الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْكَلَامُ فِي الْعُيُوبِ الَّتِي شَأْنُهَا الْخَفَاءُ، وَأَمَّا الظَّاهِرَةُ كَالْعَمَى وَالْعَرَجِ فَلَا قِيَامَ بِهَا وَلَا يَرْجِعُ فِيهَا لِلْعَادَةِ وَلَا غَيْرِهَا.
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا لَوْ
وَجَدَ الْعَيْبَ الْقَدِيمَ بِبَعْضِ الْمَبِيعِ
وَمَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ ابْتَاعَ مُقَوَّمًا) وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْمِثْلِيِّ (مَعِيبًا) لَا مَوْصُوفًا - وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ - (مُتَعَدِّدًا) - كَثَوْبَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ فَأَكْثَرَ بِأَعْيَانِهَا قَائِمَةً - (فِي صَفْقَةٍ) وَاحِدَةٍ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَشَرَةَ أَثْوَابٍ بِأَعْيَانِهَا (فَظَهَرَ) لَهُ (عَيْبٌ بِبَعْضِهِ) : أَيْ الْمُبْتَاعِ الْمُقَوَّمِ (فَلَهُ) : أَيْ لِلْمُبْتَاعِ (رَدُّهُ) : أَيْ رَدُّ الْبَعْضِ الْمَعِيبِ (بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ) وَلَزِمَهُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي، وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِالْجَمِيعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ؛ فَإِذَا كَانَ الْمَعِيبُ ثَوْبًا أَوْ أَكْثَرَ إلَى خَمْسَةٍ، وَكَانَتْ قِيمَةُ كُلِّ ثَوْبٍ عَشَرَةً، رَجَعَ بِعُشْرِ الثَّمَنِ فِي الْأَوَّلِ وَهُوَ عَشَرَةٌ وَبِخُمُسِهِ فِي الِاثْنَيْنِ وَهُوَ عِشْرُونَ وَهَكَذَا.
وَهَذَا (إنْ لَمْ يَكُنْ) الثَّمَنُ (سِلْعَةً) بِأَنْ كَانَ عَيْنًا أَوْ مِثْلِيًّا (وَإِلَّا) ، بِأَنْ كَانَ الثَّمَنُ سِلْعَةً كَعَبْدٍ أَوْ دَارٍ (فَفِي قِيمَتِهَا) يَرْجِعُ. فَإِذَا كَانَ الْمَعِيبُ ثَوْبًا مِنْ الْعَشَرَةِ وَهُوَ يُسَاوِي عَشَرَةٌ، رَدَّهُ وَرَجَعَ بِعُشْرِ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَوْ الدَّارِ. وَلَا يَرْجِعُ
ــ
[حاشية الصاوي]
اسْتَنَدُوا فِي قَوْلِهِمْ ذَلِكَ لِلْعَادَةِ أَوْ لِلْمُعَايَنَةِ أَوْ لِإِخْبَارِ الْعَارِفِينَ أَوْ لِإِقْرَارِ الْبَائِعِ لَهُمْ بِذَلِكَ.
[وَجَدَ الْعَيْبَ الْقَدِيمَ بِبَعْضِ الْمَبِيعِ]
قَوْلُهُ: [وَلَزِمَهُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي] : أَيْ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ. وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْجَمِيعِ إلَّا بِرِضَا الْبَائِعِ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ: إمَّا أَنْ تَرُدَّ الْجَمِيعَ أَوْ تَأْخُذَ الْجَمِيعَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ.
قَوْلُهُ: [فَإِذَا كَانَ الْمَعِيبُ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُقَوِّمُ كُلَّ سِلْعَةٍ بِمُفْرَدِهَا عَلَى أَنَّهَا سَلِيمَةٌ وَيَنْسُبُ قِيمَةَ الْمَعِيبِ عَلَى أَنَّهُ سَلِيمٌ إلَى الْجَمِيعِ وَيَرْجِعُ بِمَا يَخُصُّ الْمَعِيبَ مِنْ الثَّمَنِ، وَهُنَاكَ طَرِيقَةٌ أُخْرَى لِلتَّقْوِيمِ حَاصِلُهَا أَنَّهُ يُقَوِّمُ الْأَثْوَابَ كُلَّهَا سَالِمَةً، ثُمَّ تُقَوَّمُ ثَانِيًا بِدُونِ الْمَعِيبِ وَتُنْسَبُ الْقِيمَةُ الثَّانِيَةُ لِلْأُولَى وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يَرْجِعُ بِمَا يَخُصُّ الْمَعِيبَ مِنْ الثَّمَنِ.
قَوْلُهُ: [وَرَجَعَ بِعُشْرِ قِيمَةِ الْعَبْدِ] : أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَرْجِعُ
بِجُزْءٍ مِنْ السِّلْعَةِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ.
(إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَعِيبُ الْأَكْثَرَ) بِأَنْ زَادَ عَلَى النِّصْفِ (وَالسَّالِمُ) مِنْ الْعَيْبِ الْأَقَلَّ (بَاقِيًا) عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَفُتْ (فَالْجَمِيعُ وَ) يَرُدُّهُ وَيَأْخُذُ جَمِيعَ الثَّمَنِ أَوْ يَتَمَاسَكُ بِهِ، وَلَيْسَ لَهُ التَّمَاسُكُ بِالْأَقَلِّ السَّالِمِ وَرَدُّ الْأَكْثَرِ الْمَعِيبِ. وَمَفْهُومُ:" بَاقِيًا "، أَنَّهُ لَوْ فَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَكَانَ لَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ مُطْلَقًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَأَخْذُ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ مِنْ قِيمَةِ السِّلْعَةِ وَإِنْ وَقَعَتْ ثَمَنًا.
وَشَبَّهَ فِي رَدِّ الْجَمِيعِ أَوْ التَّمَسُّكِ بِالْجَمِيعِ أَوْ يَتَمَاسَكُ بِالْبَعْضِ السَّالِمِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ قَوْلُهُ: (كَأَحَدِ مُزْدَوَجَيْنِ) : كَخُفَّيْنِ وَنَعْلَيْنِ وَسِوَارَيْنِ مِمَّا لَا يُسْتَغْنَى بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا بِذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فِي
ــ
[حاشية الصاوي]
بِقِيمَةِ عُشْرِ الْعَبْدِ وَلَا شَكَّ أَنَّ قِيمَةَ عُشْرِ الْعَبْدِ أَقَلُّ مِنْ عُشْرِ قِيمَتِهِ. وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ الثَّمَنَ إذَا كَانَ مُقَوَّمًا كَدَارٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ كِتَابٍ أَوْ ثَوْبٍ وَاطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ فَقَالَ أَشْهَبُ: يَرْجِعُ شَرِيكًا فِي الثَّمَنِ الْمُقَوَّمِ بِمَا يُقَابِلُ الْمَعِيبَ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَرْجِعُ شَرِيكًا لِلْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ. وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ اُخْتُلِفَ؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ إنَّهُ يَرْجِعُ بِنِسْبَةِ قِيمَةِ الْمَعِيبِ لَقِيمَةِ الْمَبِيعِ فِي قِيمَةِ الْمُقَوَّمِ الْوَاقِعِ ثَمَنًا، فَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ ثَوْبًا وَقِيمَتُهُ عَشَرَةً نَسَبْتهَا لِلْمِائَةِ قِيمَةِ الْأَثْوَابِ الْمَبِيعَةِ الْعَشْرِ فَيَرْجِعُ بِعُشْرِ قِيمَةِ الْمُقَوَّمِ الْوَاقِعِ ثَمَنًا عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَعَلَيْهِ مَشَى شَارِحُنَا. وَقِيلَ: يَرْجِعُ بِمَا يَخُصُّ الْمَعِيبَ مِنْ قِيمَةِ الثَّمَنِ الْمُقَوَّمِ فَإِذَا كَانَ الْمَعِيبُ ثَوْبًا رَجَعَ بِقِيمَةِ عُشْرِ الْمُقَوَّمِ الْمَدْفُوعِ ثَمَنًا فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [وَلَيْسَ لَهُ التَّمَاسُكُ بِالْأَقَلِّ السَّالِمِ] : أَيْ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَأَمَّا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَيَرُدُّ الْمَعِيبَ مَجَّانًا فَجَائِزٌ، وَإِنَّمَا مَنَعَ التَّمَسُّكَ بِالْقَلِيلِ السَّالِمِ لِأَنَّهُ كَإِنْشَاءِ عَقْدِهِ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ إذْ لَا يُعْرَف مَا يَنُوبُ الْأَقَلُّ إلَّا بَعْدَ تَقْوِيمِ الْمَبِيعِ كُلِّهِ أَوَّلًا ثُمَّ تَقْوِيمِ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْأَجْزَاءِ.
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا بِذَلِكَ] : أَيْ عَلَى الصَّوَابِ كَمَا قَالَهُ (ر) خِلَافًا لِمَا فِي الْخَرَشِيِّ وَ (عب) تَبَعًا لِلْأُجْهُورِيِّ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ وَلَوْ تَرَاضِيَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْفَسَادِ الَّذِي مَنَعَ الشَّرْعُ مِنْهُ
الْقِسْمَةِ (أَوْ) كَانَ الْمَعِيبُ (أُمًّا وَوَلَدَهَا) فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ مِنْهُمَا وَالتَّمَاسُكُ بِالسَّلِيمِ وَلَوْ تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّمَاسُكُ بِأَقَلَّ سَالِمٍ مِنْ مُتَعَدِّدٍ وُجِدَ عَيْبٌ بِأَكْثَرِهِ إذَا لَمْ يَفُتْ الْأَقَلُّ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا جَازَ.
(وَ) كَمَا لَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ الْمَذْكُورِ (لَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ إنْ اُسْتُحِقَّ الْأَكْثَرُ) : إنْ كَانَ الْمَبِيعُ مُقَوَّمًا مُتَعَدَّدًا مُعَيَّنًا فِي صَفْقَةٍ وَالْبَاقِي لَمْ يَفُتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ فَاتَ فَلَهُ التَّمَسُّكُ بِهِ وَيَرْجِعُ بِمَا يَخُصُّ مَا اسْتَحَقَّ مِنْ الثَّمَنِ. فَجَمِيعُ الْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَعِيبِ تَجْرِي فِي الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَإِذَا مَنَعَ التَّمَسُّكَ بِالْأَقَلِّ إذْ اسْتَحَقَّ الْأَكْثَرَ تَعَيَّنَ الْفَسْخُ بِرَدِّ الْأَقَلِّ وَالرُّجُوعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ يَتَمَاسَكُ بِالْبَعْضِ الْبَاقِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ. فَالْمَنْعُ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالْبَعْضِ الْبَاقِي وَيَرْجِعَ بِمَا يَخُصُّ مَا اسْتَحَقَّ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْعَيْبِ. ثُمَّ ذَكَرَ مَفْهُومَ:" مُقَوَّمًا "
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَوْ كَانَ الْمَعِيبُ أُمًّا وَوَلَدَهَا] : أَيْ لِأَنَّ الشَّارِعَ مَنَعَ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْإِثْغَارِ وَهَذَا فِي الْحَيَوَانِ الْعَاقِلِ وَمَحَلِّ الْمَنْعِ مَا لَمْ تَرْضَ الْأُمُّ بِذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [بِالْأَقَلِّ الْمَذْكُورِ] : أَيْ الَّذِي هُوَ الْمَعِيبُ. لِأَنَّ حُكْمَ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقَيْ وَاحِدٌ. قَوْلُهُ: [فَالْمَنْعُ أَنْ يَتَمَسَّكَ] إلَخْ: أَيْ لِأَنَّهُ كَإِنْشَاءِ عُقْدَةٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي الْعَيْبِ إنْ قُلْت: هَذَا التَّعْلِيلُ مَوْجُودٌ فِيمَا إذَا اُسْتُحِقَّ الْأَقَلُّ أَوْ تَعَيَّبَ وَرَدَّهُ وَتَمَسَّكَ بِالْأَكْثَرِ بِحِصَّةٍ مِنْ الثَّمَنِ؟ أُجِيبَ: بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْحُكْمُ لِلْغَالِبِ انْفَسَخَتْ الْعُقْدَةُ بِرَدِّ الْأَكْثَرِ أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ فَكَانَ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ كَابْتِدَاءِ عُقْدَةٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ الْآنَ بِخِلَافِ رَدِّ غَيْرِ الْأَكْثَرِ أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْعُقْدَةَ الْأُولَى انْحَلَّتْ مِنْ أَصْلِهَا حَيْثُ اُسْتُحِقَّ الْأَكْثَرُ أَوْ تَعَيَّبَ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْأَكْثَرِ كَاسْتِحْقَاقِ الْكُلِّ وَإِذَا تَعَيَّبَ الْأَكْثَرُ وَرَدَّهُ كَانَ كَرَدِّ الْكُلِّ، فَكَانَ تَمَسُّكُ الْمُشْتَرِي بِالْأَقَلِّ السَّالِمِ كَإِنْشَاءِ عُقْدَةٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ الْآنَ بِخِلَافِ رَدِّ غَيْرِ الْأَكْثَرِ أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ وَأَجَازَ ابْنُ حَبِيبٍ رَدَّ الْأَكْثَرِ بِحِصَّتِهِ قَائِلًا: هَذِهِ جَهَالَةٌ طَارِئَةٌ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ.
مُعَيَّنًا عَلَى سَبِيلِ النَّشْرِ الْمُشَوَّشِ بِقَوْلِهِ: (بِخِلَافِ الْمَوْصُوفِ) : وَهُوَ مَفْهُومُ: " مُعَيَّنٌ "(وَالْمِثْلِيِّ) : مَفْهُومُ مُقَوَّمٍ: أَيْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ إذَا تَعَيَّبَ أَوْ اسْتَحَقَّ الْأَكْثَرَ، وَأَوْلَى الْمُسَاوِي أَوْ الْأَقَلُّ؛ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَشَرَةَ أَثْوَابٍ مَوْصُوفَةٍ أَوْ عَشَرَةَ أَرْطَالٍ أَوْ أَوْسُقٍ مِنْ قَمْحٍ فَاسْتَحَقَّ أَكْثَرَهَا أَوْ أَقَلَّهَا أَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا، فَلَا يَنْتَقِضُ الْبَيْعُ بَلْ يَرْجِعُ بِمِثْلِ الْمَوْصُوفِ أَوْ الْمِثْلِيِّ، وَلَهُ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالْبَاقِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ، وَبِالسَّالِمِ وَالْمَعِيبِ فِي الْعَيْبِ. وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمَبِيعُ مُتَّحِدًا - كَدَارٍ أَوْ عَبْدٍ فَاسْتَحَقَّ الْبَعْضَ قَلَّ أَوْ كَثُرَ - فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ بَيْن التَّمَاسُكِ وَالرَّدِّ.
وَفَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ: " وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ " إلَخْ قَوْلَهُ: (فَإِنْ كَانَ دِرْهَمَانِ وَسِلْعَةٌ) كَعَبْدٍ (تُسَاوِي) تِلْكَ السِّلْعَةُ (عَشَرَةً) بِيعَا (بِثَوْبٍ) مَثَلًا، فَثَمَنُ الثَّوْبِ اثْنَا عَشَرَ (فَاسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ) الْمُسَاوِيَةُ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ الْمَوْصُوفِ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا فِي الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ الْمُتَعَدِّدِ، وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ وَالْمُقَوَّمُ وَالْمُتَّحِدُ وَالْمَوْصُوفُ فَحُكْمُهُ مُغَايِرٌ لِذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَشَرَةَ أَثْوَابٍ] مِثَالٌ لِلْمَوْصُوفِ وَقَوْلُهُ أَوْ عَشَرَةُ أَرْطَالٍ أَوْ أَوْسُقٍ مِثَالٌ لِلْمِثْلِيِّ.
قَوْلُهُ: [بِجَمِيعِ الثَّمَنِ] : الْمُنَاسِبِ بِحِصَّةٍ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ التَّمَاسُكَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لَا يُتَوَهَّم مَنْعُهُ حَتَّى يَنُصَّ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: [فَاسْتُحِقَّ الْبَعْضُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ] : هَذَا كَلَامٌ مُجْمَلٌ وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ وَإِيضَاحُهُ فِي الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: [فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ بَيْنَ التَّمَاسُكِ وَالرَّدِّ] : أَيْ لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ كَانَ دِرْهَمَانِ وَسِلْعَةٌ] إلَخْ: اسْمُ كَانَ ضَمِيرُ شَأْنٍ وَ " دِرْهَمَانِ " مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ بَيْعًا بِثَوْبِ خَبَرُهُ. وَالْجُمْلَةُ خَبَرٌ لِكَانَ الثَّانِيَةِ. أَوْ أَنْ كَانَ غَيْرُ ثَانِيَةِ وَدِرْهَمَانِ اسْمُهَا، وَسِلْعَةٌ مَعْطُوفٌ عَلَى دِرْهَمَانِ عَلَى كُلِّ حَالٍّ وَخَبَرُهَا قَوْلُهُ بِيعَا بِثَوْبٍ. قَوْلُهُ:[فَاسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ] أَيْ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى " بِيعَا " الَّذِي قَدَّرَهُ الشَّارِحُ.
لِلْعَشَرَةِ - وَهِيَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الصِّفَةِ، فَقَدْ اُسْتُحِقَّ الْأَكْثَرُ - فَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ الْبَاقِي وَهُمَا الدِّرْهَمَانِ فَيَتَعَيَّنُ فَسْخُ الْبَيْعِ بِرَدِّ الدِّرْهَمَيْنِ وَأَخْذِ الثَّوْبِ إنْ كَانَ قَائِمًا.
(وَ) أَمَّا لَوْ (فَاتَ الثَّوْبُ) وَلَوْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ (فَلَهُ) : أَيْ لِمَنْ اسْتَحَقَّ مِنْهُ السِّلْعَةَ (قِيمَةُ الثَّوْبِ) الَّذِي خَرَجَ مِنْ يَدِهِ لِفَوَاتِهِ (بِكَمَالِهِ) لِأَنَّهَا تَقُومُ مَقَامَهُ عِنْد فَسْخِ الْبَيْعِ (وَرَدَّ) مِنْ اُسْتُحِقَّتْ مِنْهُ السِّلْعَةُ (الدِّرْهَمَيْنِ) فَ " رَدَّ " فِعْلٌ مَاضٍ. وَجَازَ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا مَعْطُوفًا عَلَى " قِيمَةُ ". وَقِيلَ: إذَا فَاتَ الثَّوْبُ تَعَيَّنَ عَدَمُ الْفَسْخِ لِأَنَّ فَوَاتَهُ كَفَوَاتِ الْأَقَلِّ الْبَاقِي فِيمَا إذَا اُسْتُحِقَّ الْأَكْثَرُ، وَهُوَ إذَا فَاتَ لَمْ يُفْسَخْ كَمَا تَقَدَّمَ، وَحِينَئِذٍ فَيَتَمَسَّكُ بِالدِّرْهَمَيْنِ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ السِّلْعَةِ الَّتِي اُسْتُحِقَّتْ مِنْهُ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَنْكَرَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وُجُودَ الْقَوْلِ بِالْفَسْخِ إذَا فَاتَ الثَّوْبُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَرَدَّ إنْكَارَهُ بِأَنَّ ابْنَ يُونُسَ قَدْ ذَكَرَهَا.
(وَجَازَ رَدُّ أَحَدِ الْمُبْتَاعَيْنِ) إذَا اشْتَرَيَا سِلْعَةً أَوْ أَكْثَرَ فِي صَفْقَةٍ فَوَجْدًا -
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [قِيمَةُ الثَّوْبِ الَّذِي خَرَجَ مِنْ يَدِهِ] : أَيْ يَأْخُذُهَا مِنْ الْبَائِعِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِالدِّرْهَمَيْنِ فِيمَا يُقَابِلُهُمَا مِنْ سُدُسِ الثَّوْبِ بِحَيْثُ يَكُونُ شَرِيكًا بِسُدُسِهَا أَوْ سُدُسِ قِيمَتِهَا، وَأَمَّا تَمَسُّكُهُ بِالدِّرْهَمَيْنِ فِي مُقَابَلَةِ الثَّوْبِ بِتَمَامِهَا فَجَائِزٌ، وَإِنَّمَا أَتَى بِقَوْلِهِ بِكَمَالِهِ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُقَابِلِ الْآتِي بَعْدُ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ: بِكَمَالِهِ لِأَنَّهُ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: قِيمَةُ الثَّوْبِ.
قَوْلُهُ: [فَرَدَّ فِعْلٌ مَاضٍ] أَيْ وَالدِّرْهَمَيْنِ مَفْعُولُهُ وَهُوَ يُفِيدُ وُجُوبَ الرَّدِّ. قَوْلُهُ: [وَجَازَ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا] : اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ قِرَاءَتَهُ مَصْدَرًا تُوهِمُ أَنَّ اللَّامَ لِلتَّخْيِيرِ وَهُوَ خِلَافُ الْمُرَادِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا الِاسْتِحْقَاقُ. فَالْأَوْلَى قِرَاءَتُهُ فِعْلًا مَاضِيًا. قَوْلُهُ: [وَقِيلَ إذَا فَاتَ الثَّوْبُ] إلَخْ: هَذَا الْقَوْلُ أَيَّدَهُ (ر) قَوْلُهُ: [بِأَنَّ ابْنَ يُونُسَ قَدْ ذَكَرَهَا] : قَالَ (بْن) : الْعُذْرُ لِابْنِ عَرَفَةَ فِي إنْكَارِهِ أَنَّ ابْنَ يُونُسَ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّتُهَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ مِنْ دِيوَانِهِ.
قَوْلُهُ: [وَجَازَ رَدُّ أَحَدِ الْمُبْتَاعَيْنِ] : أَيْ غَيْرُ الشَّرِيكَيْنِ فِي التِّجَارَةِ. وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى شَخْصَانِ سِلْعَةً وَاحِدَةً كَعَبْدٍ لِخِدْمَتِهِمَا أَوْ سِلَعًا مُتَعَدِّدَةً كُلُّ وَاحِدِ يَأْخُذُ