الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ فِي الرَّهْنِ وَأَحْكَامِهِ
(الرَّهْنُ) شَيْءٌ (مُتَمَوَّلٌ) : أَيْ مِنْ الْأَمْوَالِ كَانَتْ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُمَا كَمَنْفَعَةٍ عَلَى مَا سَيَأْتِي (أُخِذَ) مِنْ مَالِكِهِ؛ وَالْمُرَادُ: يُؤْخَذُ مِنْهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْأَخْذُ بِالْفِعْلِ، لِأَنَّ قَبْضَهُ بِالْفِعْلِ لَيْسَ شَرْطًا فِي انْعِقَادِهِ وَلَا فِي صِحَّتِهِ وَلَا لُزُومِهِ بَلْ يَنْعَقِدُ وَيَلْزَمُ بِالصِّفَةِ، ثُمَّ يَطْلُبُ الْمُرْتَهِنُ أَخْذَهُ
ــ
[حاشية الصاوي]
[بَابٌ فِي الرَّهْنِ وَأَحْكَامِهِ]
بَابٌ لَمَّا كَانَ الرَّهْنُ يَتَسَبَّبُ عَنْ الدَّيْنِ مِنْ قَرْضٍ تَارَةً وَمِنْ بَيْعٍ أُخْرَى، وَأَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الدِّينَيْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا مِنْ مُقَاصَّةِ عَقْدِ الْكَلَامِ عَلَى مَا يَتَسَبَّبُ عَنْهُمَا مِنْ رَهْنٍ وَنَحْوِهِ، وَالرَّهْنُ لُغَةً: اللُّزُومُ وَالْحَبْسُ وَكُلُّ مُلْزَمٍ، قَالَ تَعَالَى:{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: 38] : أَيْ مَحْبُوسَةٌ. وَالرَّاهِنُ: دَافِعُهُ وَالْمُرْتَهِنُ بِالْكَسْرِ: آخِذُهُ. وَيُقَالُ مُرْتَهَنٌ بِالْفَتْحِ لِأَنَّهُ وُضِعَ عِنْدَهُ الرَّهْنُ. وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ يُطْلَبُ مِنْهُ؛ وَاصْطِلَاحًا مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَقَدْ عَرَّفَهُ بِالْمَعْنَى الِاسْمِيِّ بِنَاءً عَلَى الِاسْتِعْمَالِ الْكَثِيرِ تَبَعًا لِابْنِ عَرَفَةَ، وَأَمَّا الشَّيْخُ خَلِيلٌ فَقَدْ عَرَّفَهُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ بِقَوْلِهِ: الرَّهْنُ بَذْلُ مَنْ لَهُ الْبَيْعُ مَا يُبَاعُ إلَخْ. وَالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ هُوَ الَّذِي تُعْتَبَرُ فِيهِ الْأَرْكَانُ كَمَا سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي الشَّرْحِ. وَالْمُرَادُ بِالرَّهْنِ: حَقِيقَتُهُ وَتَعْرِيفُهُ، وَالْمُرَادُ بِأَحْكَامِهِ: مَسَائِلُهُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِهِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ غَيْرُهُمَا] : هَكَذَا فِي نُسْخَةِ الْأَصْلِ بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ وَالْمُنَاسِبُ غَيْرُهَا، لِأَنَّ الْمُتَقَدِّمَ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ لَا اثْنَانِ.
قَوْلُهُ: [كَمَنْفَعَةٍ] : أَيْ كَرَهْنِ الدَّارِ الْمُحْبَسَةِ عَلَى مَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [أَخَذَ] : أَيْ حَصَلَ التَّعَاقُدُ عَلَى أَنْ يُؤْخَذَ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ وَالْمُرَادُ إلَخْ.
قَوْلُهُ: [وَلَا فِي صِحَّتِهِ وَلَا لُزُومِهِ] : عَطَفَهُ عَلَى انْعِقَادٍ مِنْ عَطْفِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ.
قَوْلُهُ: [بَلْ يَنْعَقِدُ وَيَلْزَمُ] : أَيْ وَيَصِحُّ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الِانْعِقَادِ الصِّحَّةُ وَاللُّزُومُ.
إذْ لَا يَتِمُّ إلَّا بِهِ (تَوَثُّقًا بِهِ) : أَيْ الْمُتَمَوَّلُ (فِي دَيْنٍ لَازِمٍ) : مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ قِيمَةِ مُتْلَفٍ (أَوْ) دَيْنٍ (صَائِرٍ إلَى اللُّزُومِ) : كَأَخْذِ رَهْنٍ مِنْ صَانِعٍ أَوْ مُسْتَعِيرٍ خَوْفًا مِنْ ادِّعَاءِ ضَيَاعٍ، فَيَكُونُ الرَّهْنُ فِي الْقِيمَةِ وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ:" وَعَلَى مَا يَلْزَمُ " إلَخْ. وَاعْلَمْ: أَنَّهُ كَمَا يُطْلَقُ الرَّهْنُ عَلَى الشَّيْءِ الْمَبْذُولِ يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْعَقْدِ، وَعَلَيْهِ عَرَّفَهُ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: عَقْدٌ لَازِمٌ لَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ، قُصِدَ بِهِ التَّوَثُّقُ فِي الْحُقُوقِ (اهـ) وَهُوَ الَّذِي تُعْتَبَرُ فِيهِ الْأَرْكَانُ، فَقَوْلُنَا:
(وَرُكْنُهُ) : أَيْ أَرْكَانُهُ - بِاعْتِبَارِ إطْلَاقِهِ عَلَى الْعَقْدِ فَيَكُونُ فِيهِ اسْتِخْدَامٌ - وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: (عَاقِدٌ) مِنْ رَاهِنٍ وَمُرْتَهِنٍ. (وَمَرْهُونٌ) وَهُوَ الْمَالُ الْمَبْذُولُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [إذْ لَا يَتِمُّ إلَّا بِهِ] : لِأَنَّهُ لَوْ طَرَأَ لَهُ مَانِعٌ قَبْلَ أَخْذِهِ لَكَانَ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ.
قَوْلُهُ: [تَوَثَّقَا بِهِ] : أَخْرَجَ بِهَذَا الْقَيْدِ الْوَدِيعَةَ وَالْمَصْنُوعَ عِنْدَ صَانِعِهِ وَقَبَضَ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ عَبْدٌ جَنَى عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ دَيْنٌ صَائِرٌ إلَى اللُّزُومِ] : أَيْ وَلِذَا صَحَّ فِي الْجُعْلِ وَلَمْ يَصِحَّ فِي كِتَابِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [فَيَكُونُ الرَّهْنُ فِي الْقِيمَةِ] : أَيْ وَيَكُونُ لَهُ حَبْسُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ مَنَافِعِهِ.
قَوْلُهُ: [لَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ] : أَيْ بَلْ الرَّهْنُ بَاقٍ عَلَى مَالِك الرَّاهِنِ وَلِذَلِكَ كَانَتْ غَلَّتُهُ لَهُ وَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [فَيَكُونُ فِيهِ اسْتِخْدَامٌ] : أَيْ لِكَوْنِهِ ذَكَرَ الرَّهْنَ أَوَّلًا بِالْمَعْنَى الِاسْمِيِّ الَّذِي هُوَ الشَّيْءُ الْمُتَمَوَّلُ وَأَعَادَ عَلَيْهِ الضَّمِيرَ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ الَّذِي هُوَ الْعَقْدُ اللَّازِمُ.
قَوْلُهُ: [وَهِيَ أَرْبَعَةٌ] : أَيْ إجْمَالًا، وَأَمَّا تَفْصِيلًا فَخَمْسَةٌ لِأَنَّ الْعَاقِدَ تَحْتَهُ شَيْئَانِ.
قَوْلُهُ: [عَاقِدٌ] : هُوَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ وَرُكْنُهُ.
وَقَوْلُهُ: [وَهِيَ أَرْبَعَةٌ] : جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ قُصِدَ بِهَا بَيَانُ عِدَّةِ الْأَرْكَانِ.