الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَإِنْ لَمْ يُشِبْهُمَا) مَعًا (حَلَفَا) عَلَى مَا تَقَدَّمَ. (وَفُسِخَ) الْبَيْعُ (وَرُدَّ فِي الْفَوَاتِ الْقِيمَةُ) : وَإِذَا لَمْ تَفُتْ رَدَّهَا، وَفُهِمَ مِنْهُ: أَنَّهُ إنْ انْفَرَدَ مُدَّعِي بَقَاءِ الْأَجَلِ بِالشَّبَهِ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ. (و) إنْ اخْتَلَفَا (فِي أَصْلِهِ) : أَيْ الْأَجَلِ بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ: بِلَا أَجَلٍ بَلْ بِالْحُلُولِ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: بَلْ لِأَجَلِ كَذَا (فَالْقَوْلُ لِمَنْ وَافَقَ) قَوْلُهُ (الْعُرْفَ) فِي بَيْعِ السِّلَعِ، فَمِثْلُ اللَّحْمِ وَالْبُقُولِ وَالْأَبْزَارِ وَكَثِيرٍ مِنْ الثِّيَابِ شَأْنُهَا الْحُلُولُ، وَفِي مِثْلِ الْعَقَارِ شَأْنُهَا التَّأْجِيلُ. وَمِنْ ذَلِكَ حَالُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي.
(وَإِلَّا) يُوَافِقُ قَوْلُهُمَا مَعًا الْعُرْفَ بِأَنْ كَانَ الشَّأْنُ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ أَنْ تُبَاعَ بِأَجَلٍ تَارَةً وَبِغَيْرِهِ أُخْرَى (تَحَالَفَا وَفُسِخَ فِي الْقِيَامِ) لِلسِّلْعَةِ (وَصُدِّقَ الْمُشْتَرِي بِيَمِينٍ) فَيَكُونُ الْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينِهِ (إنْ فَاتَتْ) .
(و) إنْ اخْتَلَفَا (فِي قَبْضِ الثَّمَنِ) بَعْدَ تَسْلِيمِ السِّلْعَةِ بِأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي: أَقَبَضَتْك الثَّمَنَ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ (أَوْ) اُخْتُلِفَا فِي قَبْضِ (السِّلْعَةِ) بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ: أَقَبَضْتهَا وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي (فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُمَا) وَعَدَمُ الْإِقْبَاضِ، فَالْقَوْلُ لِمَنْ ادَّعَى عَدَمَهُ مِنْهُمَا بِيَمِينِهِ (إلَّا لِعُرْفٍ) يَشْهَدُ بِخِلَافِ الْأَصْلِ، فَالْقَوْلُ لِمَنْ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [حَلَفَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ] : أَيْ فَيَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ دَعْوَى خَصْمِهِ مَعَ تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ.
قَوْلُهُ: [مُدَّعِي بَقَاءِ الْأَجَلِ] إلَخْ: صَوَابُهُ انْتِهَاءُ الْأَجَلِ تَأَمَّلْ.
[اخْتِلَاف الْبَائِع وَالْمُشْتَرِي فِي قبض الثَّمَن]
قَوْلُهُ: [فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُمَا] : أَيْ سَوَاءٌ كَانَ التَّنَازُعُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي أَوْ وَرَثَةِ كُلٍّ، فَإِذَا ادَّعَى الْبَائِعُ عَلَى وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي أَنَّ ثَمَنَ السِّلْعَةِ الَّتِي بَاعَهَا لِمُوَرِّثِهِمْ لَمْ يَقْبِضْهُ وَادَّعَى الْوَرَثَةُ أَنَّهُ قَبَضَهُ مِنْ مُوَرِّثِهِمْ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا يُقْبَلُ دَعْوَاهُمْ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الثَّمَنِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مَا لَمْ تَقُمْ لَهُمْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ مُوَرِّثَهُمْ أَقْبَضَ ذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِهِ. وَهَذَا إذَا اعْتَرَفَتْ الْوَرَثَةُ بِأَنَّ مُوَرِّثَهُمْ اشْتَرَى تِلْكَ السِّلْعَةَ مِنْ الْمُدَّعِي. وَأَمَّا إذَا أَنْكَرَتْ الْوَرَثَةُ شِرَاءَ مُوَرِّثِهِمْ مِنْ ذَلِكَ الْمُدَّعِي فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى ذَلِكَ الْمُدَّعِي أَنَّ لَهُ عَلَى مُوَرِّثِهِمْ ثَمَنَ سِلْعَةٍ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَيَمِينٍ، فَإِنْ ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى مَنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ مِنْ الْوَرَثَةِ أَنَّهُ يَعْلَمُ بِدَيْنِهِ كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ فَإِنْ حَلَفَ وَإِلَّا غَرَّمَهُ - كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [إلَّا لِعُرْفٍ يَشْهَدُ بِخِلَافِ الْأَصْلِ] : أَيْ فَإِذَا جَرَى الْعُرْفُ بِقَبْضِ
شَهِدَ لَهُ الْعُرْفُ، كَالْجَزَّارِ وَبَائِعِ الْأَبْزَارِ فَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِمَا أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ اللَّحْمَ وَلَا يُعْطِي الْأَبْزَارَ إلَّا بَعْدَ قَبْضِهِ الثَّمَنِ، فَإِذَا ادَّعَى بَعْدَ أَنْ أَعْطَاهُ اللَّحْمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ أَقْبَضَهُ إيَّاهُ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعُرْفَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ.
(وَمِنْهُ) : أَيْ مِنْ الْعُرْفِ الَّذِي يُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهُ: (طُولُ الزَّمَنِ) : فَإِذَا مَضَى زَمَنٌ يَقْضِي الْعُرْفُ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَصْبِرُ لِمِثْلِهِ فِي أَخْذِ السِّلْعَةِ أَوْ أَنَّ الْبَائِعَ لَا يَصْبِرُ لِمِثْلِهِ فِي أَخْذِ الثَّمَنِ، فَالْقَوْلُ لِخَصْمِهِ فِي الْإِقْبَاضِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِعَامَيْنِ وَلَا بِأَكْثَرَ بَلْ يُرَاعَى فِي ذَلِكَ أَحْوَالُ النَّاسِ وَأَحْوَالُ الزَّمَنِ.
(وَإِشْهَادُ الْمُشْتَرِي بِبَقَاءِ الثَّمَنِ) فِي ذِمَّتِهِ بِأَنْ قَالَ: اشْهَدُوا أَنَّ ثَمَنَ السِّلْعَةِ الَّتِي اشْتَرَيْتهَا مِنْ فُلَانٍ فِي ذِمَّتِي (مُقْتَضٍ) عُرْفًا (لِقَبْضِ الْمُثْمَنِ) فَإِذَا ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ لَمْ يُصَدَّقْ وَكَانَ الْقَوْلُ لِلْبَائِعِ.
(وَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (تَحْلِيفُ الْبَائِعِ إنْ قَرُبَ) الزَّمَنُ (مِنْ) يَوْمِ (الْإِشْهَادِ، كَالْعَشَرَةِ) الْأَيَّامِ (لَا الشَّهْرِ) فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهُ بَلْ الْقَوْلُ لِلْبَائِعِ إنَّهُ أَقْبَضَهُ السِّلْعَةَ بِلَا يَمِينٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ فَالْقَوْلُ لِمَنْ وَافَقَهُ الْعُرْفُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ كَالشَّاهِدِ.
قَوْلُهُ: [طُولُ الزَّمَنِ] : قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَدْخُلُ فِي الْعُرْفِ طُولُ الزَّمَنِ فِي الْعَرْضِ وَالْحَيَوَانِ وَالْعَقَارِ طُولًا يَقْضِي الْعُرْفُ بِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَصْبِرُ بِالثَّمَنِ إلَى مِثْلِهِ وَذَلِكَ عَامَانِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ، وَعِشْرُونَ عَلَى مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَالْأَظْهَرُ مُرَاعَاةُ أَحْوَالِ النَّاسِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ (اهـ) .
قَوْلُهُ: [وَإِشْهَادُ الْمُشْتَرِي بِبَقَاءِ الثَّمَنِ] إلَخْ: يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا أَشْهَدَ بِأَنَّ ثَمَنَ السِّلْعَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنَّ هَذَا مُقْتَضٍ لِقَبْضِهِ السِّلْعَةَ، فَإِنْ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ السِّلْعَةَ الْمَبِيعَةَ بِذَلِكَ الثَّمَنِ لَمْ يَقْبِضْهَا لَمْ يُقْبَلْ. وَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْبَائِعَ أَنَّهُ أَقَبْضَهَا لَهُ إنْ بَادَرَ.
قَوْلُهُ: [وَكَانَ الْقَوْلُ لِلْبَائِعِ] : أَيْ بِيَمِينٍ إنْ قَرُبَ كَالْعَشَرَةِ لَا الشَّهْرِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ قَوْلُهُ: [كَالْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ لَا الشَّهْرِ] : قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ: وَانْظُرْ حُكْمَ مَا بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالشَّهْرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَارَبَ كُلًّا يُعْطَى حُكْمَ كُلٍّ وَأَمَّا الْمُتَوَسِّطُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهُ (اهـ) .
(كَإِشْهَادِ الْبَائِعِ بِقَبْضِهِ) : أَيْ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي (ثُمَّ ادَّعَى عَدَمَهُ) وَأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ، وَإِنَّمَا حَمَلَنِي عَلَى الْإِشْهَادِ بِقَبْضِهِ تَوَثُّقِي بِهِ وَظَنِّي أَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ، فَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُشْتَرِي إنْ بَادَرَ كَالْعَشَرَةِ لَا أَكْثَرَ.
(وَإِنْ ادَّعَى مُشْتَرٍ بَعْدَ إشْهَادِهِ) عَلَى نَفْسِهِ (بِدَفْعِ الثَّمَنِ) لِلْبَائِعِ بِأَنْ قَالَ: اشْهَدُوا عَلَيَّ بِأَنِّي دَفَعْته لَهُ وَالْبَائِعُ حَاضِرٌ لِتَتِمَّ الشَّهَادَةُ (أَنَّهُ) مَعْمُولٌ لِ " ادَّعَى ": أَيْ ادَّعَى أَنَّهُ (لَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ) مِنْ الْبَائِعِ، وَادَّعَى الْبَائِعُ إقْبَاضَهُ لَهُ، (فَالْقَوْلُ لَهُ) : أَيْ لِلْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ (فِي كَالْعَشَرَةِ) الْأَيَّامِ فَدُونَ.
(وَ) الْقَوْلُ (لِلْبَائِعِ فِي) الْبُعْدِ - (كَالشَّهْرِ - بِيَمِينٍ فِيهِمَا) : أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْقَوْلِ لِلْمُشْتَرِي وَمَسْأَلَةُ الْقَوْلِ لِلْبَائِعِ. هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ كَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ، فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ مُطْلَقًا، قَرُبَ الزَّمَنُ أَوْ بَعُدَ. وَلِلْمُشْتَرِي تَحْلِيفُهُ إنْ بَادَرَ، كَالْعَشَرَةِ. وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى الْبَائِعِ بِأَنَّهُ دَفَعَ لَهُ الثَّمَنَ يَشْعُرُ بِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ السِّلْعَةَ مَخَافَةَ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَهَا مِنْهُ لَطَالَبَهُ بِالثَّمَنِ، بِخِلَافِ الْإِشْهَادِ بِأَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي قَبْضَ الثَّمَنِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَالَ أَصْبَغُ: إنَّ الْإِشْهَادَ بِالثَّمَنِ دَفْعًا أَوْ فِي الذِّمَّةِ، مُقْتَضٍ لِقَبْضِ السِّلْعَةِ، فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ مُطْلَقًا. وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّيْخِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ:" وَإِشْهَادُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ " إلَخْ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ بَعْدَهُ الدَّفْعَ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَظَنِّي أَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ] : الْمُنَاسِبُ " لَا " بَدَلُ " لَمْ ".
قَوْلُهُ: [فَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُشْتَرِي] : أَيْ حَيْثُ لَمْ يَعْتَرِفْ الْبَائِعُ بِقَبْضِ الْبَعْضِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ بِقَبْضِهِ، فَإِنْ اعْتَرَفَ بِقَبْضِ بَعْضِ الثَّمَنِ لَمْ يَحْلِفْ لَهُ الْمُشْتَرِي وَلَوْ بَادَرَ لِتَرَجُّحِ قَوْلِهِ بِاعْتِرَافِ الْبَائِعِ بِقَبْضِ الْبَعْضِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ - كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [فَإِنَّهُ يَقْتَضِي قَبْضَ الثَّمَنِ] صَوَابُهُ: الْمُثَمَّنِ.
قَوْلُهُ: [وَقَالَ أَصْبَغُ إنَّ الْإِشْهَادَ بِالثَّمَنِ] إلَخْ: الْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهُ أَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ: وَإِشْهَادُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ] : أَيْ وَالْإِطْلَاقُ صَادِقٌ بِأَنْ قَالَ: اشْهَدُوا أَنَّهُ فِي ذِمَّتِي أَوْ أَقَبَضْته لَهُ.