الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَذْهَبَ لِمَحَلِّ الْغَصْبِ، بِخِلَافِ الْمِثْلِيِّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ لِمَحَلِّهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ الرُّجُوعَ مَعَهُ لِمَحَلِّهِ لِيَأْخُذَهُ بِعَيْنِهِ، هَذَا إذَا لَمْ يَجِدْ الْمَغْصُوبَ مَعَ الْغَاصِبِ (أَوْ) وَجَدَهُ (مَعَهُ وَاحْتَاجَ) الْمَغْصُوبُ فِي رُجُوعِهِ لِمَحَلِّهِ (لِكُلْفَةٍ) وَلَهُ أَخْذُهُ بِلَا أُجْرَةِ حَمْلٍ لَهُ وَخِيَرَتُهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ.
(وَإِلَّا) بِأَنْ وَجَدَهُ مَعَهُ وَلَا كُلْفَةَ عَلَى رَبِّهِ فِي حَمْلِهِ وَرُجُوعِهِ لِمَحَلِّهِ (أَخَذَهُ) بِعَيْنِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهُ الْقِيمَةَ. بِخِلَافِ الْمِثْلِيِّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ لِمَحَلِّهِ وَلَوْ وَجَدَهُ مَعَهُ كَمَا تَقَدَّمَ. وَجَازَ أَنْ يَأْخُذَ ثَمَنَهُ بِشَرْطِ تَعْجِيلِهِ كَمَا مَرَّ.
ثُمَّ شَبَّهَ فِي أَخْذِهِ وَعَدَمِ تَغْرِيمِهِ قَوْلَهُ: (كَأَنْ هَزِلَتْ جَارِيَةٌ) بِفَتْحِ الْهَاءِ أَوْ ضَمِّهَا وَكَسْرِ الزَّايِ: أَيْ حَصَلَ لَهَا هُزَالُ سِمَنِهَا، فَلَا يُفِيتُهَا فَيَأْخُذُهَا رَبُّهَا. وَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ الْقِيمَةَ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْجَارِيَةِ لِأَنَّ الْجِوَارِ لَا تُرَادُ لِلسِّمَنِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا.
ــ
[حاشية الصاوي]
[لِرَبِّ الْمَغْصُوبِ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ قِيمَتَهُ]
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ الْمِثْلِيِّ] : أَيْ الَّذِي يَلْزَمُ فِيهِ الْمِثْلُ وَأَمَّا الْمِثْلُ الْمَجْهُولُ الْقَدْرِ فَهُوَ كَالْمُقَوَّمِ تُقْبَلُ مِنْهُ الْقِيمَةُ فِي أَيِّ مَحَلٍّ وَجَدَهُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمِثْلِيِّ الْمَعْلُومِ الْقَدْرِ وَغَيْرِهِ: أَنَّ الَّذِي يَغْرَمُهُ فِي الْمِثْلِيِّ هُوَ الْمِثْلُ وَرُبَّمَا زَادَ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ أَوْ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا زِيَادَةَ فِيهِ.
قَوْلُهُ: [وَاحْتَاجَ الْمَغْصُوبُ فِي رُجُوعِهِ لِمَحَلِّهِ لِكُلْفَةٍ] : أَيْ بِأَنْ كَانَ عَرَضًا أَوْ رَقِيقًا أَوْ حَيَوَانًا عَلَيْهِ مَكْسٌ مَثَلًا فَقَدْ جَرَى عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّ النَّقْلَ فَوْتٌ إنْ احْتَاجَ لِكَبِيرِ حَمْلٍ، خِلَافٌ لِسَحْنُونٍ حَيْثُ قَالَ: إنَّهُ غَيْرُ مُفَوِّتِ مُطْلَقًا وَلَيْسَ لِرَبِّهِ إلَّا أَخْذُهُ.
قَوْلُهُ: [كَمَا تَقَدَّمَ] : أَيْ مِنْ أَنَّ نَقْلَ الْمِثْلِيِّ فَوْتٌ مُطْلَقًا.
قَوْلُهُ: [كَمَا مَرَّ] : أَيْ لِمَا فِي التَّأْخِيرِ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ.
قَوْلُهُ: [وَكَسْرُ الزَّايِ] : رَاجِعٌ لِلْفَتْحِ وَالضَّمِّ.
قَوْلُهُ: [؛ لِأَنَّ الْجَوَارِ] : هَكَذَا نُسْخَةُ الْمُؤَلَّفِ بِغَيْرِ يَاءٍ بَعْدَ الرَّاءِ، وَلَعَلَّ الْيَاءَ سَاقِطَةٌ وَالْأَصْلُ أَوْ الْجَوَارِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ} [الرحمن: 24] فَلَا فَرْقَ بَيْنَ جَارِيَةِ الْخِدْمَةِ وَجَارِيَةِ الْمَاءِ.
(أَوْ خَصَاهُ) الْغَاصِبُ: أَيْ خَصَى الْعَبْدَ الْمَغْصُوبَ (فَلَمْ يَنْقُصْ) عَنْ قِيمَتِهِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ وَلَيْسَ لَهُ إلْزَامُ الْغَاصِبِ الْقِيمَةَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَقَصَ؛ فَأَمَّا أَنْ يَأْخُذَهُ مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ أَوْ يَأْخُذَ قِيمَتَهُ. (أَوْ نَقَصَ سُوقُهَا) فَلَيْسَ بِفَوَاتٍ وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَخْذُهُ. (أَوْ سَافَرَ بِهَا) : أَيْ بِالذَّاتِ الْمَغْصُوبَةِ (وَرَجَعَتْ) مِنْ السَّفَرِ (بِحَالِهَا) مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ فِي ذَاتِهَا، فَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُ الْقِيمَةِ بَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَخْذُهَا؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ السَّفَرِ لَيْسَ بِفَوَاتٍ. (أَوْ أَعَادَ) الْغَاصِبُ (مَصُوغًا) بَعْدَ كَسْرِهِ (لِحَالَتِهِ) الْأُولَى فَلَا ضَمَانَ، وَتَعَيَّنَ أَخْذُهُ (أَوْ كَسَرَهُ) وَلَمْ يُعِدْهُ فَلَا يُفَوِّتُ.
(وَ) إذَا أَخَذَهُ (ضَمِنَ) الْغَاصِبُ (النَّقْصَ) : أَيْ أَرْشَ نَقْصِهِ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْأَوَّلُ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَقَالَ: إنَّهُ مُفَوِّتٌ فَلَهُ تَغْرِيمُهُ الْقِيمَةَ وَمَشَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ. (وَ) إنْ أَعَادَهُ (لِغَيْرِ حَالَتِهِ) الْأُولَى: (فَالْقِيمَةُ) لِفَوَاتِهِ حِينَئِذٍ. (كَتَغَيُّرِ ذَاتِهِ) عَنْ الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ مُفِيتٌ، بِخِلَافِ تَغَيُّرِ السُّوقِ كَمَا مَرَّ (وَلَوْ قَلَّ) التَّغَيُّرُ (وَإِنْ بِسَمَاوِيٍّ) كَكَسْرِ نَهْدِ الْجَارِيَةِ أَوْ هُزَالِ دَابَّةٍ فَأَعْلَى (وَ) حِينَئِذٍ (لَهُ أَخْذُهُ وَأَرْشُ نَقْصِهِ) وَتَرْكُهُ وَأَخْذُ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ.
(لَا) يَضْمَنُ الْغَاصِبُ (إنْ) غَصَبَ طَعَامًا أَوْ شَرَابًا وَ (أَكَلَهُ رَبُّهُ)
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَلَمْ يَنْقُصْ] : أَيْ بَلْ بَقِيَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ أَوْ زَادَ ثَمَنُهُ خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ حَيْثُ جَعَلَ الزِّيَادَةَ مِثْلَ النَّقْصِ فَيُخَيَّرُ رَبُّهُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: [أَوْ أَعَادَ الْغَاصِبُ مَصُوغًا] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَصُوغَ إذَا كَسَرَهُ الْغَاصِبُ وَأَعَادَهُ لِحَالَتِهِ فَلَا يُفَوَّتُ عَلَى رَبِّهِ اتِّفَاقًا، فَإِنْ قَصَّرَهُ وَأَعَادَهُ عَلَى غَيْرِ حَالَتِهِ الْأُولَى فَاتَ اتِّفَاقًا. وَأَمَّا إنْ قَصَّرَهُ وَلَمْ يُعِدْهُ أَصْلًا فَهَلْ يَفُوتُ عَلَى رَبِّهِ أَوْ لَا يَفُوتُ؟ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ، فَالْفَوَاتُ: هُوَ مَا رَجَعَ إلَيْهِ، وَعَدَمُ الْفَوَاتِ هُوَ مَا رَجَعَ عَنْهُ، وَلَكِنَّهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
قَوْلُهُ: [وَأَكَلَهُ رَبُّهُ] : أَيْ قَبْلَ أَنْ يُفَوَّتَ عِنْدَ الْغَاصِبِ بِطَبْخٍ مَثَلًا، وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ