَرِكَةً.
قَوْلُهُ: [حَيْثُ اتَّسَعَ الْمَالُ] : رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الْإِبْضَاعِ وَالْقِرَاضِ.
قَوْلُهُ: [وَلَهُ أَنْ يُشَارِكَ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ] : ظَاهِرُهُ كَانَتْ الشَّرِكَةُ فِي ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ مُفَاوَضَةً أَوْ غَيْرَهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ (ر) .
قَوْلُهُ: [فِي مَالِ الشَّرِكَةِ] : مُتَعَلِّقٌ بِتَجَوُّلٍ وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: فِي بَاقِي مَالِ الشَّرِكَةِ.
قَوْلُهُ: [وَأَنْ يَقْبَلَ الْمَعِيبَ] إلَخْ: أَيْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ وَكِيلَيْ الْمُفَاوَضَةِ كَوَكِيلٍ عَنْ صَاحِبِهِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ، فَيَرُدُّ عَلَى حَاضِرٍ لَمْ يَتَوَلَّ، إنْ بَعُدَتْ غَيْبَةُ شَرِيكِهِ بِأَنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مَعَ الْأَمْنِ أَوْ يَوْمَيْنِ مَعَ الْخَوْفِ، وَإِلَّا انْتَظَرَ لِيَرُدَّ عَلَيْهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لَهُ حُجَّةٌ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ الْإِجْمَالِ، وَقَدْ عَلِمْت تَفْصِيلَهُ تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [وَلَهُ أَنْ يُقِرَّ بِدَيْنٍ] : أَيْ فِي حَالِ الْمُفَاوَضَةِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَقَبْلَ مَوْتِ شَرِيكِهِ، وَأَمَّا إنْ أَقَرَّ بَعْدَ تَفَرُّقٍ أَوْ مَوْتٍ فَهُوَ شَاهِدٌ فِي غَيْرِ نَصِيبِهِ.
قَوْلُهُ: [فَلَا يَلْزَمُ صَاحِبَهُ] : أَيْ وَأَمَّا هُوَ فَيُؤْخَذُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ مَفْهُومٌ بِدَيْنٍ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّ هَذِهِ السِّلْعَةُ لَيْسَتْ مِنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ، بَلْ وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِالْأُولَى مِنْ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ، وَهَذَا وَاضِحٌ إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِ الْوَدِيعَةِ وَإِلَّا كَانَ تَعْيِينُهُ لِلْوَدِيعَةِ كَإِقْرَارِهِ بِهَا، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ يَكُونُ شَاهِدًا سَوَاءٌ حَصَلَ تَفَرُّقٌ أَوْ مَوْتٌ أَوْ لَا.
(و) لَهُ أَنْ (يَبِيعَ) سِلْعَةً مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ (بِدَيْنٍ) : أَيْ بِثَمَنٍ لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ.
(لَا) يَجُوزُ لَهُ (الشِّرَاءُ بِهِ) : أَيْ بِالدَّيْنِ. لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَى بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ لِلشَّرِكَةِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِهِ شَيْءٌ مِنْ رِبْحِهَا وَلَا عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ خَسَارَتِهَا؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ شَرِكَةِ الذِّمَمِ وَهِيَ لَا تَجُوزُ، لِئَلَّا يَأْكُلَ شَرِيكُهُ رِبْحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ أَوْ يَغْرَمْ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ ضَمَانَ الدَّيْنِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ. فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي سِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ جَازَ، لِأَنَّهُ صَارَ بِالْإِذْنِ لَهُ وَكِيلًا عَنْهُ فِيمَا يَخُصُّهُ، فَكَانَا بِمَنْزِلَةِ رَجُلَيْنِ اشْتَرَيَا سِلْعَةً بَيْنَهُمَا بِدَيْنٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ قَطْعًا. ثُمَّ إنْ اشْتَرَطَ الْبَائِعُ ضَمَانَ كُلٍّ عَنْ صَاحِبِهِ جَازَ لَهُ أَخْذُ الثَّمَنِ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَمْ يَلْزَمْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا مَا يَخُصُّهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا. فَعُلِمَ أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا اشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ بِلَا إذْنِ صَاحِبِهِ. وَأَصْلُهُ لِلَّخْمِيِّ، لَكِنَّهُ قَيَّدَ الْمَنْعَ بِمَا إذَا طَالَ الْأَجَلُ لَا إنْ كَانَ كَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ لِأَنَّهُ مِنْ ضَرُورَاتِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَإِذَا مَنَعَ لِطُولِ الْأَجَلِ فَصَاحِبُهُ لَهُ الْخِيَارُ فِي الْقَبُولِ وَالرَّدِّ؛ فَإِنْ رَدَّ اتَّبَعَ الْمُشْتَرِيَ خَاصَّةً بِالثَّمَنِ وَعِبَارَتُهُ فِي التَّبْصِرَةِ: وَلَا يَشْتَرِي بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ، فَإِنْ فَعَلَ - وَكَانَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بِدَيْنٍ] إلَخْ: فَإِنْ بَاعَ بِالدَّيْنِ وَفَلِسَ الْمُشْتَرِي، أَوْ مَاتَ بَعْدَمَا ضَاعَ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا مَعًا لَا عَلَى الْبَائِعِ وَحْدَهُ، لِأَنَّهُ فَعَلَ ابْتِدَاءً مَا يُسَوِّغُ لَهُ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهُمَا مِنْ شَرِكَةِ الذِّمَمِ] : هَكَذَا فِي نُسْخَةِ الْمُؤَلِّفِ، وَالْمُنَاسِبُ:" لِأَنَّهَا " وَهِيَ عِبَارَةُ الْأَصْلُ.
قَوْلُهُ: [لِئَلَّا يَأْكُلَ شَرِيكُهُ] إلَخْ: هَذَا رَاجِعٌ لِلْأُولَى الَّتِي هِيَ الرِّبْحُ.
وَقَوْلُهُ: [أَوْ يَغْرَمُ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ] : إلَخْ رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ الَّتِي هِيَ الْخَسَارَةُ.
قَوْلُهُ: [وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا] : أَيْ فِي بَابِ الضَّمَانِ.
قَوْلُهُ: [وَأَصْلُهُ لِلَّخْمِيِّ] إلَخْ: قَصَدَ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ التَّوَرُّكَ عَلَى الْمَتْنِ، حَيْثُ مَشَى عَلَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْ تَقْيِيدَهُ.
قَوْلُهُ: [وَإِذَا مَنَعَ لِطُولِ الْأَجَلِ] : أَيْ إذَا قُلْتُمْ بِحُرْمَةِ قُدُومِ الشَّرِيكِ عَلَى الشِّرَاءِ بِالدَّيْنِ مَعَ طُولِ الْأَجَلِ فَصَاحِبُهُ لَهُ الْخِيَارُ.
قَوْلُهُ: [وَعِبَارَتُهُ] : أَيْ اللَّخْمِيِّ لِأَنَّ التَّبْصِرَةَ لَهُ.