الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَاعَهُ لَهُ (أَوْ هِبَةٍ أَوْ إرْثٍ) فَلَهُ الرَّدُّ فِي الْجَمِيعِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ. فَإِنْ تَغَيَّرَ فَلَهُ حُكْمُهُ الْآتِي.
وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْفَوَاتَ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْيَدِ يَمْنَعُ الرَّدَّ وَيَتَعَيَّنُ الرُّجُوعُ بِالْأَرْشِ إنْ قَامَ الْمُشْتَرِي بِهِ وَكَانَ ذَلِكَ فِيمَا خَرَجَ مِنْ يَدِ مُشْتَرِيهِ بِلَا عِوَضٍ، شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا لَوْ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ بِعِوَضٍ فَقَالَ
: (وَلَوْ بَاعَهُ) مُشْتَرِيهِ (لِبَائِعِهِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ) الْأَوَّلِ بِأَنْ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ وَبَاعَهُ لِبَائِعِهِ بِعَشَرَةٍ، وَسَوَاءٌ دَلَّسَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ بِأَنْ كَتَمَ الْعَيْبَ أَمْ لَا (أَوْ بِأَكْثَرَ) مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ (وَقَدْ دَلَّسَ) الْوَاوُ لِلْحَالِ: أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ بَائِعَهُ الْأَوَّلَ قَدْ دَلَّسَ بِكَتْمِ الْعَيْبِ؛ كَمَا لَوْ بَاعَهُ لَهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ (فَلَا رُجُوعَ) لِأَحَدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِأَنَّ الْمَبِيعَ رُدَّ لِرَبِّهِ. فَفِيمَا إذَا تَسَاوَى الثَّمَنَانِ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ، وَفِيمَا إذَا اشْتَرَاهُ بَائِعُهُ بِأَكْثَرَ فَهُوَ مُدَلِّسٌ فَلَا رُجُوعَ بِالزَّائِدِ، وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي مِنْهُ أَرْشٌ لِأَخْذِ الْعِوَضِ مِنْهُ أَكْثَرَ مِمَّا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
يَقُولَ: اشْتَرَيْته لِأَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ. وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ اشْتَرَاهُ بَعْدَ تَعَدُّدِ الشِّرَاءِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: لَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى مَنْ اشْتَرَى مِنْهُ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، فَإِنْ رَدَّ عَلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ أَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ. وَإِنْ رَدَّ عَلَى بَائِعِهِ الْأَخِيرِ أَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ وَيُخَيَّرُ ذَلِكَ الْبَائِعُ. إمَّا أَنْ يَتَمَاسَكَ أَوْ يَرُدَّ عَلَى بَائِعِهِ وَهَكَذَا بَائِعُهُ إلَى أَنْ يَحْصُلَ تَمَاسُكٌ أَوْ رَدٌّ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ هِبَةٍ أَوْ إرْثٍ] : أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعُودَ لَهُ بِمُعَاوَضَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَبَيْنَ مَا عَادَ لَهُ اخْتِيَارًا أَوْ جَبْرًا.
[إذَا خَرَجَ الْمَبِيع مِنْ يَد الْمُشْتَرِي بعوض]
قَوْلُهُ: [وَلَوْ بَاعَهُ مُشْتَرِيهِ لِبَائِعِهِ] : حَاصِلُهُ أَنَّ صُوَرَ بَيْعِهِ لِلْبَائِعِ اثْنَتَا عَشَرَةَ؛ لِأَنَّهُ: إمَّا أَنْ يَبِيعَهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ بِأَقَلَّ أَوْ بِأَكْثَرَ، وَفِي كُلٍّ: إمَّا أَنْ يَكُونَ مُدَلِّسًا أَمْ لَا، وَفِي كُلٍّ: إمَّا أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ أَمْ لَا؛ أَفَادَ الْمُصَنِّفُ أَحْكَامَ صُوَرٍ سِتٍّ وَهِيَ الَّتِي قَبْلَ الِاطِّلَاعِ. وَأَمَّا لَوْ بَاعَهُ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ فَفِيهَا سِتُّ صُوَرٍ أَيْضًا لَمْ يُفِدْهَا الْمُصَنِّفُ. وَحَاصِلُهَا: أَنَّهُ إذَا بَاعَهُ لَهُ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ لِبَائِعِهِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَلِلْمُشْتَرِي الثَّانِي رَدُّهُ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ، لِأَنَّهُ لَمَّا اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَكَأَنَّهُ حَدَثَ عِنْدَهُ وَسَوَاءٌ دَلَّسَ فِي بَيْعِهِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا.
(وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ مُدَلِّسًا (رَدَّ) أَيْ كَانَ لَهُ رَدُّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِذَلِكَ الْعَيْبِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ الِاثْنَا عَشَرَ (ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ) : أَيْ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ الْعَشَرَةَ، فَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ فِي عَشَرَةٍ يَبْقَى لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ دِرْهَمَانِ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْهُ.
(وَ) لَوْ بَاعَهُ لِبَائِعِهِ (بِأَقَلَّ) كَمَا لَوْ بَاعَهُ بِثَمَانِيَةٍ (كَمَّلَ) الْبَائِعُ الْأَوَّلُ لِمُشْتَرِيهِ مِنْهُ بَقِيَّةَ الثَّمَنِ، فَيَدْفَعُ لَهُ دِرْهَمَيْنِ دَلَّسَ أَمْ لَا. وَأَمَّا لَوْ بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ أَيْ لِغَيْرِ بَائِعِهِ فَلَا رُجُوعَ عَلَى الْبَائِعِ مُطْلَقًا بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، لِأَنَّهُ إنْ بَاعَهُ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ فَهُوَ رِضًا مِنْهُ بِهِ. وَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ فَلِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ لَا لِلْعَيْبِ - قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ فِي الثَّمَنِ مِنْ أَجْلِ الْعَيْبِ، مِثْلُ أَنْ يَبِيعَهُ بِالْعَيْبِ ظَانًّا أَنَّهُ حَدَثَ عِنْدَهُ، أَوْ بَاعَهُ وَكِيلُهُ ظَانًّا ذَلِكَ، فَيَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِمَا نَقَصَهُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتِهِ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ يُونُسَ وَعِيَاضٌ: قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ تَفْسِيرٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ] إلَخْ: لَا تُعْقَلُ. مُقَاصَّةٌ بَعْدَ هَذَا التَّصْوِيرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ يَرْجِعُ فَيَأْخُذُ الثَّمَنَ الَّذِي هُوَ اثْنَا عَشَرَ ثُمَّ إذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي الرَّدَّ يَرُدُّ لَهُ وَيَأْخُذُ مِنْهُ عَشَرَةً فَأَيْنَ تُعْقَلُ الْمُقَاصَّةُ أَوْ رُجُوعٌ بِأَزْيَدَ.
قَوْلُهُ: [دَلَّسَ أَمْ لَا] : قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي تَكْمِيلِهِ لَهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ مُدَلِّسًا نُظِرَ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ مِنْ حَوَالَةِ سُوقٍ كَمَا هُوَ حُجَّةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَا إذَا بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ بِأَقَلَّ.
قَوْلُهُ: [وَأَمَّا لَوْ بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ] : الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ لِأَجْنَبِيٍّ وَلِلْبَائِعِ كَمَا قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيّ أَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْبَائِعِ إذَا كَانَ الْبَيْعُ لَهُ لِرُجُوعِ سِلْعَتِهِ إلَيْهِ فَيَرُدُّ لِذَلِكَ كُلِّهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي لِأَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهُ لَوْ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِكِمَالَةِ الثَّمَنِ لَتَضَرَّرَ. وَمِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ: النَّقْصُ إنَّمَا هُوَ لِحَوَالَةِ السُّوقِ لَا لِلْعَيْبِ، فَلِذَا لَا يَكْمُلُ لَهُ - كَذَا فِي (بْن) .
قَوْلُهُ: [وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ] إلَخْ: حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا بَاعَ مَا اشْتَرَاهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَالْحَالُ أَنَّهُ مَعِيبٌ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى بَائِعِهِ بِأَرْشِ الْعَيْبِ سَوَاءٌ
(وَلَا) رَدَّ (عَلَى حَاكِمٍ وَ) لَا عَلَى (وَارِثٍ بُيِّنَ) بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ الْمُشَدَّدَةِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ: أَيْ ظَهَرَ لِلْمُشْتَرِي حَالَ الشِّرَاءِ أَنَّ بَائِعَهُ حَاكِمٌ أَوْ وَارِثٌ، كَانَ الْبَيَانُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ لَكَانَ لَهُ الرَّدُّ. وَقَوْلُهُ:(رَقِيقًا فَقَطْ) مَعْمُولٌ لِرَدِّ الْمِقْدَارِ بَعْدَ لَا النَّافِيَةِ (بِيعَ لِكَدَيْنٍ) عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ الْغَائِبِ أَوْ الْمُفْلِسِ. وَمِثْلُ الدَّيْنِ: نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ أَوْ الْأَطْفَالِ، فَقَوْلُهُ:" بُيِّنَ " رَاجِعٌ لَهُمَا، فَهُوَ مِنْ الْحَذْفِ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَى مَا هُوَ الرَّاجِحُ. وَقِيلَ: الْبَيَانُ شَرْطٌ فِي الْوَارِثِ فَقَطْ وَمِثْلُهُمَا الْوَصِيُّ. وَشَرْطُ كَوْنِ بَيْعِ مَنْ ذَكَرَ مَانِعًا مِنْ رَدِّ الرَّقِيقِ: إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ وَيَكْتُمْهُ. كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ:
ــ
[حاشية الصاوي]
بَاعَهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ أَوْ أَقُلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَسَوَاءٌ بَاعَهُ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ أَوْ قَبْلَهُ. وَهَذَا التَّعْمِيمُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: إنْ بَاعَهُ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ، وَإِنْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْقِلَّةُ بِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهَا مِنْ أَجْلِ الْعَيْبِ - كَأَنْ يَبِيعَهُ هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ ظَانًّا أَنَّ الْعَيْبَ حَدَثَ عِنْدَهُ - فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالْأَقَلِّ مِمَّا نَقَصَهُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتِهِ: وَجَعَلَ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ يُونُسَ وَعِيَاضٌ، قَوْلَ ابْنِ الْمَوَّازِ تَفْسِيرًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلْيُفْهَمْ.
قَوْلُهُ: [بُيِّنَ] : إنَّمَا بَنَاهُ لِلْمَجْهُولِ لِأَجْلِ التَّعْمِيمِ. الَّذِي قَالَهُ بَعْدُ. قَوْلُهُ: [مَعْمُولٌ لِرَدِّ الْمُقَدَّرِ] : فِيهِ رِكَّةٌ لَا تَخْفَى فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَدِّرَ الْوَاقِعَ بَعْدَ " لَا " فِعْلًا مُضَارِعًا مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَيَذْكُرَ فَاعِلَهُ وَهُوَ الْمُشْتَرِي وَيَجْعَلَ رَقِيقًا مَعْمُولًا لَهُ، فَيَصِيرَ السِّيَاقُ هَكَذَا: وَلَا يَرُدُّ مُشْتَرٍ عَلَى حَاكِمٍ وَلَا عَلَى وَارِثٍ بُيِّنَ رَقِيقًا فَقَطْ.
قَوْلُهُ: [مِثْلُ الدَّيْنِ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ] إلَخْ: خِلَافًا لِلْبَاجِيِّ حَيْثُ قَالَ: لَا يَكُونُ بَيْعُ الْوَارِثِ مَانِعًا مِنْ الرَّدِّ إلَّا إذَا كَانَ لِقَضَاءِ دَيْنٍ فَقَطْ.
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ الْبَيَانُ شَرْطٌ فِي الْوَارِثِ فَقَطْ] : هَذَا ضَعِيفٌ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ بَيْعِ الْحَاكِمِ مَا إذَا بَاعَ عَبْدًا مُسْلِمًا عَلَى مَالِكِهِ الْكَافِرِ فَلَيْسَ بَيْعَ بَرَاءَةٍ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ:" وَجَازَ رَدُّهُ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ ". وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ.
(وَلَمْ يَعْلَمَا بِالْعَيْبِ) : وَإِلَّا كَانَ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ بِهِ كَمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ الْبَائِعَ حَاكِمٌ أَوْ وَارِثٌ. وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: قَالَ مَالِكٌ: بَيْعُ الْمِيرَاثِ وَبَيْعُ السُّلْطَانِ بَيْعُ بَرَاءَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ بَيْعُ مِيرَاثٍ أَوْ سُلْطَانٍ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ أَوْ يَحْبِسَ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: وَبَيْعُ السُّلْطَانِ لِلرَّقِيقِ فِي الدُّيُونِ وَالْمَغْنَمِ وَغَيْرِهِ بَيْعُ بَرَاءَةٍ (اهـ) فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَيَانِ الْعِلْمُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا كَأَنَّهُ قِيلَ: عَلِمَ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ كَانَ لَهُ الرَّدُّ. وَقَوْلُ الشَّيْخِ:" وَخُيِّرَ مُشْتَرٍ ظَنَّهُ غَيْرَهُمَا " الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: جَهِلَهُمَا لِيَشْمَلَ مَا إذَا لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا فَمَدَارُ التَّخْيِيرِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ. وَمَفْهُومُ: رَقِيقًا فَقَطْ، أَنَّهُمَا لَوْ بَاعَا غَيْرَهُ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ عُرُوضٍ لَمْ يَكُنْ بَيْعُهُمَا بَيْعَ بَرَاءَةٍ؛ فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ وَلَوْ بَيَّنَ أَيْ عَلِمَ أَنَّهُ حَاكِمٌ أَوْ وَارِثٌ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ. وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ الْإِطْلَاقُ، ثُمَّ إنَّ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ لِوَاجِدِ الْعَيْبِ الرَّدَّ بِهِ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا مَحِلُّهُ مَا لَمْ يَحْدُثْ عَنْ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ آخَرُ فِي الْمَبِيعِ.
فَإِنْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ فَلَا يَخْلُو؛ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَوَسِّطًا أَوْ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَإِلَّا كَانَ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ بِهِ] : أَيْ لِأَنَّ الْحَاكِمَ أَوْ الْوَارِثَ حِينَئِذٍ كُلٌّ مُدَلِّسٌ.
قَوْلُهُ: [قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ] إلَخْ: كَلَامُ ابْنِ الْمَوَّازِ هُوَ مَأْخَذُ تَعْمِيمِ الْبَيَانِ فِيمَا تَقَدَّمَ.
وَقَوْلُهُ: [وَفِي الْمُدَوَّنَةِ] إلَخْ: هُوَ مُسْتَنَدُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْبَيَانَ شَرْطٌ فِي الْوَارِثِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: [فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ أَوْ يَحْبِسَ] : أَيْ وَإِنْ كَانَ مُطَّلِعًا عَلَى بَعْضِ الْعُيُوبِ وَرَاضِيًا بِهَا. قَوْلُهُ: [فَعُلِمَ مِنْ هَذَا] اسْمُ الْإِشَارَةِ عَائِدٌ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ لِأَنَّ التَّعْمِيمَ لَا يُفْهَمُ إلَّا مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: [وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ الْإِطْلَاقُ] : أَيْ شُمُولُ الرَّقِيقِ وَغَيْرِهِ فَيَكُونُ عَلَى إطْلَاقِهِ: بَيْعُ الْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ بَيْعَ بَرَاءَةٍ وَلَوْ فِي غَيْرِ الرَّقِيقِ، وَلَكِنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ خِلَافُ الرَّاجِحِ فَتَحَصَّلَ أَنَّ عُمُومَ كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ مِنْ حَيْثُ الْبَيَانُ مُسَلَّمٌ وَمِنْ حَيْثُ شُمُولُهُ لِغَيْرِ الرَّقِيقِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ.