الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَأَنْ يَتَدَايَنَ رَجُلَانِ دَيْنًا مِنْ رَجُلٍ أَوْ مِنْ رَجُلَيْنِ وَيَضْمَنُ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فِيمَا عَلَيْهِ لِرَبِّ الدَّيْنِ إذَا دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ بِالشَّرْطِ. وَاسْتَثْنَى مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَا شَيْئًا) مُعَيَّنًا؛ كَعَبْدٍ عَلَى وَجْهِ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُمَا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَيَضْمَنُ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فِيمَا عَلَيْهِ فَيَجُوزُ. (أَوْ يَسْتَلِمَا) مِنْ شَخْصٍ مَالًا (فِي شَيْءٍ) مُعَيَّنٍ (بَيْنَهُمَا) وَضَمِنَ كُلٌّ الْآخَرَ فِيمَا يَخُصُّهُ فَيَجُوزُ (أَوْ يَقْتَرِضُ) شَيْئًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ، وَيَضْمَنُ كُلٌّ صَاحِبَهُ فِيمَا عَلَيْهِ؛ فَيَجُوزُ (لِلْعَمَلِ) : أَيْ عَمَلِ السَّلَفِ الصَّالِحِ بِذَلِكَ - وَمَا عَمِلُوا إلَّا لِفَهْمِ الْجَوَازِ مِنْ السُّنَّةِ - بِشَرْطِ أَنْ يَضْمَنَ كُلٌّ صَاحِبَهُ بِقَدْرِ مَا ضَمِنَهُ الْآخَرُ، حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَى أَحَدِهِمَا الثُّلُثُ وَالْآخَرِ الثُّلُثَانِ. جَازَ إنْ ضَمِنَ ذِي الثُّلُثِ نِصْفَ مَا عَلَى صَاحِبِهِ مِنْ الثُّلُثَيْنِ وَإِلَّا مُنِعَ.
(وَإِنْ تَعَدَّدَ حُمَلَاءَ) لِشَخْصٍ (وَلَمْ يَشْتَرِطْ) عَلَيْهِمْ (حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ اُتُّبِعَ كُلٌّ) مِنْهُمْ (بِحِصَّتِهِ فَقَطْ) دُونَ حِصَّةِ صَاحِبِهِ. فَإِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً ضَمِنُوا إنْسَانًا فِي ثَلَاثِينَ وَتَعَذَّرَ الْأَخْذُ مِنْهُ، ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَشَرَةً. وَلَا يُؤْخَذُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ بِأَنْ قَالُوا: نَضْمَنُهُ، أَوْ: ضَمَانُهُ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَيَضْمَنُ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فِيمَا عَلَيْهِ] : مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ ضَمِنَ كُلٌّ لِصَاحِبِهِ رَجُلًا آخَرَ فِيمَا لَهُ أَوْ أَحَدُهُمَا ضَمِنَ صَاحِبَهُ فِيمَا عَلَيْهِ وَالْآخَرُ ضَمِنَ لَهُ الْغَيْرُ فِيمَا لَهُ؛ فَالصُّوَرُ الثَّلَاثُ كُلُّهَا مَمْنُوعَةٌ.
قَوْلُهُ: [فَيَجُوزُ لِلْعَمَلِ] : جَوَابٌ عَنْ سُؤَالِ قَائِلٍ عِلَّةُ الْمَنْعِ مَوْجُودَةٌ وَهُوَ السَّلَفُ الَّذِي جَرَّ نَفْعًا.
قَوْلُهُ: [إنْ ضَمِنَ ذِي الثُّلُثِ] : هَكَذَا نُسْخَةُ الْمُؤَلِّفِ الصَّوَابُ: " ذُو " بِالْوَاوِ لِأَنَّهُ فَاعِلٌ ضَمِنَ.
قَوْلُهُ: [وَإِلَّا مَنَعَ] : أَيْ رَجَعَ لِأَصْلِهِ مَنْ الْمَنْعِ لِأَنَّهُ خِلَافُ عَمَلِ السَّلَفِ.
[تعدد الْحُمَلَاء]
قَوْلُهُ: [وَإِنْ تَعَدَّدَ حُمَلَاءُ] : أَيْ غَيْرُ غُرَمَاءَ أَمَّا لَوْ تَعَدَّدَ الْحُمَلَاءُ الْغُرَمَاءُ فَسَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: [دُونَ حِصَّةِ صَاحِبِهِ] : مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَهُوَ صَادِقٌ بِالصَّاحِبِ الْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ.
عَلَيْنَا. وَكَذَا إنْ تَعَدَّدَ غُرَمَاءُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ (إلَّا أَنْ يَقُولَ) رَبُّ الْحَقِّ لَهُمْ: (أَيُّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي، فَلَهُ أَخْذُ جَمِيعِ الْحَقِّ مِمَّنْ شَاءَ) مِنْهُمْ وَلَوْ كَانُوا حُضُورًا أَمْلِيَاءَ. (وَرَجَعَ الدَّافِعُ) لِلْحَقِّ (عَلَى كُلٍّ) مِنْهُمْ (بِمَا يَخُصُّهُ) فَقَطْ (إنْ كَانُوا غُرَمَاءَ) لِرَبِّ الْحَقِّ أَصَالَةً؛ كَأَنْ اشْتَرَوْا مِنْهُ سِلْعَةً وَضَمِنَ كُلٌّ صَاحِبَهُ، بِأَنْ قَالَ لَهُمْ مَا ذُكِرَ.
(وَإِلَّا) يَكُونُوا غُرَمَاءَ بَلْ كَانُوا حُمَلَاءَ عَلَى مَدِينٍ (فَعَلَى الْغَرِيمِ) : أَيْ فَيَرْجِعُ الدَّافِعُ بِمَا أَدَّى لِرَبِّ الدَّيْنِ عَلَى الْغَرِيمِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ حِمَايَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ.
(كَتَرَتُّبِهِمْ) فِي الْحَمَالَةِ، بِأَنْ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمْ الْغَرِيمَ بِانْفِرَادِهِ وَاحِدًا بَعْدَ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَكَذَا إنْ تَعَدَّدَ غُرَمَاءُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ] : أَيْ بِأَنْ كَانُوا غُرَمَاءَ فَقَطْ؛ كَمَا إذَا اشْتَرَى ثَلَاثَةٌ سِلْعَةً عَلَى كُلِّ ثُلُثٍ ثَمَنُهَا.
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ يَقُولَ رَبُّ الْحَقِّ] : هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي تَعَدَّدَ فِيهَا الْحُمَلَاءُ مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبِ صُوَرِهَا أَرْبَعٌ: أَوَّلُهَا: تَعَدُّدُهُمْ وَلَمْ يَشْتَرِطْ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَلَا أَخَذَ أَيُّهُمْ شَاءَ بِحَقِّهِ، فَلَا يُؤْخَذُ كُلٌّ إلَّا بِحِصَّتِهِ. ثَانِيهَا: اشْتَرَطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَلَمْ يَقُلْ: أَيُّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي، فَيُؤْخَذُ مَنْ وَجَدَ بِجَمِيعِ الْحَقِّ إنْ غَابَ الْبَاقِي أَوْ أُعْدِمَ أَوْ مَاتَ. ثَالِثُهَا: اشْتَرَطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ، وَقَالَ مَعَ ذَلِكَ: أَيُّكُمْ شِئْت أَخَذْتُ بِحَقِّي، فَلَهُ أَخْذُ أَيْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِجَمِيعِ الْحَقِّ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ حَاضِرًا مَلِيئًا. وَلِلْغَارِمِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ الرُّجُوعُ عَلَى أَصْحَابِهِ أَوْ عَلَى الْغَرِيمِ. رَابِعُهَا: تَعَدَّدَ الْحُمَلَاءُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ، وَقَالَ: أَيُّكُمْ شِئْتُ أَخَذْتُ بِحَقِّي، فَيُؤْخَذُ أَيَّ وَاحِدٍ: بِجَمِيعِ الْحَقِّ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ حَاضِرًا مَلِيئًا، وَلَيْسَ لِلْغَارِمِ الرُّجُوعُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ بَلْ عَلَى الْغَرِيمِ. وَهَذِهِ الْأَرْبَعُ حُمَلَاءُ غَيْرُ غُرَمَاءَ وَمِثْلُهَا فِي الْحُمَلَاءِ الْغُرَمَاءُ: وَسَيَأْتِي الشَّارِحُ يُصَرِّحُ بِحَاصِلِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [كَتَرَتُّبِهِمْ فِي الْحَمَالَةِ] : تَشْبِيهٌ فِيمَا إذَا كَانُوا حُمَلَاءَ غَيْرَ غُرَمَاءَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَقَالَ لَهُمْ: أَيُّكُمْ شِئْت أَخَذْتُ بِحَقِّي كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ قَبْلُ.
وَاحِدٍ، أَوْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمْ: ضَمَانُهُ عَلَيَّ، أَوْ: أَنَا ضَامِنٌ لَهُ، فَلِرَبِّ الْحَقِّ أَخْذُ حَقِّهِ مِمَّنْ شَاءَ مِنْهُمْ وَلَوْ كَانَ الْجَمِيعُ حَاضِرِينَ أَمْلِيَاءَ، عَلِمَ أَحَدُهُمْ بِحَمَالَةِ الْآخَرِ أَمْ لَا. وَرَجَعَ الدَّافِعُ عَلَى الْغَرِيمِ بِجَمِيعِ الْحَقِّ الَّذِي دَفَعَهُ عَنْهُ، وَلَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْحُمَلَاءِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(فَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ) : أَيْ حَمَالَةُ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ - وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ " وَلَمْ يَشْتَرِطْ " إلَخْ - (أَخَذَ كُلٌّ) مِنْ الْحُمَلَاءِ (بِهِ) : أَيْ بِجَمِيعِ الْحَقِّ، سَوَاءٌ قَالَ: أَيُّكُمْ شِئْت إلَخْ، أَوْ لَا. إلَّا أَنَّهُ إنْ قَالَ: آخُذُ كُلًّا وَلَوْ حَضَرَ الْبَاقِي مَلِيًّا (وَرَجَعَ) الدَّافِعُ عَلَى مَنْ لَقِيَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ (بِغَيْرِ مَا أَدَّى عَنْ نَفْسِهِ بِكُلٍّ) : مُتَعَلِّقٌ بِرَجَعَ؛ أَيْ يَرْجِعُ بِجَمِيعِ (مَا عَلَى الْمَلْقِيِّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْقَافِ (ثُمَّ سَاوَاهُ) فِيمَا عَلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ لَمْ يَلْقَهُ إذَا كَانَ الْحَقُّ عَلَيْهِمْ، بِأَنْ كَانُوا غُرَمَاءَ؛ كَثَلَاثَةٍ اشْتَرَوْا سِلْعَةً بِثَلَثِمِائَةٍ وَشَرَطَ الْبَائِعُ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ فَإِذَا لَقِيَ أَحَدُهُمْ أَخَذَ مِنْهُ جَمِيعَ الْحَقِّ. ثُمَّ إذَا لَقِيَ الدَّافِعُ وَاحِدًا مِنْ صَاحِبَيْهِ أَخَذَ مِنْهُ مَا عَلَيْهِ وَهِيَ مِائَةٌ، ثُمَّ يُسَاوِيهِ فِي الْمِائَةِ الْبَاقِيَةِ بِأَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ أَيْضًا خَمْسِينَ، ثُمَّ إذَا لَقِيَ أَحَدُهُمَا الثَّالِثَ أَخَذَ مِنْهُ خَمْسِينَ. بَلْ (وَلَوْ كَانَ الْحَقُّ عَلَى غَيْرِهِمْ) : بِأَنْ كَانُوا حُمَلَاءَ عَنْ غَرِيمٍ؛ (كَثَلَاثَةٍ حُمَلَاءَ بِثَلَثِمِائَةٍ) عَنْ غَرِيمٍ اشْتَرَطَ رَبُّهَا حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضِ (لَقِيَ رَبُّ الْحَقِّ أَحَدَهُمْ أَخَذَ مِنْهُ الْجَمِيعَ)
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ] : أَيْ لِكَوْنِهِ لَمْ يَكُنْ بَعْضُهُمْ حَمِيلًا عَنْ بَعْضٍ.
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنَّهُ إنْ قَالَ] : أَيْ أَيِّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي.
وَقَوْلُهُ: [آخُذُ كُلًّا] : أَيْ أَيَّ وَاحِدٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَلَمْ يَقُلْ أَيُّكُمْ شِئْت إلَخْ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ جَمِيعَ الْحَقِّ مِمَّنْ وَجَدَهُ إنْ عَدِمَ غَيْرَهُ أَوْ مَاتَ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: [بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْقَافِ] : أَيْ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ الثَّلَاثِي وَأَصْلُهُ مَلْقُوِّي كَمَرْمَى وَمَبْنَى، اجْتَمَعَتْ الْوَاوُ وَالْيَاءُ وَسُبِقَتْ إحْدَاهُمَا بِالسُّكُونِ قُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ الْيَاءُ فِي الْيَاءِ وَقُلِبَتْ الضَّمَّةُ كَسْرَةً.
قَوْلُهُ: [ثُمَّ إذَا لَقِيَ أَحَدُهُمَا الثَّالِثَ أَخَذَ مِنْهُ خَمْسِينَ] : أَيْ فَكُلٌّ يَأْخُذُ مِنْهُ خَمْسِينَ فَيَصِيرُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ مِائَةً هِيَ الَّتِي عَلَيْهِ بِالْأَصَالَةِ.
أَيْ الثَّلَثَمِائَةِ (فَإِنْ لَقِيَ) الْغَارِمُ (أَحَدَهُمَا أَخَذَهُ) بِغَيْرِ مَا أَدَّى عَنْ نَفْسِهِ وَهِيَ مِائَةٌ فَيَأْخُذُهُ (بِمِائَةٍ) وَهِيَ مَا عَلَى الْمَلْقِيِّ (ثُمَّ) سَاوَاهُ فِي الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ الَّتِي عَلَى غَيْرِ الْمَلْقِيِّ، فَيَأْخُذُهُ (بِخَمْسِينَ) فَرَّقَ الْمِائَةَ، فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ غَرِمَ مِائَةً وَخَمْسِينَ. فَإِذَا أَلْقَى أَحَدُهُمَا الثَّالِثَ أَخَذَهُ بِخَمْسِينَ ثُمَّ كُلٌّ مِنْهُمْ يَرْجِعُ عَلَى الْغَرِيمِ بِمِائَةٍ. وَقَوْلُهُ " وَلَوْ كَانَ " إلَخْ: أَيْ بِنَاءً عَلَى تَأْوِيلِ الْأَكْثَرِ. وَقَدْ عَلِمْت مِنْ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ تَعَدُّدَ الْحُمَلَاءِ فِيهِ ثَمَانِيَةُ صُوَرٍ؛ لِأَنَّهُ: إمَّا أَنْ يَشْتَرِطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ أَوْ لَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَقُولَ: أَيُّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي أَوْ لَا، وَفِي كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ: إمَّا أَنْ يَكُونُوا حُمَلَاءَ أَوْ غُرَمَاءَ. فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَمْ يَأْخُذْ كُلًّا إلَّا بِحِصَّتِهِ؛ إذَا لَمْ يَقُلْ أَيُّكُمْ إلَخْ. فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ أَخَذَ كُلًّا بِجَمِيعِ الْحَقِّ. وَإِنْ اشْتَرَطَ فَكَذَلِكَ سَوَاءٌ،
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَيْ بِنَاءً عَلَى تَأْوِيلِ الْأَكْثَرِ] : أَيْ وَأَمَّا عَلَى تَأْوِيلِ الْأَقَلِّ فَيُقَاسِمُهُ فِي الثَّلَثِمِائَةِ عَلَى كُلٍّ مِائَةٌ وَخَمْسِينَ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ إذَا أَدَّيْت ثَلَثَمِائَةٍ أَنْتَ حَمِيلٌ مَعِي بِهَا فَيَأْخُذُ مِنْهُ مِائَةً وَخَمْسِينَ، فَإِذَا أَلْقَى أَحَدُهُمْ الثَّالِثَ قَاسَمَهُ فِيمَا دَفَعَهُ وَهُوَ الْمِائَةُ وَالْخَمْسُونَ فَيَأْخُذُ مِنْهُ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ فَرَجَعَ الْأَمْرُ فِي الْمَبْدَأِ إلَى تَوَافُقِ الْقَوْلَيْنِ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِي الْمُنْتَهَى. وَتَظْهَرُ أَيْضًا فَائِدَةُ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا غَرِمَ الْأَوَّلُ مِائَةً فَأَقَلَّ لِعَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهَا عِنْدَهُ، فَعَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى مَنْ لَقِيَهُ بِشَيْءٍ إذْ لَا رُجُوعَ لَهُ بِمَا يَخُصُّهُ، وَعَلَى قَوْلِ الْأَقَلِّ: يُقَاسِمُهُ فِيمَا غَرِمَ. وَلَوْ غَرِمَ الْأَوَّلُ مِائَةً وَعِشْرِينَ لِعَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهَا فَعَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ: يَأْخُذُ مِنْ الْمُلْقَى عَشْرَةً، وَعَلَى مُقَابِلِهِ: يَأْخُذُ سِتِّينَ كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [ثَمَانِيَةُ صُوَرٍ] : الْمُنَاسِبُ ثَمَانِ صُوَرٍ.
قَوْلُهُ: [إمَّا أَنْ يَكُونُوا] إلَخْ: هُنَا إسْقَاطٌ إنْ بَعُدَ إمَّا بِدَلِيلِ نَصْبِ الْفِعْلِ.
قَوْلُهُ: [حُمَلَاءَ] : أَيْ فَقَطْ.
قَوْلُهُ: [أَوْ غُرَمَاءُ] : أَيْ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِمْ حُمَلَاءَ أَوْ لَا.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَمْ يَأْخُذْ كُلًّا] إلَخْ: رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِمْ حُمَلَاءَ وَغُرَمَاءَ أَوْ حُمَلَاءَ فَقَطْ فَرَجَعَتْ لِصُورَتَيْنِ فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ أَخَذَ كُلًّا بِجَمِيعِ الْحَقِّ أَيْ كَانُوا حُمَلَاءَ فَقَطْ أَوْ حُمَلَاءَ وَغُرَمَاءَ فَهَاتَانِ صُورَتَانِ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ اشْتَرَطَ فَكَذَلِكَ] : رَاجِعٌ لِأَوَّلِ الْأَقْسَامِ وَتَحْتَهَا صُوَرٌ أَرْبَعٌ
قَالَ: أَيُّكُمْ شِئْتُ أَخَذْتُ بِحَقِّي أَوْ لَا، إلَّا أَنَّهُ إذَا قَالَ فَلَهُ أَخْذُ الْجَمِيعِ وَلَوْ كَانَ الْبَاقِي حَاضِرًا مَلِيًّا. وَإِذَا لَمْ يَقُلْ يَأْخُذُ جَمِيعَ الْحَقِّ إلَّا عِنْدَ تَعَسُّرِ الْأَخْذِ مِنْ الْبَاقِي بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَالتَّرَاجُعُ قَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ. وَهَذِهِ الثَّمَانِيَةُ غَيْرُ مَسْأَلَةِ التَّرَتُّبِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
كَالْأَرْبَعِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
قَوْلُهُ: [لَمْ يَأْخُذْ جَمِيعَ الْحَقِّ] : أَيْ مِمَّنْ وَجَدَهُ بَلْ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ.
قَوْلُهُ: [بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ] : أَيْ وَهُوَ الْعَدَمُ وَالْغَيْبَةُ. تَنْبِيهٌ: مِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ - الَّتِي أَفْرَدَهَا بَعْضُهُمْ بِالتَّأْلِيفِ - وَهِيَ: أَنَّ سِتَّةَ أَشْخَاصٍ اشْتَرَوْا سِلْعَةً بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ شَخْصٍ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِائَةٌ بِالْأَصَالَةِ وَالْبَاقِي بِالْحَمَالَةِ. وَقَدْ جَمَعَ بَعْضُهُمْ كَيْفِيَّةَ التَّرَاجُعِ فِيهَا عَلَى وَجْهٍ يَسْهُلُ تَنَاوُلُهُ عَلَى الْمُبْتَدِئِ فَقَالَ: إذَا لَقِيَ رَبُّ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ أَخَذَ مِنْهُ سِتَّمِائَةٍ: مِائَةً أَصَالَةً وَخَمْسَمِائَةٍ حَمَالَةً عَنْ أَصْحَابِهِ الْخَمْسَةِ، فَإِذَا لَقِيَ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ غَرِمَ لَهُ ثَلَثَمِائَةٍ أَصَالَةً وَمِائَتَيْنِ حَمَالَةً عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَرْبَعَةِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ خَمْسُونَ، فَإِذَا لَقِيَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي الثَّالِثُ غَرِمَ لِلْأَوَّلِ خَمْسِينَ أَصَالَةً وَخَمْسَةً وَسَبْعِينَ حَمَالَةً عَنْ أَصْحَابِهِ الثَّلَاثَةِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَغَرِمَ أَيْضًا لِلثَّانِي خَمْسِينَ أَصَالَةً وَسَبْعَةً وَثَلَاثِينَ وَنِصْفًا حَمَالَةً عَنْ أَصْحَابِهِ الثَّلَاثَةِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٍ، فَإِذَا لَقِيَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ الرَّابِعَ غَرِمَ لِلْأَوَّلِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ أَصَالَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ حَمَالَةً عَنْ صَاحِبَيْهِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ اثْنَا عَشْرَ وَنِصْفٍ وَغَرِمَ أَيْضًا لِلثَّانِي سَبْعَةً وَثَلَاثِينَ وَنِصْفًا أَصَالَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ حَمَالَةً عَنْ صَاحِبَيْهِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٍ، وَغَرِمَ أَيْضًا لِلثَّالِثِ سَبْعَةً وَثَلَاثِينَ وَنِصْفًا أَصَالَةً وَاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفًا حَمَالَةً عَنْ صَاحِبِيهِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ سِتَّةٌ وَرُبُعٌ، فَإِذَا لَقِيَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ الْخَامِسَ غَرِمَ لِلْأَوَّلِ اثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفُهَا أَصَالَةٌ وَسِتَّةٌ وَرُبْعًا حَمَالَةً عَنْ صَاحِبِهِ وَغَرِمَ لِلثَّانِي أَيْضًا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ أَصَالَةً وَتِسْعَةً وَثَلَاثَةَ أَثْمَانٍ حَمَالَةً عَنْ صَاحِبِهِ وَغَرِمَ أَيْضًا لِلثَّالِثِ أَحَدًا وَثَلَاثِينَ وَرُبُعًا أَصَالَةً وَسَبْعَةً وَسِتَّةَ أَثْمَانٍ وَنِصْفَ ثُمُنٍ حَمَالَةً عَنْ صَاحِبِهِ وَغَرِمَ لِلرَّابِعِ أَيْضًا أَحَدًا وَثَلَاثِينَ وَرُبْعًا أَصَالَةً وَثَلَاثَةً وَسَبْعَةَ أَثْمَانٍ وَرُبْعَ ثُمُنٍ حَمَالَةً عَلَى صَاحِبِهِ، فَإِذَا لَقِيَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ وَالْخَامِسُ السَّادِسَ غَرِمَ لِلْأَوَّلِ سِتَّةً وَرُبْعًا أَصَالَةً وَغَرِمَ لِلثَّانِي خَمْسَةَ عَشَرَ وَخَمْسَةَ أَثْمَانٍ أَصَالَةً وَغَرِمَ لِلثَّالِثِ ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ وَثَلَاثَةَ أَثْمَانٍ وَنِصْفَ ثُمُنٍ أَصَالَةً وَغَرِمَ لِلرَّابِعِ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية الصاوي]
وَأَرْبَعًا وَثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ ثُمُنٍ أَصَالَةً وَغَرِمَ لِلْخَامِسِ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ وَرُبْعًا وَثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ ثُمُنٍ أَصَالَةً؛ فَقَدْ وَصَلَ لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ وَالسَّلَامُ. وَقَدْ ضَبَطَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْعَلَامَةُ (شب) فِي جَدْوَلٍ: