الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَرَكَهُ وَلِيُّهُ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِتَصَرُّفِهِ أَوْ لِسَهْوِهِ أَوْ لِلْإِعْرَاضِ عَنْ ذَلِكَ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ (وَلَوْ حَنِثَ بَعْدَ رُشْدِهِ) : أَيْ بُلُوغِهِ رَشِيدًا وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِ: " بَعْدَ بُلُوغِهِ " كَمَا لَوْ حَلَفَ حَالَ صِغَرِهِ: أَنَّهُ إنْ فَعَلَ كَذَا فَزَوْجَتُهُ طَالِقٌ أَوْ عَبْدُهُ حُرٌّ فَفَعَلَهُ بَعْدَ رُشْدِهِ فَلَهُ رَدُّهُ فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَهُ إمْضَاؤُهُ (أَوْ وَقَعَ) تَصَرُّفُهُ حَالَ صِبَاهُ (صَوَابًا) ، فَلَهُ رَدُّهُ بَعْدَ رُشْدِهِ وَإِمْضَاؤُهُ حَيْثُ تَرَكَهُ وَلِيُّهُ.
(إلَّا كَدِرْهَمٍ لِعَيْشِهِ) : أَيْ لِضَرُورَةِ عَيْشِهِ فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِيهِ، وَلَا يُرَدُّ فِعْلُهُ فِيهِ إلَّا أَلَّا يُحْسِنَ التَّصَرُّفَ فِيهِ وَمِثْلُهُ السَّفِيهُ كَمَا يَأْتِي فِي تَشْبِيهِهِ بِهِ.
(وَضَمِنَ) الصَّبِيُّ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ (مَا أَفْسَدَ) مِنْ مَالِ غَيْرِهِ (فِي الذِّمَّةِ) فَتُؤْخَذُ قِيمَةُ مَا أَفْسَدَهُ مِنْ مَالِهِ الْحَاضِرِ إنْ كَانَ، وَإِلَّا اتَّبَعَ بِهَا فِي ذِمَّتِهِ إلَى وُجُودِ مَالٍ (إنْ لَمْ يُؤْمَنْ) الصَّبِيُّ عَلَى مَا أَتْلَفَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَمِنَ عَلَيْهِ (فَلَا) ضَمَانَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ مَنْ أَمِنَهُ قَدْ سَلَّطَهُ عَلَى إتْلَافِهِ. فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَمِنَهُ هُوَ رَبُّ الْمَالِ فَقَدْ
ــ
[حاشية الصاوي]
فَالْغَلَّةُ الْحَاصِلَةُ فِيمَا بَيْنَ تَصَرُّفِهِ وَرَدِّهِ لِلْمُشْتَرِي كَانَ الرَّدُّ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْوَلِيِّ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مُولٍ عَلَيْهِ وَهَذَا فِي الْمُمَيَّزُ. وَأَمَّا غَيْرُهُ فَتُرَدُّ الْغَلَّةُ مُطْلَقًا عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَوْ لَمْ يَعْلَمْ لِبُطْلَانِ بَيْعِهِ - كَذَا فِي الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ حَنِثَ بَعْدَ رُشْدِهِ] : هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِابْنِ كِنَانَةَ الْقَائِلِ: إذَا حَنِثَ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَزِمَهُ مَا حَلَفَ بِهِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ عِتْقٍ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ.
قَوْلُهُ: [وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ] : إنَّمَا كَانَ أَحْسَنَ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَأَمَّا حِنْثُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الرُّشْدِ فَكَحِنْثِهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ بِاتِّفَاقٍ.
قَوْلُهُ: [أَوْ وَقَعَ تَصَرُّفُهُ] إلَخْ: هُوَ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ.
قَوْلُهُ: [حَيْثُ تَرَكَهُ وَلِيُّهُ] : أَيْ غَيْرُ عَالِمٍ بِتَصَرُّفِهِ. وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ بِهِ وَتَرَكَهُ مَعَ كَوْنِهِ صَوَابًا فَلَا رَدَّ لَهُ.
[ضمان الصَّغِير مَا أَفْسَدَهُ]
قَوْلُهُ: [وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ] : قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: إلَّا ابْنَ شَهْرٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَالْعَجْمَاءِ كَذَا فِي الْأَصْلِ. قَوْلُهُ: [قَدْ سَلَّطَهُ عَلَى إتْلَافِهِ] : أَيْ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَلَوْ ضَمِنَ الْمَحْجُورُ لَبَطَلَتْ فَائِدَةُ الْحَجْرِ.
ضَاعَ هَدَرًا وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ فَعَلَى الْمُؤْمِنِ الضَّمَانُ لِتَفْرِيطِهِ. وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ أَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يُرْسِلُ مَعَ صَبِيٍّ شَيْئًا لِيُوَصِّلَهُ إلَى أَهْلِ مَحَلٍّ فَيَضِيعَ مِنْ الصَّبِيِّ أَوْ يَتْلَفَ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الصَّبِيِّ، وَإِنَّمَا الضَّمَانُ عَلَى مَنْ أَرْسَلَهُ بِهِ فَإِنْ كَانَ الْمُرْسِلُ رَبَّ الْمَالِ فَهَدَرٌ. (إلَّا أَنْ يَصُونَ) الصَّبِيَّ بِضَمِّ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ بِالْكَسْرِ (بِهِ) : أَيْ بِمَا أَمِنَ عَلَيْهِ (مَالَهُ) فَيَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِمَّا صَوَّنَهُ بِهِ وَمَا أَتْلَفَهُ. فَإِذَا أَكَلَ مِمَّا أَمِنَ عَلَيْهِ بِمَا يُسَاوِي عَشَرَةً أَوْ اكْتَسَى بِمَا يُسَاوِيهَا حَتَّى حَصَّنَ مِنْ مَالِهِ مَا يُسَاوِيهَا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنَّهُ يَغْرَمُ مِنْ مَالِهِ الْمَوْجُودَ الَّذِي صَوَّنَهُ الْأَقَلَّ مِمَّا أَنْفَقَهُ عَلَى نَفْسه وَمَا صَوَّنَ بِهِ؛ فَإِذَا صَوَّنَ بِالْعَشَرَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ غَرِمَ الْعَشَرَةَ، وَإِذَا صَوَّنَ بِهَا ثَمَانِيَةً غَرِمَ الثَّمَانِيَةَ؛ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ:(فَالْأَقَلَّ) يَغْرَمُهُ (فِي مَالِهِ) الَّذِي صَوَّنَهُ (إنْ كَانَ) لَهُ مَالٌ وَقْتَ الْإِتْلَافِ (وَبَقِيَ) لِوَقْتِ الْحُكْمِ، وَإِلَّا فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ وَلَوْ اسْتَفَادَ مَالًا بَعْدَ الْإِتْلَافِ. فَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِذِمَّتِهِ بَلْ الْمَالُ الَّذِي أَصَانَهُ بِمَا أَنْفَقَهُ. وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ إذَا أَتْلَفَا مَالًا أَوْ حَصَلَ مِنْهُمَا جِنَايَةً وَلَوْ عَلَى نَفْسِ أَنَّهُمَا يَضْمَنَانِ الْمَالَ فِي ذِمَّتِهِمَا وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا إنْ بَلَغَتْ الثُّلُثَ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِمَا فِي مَالِهِمَا حَيْثُ وَجَدَ لِتَعَلُّقِهِمَا بِالذِّمَّةِ، فَقَوْلُنَا:" وَضَمِنَ فِي الذِّمَّةِ " يَشْمَلُ الصَّبِيَّ الْمُمَيَّزَ وَغَيْرَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: وَعَلَيْهِ فَالذِّمَّةُ ثَابِتَةٌ لِلْجَمِيعِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّمْيِيزُ فَضْلًا عَنْ التَّكْلِيفِ (اهـ) . وَخِلَافُ الْمَشْهُورِ قَوْلَانِ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا مُطْلَقًا كَالْعَجْمَاءِ فِعْلُهَا هَدَرٌ، وَقِيلَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهَا فِي إتْلَافِهِمَا الْمَالَ، وَأَمَّا الدِّيَةُ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ إنْ بَلَغَتْ الثُّلُثَ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَعَلَى الْمُؤْمِنِ] : بِكَسْرِ الْمِيمِ اسْمُ فَاعِلٍ.
قَوْلُهُ: [وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَجْنُونِ] إلَخْ: أَيْ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ يَعْنِي بِهِ هَذَا الْقَوْلَ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ الَّذِي لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّكْلِيفُ بَلْ وَلَا التَّمْيِيزُ.
قَوْلُهُ: [إنْ بَلَغَتْ الثُّلُثَ] : أَيْ قَدْرَ ثُلُثِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ فَأَكْثَرَ.
(وَصَحَّتْ وَصِيَّتُهُ) : أَيْ الْمُمَيَّزِ (إذَا لَمْ يَخْلِطْ) فِيهَا؛ فَإِنْ خَلَطَ بِأَنْ تَنَاقَضَ فِيهَا أَوْ أَوْصَى بِغَيْرِ قُرْبَةٍ لَمْ تَصِحَّ.
(وَالسَّفِيهُ كَذَلِكَ) : أَيْ مِثْلُ الصَّبِيِّ الْمُمَيَّزِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: " وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيَّزٍ " إلَى هُنَا. وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا - لِأَنَّ غَالِبَهُ لَا يَدْخُلُ فِي أَحْكَامِ الصَّبِيِّ - قَوْلُهُ: (إلَّا طَلَاقَهُ) فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ فَلَا يَلْزَمُهُ وَلِلْوَلِيِّ رَدُّهُ وَلَهُ هُوَ إنْ رَشَدَ كَمَا تَقَدَّمَ (وَ) إلَّا (اسْتِلْحَاقَ نَسَبٍ) بِأَنْ يَقُولَ: هَذَا وَلَدِي (وَنَفْيُهُ) : أَيْ النَّسَبَ بِلِعَانٍ فَلَازِمٌ لَهُ لَيْسَ لِوَلِيِّهِ رَدُّهُ (وَ) إلَّا (عَتَقَ مُسْتَوْلَدَتُهُ) فَلَازِمٌ لَهُ وَيَتْبَعُهَا مَالُهَا وَلَوْ كَثُرَ عَلَى الْأَرْجَحِ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ لَا تُتَصَوَّرُ فِي الصَّبِيِّ. (وَ) إلَّا (قِصَاصًا) ثَبَتَ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ فَيَلْزَمُهُ وَيُقْتَصُّ مِنْهُ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ فَالدِّيَةُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ كَالْمَجْنُونِ (وَ) إلَّا (عَفَوْا) عَنْ قِصَاصٍ ثَبَتَ لَهُ عَلَى جَانٍ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَصَحَّتْ وَصِيَّتُهُ] : أَيْ حَصَلَتْ فِي حَالِ صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ.
قَوْلُهُ: [بِأَنْ تَنَاقَضَ فِيهَا] : حَاصِلُهُ: أَنَّهُ مَتَى لَمْ يَتَنَاقَضْ فِيهَا وَلَمْ تَكُنْ فِي مَعْصِيَةٍ كَانَتْ صَحِيحَةً سَوَاءٌ كَانَتْ لِفَقِيرٍ أَوْ لِغَنِيٍّ كَانَ الْمُوصَى لَهُ صَالِحًا أَوْ فَاسِقًا أَمَّا إنْ تَنَاقَضَ، كَأَنْ يَقُولَ: أَوْصَيْت لِزَيْدٍ بِدِينَارٍ أَوْصَيْت لَهُ بِدِينَارَيْنِ كَانَتْ بَاطِلَةً وَلَوْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ فَقِيرًا. وَكَذَا لَوْ أَوْصَى بِمَعْصِيَةٍ كَإِيصَائِهِ لِأَهْلِ الْمَعَاصِي بِخَمْرٍ أَوْ بِتَعْمِيرِ كَنِيسَةٍ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ غَالِبَهُ لَا يَدْخُلُ] إلَخْ: مُرَادُهُ بِالْغَالِبِ الِاسْتِلْحَاقُ وَنَفْيُهُ وَعِتْقُ الْمُسْتَوْلَدَةِ. وَفِي جَعْلِ هَذَا غَالِبًا نَظَرٌ بَلْ الْغَالِبُ هِيَ الْأَحْكَامُ الَّتِي يُتَوَهَّمُ دُخُولُ الصَّبِيِّ فِيهَا؛ وَهِيَ الطَّلَاقُ وَالْقِصَاصُ وَالْعَفْوُ وَالْإِقْرَارُ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ] : أَيْ يَلْزَمُ السَّفِيهَ الْبَالِغَ الطَّلَاقُ لِأَنَّ شَرْطَ لُزُومِهِ الْبُلُوغُ وَهُوَ مَوْجُودٌ.
قَوْلُهُ: [كَمَا تَقَدَّمَ] : أَيْ فِي قَوْلِهِ: " وَلَهُ إنْ رَشَدَ وَلَوْ حَنِثَ بَعْدَ رُشْدِهِ ".
قَوْلُهُ: [وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ لَا تُتَصَوَّرُ فِي الصَّبِيِّ] : أَيْ الِاسْتِلْحَاقُ وَنَفْيُهُ وَعِتْقُ الْمُسْتَوْلَدَةِ لِاسْتِحَالَةِ ثُبُوتِ الْوِلَادَةِ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَأَمَّا الطَّلَاقُ فَمَمْنُوعٌ مِنْهُ شَرْعًا.
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ الصَّبِيِّ] : أَيْ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ.