الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الدَّيْنِ ضَمِنَ الزِّيَادَةَ لِلرَّاهِنِ وَرَجَعَ بِهَا عَلَى الْمُرْتَهِنِ، إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِضَيَاعِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: لَا فَرْقَ هُنَا بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْأَمِينَ وَالْمُرْتَهِنَ مُتَعَدِّيَانِ.
(وَجَازَ حَوْزُ مُكَاتَبِ الرَّاهِنِ وَأَخِيهِ) : وَكَذَا وَلَدُهُ الرَّشِيدُ الْمُنْعَزِلُ عَنْهُ كَمَا قَالَ سَحْنُونَ، وَلَا يَكُونُ حَوْزُهُمْ كَحَوْزِ الرَّاهِنِ مُبْطِلًا لِلرَّهْنِ، لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ وَالْأَخُ وَالِابْنُ الْكَبِيرُ الْمُنْعَزِلُ لَا تَجُولُ يَدُ الرَّاهِنِ عَلَى أَمْوَالِهِمْ (لَا) حَوْزَ (مَحْجُورِهِ) لِصِغَرٍ أَوْ سَفَهٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ أَوْ رِقٍّ فَلَا يَجُوزُ وَالْمُكَاتَبُ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ لِلسَّيِّدِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الدَّيْنِ] إلَخْ: سَكَتَ عَمَّا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ. وَالْحُكْمُ أَنْ يُحَطَّ عَنْ الرَّاهِنِ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِ قِيمَةِ الرَّهْنِ، وَلَا غُرْمَ عَلَى الْأَمِينِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ تَضْمِينِ الْأَمِينِ الزِّيَادَةَ إذَا سَلَّمَ الرَّهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْأَجَلِ؛ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ يَطَّلِعْ الرَّاهِنُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ، وَأَمَّا إنْ عَلِمَ بِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ فَإِنَّ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَغْرَمَ الْقِيمَةَ أَيَّهُمَا شَاءَ لِأَنَّهُمَا مُتَعَدِّيَانِ عَلَيْهِ، هَذَا بِأَخْذِهِ وَهَذَا بِدَفْعِهِ وَتُوقَفُ تِلْكَ الْقِيمَةُ عَلَى يَدِ أَمِينٍ غَيْرَهُمَا لِلْأَجَلِ، وَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَأْتِيَ بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ وَيَأْخُذَ الْقِيمَةَ.
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ] إلَخْ: الْحَقُّ أَنَّ الْأَمِينَ يَغْرَمُ تِلْكَ الزِّيَادَةَ وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُرْتَهِنِ كَانَ الرَّهْنُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ بِدُونِ تَفْرِيطٍ أَمْ لَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَمِينَ مُتَعَدٍّ بِالدَّفْعِ لِلْمُرْتَهِنِ وَالْمُرْتَهِنُ مُتَعَدٍّ بِأَخْذِهِ - كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ تَبَعًا لِ بْن. وَالْحَاشِيَةِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا النَّقْلُ قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدَ ذَلِكَ:" قَالَ أَبُو الْحَسَنِ " إلَخْ.
[مَا يَجُوز فِي الرَّهْن وَمَا لَا يَجُوز]
قَوْلُهُ: [الْمُنْعَزِلُ] : الْمُرَادُ بِهِ مَا لَيْسَ تَحْتَ الْحَجْرِ بَلْ هُوَ مُسْتَقِلٌّ بِالتَّصَرُّفِ وَلَوْ كَانَ مُشَارِكًا لِأَبِيهِ فِي الْأَمْوَالِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ رِقٍّ] : شَمِلَ الْمُدَبَّرَ وَلَوْ مَرِضَ السَّيِّدُ، وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ وَلَوْ قَرُبَ الْأَجَلُ، وَشَمِلَ الْقِنَّ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ.
قَوْلُهُ: [كَأَنْ يُعَاقِدَهُ] : صُورَتُهَا أَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِآخَرَ: خُذْ هَذَا الشَّيْءَ عِنْدَك رَهْنًا عَلَى مَا أَقْتَرِضُهُ مِنْك أَوْ عَلَى مَا يَقْتَرِضُهُ مِنْك فُلَانٌ أَوْ عَلَى ثَمَنِ مَا تَبِيعُهُ
(وَ) جَازَ (ارْتِهَانٌ قَبْلَ الدَّيْنِ) مِنْ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ كَأَنْ يُعَاقِدَهُ عَلَى دَفْعِ رَهْنٍ الْآنَ لِيَقْتَرِضَ مِنْهُ فِي غَدٍ كَذَا أَوْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ سِلْعَةً وَيَكُونُ الرَّهْنُ فِي ذَلِكَ الدَّيْنِ، فَإِذَا قَبَضَ الرَّهْنَ الْآنَ وَحَصَلَ الدَّيْنُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَزِمَ الرَّهْنُ وَلَا يَحْتَاجُ لِقَبْضٍ آخَرَ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ لَزِمَهُ دَفْعُهُ بَعْدَ الدَّيْنِ. (وَ) جَازَ الِارْتِهَانُ وَتَسْلِيمُهُ (عَلَى مَا يَلْزَمُ) الْمُؤَجِّرَ مِنْ الْأُجْرَةِ (بِعَمَلٍ) أَيْ بِسَبَبِ عَمَلٍ يَعْمَلُهُ الْأَجِيرُ لَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ دَابَّتِهِ مَثَلًا، كَأَنْ يُؤَجِّرَ عَلَى خِيَاطَةٍ أَوْ نِجَارَةِ بَابٍ أَوْ نَسْجِ ثَوْبٍ أَوْ حِرَاسَةٍ أَوْ خِدْمَةٍ بِعَشَرَةٍ مَثَلًا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ لِلْأَجِيرِ رَهْنًا فِي نَظِيرِ مَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرُ مِنْ الْأُجْرَةِ، وَكَذَا يَجُوزُ لِلْأَجِيرِ إذَا دَفَعَ الْمُسْتَأْجِرُ لَهُ الْأُجْرَةَ قَبْلَ الْعَمَلِ وَخَافَ أَنْ يُفَرِّطَ الْأَجِيرُ فِيهِ أَنْ يَدْفَعَ رَهْنًا لِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى تَقْدِيرِ لَوْ لَمْ يَعْمَلْ كَانَ الرَّهْنُ رَهْنًا فِيمَا دَفَعَهُ لَهُ (أَوْ) بِسَبَبِ (جَعَالَةٍ) بِأَنْ يَأْخُذَ الْعَامِلُ مِنْ رَبِّ الْآبِقِ مَثَلًا رَهْنًا عَلَى الْأُجْرَةِ الَّتِي تَثْبُتُ لَهُ بَعْدَ الْعَمَلِ تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّهْنَ مَالٌ يَكُونُ فِي دَيْنٍ لَازِمٍ أَوْ آيِلٍ لِلُّزُومِ. (أَوْ) عَلَى مَا يَلْزَمُ (مِنْ قِيمَتِهِ) : كَأَنْ يَسْتَعِيرَ شَيْئًا وَيَدْفَعَ رَهْنًا لِلْمُعِيرِ فِي قِيمَتِهِ عَلَى تَقْدِيرِ لُزُومِهَا لَوْ ادَّعَى الضَّيَاعَ، وَكَذَا الصُّنَّاعُ يَدْفَعُونَ لِلْمَصْنُوعِ لَهُ رَهْنًا فِي قِيمَتِهِ عَلَى تَقْدِيرِ ادِّعَائِهَا الضَّيَاعَ.
(لَا) يَجُوزُ رَهْنٌ (فِي) نَظِيرِ (نَجْمِ كِتَابَةٍ مِنْ) إنْسَانٍ (أَجْنَبِيٍّ) أَيْ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ يَدْفَعُهُ عَنْهُ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ فَرْعُ التَّحَمُّلِ، وَالْكِتَابَةُ لَا يَصِحُّ
ــ
[حاشية الصاوي]
لِي أَوْ لِفُلَانٍ. وَالرَّهْنُ عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ صَحِيحٌ لَازِمٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لَازِمًا قَبْلَ الرَّهْنِ. لَكِنْ لَا يَسْتَمِرُّ لُزُومُهُ إلَّا إذَا حَصَلَ بَيْعٌ أَوْ قَرْضٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ كَانَ لَهُ أَخْذُ رَهْنِهِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ دَابَّتِهِ مَثَلًا] : دَخَلَ الْغُلَامُ.
قَوْلُهُ: [الْمُؤَجِّرُ] : بِالْكَسْرِ أَيْ الْمُسْتَأْجَرُ.
قَوْلُهُ: [وَيَدْفَعُ رَهْنًا لِلْمُعِيرِ فِي قِيمَتِهِ] : أَيْ وَأَمَّا دَفْعُهُ رَهْنًا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ ذَاتَ الشَّيْءِ الْمُعَارِ فَلَا يَصِحُّ، كَمَا إذَا بَاعَ دَابَّةً مُعَيَّنَةً أَوْ أَعَارَهَا وَأَخَذَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُعِيرُ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ رَهْنًا عَلَى أَنَّهَا إنْ اسْتَحَقَّتْ أَوْ ظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ أَوْ أَتْلَفَ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ أَتَى لَهُ بِعَيْنِهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّهْنِ فَلَا يَصِحُّ لِاسْتِحَالَتِهِ عَقْلًا.