الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَهُوَ بَيْعٌ) : أَيْ مِنْ بَابِ الْبَيْعِ لَا السَّلَمِ فَلَا يُشْتَرَطُ تَعْجِيلُ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا تَأْجِيلُ الْمُثْمَنِ، لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمَّا نَصَبَ نَفْسَهُ لِلْعَمَلِ أَشْبَهَ مَا بَاعَهُ الشَّيْءَ الْمُعَيَّنَ، فَإِنْ مَاتَ انْفَسَخَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ. وَيُشْتَرَطُ الشُّرُوعُ فِي الْأَخْذِ فِيمَا دُونَ نِصْفِ شَهْرٍ.
(وَإِنْ لَمْ يَدُمْ) عَمَلُهُ (فَسَلَمٌ) يَشْتَرِطُ فِيهِ شُرُوطَهُ كَقِنْطَارٍ مِنْ خُبْزٍ مِنْ كَذَا صِفَتُهُ كَذَا بِأَخْذِهِ بَعْدَ نِصْفِ شَهْرٍ بِكَذَا وَيُعَجِّلُ فِيهِ رَأْسَ الْمَالِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
ثُمَّ شُبِّهَ فِي السَّلَمِ قَوْلُهُ: (كَاسْتِصْنَاعِ سَيْفٍ) أَوْ رِكَابٍ مِنْ حَدَّادٍ (أَوْ سَرْجٍ) مِنْ سَرُوجِيٍّ أَوْ ثَوْبٍ مِنْ حَيَّاكٍ أَوْ بَابٍ مِنْ نَجَّارٍ عَلَى صِفَةٍ مَعْلُومَةٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ، فَيَجُوزُ وَهُوَ سَلَمٌ تُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُهُ كَانَ الْبَائِعُ دَائِمُ الْعَمَلِ أَمْ لَا.
(إنْ لَمْ يُعَيَّنْ الْعَامِلُ أَوْ الْمَعْمُولُ مِنْهُ) : فَإِنْ عَيَّنَهُ فَسَدَ نَحْوَ:
ــ
[حاشية الصاوي]
مُفَرَّقًا عَلَى شَهْرٍ مَثَلًا وَالثَّانِيَةُ عَلَى أَنَّ الدِّرْهَمَ ثَمَنٌ لِلرِّطْلِ الَّذِي يَأْخُذُهُ كُلَّ يَوْمٍ.
قَوْلُهُ: [وَهُوَ بَيْعٌ] : صَرَّحَ بِهِ قَوْلُهُ: " وَجَازَ الشِّرَاءُ مِنْ بَائِعٍ " إلَخْ، لِأَنَّ الشِّرَاءَ يُطْلَقُ عَلَى السَّلَمِ وَوَجْهُ كَوْنِهِ بَيْعًا لَا سَلَمًا أَنَّهُمْ نَزَّلُوا دَوَامَ الْعَمَلِ مَنْزِلَةَ تَعَيُّنِ الْمَبِيعِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ وَالْمُسْلَمُ فِيهِ لَا يَكُونُ مُعَيَّنًا بَلْ فِي الذِّمَّةِ.
قَوْلُهُ: [انْفَسَخَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ] : إنَّمَا فُسِخَ فِيهَا لِكَوْنِهَا غَيْرَ مَحْدُودَةٍ بِوَقْتٍ تَنْتَهِي إلَيْهِ، وَلِذَلِكَ يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا الْفَسْخُ فِي أَيِّ وَقْتٍ، بِخِلَافِ الصُّورَةِ الْأُولَى؛ وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَى جُمْلَةً يَأْخُذُهَا مُفَرَّقَةً فَلَا تَنْفَسِخُ فِي حَيَاتِهِ وَلَا فِي مَوْتِهِ.
قَوْلُهُ: [وَيُشْتَرَطُ الشُّرُوعُ فِي الْأَخْذِ] : كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ: أَيْ إنَّهُ يُشْتَرَطُ الشُّرُوعُ فِي أَخْذِ الشَّيْءِ الْمُشْتَرَى فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَا يُغْتَفَرُ التَّأْخِيرُ لِنِصْفِ شَهْرٍ.
قَوْلُهُ: [يُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُهُ] : أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعَيَّنُ الْعَامِلُ وَلَا الْمَعْمُولُ مِنْهُ وَيَكُونُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ.
قَوْلُهُ: [كَاسْتِصْنَاعِ سَيْفٍ] : أَيْ كَمَا أَنَّ اسْتِصْنَاعَ السَّيْفِ وَالسَّرْجِ سَلَمٌ سَوَاءٌ كَانَ الصَّانِعُ الْمَعْقُودُ مَعَهُ دَائِمَ الْعَمَلِ أَمْ لَا كَأَنْ يَقُولَ لِإِنْسَانٍ: اصْنَعْ لِي سَيْفًا أَوْ سَرْجًا أَوْ بَابًا صِفَتُهُ كَذَا بِدِينَارٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ رَأْسِ الْمَالِ وَضَرْبِ الْأَجَلِ وَأَنْ لَا يُعَيَّنَ الْعَامِلُ وَلَا الْمَعْمُولُ مِنْهُ إلَى آخِرِ شُرُوطِ السَّلَمِ.
[الاستصناع فِي السَّلَم]
قَوْلُهُ: [فَإِنْ عَيَّنَهُ فَسَدَ] : قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: فَإِنْ شَرَطَ عَمَلَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ لَمْ
أَنْتَ الَّذِي تَصْطَنِعُهُ بِنَفْسِك أَوْ يَصْنَعُهُ زَيْدٌ بِنَفْسِهِ، أَوْ تَصْنَعُهُ مِنْ هَذَا الْحَدِيدِ بِعَيْنِهِ، أَوْ مِنْ هَذَا الْغَزْلِ أَوْ مِنْ هَذَا الْخَشَبِ بِعَيْنِهِ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ صَارَ مُعَيَّنًا لَا فِي الذِّمَّةِ وَشَرْطُ صِحَّةِ السَّلَمِ كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ.
(وَإِنْ اشْتَرَى الْمَعْمُولُ مِنْهُ) : كَأَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ الْحَدِيدَ أَوْ الْغَزْلَ أَوْ الْخَشَبَ وَنَحْوَ ذَلِكَ (وَاسْتَأْجَرَهُ) عَلَى عَمَلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ (جَازَ إنْ شَرَعَ) الْعَامِلُ فِي الْعَمَلِ فِيمَا دُونَ نِصْفِ شَهْرٍ عَيَّنَ الْعَامِلَ أَمْ لَا (كَشِرَاءِ نَحْوِ تَوْرٍ) بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ: إنَاءٌ يُشْبِهُ الطَّشْتَ، يَعْنِي: أَنَّ مَنْ وَجَدَ صَانِعًا شَرَعَ فِي تَوْرٍ أَوْ طَشْتٍ أَوْ سَيْفٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ جُزَافًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ (لِيُكَمِّلَ) أَيْ عَلَى أَنْ يُكَمِّلَهُ لَهُ جَازَ وَدَخَلَ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي ضَمَانَ الصُّنَّاعِ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ عَلَى الْوَزْنِ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ إلَّا بِالْقَبْضِ. وَمَحَلُّ الْجَوَازِ إنْ شَرَعَ بَائِعُهُ فِي الْكَيْلِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ؛ وَهَذَا. (بِخِلَافِ) شِرَاءِ (ثَوْبٍ لِيَكْمُلَ) : فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْمَعْدِنَ كَالنُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ - إنْ خَرَجَ عَلَى خِلَافِ الصِّفَةِ الْمُشْتَرَطَةِ أَوْ الْمُعْتَادَةِ
ــ
[حاشية الصاوي]
يَجُزْ وَإِنْ نَقَدَهُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيُسَلِّمُ ذَلِكَ الرَّجُلَ أَمْ لَا فَذَلِكَ غَرَرٌ (اهـ) وَعَلَى هَذَا دَرَجَ ابْنِ رُشْدٍ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مَا يَقْتَضِي الْجَوَازَ إذَا عَيَّنَ الْعَامِلَ فَقَطْ لِقَوْلِهِمْ: مَنْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَبْنِي لَهُ دَارًا عَلَى أَنَّ الْجِصَّ وَالْآجُرَّ مِنْ عِنْدِ الْأَجِيرِ جَازَ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ. وَحَيْثُ قُلْتُمْ بِفَسَادِهِ بِتَعْيِينِ الْعَامِلِ أَوْ الْمَعْمُولِ فَمِنْ بَابِ أَوْلَى تَعْيِينُهُمَا مَعًا، وَعِلَّةُ الْفَسَادِ فِي تَعْيِينِ الْعَامِلِ دَوَرَانُ الثَّمَنِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ، وَفِي تَعْيِينِ الْمَعْمُولِ أَنَّ السَّلَمَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ بَلْ فِي الذِّمَّةِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ اشْتَرَى الْمَعْمُولُ مِنْهُ] إلَخْ: الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ الْعَقْدَ فِيمَا قَبْلَهَا وَقَعَ عَلَى الْمَصْنُوعِ عَلَى وَجْهِ السَّلَمِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْمَعْمُولُ مِنْهُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَهَذِهِ وَقَعَ الْعَقْدُ فِيهَا عَلَى الْمَعْمُولِ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ مَلَكَهُ ثُمَّ اسْتَأْجَرَهُ بِالشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ عَلَى عَمَلِهِ فَلِذَلِكَ كَانَ الْعَقْدُ صَحِيحًا بِشَرْطِهِ عَيَّنَ الْعَامِلُ أَمْ لَا.
قَوْلُهُ: [وَإِنَّمَا يَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي] إلَخْ: صَوَابُهُ: الْبَائِعُ.
يُمْكِنُ إعَادَتُهُ بِخِلَافِ الثَّوْبِ (إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الْغَزْلُ) مِنْ جِنْسِهِ (عِنْدَهُ) : أَيْ الْعَامِلِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ شِرَاءُ الثَّوْبِ لِيَكْمُلَ، لِأَنَّهُ لَوْ خَرَجَ عَلَى خِلَافِ الصِّفَةِ الْمُشْتَرَطَةِ عُمِلَ مِنْ ذَلِكَ الْغَزْلِ بَدَلُهُ عَلَى الصِّفَةِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ الثَّوْبِ] : الْحَاصِلُ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ التَّوْرِ وَالثَّوْبِ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ: يَتَّفِقَانِ فِي الْمَنْعِ؛ إذَا اشْتَرَى جُمْلَةَ مَا عِنْدَ الْبَائِعِ مِنْ الْغَزْلِ وَالنُّحَاسِ وَاتَّفَقَ مَعَهُ عَلَى أَنْ يَصْنَعَهُ لَهُ ثَوْبًا أَوْ تَوْرًا، وَيَتَّفِقَانِ فِي الْجَوَازِ: إذَا كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ جُمْلَةٌ مِنْ النُّحَاسِ أَوْ الْغَزْلِ غَيْرَ مَا اشْتَرَى بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ بِحَيْثُ إذَا لَمْ يَأْتِ مَا اشْتَرَاهُ عَلَى الصِّفَةِ الْمَطْلُوبَةِ يُعْمَلُ لَهُ بَدَلُهُ مِنْ النُّحَاسِ أَوْ الْغَزْلِ الَّذِي فِي مِلْكِهِ، وَيَخْتَلِفَانِ فِي حَالَةٍ: وَهُوَ الْمَنْعُ فِي الثَّوْبِ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْبَائِعِ غَزْلٌ يَكْفِي ثَوْبًا كَامِلًا إذَا لَمْ يَأْتِ الْمَبِيعُ عَلَى الصِّفَةِ الْمَطْلُوبَةِ، وَالْجَوَازُ فِي التَّوْرِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ كَسْرُهُ وَإِعَادَتُهُ وَتَكْمِيلُهُ بِمَا عِنْدَهُ.