الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دُونَ مُدَّعِيه لِنَفْسِهِ (إلَّا لِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ لِلْجَائِزِ (بِكَارِثَةٍ) وَأَنَّهُ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الشَّرِكَةِ، بَلْ (وَإِنْ قَالَتْ لَا نَعْلَمُ تَأَخُّرَهُ عَنْهُمَا) : أَيْ عَنْ الشَّرِكَةِ فَيَكُونُ لِلْحَائِزِ الَّذِي ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ قَالَتْ: نَعْلَمُ تَقَدُّمَهُ عَلَيْهَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بِإِخْرَاجِهِ عَنْهَا.
(وَأُلْغِيَتْ نَفَقَتُهُمَا) عَلَى أَنْفُسِهِمَا (وَكِسْوَتُهُمَا) فَلَا يَحْسِبَانِ عِنْدَ النَّضُوضِ أَوْ الْمُفَاوَضَةِ (وَإِنْ) كَانَا (بِبَلَدَيْنِ) : أَيْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِبَلَدٍ غَيْرِ الَّذِي بِهِ الْآخَرُ (مُخْتَلِفَيْ السِّعْرِ) وَلَوْ اخْتِلَافًا بَيَّنَّا بِشَرْطِ أَنْ يَتَسَاوَيَا أَوْ يَتَقَارَبَا فِي النَّفَقَةِ وَأَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الْمَالِ بِأَنْ كَانَتْ الشَّرِكَةُ عَلَى النِّصْفِ فَإِنْ لَمْ يَتَسَاوَيَا فَكُلُّ وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِ مَالِهِ. (كَعِيَالِهِمَا) : أَيْ كَمَا تَلْغَى النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ عَلَى عِيَالِهِمَا (إنْ تَقَارَبَا) عِيَالًا وَنَفَقَةً. (وَإِلَّا) يَتَقَارَبَا (حَسَبَا) مَا أَنْفَقَهُ كُلّ وَاحِدٍ وَرَجَعَ ذُو الْقَلِيلِ عَلَى ذِي الْكَثِيرِ بِمَا يَخُصُّهُ. (كَانْفِرَادِ أَحَدِهِمَا بِهَا) : أَيْ بِالنَّفَقَةِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ الْعِيَالِ فَإِنَّهُ يَحْسَبُ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ مَنْ انْفَرَدَ بِالنَّفَقَةِ عَلَى نَفْسِهِ لَا يُحْسَبُ فِيهِ نَظَرٌ.
ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ قِسْمَيْ الشَّرِكَةِ بِقَوْلِهِ:
(وَإِنْ شَرَطَا نَفْيَ الِاسْتِبْدَادِ) بِالتَّصَرُّفِ؛ بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ يَتَوَقَّفُ تَصَرُّفُهُ عَلَى إذْنِ الْآخَرِ (فَعِنَانٌ) : أَيْ فَهِيَ شَرِكَةُ عِنَانٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَأَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الْمَالِ] إلَخْ: أَيْ كَمَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ حَيْثُ قَالَ مَحَلُّ إلْغَاءِ النَّفَقَةِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا إنْ تَسَاوَى الْمَالَانِ، فَإِنْ لَمْ يَتَسَاوَيَا وَكَانَتْ الشَّرِكَةُ أَثْلَاثًا حُسِبَتْ نَفَقَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَيْهِ، وَقَالَ الْأُجْهُورِيُّ: تُلْغَى مُطْلَقًا تَقَارَبَ الْإِنْفَاقُ أَوْ لَا، تَسَاوَى الْمَالَانِ أَوْ لَا. قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ وَهُوَ الْأَوْجُهُ.
قَوْلُهُ: [إنْ تَقَارَبَا عِيَالًا] : أَيْ فِي السِّنِّ وَالْعَدَدِ.
قَوْلُهُ: [وَإِلَّا يَتَقَارَبَا] : أَيْ بِأَنْ اخْتَلَفَا عَدَدًا أَوْ سِنًّا.
قَوْلُهُ: [فِيهِ نَظَرٌ] : أَيْ لِأَنَّ النَّقْلَ يُخَالِفُهُ.
[شَرِكَةُ الْعِنَانِ]
[تَنْبِيه الشَّرِكَة فِي الطُّيُور]
قَوْلُهُ: [بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ] إلَخْ: بَيَانٌ لِحَقِيقَةِ نَفْيِ الِاسْتِبْدَادِ.
قَوْلُهُ: [أَيْ فَهِيَ شَرِكَةُ عِنَانٍ] : أَيْ تُسَمَّى بِذَلِكَ.
فَإِنْ تَصَرَّفَ أَحَدُهُمَا بِلَا إذْنٍ فَلِلثَّانِي رَدُّهُ وَضَمِنَ إنْ ضَاعَ مَا تَصَرَّفَ فِيهِ؛ مَأْخُوذٌ مِنْ عِنَانِ الدَّابَّةِ: كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ أَخَذَ بِعِنَانِ صَاحِبِهِ. فَإِنْ اشْتَرَطَ نَفْيَ الِاسْتِبْدَادِ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَهَلْ صَحِيحَةٌ - وَتَكُونُ مُطْلَقَةً مِنْ جِهَةٍ دُونَ جِهَةٍ - أَوْ فَاسِدَةً؟ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ، وَاسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ.
(وَ) لَوْ قَالَ إنْسَانٌ لِآخَرَ: (اشْتَرِ) كَذَا (لِي وَلَك) وَالثَّمَنُ بَيْنَنَا (فَوَكَالَةٌ أَيْضًا) : أَيْ فَهِيَ وَكَالَةٌ فَقَطْ بِالنِّسْبَةِ لِتَوَلِّي الشِّرَاءِ كَمَا أَنَّهَا بِالنِّسْبَةِ لِذَاتِ السِّلْعَةِ الْمُشْتَرَاةِ شَرِكَةً. وَإِذَا كَانَ وَكِيلًا فِي الشِّرَاءِ كَانَ لَهُ طَلَبُهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي أَدَّاهُ عَنْهُ لِبَائِعِهَا (فَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهَا) عِنْدَهُ فِي نَظِيرِ الثَّمَنِ سَوَاءٌ قَالَ لَهُ: وَانْقُدْ عَنِّي، أَوْ لَمْ يَقُلْ. (إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ) : اشْتَرِهَا لِي وَلَك (وَاحْبِسْهَا) عِنْدَك حَتَّى أُوفِيَك الثَّمَنَ (فَكَالرَّهْنِ) فَلَهُ حَبْسُهَا حَتَّى يُوفِيَهُ الثَّمَنَ وَيَكُونَ أَحَقَّ بِهَا فِي فَلَسٍ أَوْ مَوْتٍ حَيْثُ حَبَسَهَا وَعَلَيْهِ ضَمَانُهَا ضَمَانَ الرِّهَانِ. .
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [مَأْخُوذٌ مِنْ عِنَانِ الدَّابَّةِ] : أَيْ مَا تُقَادُ بِهِ.
قَوْلُهُ: [أَخَذَ بِعِنَانِ صَاحِبِهِ] : أَيْ فَلَا يُطْلِقُهُ يَتَصَرَّفُ حَيْثُ شَاءَ. تَنْبِيهٌ: يَجُوزُ لِذِي طَيْرٍ ذَكَرٌ وَذِي طَيْرَةِ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى الشَّرِكَةِ فِي الْفِرَاخِ الْحَاصِلَةِ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً لَا فِي الْبَيْضِ، وَنَفَقَةُ كُلٍّ عَلَى رَبِّهِ إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ أَحَدُهُمَا بِهَا، وَمَحَلُّ جَوَازِ الِاشْتِرَاكِ الْمَذْكُورِ إنْ كَانَ مِنْ الطَّيْرِ الَّذِي يُشْتَرَكُ فِي الْحَضْنِ الذَّكَرُ مَعَ الْأُنْثَى كَحِمَارٍ لَا دَجَاجٍ وَإِوَزٍّ، وَلَا غَيْرَ طَيْرٍ كَحُمُرٍ وَخَيْلٍ وَرَقِيقٍ، كَذَا فِي الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [فَوَكَالَةٌ أَيْضًا] : أَيْ كَمَا أَنَّهَا شَرِكَةٌ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدُ: فَقَطْ، الْأَوْلَى حَذْفُهَا لِإِيهَامِهَا خِلَافَ الْمُرَادِ، أَوْ يُؤَخِّرُهَا بَعْدَ قَوْلِهِ لِتَوَلِّي الشِّرَاءِ وَيَكُونُ مَعْنَاهَا حِينَئِذٍ أَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الشِّرَاءِ فَقَطْ لَا فِي الْبَيْعِ.
قَوْلُهُ: [أَيْ فَهِيَ وَكَالَةٌ فَقَطْ] : فَائِدَةُ كَوْنِ الْمَأْمُورِ وَكِيلًا فِي شِرَاءِ النِّصْفِ لِلْآمِرِ أَنْ يُطَالِبَ ذَلِكَ الْمَأْمُورُ ابْتِدَاءً بِالثَّمَنِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ كُلًّا يَنْقُدُ مَا عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [وَعَلَيْهِ ضَمَانُهَا ضَمَانَ الرِّهَانِ] : أَيْ إذَا ادَّعَى تَلَفَهَا، فَإِنْ كَانَتْ
(وَجَازَ) : اشْتَرِ لِي وَلَك (وَانْقُدْ عَنِّي) مَا يَخُصُّنِي مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَعْرُوفِ، إذْ هُوَ سَلَفٌ لَهُ وَوَكَالَةٌ عَنْهُ فِي الشِّرَاءِ، وَمَحَلُّ الْجَوَازِ (إنْ لَمْ يَقُلْ: وَأَنَا أَبِيعُهَا عَنْك) : أَيْ أَتَوَلَّى بَيْعَهَا عَنْك، وَإِلَّا مُنِعَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا. فَإِنْ وَقَعَ كَانَتْ السِّلْعَةُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَتَوَلَّى الْبَيْعَ فَإِنْ تَوَلَّاهُ كَانَ لَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ.
(وَ) جَازَ: اشْتَرِ لِي وَلَك وَأَنَا (أَنْقُدُ عَنْك) ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ (إلَّا لِخِبْرَةِ الْمُشْتَرِي) بِالشِّرَاءِ فَلَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ السَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ.
(وَأُجْبِرَ) الشَّارِي لِسِلْعَةٍ (عَلَيْهَا) : أَيْ عَلَى الشَّرِكَةِ أَيْ مُشَارَكَةَ الْغَيْرِ مَعَهُ فِيمَا اشْتَرَاهُ (إنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِسُوقِهِ) الْمُعَدِّ لَهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الشَّارِي مِنْ أَهْلِهِ وَاشْتَرَاهُ لِلتِّجَارَةِ فِي الْبَلَدِ (لَا) إنْ اشْتَرَاهُ (لِكَسَفَرٍ) بِهِ وَإِنْ لِتِجَارَةٍ (أَوْ قُنْيَةٍ) أَوْ إقْرَاءِ ضَيْفٍ أَوْ عُرْسٍ أَوْ إهْدَاءٍ وَصُدِّقَ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ (وَغَيْرُهُ) أَيْ
ــ
[حاشية الصاوي]
مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ ضَمِنَهَا إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِمَا ادَّعَاهُ مِنْ التَّلَفِ أَوْ الضَّيَاعِ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ كَمَا مَرَّ فِي الرَّهْنِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ فَكَالرَّهْنِ مُشْكِلٌ لِأَنَّ فِيهِ تَشْبِيهَ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ. وَأُجِيبُ: بِأَنَّ الْمُرَادَ تَشْبِيهُ هَذَا الْفَرْعِ بِالرَّهْنِ الْمُصَرَّحِ فِيهِ بِلَفْظِ الرَّهْنِيَّةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ هَذَا مِنْ جُزْئِيَّاتِ الرَّهْنِ. وَأُجِيبُ أَيْضًا: بِأَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الرَّهْنَ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِلَفْظِ الرَّهْنِيَّةِ وَهَذَا لَمْ يُصَرَّحْ فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَالتَّشْبِيهُ ظَاهِرٌ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا] : أَيْ حَيْثُ كَانَ الْمَأْمُورُ هُوَ الْمُسَلِّفَ أَوْ أَجْنَبِيًّا مِنْ نَاحِيَةٍ كَصَدِيقِهِ.
قَوْلُهُ: [إلَّا لِخِبْرَةِ الْمُشْتَرِي بِالشِّرَاءِ] : أَيْ لِكَوْنِ الْمُشْتَرِي خَبِيرًا أَوْ ذَا وَجَاهَةٍ.
قَوْلُهُ: [وَأُجْبِرَ الشَّارِي] إلَخْ: هُوَ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ شَرَى، وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَهُوَ اسْمُ فَاعِلِ اشْتَرَى، لِأَنَّ الْفِعْلَ يُقَالُ فِيهِ شَرَى وَاشْتَرَى، وَهَذَا شُرُوعٌ فِي شَرِكَةِ الْجَبْرِ الَّتِي قَضَى فِيهَا عُمَرُ رضي الله عنه، وَقَالَ بِهَا مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ، وَشُرُوطُهَا سِتَّةٌ: ثَلَاثَةٌ فِي الشَّيْءِ الْمُشْتَرَى: وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِسُوقِهِ، وَأَنْ يَكُونَ شِرَاؤُهُ لِلتِّجَارَةِ، وَأَنْ تَكُونَ التِّجَارَةُ بِهِ فِي الْبَلَدِ. وَثَلَاثَةٌ فِي الْمُشْرَكِ - بِالْفَتْحِ - وَهِيَ: أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا فِي السُّوقِ وَقْتَ الشِّرَاءِ، وَأَنْ يَكُونَ مِنْ تُجَّارِ تِلْكَ السِّلْعَةِ الَّتِي بِيعَتْ بِحَضْرَتِهِ، وَأَلَّا يَتَكَلَّمَ. وَقَدْ أَفَادَهَا الْمُؤَلِّفُ مَتْنًا وَشَرْحًا.