الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بِمَا اشْتَرَيْت) مِنْ ثَمَنٍ وَلَمْ تُبَيِّنْ لَهُ الثَّمَنَ وَلَا الْمُثَمَّنَ (جَازَ) لِأَنَّهُ مِنْ الْمَعْرُوفِ (إنْ لَمْ تُلْزِمْهُ) الْبَيْعَ بِأَنْ سَكَتَ أَوْ جَعَلْت لَهُ الْخِيَارَ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ الْمَبِيعَ وَعِلْمِهِ بِثَمَنِهِ.
(وَلَهُ الْخِيَارُ) إذَا رَآهُ وَعَلِمَ الثَّمَنَ. وَمَفْهُومٌ: " إنْ لَمْ تُلْزِمْهُ " أَنَّك لَوْ أَلْزَمْته الْبَيْعَ لَمْ يَجُزْ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ وَشِدَّةِ الْجَهَالَةِ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ.
(وَإِنْ عَلِمَ) حِينَ التَّوْلِيَةِ (بِأَحَدِ الْعِوَضَيْنِ) الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ دُونَ الْآخَرِ (ثُمَّ عَلِمَ بِالْآخَرِ فَكَرِهَ) الْبَيْعَ وَأَرَادَ رَدَّهُ (فَلِذَلِكَ لَهُ) .
وَلَمَّا كَانَتْ الْأَنْوَاعُ الَّتِي يُطْلَبُ فِيهَا الْمُنَاجَزَةُ سِتَّةً، بَيَّنَ مَا هُوَ الْأَضْيَقُ مِنْهَا بِقَوْلِهِ:(وَالْأَضْيَقُ) مِمَّا يَطْلُبُ فِيهِ الْمُنَاجَزَةَ: (صَرْفٌ) لِأَنَّهُ لَا يُغْتَفَرُ فِيهِ الْمُفَارَقَةُ بِالْبَدَنِ وَلَا طُولٌ بِالْمَجْلِسِ.
(فَإِقَالَةُ طَعَامٍ) مِنْ سَلَمٍ تَقَدَّمَ فِي صَدْرِ هَذَا الْمَبْحَثِ أَنَّهُ لَا يَجُوز فِيهِ التَّأْخِيرُ وَلَا سَاعَةٌ، إلَّا أَنَّ الْمُفَارَقَةَ بِالْبَدَنِ لِتَحْصِيلِ الثَّمَنِ لَا تَضُرُّ إذَا لَمْ تَطُلْ، وَكَذَا التَّوْكِيلُ عَلَى الْقَبْضِ قَبْلَ الْمُفَارَقَةِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [جَازَ] إلَخْ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهَا حَصَلَتْ بِصِيغَةِ التَّوْلِيَةِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ بِلَفْظِ الْبَيْعِ لَفَسَدَتْ فِي صُورَتَيْ الْإِلْزَامِ وَالسُّكُوتِ وَصَحَّتْ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ وَظَاهِرُهُ الْجَوَازُ سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا أَوْ غَيْرَهُ. إنْ قُلْت: تَقَدَّمَ أَنَّ شَرْطَ التَّوْلِيَةِ كَوْنُ الثَّمَنِ عَيْنًا؟ أُجِيبَ بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي التَّوْلِيَةِ فِي طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَأَمَّا فِيهِ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ فِي غَيْرِهِ مُطْلَقًا فَتَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ عَيْنًا.
قَوْلُهُ: [فَذَلِكَ لَهُ] : أَيْ لَهُ الْخِيَارُ لِأَنَّ التَّوْلِيَةَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَعْرُوفِ تَلْزَمُ الْمُوَلِّي بِالْكَسْرِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَلَا تَلْزَمُ الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ إلَّا بَعْدَ عِلْمِهِ بِالثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ.
[الْمُنَاجَزَة وأنواعها]
قَوْلُهُ: [الْمُفَارَقَةَ بِالْبَدَنِ] : أَيْ للمتصارفين مَعًا أَوْ لِأَحَدِهِمَا لِيَأْتِيَ بِدَرَاهِمِهِ.
قَوْلُهُ: [وَلَا طُولٌ بِالْمَجْلِسِ] : أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الِاصْطِرَافِ.
قَوْلُهُ: [فَإِقَالَةُ طَعَامٍ مِنْ سَلَمٍ] : إنَّمَا قَيَّدَ الشَّارِحُ الْإِقَالَةَ الْمَذْكُورَةَ بِكَوْنِ الطَّعَامِ مِنْ سَلَمٍ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ فِي الطَّعَامِ إذَا كَانَ مِنْ بَيْعٍ سَوَاءٌ وَقَعَتْ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ بَعْدَهُ يَجُوزُ فِيهَا تَأْخِيرُ رَدِّ الثَّمَنِ وَلَوْ سَنَةً كَمَا قَالَهُ فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ تَقْرِيرِ شَيْخِ مَشَايِخِنَا الْعَدَوِيِّ وَالْعِلَّةُ فِي مَنْعِ التَّأْخِيرِ فِي الْإِقَالَةِ مِنْ طَعَامِ السَّلَمِ تَأْدِيَتُهُ إلَى فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ مَعَ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَا يُقَالُ إنَّهَا حَلُّ بَيْعٍ لِأَنَّنَا نَقُولُ هَذِهِ الْإِقَالَةُ
(فَتَوْلِيَةٌ فَشَرِكَةٌ فِيهِ) : أَيْ فِي طَعَامِ السَّلَمِ، فَمَنْ أَسْلَمَ فِي طَعَامٍ فَوَلَّاهُ لِغَيْرِهِ أَوْ أَشْرَكَهُ فِيهِ اُغْتُفِرَ لِمَنْ وَلَّاهُ أَوْ أَشْرَكَهُ وَتَأْخِيرُ الثَّمَنِ بَعْضَ الْيَوْمِ، وَقِيلَ: يُغْتَفَرُ مُفَارَقَةُ الْبَدَن فَقَطْ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ. وَالْوُسْعُ فِيهِ عَمَّا قَبْلَهُ بِاعْتِبَارِ أَنْ الْقَوْلَ بِجَوَازِ تَأْخِيرِ الْيَوْمِ أَوْ الْيَوْمَيْنِ قَوِيٌّ.
(فَإِقَالَةُ عَرْضٍ) : أَيْ مِنْ سَلَمٍ؛ فَمَنْ أَسْلَمَ فِي عَرْضٍ ثُمَّ أَقَالَ بَائِعَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ رَدِّ مَالِ السَّلَمِ، وَإِلَّا لَزِمَ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ، وَقَدْ يَجُوزُ التَّأْخِيرُ نَحْوَ السَّاعَةِ الْعُرْفِيَّةِ.
(وَ) مِثْلُهُ (فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ) صَرِيحًا: كَأَنْ تُطَالِبَهُ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ عَيْنٌ مَثَلًا فَيُعْطِيك فِي نَظِيرِهِ ثَوْبًا أَوْ عَبْدًا وَبِالْعَكْسِ، فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْجِيلِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَقَدْ يُغْتَفَرُ نَحْوُ الذَّهَابِ لِلْبَيْتِ. وَوَسَّعَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْخِلَافَ بِجَوَازِ الْيَوْمِ وَنَحْوِهِ قَوِيٌّ.
(فَبَيْعُهُ بِهِ) : أَيْ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ كَبَيْعِ عَرْضٍ مِنْ سَلَمٍ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ تَعْجِيلِ ثَمَنِهِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ. وَوَسِعَهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ قَوِيٌّ فَلَا يَجُوزُ الْيَوْمُ وَنَحْوُهُ فِي الْجَمِيعِ عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
(فَابْتِدَاؤُهُ) : أَيْ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ، فَإِنَّهُ أَوْسَعُ مِمَّا قَبْلَهُ حَقِيقَةً؛ لِجَوَازِ تَأْخِيرِ رَأْسِ السَّلَمِ بِشَرْطِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ. فَعَلِمَ أَنَّ الْأَضْيَقَ حَقِيقَةُ الصَّرْفِ، وَالْأَوْسَعَ حَقِيقَةُ ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَأَنَّ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ رُتْبَةٌ وَاحِدَةٌ وَالتَّوْسِعَةُ فِيهَا بِاعْتِبَارِ أَنَّ مُقَابِلَ الْمُعْتَمَدُ فِيهَا قَوِيٌّ. وَمَنْ قَلَّدَ عَالِمًا فِي قَوْلِهِ الْمُعْتَبَرِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَقِيَ اللَّهَ سَالِمًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
لَمَّا قَارَنَهَا التَّأْخِيرُ عُدَّتْ بَيْعًا لِخُرُوجِهَا عَنْ مَوْرِدِ الرُّخْصَةِ.
قَوْلُهُ: [فَتَوْلِيَةٌ فَشَرِكَةٌ فِيهِ] عِلَّةُ مَنْعِ التَّأْخِيرِ فِيمَا ذَكَرَ تَأْدِيَتَهُ إلَى بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ مَعَ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّ الْمُوَلِّيَ وَالْمُشْرِكَ بِالْكَسْرِ بَاعَ الطَّعَامَ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْ الْمُوَلَّى وَالْمُشْرَكِ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا وَلَمَا كَانَ مَجْمُوعُ عِلَّتَيْنِ كَانَ أَضْيَقَ مِمَّا بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: [وَالْأَوْسَعُ حَقِيقَةً ابْتِدَاءُ الدَّيْنِ] إلَخْ: أَيْ لِجَوَازِ التَّأْخِيرِ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِاتِّفَاقٍ وَوُجُوبِ التَّعْجِيلِ فِي الصَّرْفِ وَعَدَمِ جَوَازِ التَّأْخِيرِ.
وَقَوْلُهُ: [وَأَنَّ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي رُتْبَةٍ وَاحِدَةٍ] : أَيْ وَهُوَ جَوَازُ التَّأْخِيرِ لِلذَّهَابِ لِنَحْوِ الْبَيْتِ. قَوْلُهُ: [عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ] : أَيْ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ التَّوْسِعَةَ فِيهِ بِاعْتِبَارِ قُوَّةِ الْخِلَافِ وَضَعْفِهِ لَا بِاعْتِبَارِ اتِّسَاعِ الزَّمَنِ