الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شَاءَ (وَلَوْ) كَانَ الْمَدِينُ (غَائِبًا) حَيْثُ كَانَ الدَّيْنُ ثَابِتًا وَمَالُ الْمَدِينِ حَاضِرًا يُمْكِنُ الْأَخْذُ مِنْهُ بِلَا مَشَقَّةٍ. (إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ) رَبُّ الدَّيْنِ عِنْدَ الضَّمَانِ (أَخْذُ أَيِّهِمَا شَاءَ أَوْ) يَشْتَرِطُ (تَقْدِيمَهُ) فِي الْأَخْذِ عَنْ الْمَدِينِ (أَوْ ضَمِنَ) الضَّامِنُ الْمَدِينُ (فِي الْحَالَاتِ السِّتِّ) : الْحَيَاةُ، وَالْمَوْتُ، وَالْحُضُورُ، وَالْغَيْبَةُ، وَالْيُسْرُ، وَالْعُسْرُ؛ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ وَلَوْ تَيَسَّرَ الْأَخْذُ مِنْ مَالِ الْغَرِيمِ.
(الْقَوْلُ لَهُ) : أَيْ لِلضَّامِنِ (فِي مَلَائِهِ) : أَيْ مَلَاءِ الْمَدِينِ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي مَلَائِهِ وَعَدَمِهِ؛ فَلَا مُطَالَبَةَ لِرَبِّ الدَّيْنِ عَلَى الضَّامِنِ، لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي مَلَاءِ الْمَضْمُونِ، وَلَا عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِعَدَمِهِ. وَاَلَّذِي قَالَهُ سَحْنُونَ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ: أَنَّ الْقَوْلَ لِلطَّالِبِ فَلَهُ مُطَالَبَةُ الْحَمِيلِ مَا لَمْ يَثْبُتْ مَلَاءُ الْغَرِيمِ وَتَيَسَّرَ الْأَخْذُ مِنْهُ. قَالَ الْمُتَيْطِيُّ: وَبِهِ الْعَمَلُ؛ أَيْ فَيَكُونُ هُوَ الرَّاجِحُ وَإِنْ اسْتَظْهَرَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْحَمِيلِ.
(وَلَهُ) : أَيْ لِلضَّامِنِ (طَلَبُ الْمُسْتَحَقِّ) الَّذِي هُوَ رَبُّ الْحَقِّ
ــ
[حاشية الصاوي]
أُخْرَى بِالْحَقِّ.
قَوْلُهُ: [فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ وَلَوْ تَيَسَّرَ الْأَخْذُ] إلَخْ: مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ مَا فِي وَثَائِقِ أَبِي الْقَاسِمِ الْجَزِيرِيِّ وَغَيْرِهِ، خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّ الضَّامِنَ لَا يُطَالِبُ إذَا حَضَرَ الْغَرِيمُ مَلِيئًا مُطْلَقًا.
قَوْلُهُ: [وَلَا عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ] : الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ وَلَا عَلَى الْمَدِينِ لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ مُقِرٌّ بِعَدَمِهِ.
قَوْلُهُ: [قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَبِهِ الْعَمَلُ] : قَالَ (بْن) وَنَصُّهُ: وَإِذَا طَلَبَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْحَمِيلَ بِدَيْنِهِ وَالْغَرِيمُ حَاضِرٌ فَقَالَ لَهُ الْحَمِيلُ: شَأْنُك بِغَرِيمِك فَهُوَ مَلِيءٌ بِدَيْنِك، وَقَالَ صَاحِبُ الدَّيْنِ: الْغَرِيمُ مُعْدَمٌ وَمَا أَجِدُ لَهُ مَالًا، فَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ - وَقَالَهُ سَحْنُونَ فِي الْعُتْبِيَّةِ - أَنَّ الْحَمِيلَ يَغْرَمُ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ يُسْرَ الْغَرِيمِ وَمُلَاءَهُ فَيَبْرَأُ وَحَلَفَ لَهُ صَاحِبُ الْحَقِّ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ مَعْرِفَةَ يُسْرِهِ عَلَى إنْكَارِ مَعْرِفَتِهِ بِذَلِكَ وَغَرِمَ الْحَمِيلُ وَلَهُ رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى الْحَمِيلِ، فَإِنْ رَدَّهَا حَلَفَ الْحَمِيلُ وَبَرِئَ (اهـ) .
[تَنْبِيه إِن كَانَ الضَّامِن وَكَيْلًا لِرَبِّ الدِّين]
قَوْلُهُ: [طَلَبَ الْمُسْتَحِقُّ] : أَيْ لَهُ إلْزَامُهُ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ مَا ذُكِرَ.
(بِتَخْلِيصِهِ) مِنْ رِبْقَةِ الضَّمَانِ، بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: إذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَلَوْ بِمَوْتِ الْمَدِينِ إمَّا أَنْ تَطْلُبَ حَقَّك مِنْ مَدِينِك أَوْ تُسْقِطَ عَنِّي الضَّمَانَ.
(وَ) لَهُ أَيْضًا كَمَا هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ (طَلَبُ الْغَرِيمِ) : أَيْ الْمَدِينِ (بِالدَّفْعِ) : أَيْ دَفْعِ الدَّيْنِ لِرَبِّهِ (عِنْدَ) حُلُولِ (الْأَجَلِ) لَا قَبْلَهُ؛ وَهَذَا رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ، إذْ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ لَا مُطَالَبَةَ لَهُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
(لَا) : أَيْ لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْغَرِيمِ (بِتَسْلِيمِ الْمَالِ إلَيْهِ) لِيُوَصِّلَهُ إلَى رَبِّهِ، وَلَيْسَ عَلَى الْغَرِيمِ دَفْعُهُ لَهُ (وَضَمِنَهُ) الضَّامِنُ (إنْ اقْتَضَاهُ) مِنْ الْغَرِيمِ لِيُوَصِّلَهُ لِرَبِّهِ - سَوَاءٌ طَلَبَهُ مِنْهُ أَوْ دَفَعَهُ لَهُ الْغَرِيمُ بِلَا طَلَبٍ - لَكِنْ عَلَى وَجْهِ الْبَرَاءِ مِنْهُ، وَلَوْ تَلِفَ مِنْهُ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ أَوْ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بِبَيِّنَةٍ، لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِقَبْضِهِ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ. وَحَيْثُ قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ كَانَ لِرَبِّهِ غَرِيمَانِ يَطْلُبُ أَيُّهُمَا شَاءَ.
(لَا) إنْ (أَرْسَلَهُ) الْمَدِينُ (بِهِ) : إلَى رَبِّ الدَّيْنِ فَضَاعَ مِنْهُ فَلَا ضَمَانَ حَيْثُ لَمْ يُفَرِّطْ؛ لِأَنَّهُ صَارَ أَمِينًا بِالْإِرْسَالِ. وَمِثْلُ الْإِرْسَالِ: لَوْ دَفَعَهُ لَهُ عَلَى وَجْهِ التَّوْكِيلِ عَنْهُ فِي تَوْصِيلِهِ لِرَبِّهِ أَوْ هُوَ إرْسَالٌ حُكْمًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الضَّمَانِ وَلَوْ تَنَازَعَا، فَقَالَ الْغَرِيمُ: قَبَضْته مِنِّي اقْتِضَاءً، وَقَالَ الضَّامِنُ: بَلْ رِسَالَةً أَوْ تَوْكِيلًا، فَالْقَوْلُ لِلْغَرِيمِ. وَكَذَا لَوْ انْبَهَمَ الْأَمْرُ؛ كَمَا لَوْ مَاتَ الضَّامِنُ أَوْ غَابَ. فَضَمَانُ الضَّامِنِ فِي صُوَرٍ ثَلَاثٍ،
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [مِنْ رِبْقَةِ الضَّمَانِ] : بِالرَّاءِ وَالْبَاءِ وَالْقَافِ وَالتَّاءِ الْوَرْطَةُ وَإِضَافَتُهَا لِلضَّمَانِ بَانِيَةٌ.
قَوْلُهُ: [لَكِنْ عَلَى وَجْهِ الْبَرَاءَةِ مِنْهُ] : أَيْ لَا عَلَى وَجْهِ الْإِرْسَالِ الْآتِي.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ تَلِفَ مِنْهُ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ] : أَيْ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ: [أَوْ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ] : أَيْ فِيمَا يُغَابُ، فَلَيْسَ كَضَمَانِ الرِّهَانِ بَلْ هُوَ كَضَمَانِ التَّعَدِّي.
قَوْلُهُ: [فَلَا ضَمَانَ حَيْثُ لَمْ يُفَرِّطْ] : كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ لَا.
قَوْلُهُ: [فَلَا ضَمَانَ عَلَى الضَّامِنِ] : أَيْ حَيْثُ لَمْ يُفَرِّطْ.
قَوْلُهُ: [فَضَمَانُ الضَّامِنِ فِي صُوَرٍ ثَلَاثٍ] : أَيْ يَكُونُ الضَّامِنُ غَرِيمَ الْغَرِيمِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ غَرِيمَ الْغَرِيمِ غَرِيمٌ، فَلِرَبِّ الدَّيْنِ أَنْ يَغْرَمَ الْأَصِيلَ، وَلَهُ