الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذَا كَانَتْ بَعِيدَةً جِدًّا. وَأَمَّا الْقَرِيبَةُ أَوْ الْبَعِيدَةُ مُتَوَسِّطًا فَلَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ أَشْهَدَ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَهَا وَتَرَكَهَا وَلَمْ يُشْهِدْ فِي الْبُعْدِ كَانَ مُسْقِطًا لِبَعْضِ حَقِّهِ. (أَوْ قَالَ) الْمُدَّعِي: (عِنْدِي وَثِيقَةٌ) بِالْحَقِّ (فَقِيلَ) : أَيْ قَالَ (لَهُ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: (ائْتِ بِهَا) وَخُذْ حَقَّك الَّذِي فِيهَا (فَادَّعَى ضَيَاعَهَا) مِنْهُ (وَصَالَحَ) فَلَا يُنْقَضُ الصُّلْحُ بَعْدَ ذَلِكَ إذَا وَجَدَهَا؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُنَا لَيْسَ بِمُنْكِرٍ وَإِنَّمَا طَلَبَ الْوَثِيقَةَ لِيَمْحُهَا أَوْ لِيَكْتُبَ عَلَيْهَا وَفَاءَ الْحَقِّ فَصَالَحَهُ عَلَى إسْقَاطِ حَقِّهِ، فَلَا قِيَامَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، بِخِلَافِ الْأَوَّل فَإِنَّهُ مُنْكِرٌ لِلْحَقِّ مِنْ أَصْلِهِ وَالْمُدَّعِي إنَّمَا صَالَحَ لِعَدَمِ وُجُودِ صَكِّهِ.
(وَ) جَازَ صُلْحُ بَعْضِ الْوَرَثَةِ (عَنْ إرْثٍ) يَخُصُّهُ (كَزَوْجَةٍ) مَاتَ زَوْجُهَا فَاسْتَحَقَّتْ الرُّبْعَ أَوْ الثُّمُنَ (مِنْ عَرْضٍ وَوَرِقٍ وَذَهَبٍ) فَصَالَحَتْ الِابْنَ مَثَلًا (بِذَهَبٍ) فَقَطْ أَوْ وَرِقٍ فَقَطْ أَوْ عَرْضٍ بِشَرْطِ حُضُورِ مَا صَالَحَتْ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَهَا] إلَخْ: هَذَا تَعْلِيلٌ لِلْبَعِيدَةِ وَأَمَّا الْقَرِيبَةُ وَالْمُتَوَسِّطَةُ فَلِتَعْجِيلِهِ الصُّلْحَ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُنَا لَيْسَ بِمُنْكِرٍ] : شُرُوعٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ سَابِقًا أَوْ وَجَدَ وَثِيقَةً بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: [لِيَمْحُهَا] : صَوَابُهُ لِيَمْحُوَهَا بِالْوَاوِ وَالْفِعْلِ مَنْصُوبٌ بِأَنْ مُضْمَرَةٍ بَعْدَ لَامِ التَّعْلِيلِ.
[صلح بَعْض الْوَرَثَة عَمَّا يَخُصّهُ]
قَوْلُهُ: [كَزَوْجَةٍ] إلَخْ: حَاصِلُهُ: أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا تَرَكَ دَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ وَعُرُوضًا وَعَقَارًا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِابْنِهِ مَثَلًا أَنْ يُصَالِحَ الزَّوْجَةَ أَوْ غَيْرَهَا مِنْ الْوَرَثَةِ عَلَى مَا يَخُصُّهَا مِنْ التَّرِكَةِ. فَإِنْ أَخَذَتْ ذَهَبَا مِنْ التَّرِكَةِ قَدْرَ مَوْرِثِهَا مِنْ ذَهَبِ التَّرِكَةِ فَأَقَلَّ أَوْ أَخَذَتْ دَرَاهِمَ مِنْ التَّرِكَةِ قَدْرَ مَوْرِثِهَا مِنْ دَرَاهِمِ التَّرِكَةِ فَأَقَلَّ، وَالْحَالُ أَنَّ بَاقِيَ الذَّهَبِ حَاضِرٌ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَبَاقِيَ الدَّرَاهِمِ حَاضِرٌ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ كَانَ الذَّهَبُ يَزِيدُ دِينَارًا فَقَطْ عَنْ حِصَّتِهَا قَلَّتْ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ أَوْ كَثُرَتْ أَوْ زَادَ عَنْ دِينَارٍ وَقَلَّتْ الدَّرَاهِمُ أَوْ قَلَّتْ الْعُرُوض الَّتِي تَخُصُّهَا بِحَيْثُ يَجْتَمِعُ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ فِي دِينَارٍ، فَهَذَا كُلُّهُ جَائِزٌ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: [فَصَالَحَتْ الِابْنَ] : الْمُنَاسِبُ فَصَالَحَهَا الِابْنُ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَتْ الْمُصَالَحَةُ
مِنْهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَدْرِ مَوْرِثِهَا) بِوَزْنِ مَجْلِسٍ (مِنْهُ) : أَيْ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ مِنْ الْوَرِقِ؛ كَصُلْحِهَا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَالذَّهَبُ ثَمَانُونَ عِنْدَ الْفَرْعِ الْوَارِثِ أَوْ أَرْبَعُونَ عِنْدَ عَدَمِهِ وَالذَّهَبُ حَاضِرٌ؛ فَإِنْ حَضَرَ بَعْضُهُ وَالْبَعْضُ غَائِبٌ لَمْ يَجُزْ (فَأَقَلَّ) مِمَّا يَخُصُّهَا لِجَوَازِ تَرْكِ بَعْضِ الْحَقِّ (أَوْ أَزْيَدَ بِدِينَارٍ) فَقَطْ (مُطْلَقًا) قَلَّتْ الدَّرَاهِمُ أَوْ الْعُرُوض أَوْ كَثُرَتْ لِاجْتِمَاعِ الصَّرْفِ وَالْبَيْعِ فِي دِينَارٍ فَقَطْ وَهُوَ جَائِزٌ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا لَوْ صَالَحَتْ بِأَحَدِ عَشَرَ فِيمَا ذُكِرَ فَعَشَرَةٌ مِنْهَا فِي نَظِيرِ مَا يَخُصُّهَا مِنْ الذَّهَبِ وَالْحَادِي عَشَرَ فِي نَظِيرِ مَا يَخُصُّهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالْعُرُوضِ فَقَدْ اجْتَمَعَ الصَّرْفُ وَالْبَيْعُ فِي دِينَارٍ (أَوْ أَكْثَرَ) مِنْ دِينَارٍ (إنْ قَلَّتْ الدَّرَاهِمُ أَوْ) قَلَّتْ (الْعُرُوض) بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهَا (الَّتِي تَخُصُّهَا) رَاجِعٌ لِكُلٍّ (عَنْ صَرْفِ دِينَارٍ) وَأَوْلَى إنْ قَلَّا مَعًا. فَإِنْ كَثُرَا مَعًا مُنِعَ، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى اجْتِمَاعِ بَيْعِ صَرْفٍ فِي أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ. وَأَمَّا صُلْحُهُمَا بِالْعُرُوضِ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا كَانَ قَدْرَ مَا يَخُصُّهَا مِنْهُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ.
ــ
[حاشية الصاوي]
مُفَاعَلَةً مِنْ الْجَانِبَيْنِ صَحَّ إسْنَادُهَا لِآخِذِ الصُّلْحِ أَوْ لِدَافِعِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [وَالذَّهَبُ ثَمَانُونَ عِنْدَ الْفَرْعِ الْوَارِثِ] : أَيْ لِأَنَّ لَهَا حِينَئِذٍ ثَمَنًا وَهُوَ عَشَرَةٌ وَقَوْلُهُ أَوْ أَرْبَعُونَ عِنْدَ عَدَمِهِ أَيْ لِأَنَّ لَهَا الرُّبْعَ وَهُوَ عَشَرَةٌ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ حَضَرَ بَعْضُهُ وَالْبَعْضُ غَائِبٌ لَمْ يَجُزْ] : إنَّمَا شَرَطُوا فِي النَّوْعِ الَّذِي أُخِذَتْ مِنْهُ الْحُضُورَ لِجَمِيعِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعْضُهُ غَائِبًا لَزِمَ النَّقْدُ بِشَرْطٍ فِي الْغَائِبِ. نَعَمْ إنْ أَخَذَتْ حِصَّتَهَا مِنْ الْحَاضِرِ فَقَطْ جَازَ لِإِسْقَاطِ الْغَائِبِ (اهـ - بْن) .
قَوْلُهُ: [لِاجْتِمَاعِ الصَّرْفِ وَالْبَيْعِ فِي دِينَارٍ] : يُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِقِلَّةِ الدَّرَاهِمِ أَنْ يَكُونَ حَظُّهَا مِنْهَا قَلِيلًا، بَلْ الْمُرَادُ أَنْ تَأْخُذَ فِي مُقَابَلَتِهَا مَعَ الْعُرُوضِ دِينَارًا بِحَيْثُ يَجْتَمِعُ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ فِيهِ.
قَوْلُهُ: [إنْ قَلَّتْ الدَّرَاهِمُ أَوْ قَلَّتْ الْعُرُوض] : تَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الصُّوَرَ الْجَائِزَةَ أَرْبَعٌ: أَنْ تَقِلَّ الدَّرَاهِمُ الَّتِي تَنُوبُهَا عَنْ صَرْفِ الدِّينَارِ، أَوْ تَقِلَّ قِيمَةُ الْعُرُوضِ الَّتِي يَنُوبُهَا عَنْ صَرْفِهِ، أَوْ يَقِلَّا مَعًا، أَوْ تَأْخُذَ عَنْ الدَّرَاهِمِ وَالْعُرُوضِ دِينَارًا فَقَطْ وَلَوْ كَثُرَا.
قَوْلُهُ: [فَيَجُوزُ مُطْلَقًا] : أَيْ بِشَرْطِ حُضُورِهِ كُلِّهِ.
(لَا) يَجُوزُ الصُّلْحُ (مِنْ غَيْرِهَا) : أَيْ التَّرِكَةِ كَأَنْ يُصَالِحَهَا الْوَارِثُ بِمَالٍ مِنْ عِنْدِهِ (مُطْلَقًا) كَانَ الْمُصَالَحُ بِهِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ عَرْضًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ كَانَتْ التَّرِكَةُ حَاضِرَةً أَوْ غَائِبَةً، (إلَّا) أَنْ يُصَالِحَ (بِعُرُوضٍ) مِنْ غَيْرِهَا بِشُرُوطٍ (إنْ عُرِفَ جَمِيعُهَا) : أَيْ التَّرِكَةُ لَهُمَا مَعًا - لِيَكُونَ الصُّلْحُ عَلَى مَعْلُومٍ - (وَحَضَرَ) الْجَمِيعُ حَقِيقَةً فِي الْعَيْنِ وَلَوْ حُكْمًا فِي الْعَرْضِ بِأَنْ كَانَ قَرِيبَ الْغِيبَةِ بِحَيْثُ يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ بِشَرْطٍ فَيَكُونُ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ (وَأَقَرَّ الْمَدِينُ) بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ لِلْمَيِّتِ - إنْ كَانَ مَدِينٌ - (وَحَضَرَ) عَقَدَ الصُّلْحِ وَكَانَ مِمَّنْ تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ وَلَا بُدَّ مِنْ بَقِيَّةِ شُرُوطِ جَوَازِ بَيْعِ الدَّيْنِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ مِنْ غَيْرِهَا] : أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفَاضُلِ بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ؛ الْعَيْنِ الْمَدْفُوعَةِ صُلْحًا وَالْعَيْنِ الْمُصَالَحِ عَنْهَا، لِأَنَّهَا بَاعَتْ حَظَّهَا مِنْ النَّقْدَيْنِ وَالْعَرْضِ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ؛ فَفِيهِ بَيْعُ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَعَرْضٍ بِذَهَبٍ أَوْ بِفِضَّةٍ. وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْعَرْضَ إذَا كَانَ مُصَاحِبًا لِلْعَيْنِ أُعْطِيَ حُكْمَهُ.
قَوْلُهُ: [لِيَكُونَ الصُّلْحُ عَلَى مَعْلُومٍ] : أَيْ لِأَنَّهَا بَائِعَةٌ لِنَصِيبِهَا ذَلِكَ وَهُوَ مُشْتَرٍ لَهُ، فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِمَا لَهُ.
قَوْلُهُ: [وَحَضَرَ الْجَمِيعُ] : عِلَّةُ هَذَا الشَّرْطِ السَّلَامَةُ مِنْ النَّقْدِ فِي الْغَائِبِ بِشَرْطٍ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا شَرْطَ، هُنَا فَكَأَنَّهُمْ جَعَلُوا عَقْدَ الصُّلْحِ عَلَى التَّعْجِيلِ شَرْطًا فِي الْمُعَيَّنِ.
قَوْلُهُ: [بِأَنْ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ] : أَيْ كَيَوْمَيْنِ مَعَ الْأَمْنِ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا يَضُرُّ شَرْطُ النَّقْدِ فِيهِ مَا لَمْ يَبْعُدْ جِدًّا.
قَوْلُهُ: [وَلَا بُدَّ مِنْ بَقِيَّةِ شُرُوطِ جَوَازِ بَيْعِ الدَّيْنِ] : حَاصِلُ الشُّرُوطِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ إلَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ نَقْدًا وَكَانَ الْمَدِينُ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ مَجْلِسَ الْبَيْعِ، خِلَافًا لِلشَّارِحِ فِي قَوْلِهِ: وَحَضَرَ عَقْدَ الصُّلْحِ وَأَقَرَّ بِالدَّيْنِ وَكَانَتْ تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ وَبِيعَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ أَوْ بِجِنْسِهِ وَكَانَ مُسَاوِيًا لَا أَنْقَصَ، وَإِلَّا كَانَ سَلَفًا بِزِيَادَةٍ وَلَا أَزِيدُ وَإِلَّا كَانَ فِيهِ حَطُّ الضَّمَانِ وَأَزِيدُك، وَلَيْسَ عَيْنًا بِعَيْنٍ وَلَيْسَ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْمَدِينِ عَدَاوَةٌ، وَأَلَّا يَكُونَ يُمْنَعُ بَيْعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ كَطَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ؛ فَالشُّرُوطُ ثَمَانِيَةٌ قَدْ عَلِمْتهَا.