الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ بَيَّنَ
شُرُوطَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ
بِقَوْلِهِ:
(وَشُرُوطُ صِحَّةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ: طَهَارَةٌ) : فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ نَجَسٍ وَلَا مُتَنَجِّسٍ لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ كَدُهْنٍ تَنَجَّسَ. (وَانْتِفَاعٌ بِهِ شَرْعًا) : فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ آلَةِ لَهْوٍ. (وَعَدَمُ نَهْيٍ) عَنْ بَيْعِهِ؛ لَا كَكَلْبِ صَيْدٍ. (وَقُدْرَةٌ عَلَى تَسْلِيمِهِ) : لَا طَيْرَ فِي الْهَوَاءِ وَلَا وَحْشَ فِي الْفَلَاةِ. (وَعَدَمُ جَهْلٍ بِهِ) : فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَجْهُولِ الذَّاتِ وَلَا الْقَدْرِ وَلَا الصِّفَةِ؛ فَهَذِهِ خَمْسَةُ شُرُوطٍ. شَرَعَ فِي بَيَانِ بَعْضِ مُحْتَرِزَاتِهَا بِقَوْلِهِ: (فَلَا يُبَاعُ كَزِبْلٍ) لِنَحْوِ حِمَارٍ لِنَجَاسَتِهِ فَأَوْلَى عَذِرَةٌ وَدَمٌ وَلَحْمُ مَيِّتَةٍ. وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِجَوَازِ بَيْعِ الزِّبْلِ لِلضَّرُورَةِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
زَمَنَ الْخِيَارِ فَإِنْ حَصَلَ إسْلَامُهُ فِي خِيَارِ مُشْتَرٍ مُسْلِمٍ أُمْهِلَ الْمُشْتَرِي لِانْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ فَإِنْ رَدَّهُ لِبَائِعِهِ جُبِرَ عَلَى إخْرَاجِهِ بِمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا إنْ حَصَلَ إسْلَامُهُ فِي خِيَارِ الْكَافِرِ فَلَا يُمْهَلُ بَلْ يُسْتَعْجَلُ بِالرَّدِّ أَوْ الْإِمْضَاءِ؛ فَإِنْ أَمْضَى جُبِرَ عَلَى إخْرَاجِهِ بِمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ رَدَّ جُبِرَ الْكَافِرُ الْبَائِعُ عَلَى إخْرَاجِهِ أَيْضًا، وَلَوْ بَاعَ الْمُسْلِمُ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ لِكَافِرٍ بِخِيَارٍ لِلْبَائِعِ مُنِعَ مِنْ الْإِمْضَاءِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ مِنْ الْخِيَارِ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي الْكَافِرِ اُسْتُعْجِلَ كَذَا فِي الْأَصْلِ.
[شُرُوطَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ]
قَوْلُهُ: [طَهَارَةً] : أَيْ حَاصِلَةً أَوْ مُسْتَحْصِلَةً كَالْخَمْرِ إذَا تَحَجَّرَ أَوْ تَخَلَّلَ. قَوْلُهُ: [كَدُهْنٍ تَنَجَّسَ] : أَدْخَلَتْ الْكَافُ كُلَّ نَجِسٍ لَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ. قَوْلُهُ: [لَا كَكَلْبِ صَيْدٍ] : أَيْ؛ لِأَنَّهُ نُهِيَ عَنْ بَيْعِهِ فَفِي الْحَدِيثِ: «نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ» .
قَوْلُهُ: [عَلَى تَسْلِيمِهِ] : أَيْ عَلَى تَسْلِيمِ الْبَائِعِ لَهُ وَعَلَى تَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي لَهُ. قَوْلُهُ: [وَلَا الْقَدْرِ] : أَيْ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا، أَوْ تَفْصِيلًا فَقَطْ إلَّا فِي بَيْعِ الْجُزَافِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ:[فَهَذِهِ خَمْسَةُ شُرُوطٍ] : أَيْ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ثَمَنًا أَوْ مُثَمَّنًا وَيُضَمُّ لَهَا سَادِسٌ وَهُوَ التَّمْيِيزُ فِي الْعَاقِدِ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: [وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ] : مُرَادُهُ بِهِ (بْن) . وَحَاصِلُ مَا فِيهِ أَنَّهُ ذَكَرَ
(وَ) لَا (جِلْدِ مَيْتَةٍ وَلَوْ دُبِغَ) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الدَّبْغَ لَا يُطَهِّرُ عَلَى الْمَشْهُورِ. (وَ) لَا (خَمْرٍ وَ) لَا (زَيْتٍ) وَنَحْوِهِ مِنْ سَائِرِ الْأَدْهَانِ (تَنَجَّسَ) إذْ لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ. وَأَمَّا مَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ - كَالثَّوْبِ - فَيَصِحُّ، وَيَجِبُ الْبَيَانُ. فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَجَبَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ، وَإِنْ كَانَ الْغَسْلُ لَا يُفْسِدُهُ. (وَ) لَا يَصِحُّ أَنْ يُبَاعَ (مَا بَلَغَ) مِنْ الْحَيَوَانِ (السِّيَاقَ) : أَيْ نَزْعَ الرُّوحِ؛ بِحَيْثُ لَا يُدْرَكُ بِذَكَاةٍ لَوْ كَانَ مُبَاحَ الْأَكْلِ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِ. قَالَ أَصْبَغُ: لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْمَرِيضِ مَا لَمْ تَنْزِلْ بِهِ أَسْبَابُ الْمَوْتِ، وَكَذَا خَشَاشُ الْأَرْضِ
ــ
[حاشية الصاوي]
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالِ: الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَالْجَوَازُ مُطْلَقًا وَقَالَ أَشْهَبُ بِجَوَازِهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الْكَرَاهَةُ إنْ لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةً وَفِي التُّحْفَةِ:
وَنَجَسٌ صَفْقَتُهُ مَحْظُورَةٌ
…
وَرَخَّصُوا فِي الزِّبْلِ لِلضَّرُورَةِ
قَالَ (بْن) وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْعَمَلَ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الزِّبْلِ دُونَ الْعَذِرَةِ لِلضَّرُورَةِ وَنَقَلَهُ فِي الْمِعْيَارِ عَنْ ابْنِ لب وَهُوَ الَّذِي بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ جَارِيَةٌ فِي الْعَذِرَةِ أَيْضًا (اهـ) . وَقَوْلُ بَعْضِ شُرَّاحِ خَلِيلٍ إنَّ بَيْعَ الزِّبْلِ لَا يَجُوزُ بِوَجْهٍ وَإِنَّمَا يَجُوزُ إسْقَاطُ الْحَقِّ فِيهِ لِلضَّرُورَةِ كَلَامٌ يُضَارِبُ بَعْضُهُ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْبَيْعِ مَا دَلَّ عَلَى الرِّضَا وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ مِنْ ذَلِكَ الْقَبِيلِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ دُبِغَ] : أَيْ غَيْرُ الْكِيمَخْتِ فَإِنَّ الْكِيمَخْتَ مَتَى دُبِغَ طَهُرَ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الرَّاجِحِ فِي الْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ: [إذْ لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ] : مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الزَّيْتِ الْمُتَنَجِّسِ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَمُقَابِلُهُ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ جَوَازُ بَيْعِهِ وَكَانَ يُفْتِي بِهَا ابْنُ اللَّبَّادِ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ الْمَعْلُومُ مِنْ مَذْهَبِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ بَيْعَهُ لَا يَجُوزُ: وَالْأَظْهَرُ فِي الْقِيَاسِ أَنَّ بَيْعَهُ جَائِزٌ لِمَنْ لَا يَغُشُّ بِهِ إذَا بَيَّنَ؛ لِأَنَّ تَنْجِيسَهُ لَا يُسْقِطُ مِلْكَ رَبِّهِ عَنْهُ وَلَا يُذْهِبُ جُمْلَةَ الْمَنَافِعِ مِنْهُ قَالَ (بْن) وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَا يُجِيزُ غَسْلَهُ، وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُجِيزُ غَسْلَهُ فَسَبِيلُهُ فِي الْبَيْعِ سَبِيلُ الثَّوْبِ الْمُتَنَجِّسِ.