الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَالْعَارِيَّةُ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ: هِيَ الشَّيْءُ (الْمُعَارُ) : أَيْ الْمُمَلَّكُ مَنْفَعَتُهُ.
(وَرُكْنُهَا) : أَيْ أَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ: مُعِيرٌ، وَمُسْتَعِيرٌ، وَمُسْتَعَارٌ، وَمَا دَلَّ عَلَيْهَا مِنْ لَفْظٍ أَوْ غَيْرِهِ.
فَالْأَوَّلُ (مُعِيرٌ وَهُوَ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ) وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْ الذَّاتَ (بِلَا حَجْرٍ) عَلَيْهِ؛ خَرَجَ الصَّبِيُّ وَالسَّفِيهُ وَالرَّقِيقُ وَلَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ بِالْعِوَضِ خَاصَّةً: نَعَمْ يَجُوزُ لَهُ إعَارَةُ مَا قَلَّ عُرْفًا إنْ اسْتَأْنَفَ بِهِ لِلتِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِهَا عَلَى مَا سَيَأْتِي، وَخَرَجَ أَيْضًا مَنْ حَجَرَ عَلَيْهِ الْمَالِكُ صَرِيحًا أَوْ ضِمْنًا كَمَا لَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ، نَحْوُ قَوْلِهِ: لَوْلَا أُخُوَّتُك مَا أَعَرْتُك إيَّاهُ، وَخَرَجَ الْفُضُولِيُّ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ لِشَيْءٍ، (وَإِنْ) كَانَ مَالِكًا لَهَا (بِإِعَارَةٍ) وَلَا حَجَرَ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ. فَتَصِحُّ إعَارَتُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ (أَوْ إجَارَةٍ) فَتَصِحُّ إعَارَتُهُ لَهَا فِي مِثْلِ مَا اسْتَأْجَرَهَا لَهُ رُكُوبًا أَوْ حَمْلًا أَوْ غَيْرَهُمَا.
ــ
[حاشية الصاوي]
أَحْمَدُ بَابَا: وَلَوْ قَالَ: وَتُبَاحُ لِغَنِيٍّ عَنْهَا فِي الْحَالِ، وَلَكِنْ بِصَدَدِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا ثَانِيًا لَا نَنْفِي النَّظَرَ.
قَوْلُهُ: [وَالْعَارِيَّةُ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ] : لِأَنَّ يَاءَهَا لِلنِّسْبَةِ لِأَحَدِ الْمَعَانِي الْمُتَقَدِّمَةِ.
[أَرْكَانُ الْإعَارَةِ]
قَوْلُهُ: [أَيْ أَرْكَانُهَا] : إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ إشَارَةً إلَى أَنَّ رُكْنَهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْ الذَّاتَ] : أَيْ وَالنَّدْبُ وَعَدَمُهُ شَيْءٌ آخَرُ كَمَا سَيُوضِحُهُ الشَّارِحُ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَإِنْ بِإِعَارَةٍ.
قَوْلُهُ: [خَرَجَ الصَّبِيُّ وَالسَّفِيهُ] : أَيْ وَكَذَا يَخْرُجُ الْمَرِيضُ إذَا أَعَارَ عَارِيَّةً قَيِّمَةً مَنَافِعُهَا أَزْيَدُ مِنْ ثُلُثِهِ.
قَوْلُهُ: [عَلَى مَا سَيَأْتِي] : الْمُنَاسِبُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، فَإِنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تَقَدَّمَتْ فِي الْحَجْرِ.
قَوْلُهُ: [مِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ الْمَالِكُ] : أَيْ وَيُسَمَّى بِالْحَجْرِ الْجُعْلَيْ.
قَوْلُهُ: [لَوْلَا أُخُوَّتُك] : بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْخَاءِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ مَفْتُوحَةً. قَوْلُهُ: [وَإِنْ كَانَ لَا يَنْبَغِي لَهُ] : أَيْ يُكْرَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ حَجَرَ عَلَيْهِ وَلَا أَبَاحَ لَهُ بِأَنْ سَكَتَ.
(وَ) الثَّانِي: (مُسْتَعِيرٌ: وَهُوَ مَنْ تَأَهَّلَ) : أَيْ إنْ كَانَ أَهْلًا (لِلتَّبَرُّعِ عَلَيْهِ) بِتِلْكَ الْمَنْفَعَةِ. (لَا مُسْلِمٌ) وَلَوْ عَبْدًا لِكَافِرٍ. (أَوْ مُصْحَفٌ) أَوْ كُتُبُ أَحَادِيثَ (لِكَافِرٍ) : إذْ الْكَافِرُ لَيْسَ أَهْلًا لَأَنْ يُتَبَرَّعَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَكَذَا آلَةُ الْجِهَادِ إذَا كَانَ حَرْبِيًّا.
(وَ) الثَّالِثُ: (مُسْتَعَارٌ: وَهُوَ ذُو مَنْفَعَةٍ مُبَاحَةٍ) مِنْ عَرَضٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ عَقَارٍ يُنْتَفَعُ بِهِ (مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ) لِيُرَدَّ لِرَبِّهِ بَعْدَ الِانْتِفَاعِ بِهِ لِإِطْعَامٍ أَوْ شَرَابٍ لِيُؤْكَلَ أَوْ يُشْرِبَ فَإِنَّ فِيهِ ذَهَابَ عَيْنِهِ بِذَلِكَ.
(لَا) تُعَارُّ جَارِيَةٌ (لِلِاسْتِمْتَاعِ بِهَا) مِنْ وَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ لِعَدَمِ إبَاحَةِ ذَلِكَ أَوْ خِدْمَتِهَا لِغَيْرِ مَحْرَمٍ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ. وَلَا يُعَارُ رَقِيقٌ لِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [لَا مُسْلِمٌ] : أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِذْلَالِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ مُصْحَفٌ أَوْ كُتُبُ أَحَادِيثَ] : أَيْ وَكَذَلِكَ الْأَوَانِي يَسْتَعْمِلُهَا أَهْلُ الْفُسُوقِ كَخَمْرٍ، وَالدَّوَابُّ تُرْكَبُ لِإِيذَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا اسْتَلْزَمَ أَمْرًا مَمْنُوعًا.
قَوْلُهُ: [لِإِطْعَامٍ أَوْ شَرَابٍ] : مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ.
قَوْلُهُ: [لَا تُعَارُ جَارِيَةٌ] : أَيْ لَا يَجُوزُ إعَارَةُ جَارِيَةٍ لِلْوَطْءِ، فَإِنْ وَقَعَتْ كَانَتْ بَاطِلَةً وَيُجْبَرُ عَلَى إخْرَاجِهَا، فَإِنْ وَطِئَهَا بِالْفِعْلِ قَبْلَ إخْرَاجِهَا فَلَا يُحَدُّ لِلشُّبْهَةِ وَتَقُومُ عَلَى الْوَاطِئِ جَبْرًا عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ خِدْمَتِهَا لِغَيْرِ مَحْرَمٍ] : بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ. أَيْ فَلَا يَجُوزُ أَيْضًا، وَيُجْبَرُ الْمُسْتَعِيرُ عَلَى إخْرَاجِهَا مِنْ تَحْتِ يَدِهِ بِإِجَارَةٍ.
قَوْلُهُ: [وَلَا يُعَارُ رَقِيقٌ لِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ] : أَيْ لِخِدْمَةِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ الرَّقِيقُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَإِنَّمَا مُنِعَ إعَارَتَهُ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ يَتْبَعُ مِلْكَ الذَّاتِ، وَهُوَ لَا يَمْلِكُ الذَّاتَ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْإِعَارَةِ لِلرَّضَاعِ، وَأَمَّا لَهُ فَتَجُوزُ الْإِعَارَةُ وَالْإِجَارَةُ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الرَّضَاعَ تَسْتَوِي فِيهِ الْإِعَارَةُ وَالْإِجَارَةُ فِي الْجَوَازِ لَا فَرْقَ بَيْنَ حُرَّةٍ وَأَمَةٍ. وَأَمَّا الْخِدْمَةُ فِي غَيْرِ الرَّضَاعِ فَتَمْتَنِعُ الْإِعَارَةُ وَالْإِجَارَةُ فِيهَا لَا فَرْقَ بَيْنَ حُرٍّ