الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَ) جَازَ بَيْعُ (هَوَاءٍ فَوْقَ هَوَاءٍ) : وَأَوْلَى فَوْقَ بِنَاءٍ؛ كَأَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لِصَاحِبِ أَرْضٍ: بِعْنِي عَشَرَةَ أَذْرُعٍ مِنْ الْهَوَاءِ فَوْقَ مَا تَبْنِيهِ بِأَرْضِك، (إنْ وَصَفَ الْبِنَاءَ) الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلَ لِلْأَمْنِ مِنْ الْغَرَرِ وَالْجَهَالَةِ. وَيَمْلِكُ الْأَعْلَى جَمِيعَ الْهَوَاءِ الَّذِي فَوْقَ بِنَاءِ الْأَسْفَلِ، وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى مَا شَرَطَ عَلَيْهِ.
(وَ) جَازَ (عَقْدٌ عَلَى غَرْزِ جِذْعٍ بِحَائِطٍ، وَهُوَ) : أَيْ الْعَقْدُ الْمَذْكُورُ (مَضْمُونٌ) : أَيْ لَازِمٌ أَبَدًا؛ فَيَلْزَمُ رَبَّ الْحَائِطِ أَوْ وَارِثَهُ أَوْ الْمُشْتَرِيَ إنْ هُدِمَ، وَتَرْمِيمُهُ إنْ وَهِيَ. (إلَّا أَنْ تُعَيَّنَ مُدَّةٌ) : كَسَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ (فَإِجَارَةٌ) أَيْ فَيَكُونُ الْعَقْدُ الْمَذْكُورُ إجَارَةً تَنْقَضِي بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ (وَتَنْفَسِخُ بِانْهِدَامِهِ) وَيَرْجِعُ لِلْمُحَاسَبَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ.
(وَلَا) يَصِحُّ أَنْ يُبَاعَ (مَجْهُولٌ) لِلْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا، مِنْ ثَمَنٍ، أَوْ مُثَمَّنٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
[بَيْعُ الْهَوَاءِ]
قَوْلُهُ: [فَوْقَ هَوَاءٍ] إلَخْ: أَيْ وَأَمَّا هَوَاءٌ فَوْقَ الْأَرْضِ كَأَنْ يَقُولَ إنْسَانٌ لِصَاحِبِ أَرْضٍ: بِعْنِي عَشَرَةَ أَذْرُعٍ مِنْ الْفَرَاغِ الَّذِي فَوْقَ أَرْضِك أَبْنِي فِيهِ بَيْتًا، فَيَجُوزُ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وَصْفِ الْبِنَاءِ إذْ الْأَرْضُ لَا تَتَأَثَّرُ بِذَلِكَ وَيَمْلِكُ الْمُشْتَرِي بَاطِنَ الْأَرْضِ.
قَوْلُهُ: [إنْ وَصَفَ الْبِنَاءَ] إلَخْ: أَيْ بِأَنْ يَصِفَ ذَاتَ الْبِنَاءِ مِنْ الْعِظَمِ وَالْخِفَّةِ وَالطُّولِ وَالْقِصَرِ وَيَصِفَ مَا يَبْنِي بِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ آجُرَّ. وَيَأْتِي هُنَا قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي: وَهُوَ مَضْمُونٌ إلَّا أَنْ تُعَيَّنَ مُدَّةٌ فَإِجَارَةٌ. كَمَا أَنَّهُ حَذَفَ مِمَّا يَأْتِي قَوْلُهُ هُنَا: إنْ وَصَفَ، فَقَدْ حَذَفَ مِنْ كُلِّ نَظِيرٍ مَا أَثْبَتَهُ فِي الْآخَرِ؛ فَفِي كَلَامِهِ احْتِبَاكٌ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [وَتَرْمِيمُهُ إنْ وَهِيَ] : أَيْ وَأَمَّا إنْ حَصَلَ خَلَلٌ فِي مَوْضِعِ الْجِذْعِ فَإِصْلَاحُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي إذْ لَا خَلَلَ فِي الْحَائِطِ. قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ تُعَيَّنَ مُدَّةٌ] : فَإِنْ جَهِلَ الْأَمْرَ حُمِلَ عَلَى الْبَيْعِ كَذَا فِي (بْن) .
قَوْلُهُ: [وَتَنْفَسِخُ بِانْهِدَامِهِ] : أَيْ لِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ. وَسَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ أَنَّهَا تَنْفَسِخُ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ لَا بِهِ.
[بَيْع الْمَجْهُول]
قَوْلُهُ: [مَجْهُولٌ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ] : أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ مَعْلُومَيْنِ
ذَاتًا، أَوْ صِفَةً، بَلْ (وَلَوْ) تَعَلَّقَ الْجَهْلُ (بِالتَّفْصِيلِ) : أَيْ تَفْصِيلِ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثْمَنِ. وَمَثَّلَ لِلْجَهْلِ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ بِقَوْلِهِ: (كَعَبْدَيْ رَجُلَيْنِ) مَعْلُومَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَبْدٌ (بِكَذَا) : بِمِائَةٍ مَثَلًا؛ أَيْ أَنَّ الْعَبْدَيْنِ الْمَعْلُومَيْنِ كِلَاهُمَا بِمِائَةٍ. فَهَذَا جَهْلٌ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ؛ إذْ لَا يَعْلَمُ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُ، فَلِذَا لَوْ سَمَّى الْمُشْتَرِي لِكُلِّ عَبْدٍ ثَمَنًا بِعَيْنِهِ لَجَازَ. وَمَثَّلَ لِجَهْلِ الصِّفَةِ بِقَوْلِهِ:(وَكَرِطْلٍ مِنْ شَاةٍ) مَثَلًا (قَبْلَ السَّلْخِ) وَأَوْلَى قَبْلَ الذَّبْحِ بِكَذَا، فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا صِفَةُ اللَّحْمِ بَعْدَ سَلْخِهِ وَأَمَّا بَعْدَ السَّلْخِ فَجَائِزٌ. وَمَثَّلَ لِمَا جُهِلَ قَدْرُهُ، أَوْ قَدْرُهُ وَصِفَتُهُ، أَوْ قَدْرُهُ وَصِفَتُهُ وَذَاتُهُ - بِحَسَبِ الْأَحْوَالِ - بِقَوْلِهِ:
ــ
[حاشية الصاوي]
لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، وَإِلَّا فَسَدَ الْبَيْعُ وَجَهْلُ أَحَدِهِمَا كَجَهْلِهِمَا، سَوَاءٌ عَلِمَ الْعَالِمُ بِجَهْلِ الْجَاهِلِ أَوْ لَا. وَقِيلَ: يُخَيَّرُ الْجَاهِلُ مِنْهُمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْعَالِمُ بِجَهْلِهِ.
قَوْلُهُ: [ذَاتًا أَوْ صِفَةً] : فَجَهْلُ الذَّاتِ: كَأَنْ يَشْتَرِيَ ذَاتًا لَا يَدْرِي مَا هِيَ. وَجَهْلُ الصِّفَةِ: كَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا شَاةٌ مَثَلًا وَيَجْهَلَ سَلَامَتَهَا مِنْ الْعُيُوبِ. قَوْلُهُ: [لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَبْدٌ] : مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَبْدٌ وَالْآخَرُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا أَوْ مُشْتَرَكَانِ بَيْنَهُمَا عَلَى التَّفَاوُتِ كَثُلُثٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالثُّلُثَيْنِ مِنْ الْآخَرِ وَيَبِيعَانِهِمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً وَلَا مَفْهُومَ لِعَبْدَيْنِ وَلَا لِرَجُلَيْنِ. وَمَفْهُومُ قَوْلِنَا: " عَلَى التَّفَاوُتِ " أَنَّهُ لَوْ كَانَا يَمْلِكَانِهِمَا عَلَى السَّوَاءِ وَيَبِيعَانِهِمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً لَا يَضُرُّ الْجَهْلُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ مَعْلُومُ التَّفْصِيلِ بَعْدَ الْبَيْعِ. قَوْلُهُ: [فَلِذَا لَوْ سَمَّى الْمُشْتَرِي] : أَيْ وَكَذَا لَوْ اتَّفَقَا أَنْ يَجْعَلَا لِهَذَا الْعَبْدِ ثُلُثًا وَلِلْآخِرِ ثُلُثَيْنِ مِنْ الثَّمَنِ.
قَوْلُهُ: [وَكَرِطْلٍ مِنْ شَاةٍ] : مَحَلُّ الْمَنْعِ إنْ كَانَ الْبَيْعُ عَلَى الْبَتِّ وَأَمَّا عَلَى الْخِيَارِ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ فَجَائِزٌ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي لِلرِّطْلِ هُوَ الْبَائِعَ وَوَقَعَ الشِّرَاءُ عَقِبَ الْبَيْعِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ كَمَا سَيَأْتِي مِنْ جَوَازِ اسْتِثْنَاءِ الْأَرْطَالِ لِعِلْمِ الْبَائِعِ بِصِفَةِ لَحْمِ شَاتِهِ.
(وَ) نَحْوُ (تُرَابٍ كَصَائِغٍ) وَعَطَّارٍ. (وَرَدَّهُ) الْمُشْتَرِي (لِبَائِعِهِ) لِعَدَمِ صِحَّةِ الْبَيْعِ (وَلَوْ خَلَّصَهُ) مِنْ تُرَابِهِ. (وَلَهُ) : أَيْ لِلْمُشْتَرِي (الْأَجْرُ) فِي نَظِيرِ تَخْلِيصِهِ (إنْ لَمْ يَزِدْ) الْأَجْرُ (عَلَى قِيمَةِ الْخَارِجِ) : بِأَنْ كَانَ الْأَجْرُ قَدْرَهُ فَأَقَلَّ، فَإِنْ زَادَ - بِأَنْ كَانَ الْأَجْرُ عَشَرَةً وَالْخَارِجُ خَمْسَةً - لَمْ يَدْفَعْ لَهُ إلَّا خَمْسَةً. فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِفَسَادِ الْبَيْعِ. وَقِيلَ: لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَلَوْ زَادَ عَلَى مَا خَرَجَ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّيْخِ وَرَجَحَ. وَمَا ذَكَرْنَاهُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ خَلَّصَهُ لِنَفْسِهِ لَا لِلْبَائِعِ.
(بِخِلَافِ) تُرَابِ (مَعْدِنٍ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ) بِيعَ بِغَيْرِ صِنْفِهِ، فَيَجُوزُ. (وَ) بِخِلَافِ (جُمْلَةِ شَاةٍ قَبْلَ السَّلْخِ) فَيَجُوزُ قِيَاسًا عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يُرَادُ إلَّا لِلذَّبْحِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَنَحْوُ تُرَابٍ كَصَائِغٍ] : اُنْظُرْ هَلْ يَلْحَقُ بِهِ هِبَابُ الْأَفْرَانِ؟ أَوْ يَجُوزُ شِرَاؤُهَا إنْ وُجِدَتْ فِيهَا شُرُوطُ الْجُزَافِ؟ وَهُوَ الظَّاهِرُ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ خَلَّصَهُ مِنْ تُرَابِهِ] : رَدَّ بِلَوْ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ وَيَبْقَى لِمُشْتَرِيهِ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ عَلَى غَرَرِهِ عَلَى فَرْضِ جَوَازِ بَيْعِهِ. قَوْلُهُ: [وَمَا ذَكَرْنَاهُ أَظْهَرُ] : أَيْ وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ يُونُسَ فَالْأُجْرَةُ عِنْدَهُ مَنُوطَةٌ بِالتَّخْلِيصِ فَإِذَا زَادَتْ الْأُجْرَةُ عَلَى مَا خَلَّصَهُ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا مَا خَلَّصَهُ.
قَوْلُهُ: [بَيْعٌ بِغَيْرِ صِنْفِهِ فَيَجُوزُ] : أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ جُزَافًا أَوْ كَيْلًا.
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ جُمْلَةِ شَاةٍ] : أَيْ تُبَاعُ جُزَافًا وَأَمَّا وَزْنًا فَيُمْنَعُ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ لَحْمٍ وَعَرَضٍ وَزْنًا فَإِنَّ الْجِلْدَ وَالصُّوفَ عَرَضٌ، كَذَا عُلِّلَ فِي الْأَصْلِ. وَهُوَ يَقْتَضِي الْجَوَازَ إذَا اسْتَثْنَى الْعَرَضَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. فَالْأَوْلَى مَا قَالَ بَعْضُهُمْ: مِنْ أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ أَنَّ الْوَزْنَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَقْصُودَ اللَّحْمُ وَهُوَ مَغِيبٌ بِخِلَافِ الْجُزَافِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ الذَّاتُ بِتَمَامِهَا وَهِيَ مَرْئِيَّةٌ. وَعِبَارَةُ الْخَرَشِيِّ: إنَّمَا جَازَ بَيْعُهَا جُزَافًا؛ لِأَنَّهَا تَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ الذَّاتُ الْمَرْئِيَّةُ بِتَمَامِهَا كَشَاةٍ حَيَّةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ لِلشَّاةِ بِتَمَامِهَا قَبْلَ السَّلْخِ عَلَى الْوَزْنِ فَالْمَقْصُودُ حِينَئِذٍ مَا شَأْنُهُ الْوَزْنُ