الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الضَّمَانِ، وَهُوَ
ضَمَانُ الْوَجْهِ
فَقَالَ:
(وَضَمَانُ الْوَجْهِ) هُوَ (الْتِزَامُ الْإِتْيَانِ بِالْغَرِيمِ عِنْدَ) حُلُولِ (الْأَجَلِ)(وَبَرِئَ) مِنْ الضَّمَانِ (بِتَسْلِيمِهِ) : أَيْ الْمَضْمُونِ (لَهُ) : أَيْ لِرَبِّ الْحَقِّ (وَإِنْ) كَانَ الْمَضْمُونُ (عَدِيمًا)، لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا وَجْهَهُ (أَوْ) كَانَ الْمَضْمُونُ (بِسِجْنٍ) : أَيْ فِيهِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: غَرِيمُك فِي هَذَا السِّجْنِ فَشَأْنُك بِهِ (أَوْ) سَلَّمَهُ لَهُ (بِغَيْرِ الْبَلَدِ) : أَيْ غَيْرِ بَلَدِ رَبِّ الْحَقِّ أَوْ غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ التَّعَامُلُ وَالضَّمَانُ (إنْ كَانَ بِهِ) : أَيْ بِغَيْرِ الْبَلَدِ (حَاكِمٌ) يَقْضِي بِالْحَقِّ.
(وَ) بَرِئَ الضَّامِنُ (بِتَسْلِيمِهِ) : أَيْ الْمَضْمُونِ نَفْسِهِ لِرَبِّ الْحَقِّ (إنْ أَمَرَهُ) الضَّامِنُ (بِهِ) : أَيْ بِالتَّسْلِيمِ بِأَنْ قَالَ: اذْهَبْ لِرَبِّ الْحَقِّ وَسَلِّمْهُ
ــ
[حاشية الصاوي]
[ضَمَانُ الْوَجْهِ]
قَوْلُهُ: [وَهُوَ ضَمَانُ الْوَجْهِ] : الْمُرَادُ بِالْوَجْهِ الذَّاتُ وَهُوَ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْبَعْضِ وَإِرَادَةِ الْكُلِّ وَلَا يَلْزَمُ هَذَا الضَّمَانَ إلَّا أَهْلَ التَّبَرُّعِ كَضَمَانِ الْمَالِ.
قَوْلُهُ: [وَبَرِئَ الضَّمَانُ] : هَكَذَا نُسْخَةُ الْمُؤَلِّفِ وَلَعَلَّ " مِنْ " سَاقِطَةٌ وَالْأَصْلُ مِنْ الضَّمَانِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ كَانَ الْمَضْمُونُ بِسِجْنٍ] : فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ وَمَحَلُّ الْبَرَاءَةِ بِذَلِكَ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى الضَّامِنِ تَسْلِيمَ الْمَضْمُونِ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ وَإِلَّا فَلَا يَبْرَأُ بِذَلِكَ. وَبَرَاءَتُهُ بِتَسْلِيمِهِ لَهُ فِي السِّجْنِ تَحْصُلُ سَوَاءٌ كَانَ مَسْجُونًا بِحَقٍّ أَوْ بَاطِلٍ لِإِمْكَانِ أَنْ يُحَاكِمَهُ رَبُّ الدَّيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي الَّذِي حَبَسَهُ. فَإِنْ مَنَعَ هَذَا الطَّالِبَ مِنْهُ وَمِنْ الْوُصُول إلَيْهِ جَرَى ذَلِكَ مَجْرَى مَوْتِهِ وَهُوَ يُسْقِطُ الْكَفَالَةَ وَبِهِ الْعَمَلُ قَالَ فِي نَظْمِ الْعَمَلِيَّاتِ:
وَضَامِنُ مَضْمُونِهِ قَدْ حَضَرَا
…
بِمَوْضِعِ إخْرَاجِهِ تَعَذَّرَا
يَكْفِيه مَا لَمْ يَضْمَنْ الْإِحْضَارَ لَهُ
…
بِمَنْزِلِ الشَّرْعِ فَتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ
(اهـ - بْن) .
قَوْلُهُ: [إنْ كَانَ بِهِ] إلَخْ: الْمُرَادُ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْبَلَدُ الَّذِي أُحْضِرَ فِيهِ يُمْكِنُهُ خَلَاصُ الْحَقِّ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ بِحَاكِمٍ أَوْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ.
قَوْلُهُ: [إنْ أَمَرَهُ الضَّامِنُ بِهِ] : أَيْ لِأَنَّهُ إذَا أَمَرَهُ بِهِ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ كَانَ كَوَكِيلِ الضَّامِنِ فِي التَّسْلِيمِ.
نَفْسَك فَفَعَلَ، فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ لَمْ يَبْرَأْ (وَحَلَّ الْحَقُّ) فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ. (وَإِلَّا) بِأَنْ فَقَدْ شَيْءٌ مِمَّا تَقَدَّمَ (أَغْرَمَ) الضَّامِنُ الْحَقَّ لِرَبِّهِ (بَعْدَ تَلَوُّمٍ خَفَّ) مِنْ الْحَاكِمِ بِالنَّظَرِ لَعَلَّ الضَّامِنَ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ وَمَحَلُّ التَّلَوُّمِ (إنْ) كَانَ الْمَضْمُونُ حَاضِرًا أَوْ (قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ كَالْيَوْمَيْنِ) لَا أَكْثَرَ، فَإِنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ كَالثَّلَاثَةِ فَأَكْثَرَ غَرِمَ مَكَانَهُ. (وَ) إذَا حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْغُرْمِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ أَوْ بِلَا تَلَوُّمٍ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ فَأَحْضَرَ الْمَضْمُونَ (لَا يَنْفَعُهُ إحْضَارُهُ بَعْدَ الْحُكْمِ) بِهِ عَلَيْهِ (لَا) يَغْرَمُ (إنْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ) : أَيْ عُمْرَهُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ (فِي غَيْبَتِهِ) : أَيْ الْمَضْمُونِ. وَأَمَّا الْحَاضِرُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَسْلِيمٍ لِرَبِّ الْحَقِّ إذْ لَا بُدَّ فِي ثُبُوتِ عُسْرِهِ مِنْ يَمِينِ مَنْ شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ بِالْعَدَمِ بِخِلَافِ الْغَائِبِ فَيَكْفِي مُجَرَّدُ الْبَيِّنَةِ (أَوْ) أَثْبَتَ (مَوْتِهِ) وَلَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِالضَّمَانِ، لِأَنَّهُ حُكْمٌ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ: وَالْمُرَادُ ثَبَتَ الْعَدَمُ بَعْدَ مَوْتِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ فَإِنْ ثَبَتَ مَوْتُهُ بَعْدَ الْحُكْمِ غَرِمَ.
(وَلِلزَّوْجِ رَدُّهُ) : أَيْ ضَمَانُ الْوَجْهِ عَنْ زَوْجَتِهِ إذَا ضَمِنَتْ، وَلَوْ كَانَ دَيْنُ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ لَمْ يَبْرَأْ] إلَخْ: مَحَلُّ عَدَمِ بَرَاءَتِهِ إذَا سَلَّمَهُ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ مِنْ الضَّامِنِ مَا لَمْ يَقُلْ الضَّامِنُ: أَضْمَنُ لَك وَجْهَهُ بِشَرْطِ أَنَّك إذَا قَدَرْت عَلَيْهِ أَوْ جَاءَ بِنَفْسِهِ سَقَطَ الضَّمَانُ عَنِّي، فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ عَمِلَ بِشَرْطِهِ.
قَوْلُهُ: [وَحَلَّ الْحَقُّ] : شَرْطٌ ثَانٍ أَيْ فَلَا يَبْرَأُ بِمَا ذُكِرَ إلَّا إذَا كَانَ وَقْتُ التَّسْلِيمِ حَلَّ الْحَقُّ عَلَى الْمَضْمُونِ، وَسَوَاءٌ حَلَّ عَلَى الضَّامِنِ أَمْ لَا كَمَا لَوْ أَخَّرَهُ رَبُّ الْحَقِّ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ تَأْخِيرَ غَرِيمِهِ، قَالَهُ الْأُجْهُورِيُّ نَقْلًا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ.
قَوْلُهُ: [أَغْرَمَ الضَّامِنُ] : أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ، خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقَائِلِ إنَّهُ لَا يَلْزَمُ ضَامِنَ الْوَجْهِ إحْضَارُهُ فَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهُ لَا غُرْمَ.
قَوْلُهُ: [بَعْدَ تَلَوُّمٍ] إلَخْ: هَذَا فِي ضَامِنِ الْوَجْهِ، وَأَمَّا ضَامِنُ الْمَالِ فَهَلْ يَتَلَوَّمُ إذَا غَابَ الْأَصْلُ أَوْ أُعْدِمَ أَوْ يَغْرَمُ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ الْمُعْتَمَدِ الثَّانِي.
قَوْلُهُ: [وَالْمُرَادُ ثَبَتَ الْعَدَمُ بَعْدَ مَوْتِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ] : صَوَابُ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ: وَالْمُرَادُ ثَبَتَ عَدَمُهُ أَوْ مَوْتُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ إلَخْ، فَإِنَّ هَذَا التَّرْكِيبَ فَاسِدٌ