الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِحَالٍ أَوْ بِمُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ أَوْ بِمَنَافِعَ مُعَيَّنٍ فَلَا يُمْنَعُ.
(وَ) الثَّالِثُ: (ابْتِدَاؤُهُ) : أَيْ الدَّيْنُ (بِهِ) : أَيْ بِالدَّيْنِ؛ (كَتَأْخِيرِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ) أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. وَمَعْنَاهُ: أَنْ يَتَعَاقَدَا عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ دِينَارًا فِي شَيْءٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يَأْتِيهِ بِرَأْسِ السَّلَمِ إلَّا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ؛ فَإِنَّهُ مَمْنُوعٌ لِمَا فِيهِ مِنْ ابْتِدَاءِ دَيْنٍ بِدَيْنٍ. إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَشْغَلَ ذِمَّةَ صَاحِبِهِ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ، وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ السَّلَمِ.
وَلَمَّا بَيَّنَ مَنْعَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ بِأَقْسَامِهِ الثَّلَاثَةِ، شَرَعَ فِي بَيَانِ حُكْمِ بَيْعِهِ بِالنَّقْدِ
ــ
[حاشية الصاوي]
بَكْرٌ لَهُ دَيْنٌ عَلَى زَيْدٍ وَخَالِدٌ لَهُ دَيْنٌ عَلَى عَمْرٍو فَيَبِيعُ خَالِدٌ دَيْنَهُ الَّذِي عَلَى عَمْرٍو بِدَيْنِ بَكْرٍ الَّذِي عَلَى زَيْدٍ وَهَذِهِ مُمْتَنِعَةٌ وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الدَّيْنَيْنِ حَالًّا لِعَدَمِ تَأَتِّي الْحَوَالَةِ هُنَا فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [أَوْ بِمُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ] : وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ فَإِذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَيْنٌ عَلَى عَمْرٍو فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ لِبَكْرٍ بِمُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ أَوْ بِمَنَافِعِ ذَاتِ الْمُعَيَّنِ؛ وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ الدَّيْنَ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِمَا ذَكَرَ وَلَا يَجُوزُ فَسْخُهُ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْقِسْمَ أَوْسَعُ مِمَّا قَبْلَهُ. إنْ قُلْت الدَّيْنُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَّا إذَا كَانَ عَلَى حَاضِرٍ وَكَانَ الشِّرَاءُ بِالنَّقْدِ وَالْمُعَيَّنُ الَّذِي يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَمَنَافِعُ الذَّاتِ الْمُعَيَّنَةِ لَيْسَتْ نَقْدًا. أُجِيبُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّقْدِ مَا لَيْسَ مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُعَيَّنَ وَمَنَافِعَهُ لَيْسَتْ مَضْمُونَةً فِي الذِّمَّةِ لِأَنَّ الذِّمَّةَ لَا تَقْبَلُ الْمُعَيَّنَاتِ فَهِيَ نَقْدٌ بِهَذَا الْمَعْنَى وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالنَّقْدِ الْمَقْبُوضِ بِالْفِعْلِ فَقَطْ.
قَوْلُهُ: [وَالثَّالِثُ ابْتِدَاؤُهُ] : أَيْ وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ لِجَوَازِ التَّأْخِيرِ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامِ مَعَ أَنَّ هَذَا لَا يَجُوزُ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ. قَوْلُهُ: [إلَّا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ] : الْبَعْدِيَّةُ ظَرْفٌ مُتَّسَعٌ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ.
[بَيْع الدِّين بِالنَّقْدِ]
قَوْلُهُ: [وَلَمَّا بَيَّنَ مَنْعَ الدَّيْنَ بِالدَّيْنِ] : أَيْ الَّذِي هُوَ الْكَالِئُ بِالْكَالِئِ الشَّامِلِ لِلْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ.
قَوْلُهُ: [فِي بَيَانِ حُكْمِ بَيْعِهِ بِالنَّقْدِ] : إنْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَبَيْعِهِ بِمُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ أَوْ مَنَافِعِ مُعَيَّنٍ.
وَلَا يَخْلُو مَنْ هُوَ عَلَيْهِ مِنْ كَوْنِهِ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا فَقَالَ: (وَشَرْطُ) صِحَّةِ (بَيْعِ الدَّيْنِ: حُضُورُ الْمَدِينِ) وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ حَيَاتَهُ. (وَإِقْرَارُهُ) بِهِ لَا إنْ لَمْ يُقِرَّ وَلَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ مَا فِيهِ خُصُومَةٌ.
(وَتَعْجِيلُ الثَّمَنِ) وَإِلَّا كَانَ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَتَقَدَّمَ مَنْعُهُ.
(وَكَوْنُهُ) : أَيْ الثَّمَنُ (مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ) أَيْ الدَّيْنُ (أَوْ بِجِنْسِهِ) فِي غَيْرِ الْعَيْنِ.
(وَاتَّحَدَا قَدْرًا وَصِفَةً) لَا إنْ كَانَ أَقَلَّ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ وَهُوَ سَلَفٌ بِمَنْفَعَةِ.
(وَلَيْسَ) الدَّيْنُ (ذَهَبًا) بِيعَ (بِفِضَّةِ وَعَكْسُهُ) لِمَا فِيهِ مِنْ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ. وَلَوْ قَالَ: " وَلَيْسَ عَيْنًا بِعَيْنٍ " لَكَانَ أَحْسَنَ لِيَخْرُجَ الْبَدَلُ الْمُؤَخَّرُ (وَلَا طَعَامَ مُعَاوَضَةٍ) وَإِلَّا لَزِمَ بَيْعُ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ.
(لَا دَيْنَ مَيِّتٍ) فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ مَا فِيهِ خُصُومَةٌ (وَ) لَا دَيْنٌ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [حُضُورُ الْمَدِينِ] : إنَّمَا اشْتَرَطَ حُضُورَهُ لِيَعْلَمَ مِنْ فَقْرٍ أَوْ غِنًى إذْ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ مِقْدَارِ عِوَضِ الدَّيْنِ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمَدِينِ بِفَقْرٍ أَوْ غِنًى وَالْمَبِيعُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَجْهُولًا.
قَوْلُهُ: [وَإِقْرَارُهُ بِهِ] : أَيْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ. قَوْلُهُ: [وَتَعْجِيلُ الثَّمَنُ] : أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَبَيْعِهِ بِمَنَافِعِ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا لِأَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ قَبْضٌ لِلْأَوَاخِرِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ بِجِنْسِهِ] : أَيْ فَالشَّرْطُ أَحَدُ أَمْرَيْنِ إمَّا كَوْنُهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ أَوْ بِجِنْسِهِ وَاتَّحَدَ قَدْرًا وَصِفَةً. تَنْبِيهٌ:
مَنْ اشْتَرَى دَيْنًا أَوْ وَهَبَ لَهُ وَكَانَ بِرَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ الرَّهْنُ أَوْ الْحَمِيلُ إلَّا بِشَرْطِ دُخُولِهِمَا وَحُضُورِ الْحَمِيلِ وَإِقْرَارِهِ بِالْحِمَالَةِ وَإِنْ كَرِهَ لِمَنْ مَلَكَهُ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ وَرِثَ دَيْنًا بِرَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ مَا بِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ. وَلِلرَّاهِنِ وَضْعُهُ عِنْدَ أَمِينٍ إذَا كَرِهَ وَضْعَهُ عِنْدَ الْوَارِثِ.
قَوْلُهُ: [وَلَيْسَ الدَّيْنُ ذَهَبًا] : بَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ أَلَّا يَكُونَ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْمَدِينِ عَدَاوَةٌ فَتَحْصُلُ أَنَّ الشُّرُوطَ تِسْعَةٌ: حَيَاتُهُ، وَحُضُورُهُ، وَإِقْرَارُهُ، وَكَوْنُهُ مِمَّنْ تَأْخُذُهُ