الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ فِي بَيَانِ الشَّرِكَةِ وَأَحْكَامِهَا وَأَقْسَامِهَا
وَهِيَ بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَبِفَتْحِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ وَفَتْحٍ فَسُكُونٍ لُغَةً: الِاخْتِلَاطُ. وَشَرْعًا، مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ:(الشَّرِكَةُ عَقْدُ مَالِكَيْ مَالَيْنِ) وَمَالِكَيْ: تَثْنِيَةُ مَالِكٍ، وَقَوْلُهُ:(فَأَكْثَرَ) : أَيْ أَكْثَرَ مِنْ مَالِكٍ كَثَلَاثَةٍ (عَلَى التَّجْرِ) مُتَعَلِّقٌ بِعَقْدٍ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَالَيْنِ (مَعًا) : أَيْ مَعَ أَنْفُسِهِمَا أَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا يُتَاجِرُ فِي الْمَالَيْنِ مَعَ صَاحِبِهِ وَلَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي مَكَان مُنْعَزِلٍ عَنْ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ مَا يَحْصُلُ مِنْ رِبْحٍ أَوْ خُسْرٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
[بَابٌ فِي بَيَانِ الشَّرِكَةِ وَأَحْكَامِهَا وَأَقْسَامِهَا]
[تَعْرِيف شَرِكَة التَّجْر وَشَرِكَة الأبدان]
بَابٌ: لَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ مَسَائِلِ الضَّمَانِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الشَّرِكَةِ لِأَنَّهَا تَسْتَلْزِمُ الضَّمَانَ فِي غَالِبِ أَقْسَامِهَا، وَالْمُرَادُ بِالشَّرِكَةِ: تَعْرِيفُهَا.
قَوْلُهُ: [وَأَحْكَامُهَا] : أَيْ مَسَائِلُهَا الْمُتَعَلِّقَةُ بِهَا.
وَقَوْلُهُ: [وَأَقْسَامُهَا] : أَيْ السِّتَّةُ، وَهِيَ: الْمُفَاوَضَةُ، وَالْعَنَانُ، وَالْجَبْرُ، وَالْعَمَلُ، وَالذِّمَمُ، وَالْمُضَارَبَةُ - وَهِيَ الْقِرَاضُ - وَذَكَرَهَا مُرَتَّبَةً هَكَذَا.
قَوْلُهُ: [وَهِيَ بِكَسْرِ الشِّينِ] . . . إلَخْ: هَذِهِ اللُّغَةُ الْأُولَى أَفْصَحُهَا. قَوْلُهُ: [تَثْنِيَةُ مَالِكٍ] : أَيْ فَأَصْلُ " مَالِكَيْ " مَالِكَيْنِ لِمَالَيْنِ حُذِفَتْ النُّونُ لِلْإِضَافَةِ وَاللَّامُ لِلتَّخْفِيفِ. قَوْلُهُ: [أَيْ أَكْثَرَ مِنْ مَالِكٍ] : صَوَابُهُ أَكْثَرُ مِنْ مَالِكَيْنِ أَيْ وَأَكْثَرُ مِنْ مَالَيْنِ إلَخْ فَقَوْلُهُ كَثَلَاثَةٍ أَيْ كَثَلَاثَةٍ مَالِكَيْنِ لِأَمْوَالٍ ثَلَاثَةٍ. قَوْلُهُ: [أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا يُتَاجِرُ فِي الْمَالَيْنِ] إلَخْ: أَيْ فَمَصَبُّ الْمَعِيَّةِ عَلَى التَّجْرِ: أَيْ فَهُمَا مُتَّحِدَانِ فِي التَّجْرِ فِي الْمَالِ وَلَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي مَكَان مُنْعَزِلٍ عَنْ الْآخَرِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصَ الْمَعِيَّةِ فِي الْمَكَانِ. قَوْلُهُ:[لِأَنَّ مَا يَحْصُلُ مِنْ رِبْحٍ] إلَخْ: تَعْلِيلٌ لِلْمَعْنَى الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ
يَكُونُ بَيْنَهُمَا. وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْوَكَالَةُ وَالْقِرَاضُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ؛ إذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَتَصَرَّفُ فِيمَا بِيَدِهِ لِلْآخَرِ اسْتِقْلَالًا، وَالشَّرِكَةُ وَقَعَ فِيهَا الْعَقْدُ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَتَصَرَّفُ فِيمَا بِيَدِهِ لَهُ وَلِصَاحِبِهِ مَعًا.
وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى النَّوْعِ الْأَوَّلِ مِنْ الشَّرِكَةِ، وَهُوَ شَرِكَةُ التَّجْرِ.
وَأَشَارَ إلَى النَّوْعِ الثَّانِي: وَهُوَ شَرِكَةُ الْأَبْدَانِ بِقَوْلِهِ: (أَوْ) عَقَدَ (عَلَى عَمَلٍ) : كَخِيَاطَةٍ أَوْ حِيَاكَةٍ (بَيْنَهُمَا، وَالرِّبْحُ) فِي النَّوْعَيْنِ (بَيْنَهُمَا) عَلَى حَسَبِ مَا لِكُلٍّ أَوْ عَمَلِهِ (بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا) فَلَا يُشْتَرَطُ صِيغَةٌ مَخْصُوصَةٌ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِذْنُ وَالرِّضَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ. وَهَذَا التَّعْرِيفُ قَصَدَ بِهِ تَعْرِيفَ الشَّرِكَةِ الْمَعْهُودَةِ بَيْنَ النَّاسِ فِي التَّعَامُلِ، لَا شَرِكَةَ الْجَبْرِ كَالْإِرْثِ وَالْغَنِيمَةِ وَشَرِكَةِ الْمُتَبَايِعِينَ شَيْئًا بَيْنَهُمَا.
ــ
[حاشية الصاوي]
وَلَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ " إلَخْ. قَوْلُهُ: [وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْوَكَالَةُ وَالْقِرَاضُ] : أَيْ بِقَوْلِهِ مَعًا. وَقَوْلُهُ: [مِنْ الْجَانِبَيْنِ] : عَائِدٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْوَكَالَةِ وَالْقِرَاضِ، وَأَمَّا مِنْ جَانِبٍ فَقَدْ خَرَجَا بِقَوْلِهِ عَلَى التَّجْرِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: [وَهُوَ شَرِكَةُ التَّجْرِ] : أَيْ فِي الْأَمْوَالِ. قَوْلُهُ: [عَلَى عَمَلٍ] : مَعْطُوفٌ عَلَى " التَّجْرِ " مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ " عَقَدَ " مَعَ مُلَاحَظَةِ تَجْرِيدِ فَاعِلِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ عَنْ وَصْفِهِ بِالْمَلَكِيَّةِ لِلْمَالَيْنِ بِأَنْ يُزَادَ مِنْهُ شَخْصَانِ فَأَكْثَرَ، وَيَصِيرُ الْمَعْنَى هَكَذَا: أَوْ عَقَدَ شَخْصَيْنِ فَأَكْثَرَ عَلَى عَمَلٍ إلَخْ. قَوْلُهُ: [بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا] : حَاصِلُهُ أَنَّهَا تَلْزَمُ بِكُلِّ مَا دَلَّ عُرْفًا سَوَاءٌ كَانَ قَوْلًا فَقَطْ أَوْ فِعْلًا فَقَطْ وَأَوْلَى إذَا اجْتَمَعَا. قَوْلُهُ: [لَا شَرِكَةَ الْجَبْرِ كَالْإِرْثِ] إلَخْ: أَيْ فَشَرِكَةُ الْإِرْثِ وَالْغَنِيمَةِ وَشَرِكَةُ الْمُتَبَايِعَيْنِ شَيْئًا لَا يُقَالُ لَهَا شَرِكَةً عُرْفًا، وَإِنْ كَانَتْ شَرِكَةً لُغَةً. وَشَرِكَةُ الْجَبْرِ الْخَارِجَةُ غَيْرُ شَرِكَةِ الْجَبْرِ الْآتِيَةِ - الَّتِي هِيَ أَحَدُ الْأَقْسَامِ السِّتَّةِ؛ فَإِنَّهَا مَعْدُودَةٌ فِي الشَّرِكَةِ الْعُرْفِيَّةِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ:[شَيْئًا بَيْنَهُمَا] : أَيْ حَصَلَ لَهُمَا مِنْ غَيْرِ تَجْرٍ.