الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غَاصِبٌ (بِخِلَافِ وَارِثِ غَاصِبٍ مُطْلَقًا) عَلِمَ بِأَنَّ مُوَرِّثَهُ غَاصِبٌ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، فَلَا غَلَّةَ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْغَصْبِ فَلَيْسَ بِذِي شُبْهَةٍ. فَإِنْ عَلِمَ الْمَوْهُوبُ أَوْ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْوَاهِبَ أَوْ الْبَائِعَ غَاصِبٌ فَغَاصِبَانِ كَمَا تَقَدَّمَ، كَالْوَارِثِ إنْ عَلِمَ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَهُ حُكْمُ الْغَاصِبِ مِنْ أَنَّهُ لَا غَلَّةَ لَهُ.
(وَ) بِخِلَافِ (مَوْهُوبِهِ) : أَيْ مَوْهُوبِ الْغَاصِبِ وَلَمْ يَعْلَمْ فَلَا غَلَّةَ لَهُ (إنْ عَدِمَ الْغَاصِبُ) فَإِنْ وُجِدَ مُوسِرًا مَقْدُورًا عَلَيْهِ فَلَهُ الْغَلَّةُ وَالرُّجُوعُ حِينَئِذٍ عَلَى الْغَاصِبِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْغَصْبِ.
(وَمُحْيِي أَرْضًا ظَنَّهَا مَوَاتًا) فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ فَلَا غَلَّةَ لَهُ، بَلْ لِمُسْتَحِقِّهَا - ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا، وَلِذَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: الْغَلَّةُ لَا تَكُونُ لِكُلِّ ذِي شُبْهَةٍ.
(وَ) بِخِلَافِ (وَارِثٍ طَرَأَ عَلَيْهِ ذُو دَيْنٍ) :
ــ
[حاشية الصاوي]
أَنَّ مَنْ لَهُ الْغُنْمُ عَلَيْهِ الْغُرْمُ.
قَوْلُهُ: [عَلِمَ بِأَنَّ مُوَرِّثَهُ غَاصِبٌ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ] : أَيْ كَانَ الْغَاصِبُ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا، فَإِذَا مَاتَ الْغَاصِبُ عَنْ سِلْعَةٍ مَغْصُوبَةٍ اسْتَغَلَّهَا مُوَرَّثُهُ أَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ وَأَخَذَ غَلَّتَهَا أَيْضًا مِنْهُ.
قَوْلُهُ: [فَغَاصِبَانِ] : أَيْ حُكْمًا.
قَوْلُهُ: [كَالْوَارِثِ] : أَيْ وَارِثِ كُلٍّ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُشْتَرِي.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ] أَيْ مَنْ ذَكَرَ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُشْتَرِي وَالْوَارِثِ لِأَحَدِهِمَا، هَذَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ الْعِبَارَةِ.
وَقَوْلُهُ: [فَلَهُ حُكْمُ الْغَاصِبِ] إلَخْ: صَوَابُهُ فَلَهُ الْغَلَّةُ إلَى يَوْمِ الْحُكْمِ.
[تَنْبِيه إذَا كَانَتْ الدَّار المستحقة مُشْتَرَكَة]
قَوْلُهُ: [وَمُحْيِي أَرْضًا ظَنَّهَا مَوَاتًا] إلَخْ: اُنْظُرْ هَلْ مَنْ زَرَعَ أَرْضًا ظَنَّهَا مِلْكَهُ فَتَبَيَّنَ خِلَافَهُ، حُكْمُهَا حُكْمُ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا ظَنَّهَا مَوَاتًا أَوْ حُكْمُ صَاحِبِ الشُّبْهَةِ الْقَوِيَّةِ؟ قَوْلُهُ:[بَلْ لِمُسْتَحِقِّهَا] : أَيْ مُسْتَحِقِّ الْأَرْضِ بِالْمَلَكِيَّةِ وَيَجْرِي فِيهِ حُكْمُ قَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ إنْ زَرَعَ مُتَعَدٍّ فَقُدِرَ عَلَيْهِ إلَخْ.
فَلَا غَلَّةَ لِلْوَارِثِ الْمَطْرُوِّ عَلَيْهِ بَلْ يَأْخُذُ مِنْهُ رَبُّ الدَّيْنِ الْمَوْرُوثَ وَغَلَّتَهُ. أَيْ أَنَّ الْوَارِثَ إذَا وَرِثَ عَقَارًا كَدَارٍ مَثَلًا - وَاسْتَغَلَّهُ بِسُكْنَى أَوْ كِرَاءٍ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ مَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى الْمَيِّتِ، فَإِنَّ الْوَارِثَ يَرُدُّ الْمَوْرُوثَ وَغَلَّتَهُ لِرَبِّ الدَّيْنِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ يَسْتَوْفِيهَا " وَلَيْسَ لَهُ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ الدَّيْنِ. وَمَا هَلَكَ مِنْ ذَلِكَ بِسَمَاوِيٍّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِيهِ. (أَوْ) طَرَأَ عَلَيْهِ (وَارِثٌ) مِثْلُهُ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ لَا يَسْتَقِلُّ بِالْغَلَّةِ، فَالْأَخُ الطَّارِئُ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَلَا غَلَّةَ لِلْوَارِثِ الْمَطْرُوِّ عَلَيْهَا] : أَيْ بَلْ يَأْخُذُهَا رَبُّ الدَّيْنِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ يَسْتَوْفِيهَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ نَاشِئَةً عَنْ تَجْرِ الْوَارِثِ أَوْ تَجْرِ الْوَصِيِّ لِلْوَارِثِ، وَهُوَ كَذَلِكَ. فَإِذَا مَاتَ شَخْصٌ وَتَرَكَ ثَلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ وَتَرَكَ أَيْتَامًا وَاتَّجَرَ وَصِيُّهُمْ فِي الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ حَتَّى صَارَ سِتَّمِائَةٍ فَطَرَأَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ قَدْرُهَا أَوْ أَكْثَرُ، فَلِأَصْحَابِ الدَّيْنِ أَخْذُهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، خِلَافًا لِلْمَخْزُومِيِّ الْقَائِلِ: إنَّ رَبَّ الدَّيْنِ الطَّارِئِ إنَّمَا يَأْخُذُ الْغَلَّةَ مِنْ الْوَارِثِ إذَا كَانَتْ غَيْرَ نَاشِئَةٍ عَنْ تَحْرِيكِهِ أَوْ تَحْرِيكِ وَصِيِّهِ، وَقَوْلُنَا: وَاتَّجَرَ وَصِيُّهُمْ فِي الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ: أَيْ لِلْأَيْتَامِ، وَأَمَّا إنْ اتَّجَرَ لِنَفْسِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ رِبْحَ الْمَالِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَسَلِّفٌ " وَلَا يُقَالُ: قَدْ كَشَفَ الْغَيْبُ أَنَّ الْمَالَ لِلْغَرِيمِ؛ لِأَنَّنَا نَقُولُ: الْوَصِيُّ الْمُتَّجِرُ لِنَفْسِهِ أَوْلَى مِمَّنْ غَصَبَ مَالًا وَاتَّجَرَ فِيهِ فَإِنَّ رِبْحَهُ لَهُ، وَأَمَّا لَوْ طَرَأَ الْغَرِيمُ بَعْدَ إنْفَاقِ الْوَلِيِّ التَّرِكَةَ عَلَى الْأَيْتَامِ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِالْغَرِيمِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَلِيِّ وَلَا عَلَى الْأَيْتَامِ؛ لِأَنَّهُ أَنْفَقَ بِوَجْهٍ جَائِزٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. بِخِلَافِ إنْفَاقِ الْوَرَثَةِ الْكِبَارِ نَصِيبَهُمْ فَإِنَّهُمْ يَضْمَنُونَ لِلْغَرِيمِ الطَّارِئِ بِلَا خِلَافٍ. وَقَرَّرَ فِي الْحَاشِيَةِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ مَا مُحَصَّلُهُ: لَوْ عَمِلَ أَوْلَادُ رَجُلٍ فِي مَالِهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ مَعَهُ أَوْ وَحْدَهُمْ وَنَشَأَ مِنْ عَمَلِهِمْ غَلَّةٌ كَانَتْ تِلْكَ الْغَلَّةُ لِلْأَبِ، وَلَيْسَ لِلْأَوْلَادِ إلَّا أُجْرَةُ عَمَلِهِمْ يَدْفَعُهَا لَهُمْ بَعْدَ مُحَاسَبَتِهِمْ بِنَفَقَتِهِمْ وَزَوَاجِهِمْ إنْ زَوَّجَهُمْ، فَإِنْ لَمْ تَفِ أُجْرَتُهُمْ بِذَلِكَ رَجَعَ عَلَيْهِمْ بِالْبَاقِي إنْ لَمْ يَكُنْ تَبَرَّعَ لَهُمْ بِمَا ذَكَرَ، وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ الْأَوْلَادُ بَيَّنُوا لِأَبِيهِمْ أَوَّلًا أَنَّ مَا حَصَلَ مِنْ الْغَلَّةِ لَهُمْ أَوْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، وَإِلَّا عَمِلَ بِمَا دَخَلُوا عَلَيْهِ.
وَقَرَّرَ أَيْضًا أَنَّهُ: إذَا اتَّجَرَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ فِي التَّرِكَةِ فَمَا حَصَلَ مِنْ الْغَلَّةِ فَهُوَ تَرِكَةٌ وَلَهُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَوَّلًا أَنَّهُ يَتَّجِرُ لِنَفْسِهِ: فَإِنْ بَيَّنَ كَانَتْ الْغَلَّةُ لَهُ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ إلَّا الْقَدْرُ الَّذِي تَرَكَهُ مُوَرِّثُهُمْ.
قَوْلُهُ: [أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ وَارِثٌ] : أَشْعَرَ قَوْلُهُ طَرَأَ عَلَيْهِ وَارِثٌ أَنَّهُ لَوْ طَرَأَ مُسْتَحِقٌّ
يُقَاسِمُ الْأَخَ الْأَوَّلَ فِيمَا تَرَكَ الْمَيِّتُ مِنْ عَقَارٍ أَوْ غَيْرِهِ وَفِيمَا اسْتَغَلَّهُ. (إلَّا أَنْ يَنْتَفِعَ) الْمَطْرُوُّ عَلَيْهِ بِمَا تَرَكَ الْمَيِّتُ (بِنَفْسِهِ) مِنْ غَيْرِ كِرَاءٍ؛ كَأَنْ يَسْكُنَ الدَّارَ وَيَرْكَبَ الدَّابَّةَ وَيَزْرَعَ الْأَرْضَ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الطَّارِئُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ عَالِمًا بِالطَّارِئِ، وَأَنْ يَكُونَ فِي نَصِيبِهِ مَا يَكْفِيهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى قَدْرِ نَصِيبِهِ فِي السُّكْنَى، فَإِنْ زَادَ غَرِمَ، تَأَمَّلْ: وَأَنْ لَا يَكُونَ الطَّارِئُ يَحْجُبُ الْمَطْرُوَّ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَفُوتَ الْإِبَّانُ فِيمَا لَهُ إبَّانٌ فَطُرُوُّ وَارِثٍ عَلَى غَيْرِهِ قَبْلَ الْإِبَّانِ لَا يَمْنَعُ قِيَامَ الطَّارِئِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
وُقِفَ عَلَى مُسْتَحِقٍّ آخَرَ اسْتَغَلَّهُ أَوْ سَكَنَهُ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ مُنْفَرِدٌ بِهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِالْغَلَّةِ وَلَا بِالسُّكْنَى وَهُوَ كَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ، وَأَمَّا إنْ اسْتَغَلَّهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِالطَّارِئِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا يَخُصُّهُ فِي الْغَلَّةِ.
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ يَنْتَفِعَ الْمَطْرُوُّ عَلَيْهِ] : شُرُوعٌ فِي شُرُوطِ عَدَمِ رُجُوعِ الطَّارِئِ بِالْغَلَّةِ، وَهِيَ سِتَّةٌ تُؤْخَذُ مِنْ الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ.
قَوْلُهُ: [وَأَنْ يَكُونَ فِي نَصِيبِهِ مَا يَكْفِيهِ] : فِي الْأَصْلِ وَالْخَرَشِيُّ زِيَادَةُ " لَا "، وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ هُنَا.
قَوْلُهُ: [تَأَمَّلْ] : إنَّمَا أَمَرَ بِالتَّأَمُّلِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى قَدْرِ نَصِيبِهِ فِي السُّكْنَى مُشْكِلٌ لِمَا قَالُوهُ فِي مَسْأَلَةِ الشَّرِيكَيْنِ الْآتِيَةِ فِي التَّنْبِيهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ: مِنْ أَنَّ الْعِلْمَ بِالطَّارِئِ لَا يَضُرُّ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَى نَصِيبِهِ.
قَوْلُهُ: [وَأَنْ يَفُوتَ الْإِبَّانُ فِيمَا لَهُ إبَّانٌ] : أَيْ كَالْأَرْضِ الَّتِي تُرَادُ لِلزِّرَاعَةِ، فَإِنْ كَانَ الْإِبَّانُ بَاقِيًا فَلَا يَفُوزُ الْمَطْرُوُّ عَلَيْهِ بِمَا انْتَفَعَ بِهِ بَلْ يُحَاسِبُهُ الطَّارِئُ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ.
تَنْبِيهٌ: إذَا كَانَتْ الدَّارُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ شَخْصَيْنِ فَاسْتَغَلَّهَا أَحَدُهُمَا مُدَّةً، فَإِنْ كَانَ بِكِرَاءٍ رَجَعَ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ بِحِصَّتِهِ، وَإِنْ اسْتَغَلَّهَا بِالسُّكْنَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِشَرِيكِهِ إنْ سَكَنَ فِي قَدْرِ حِصَّتِهِ، فَإِنْ سَكَنَ أَكْثَرَ مِنْهَا رَجَعَ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ. وَلَا يُشْتَرَطُ فِي عَدَمِ اتِّبَاعِ شَرِيكِهِ لَهُ إلَّا هَذَا الشَّرْطُ وَبَاقِي الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَا تُعْتَبَرُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ بْن.
(وَإِنْ بَنَى) ذُو الشُّبْهَةِ (أَوْ غَرَسَ) فَاسْتُحِقَّ (قِيلَ لِلْمَالِكِ) الَّذِي اسْتَحَقَّ الْأَرْضَ: (ادْفَعْ قِيمَتَهُ قَائِمًا) مُنْفَرِدًا عَنْ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ رَبَّهُ بَنَاهُ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ، (فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلْبَانِي: ادْفَعْ) لِمُسْتَحِقِّ الْأَرْضِ (قِيمَةَ الْأَرْضِ) بَرَاحًا (فَإِنْ أَبَى) أَيْضًا (فَشَرِيكَانِ بِالْقِيمَةِ) : هَذَا بِقِيمَةِ أَرْضِهِ بَرَاحًا وَهَذَا بِقِيمَةِ بِنَائِهِ أَوْ غَرْسِهِ قَائِمًا (يَوْمَ الْحُكْمِ) لَا يَوْمَ الْغَرْسِ أَوْ الْبِنَاءِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَإِنْ بَنَى ذُو الشُّبْهَةِ أَوْ غَرَسَ] : أَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ تُجَوِّزُ الْجَمْعُ، وَالْمُرَادُ بِذِي الشُّبْهَةِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمُكْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ أَوْ الْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْهُ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ وَلَمْ يَعْلَمْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِالْغَصْبِ.
وَقَوْلُهُ: " بَنَى أَوْ غَرَسَ ": فَرَضَ مَسْأَلَةً إذْ لَوْ صَرَفَ مَالًا عَلَى تَفْصِيلِ عَرَضٍ أَوْ خِيَاطَتِهِ أَوْ عَمَّرَ سَفِينَةً فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ، وَاحْتَرَزَ بِذِي الشُّبْهَةِ مِمَّا لَوْ بَنَى أَحَدُ الشُّرَكَاءِ أَوْ غَرَسَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، فَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ يَرْجِعُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا يُلْزَمُ بِقَلْعِهِ، بَلْ إنْ اقْتَسَمُوا وَوَقَعَ فِي قِسْمِ غَيْرِهِ دَفَعَ لَهُ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا، وَإِنْ أَبْقَوْا الشَّرِكَةَ عَلَى حَالِهَا فَلَهُمْ أَنْ يَأْمُرُوهُ بِأَخْذِهِ أَوْ يَدْفَعُوا لَهُ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا.
قَوْلُهُ: [ادْفَعْ قِيمَتَهُ قَائِمًا] : أَيْ وَلَوْ مِنْ بِنَاءِ الْمُلُوكِ؛ لِأَنَّهُ وَضَعَهُ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ كَذَا فِي الْخَرَشِيِّ، وَرَدَّهُ بْن بِأَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ بِنَاءِ الْمُلُوكِ وَذَوِي السَّرَفِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فَالْمَنْصُوصُ أَنَّ فِيهِ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا؛ لِأَنَّ شَأْنَهُمْ الْإِسْرَافُ وَالتَّغَالِي، وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ بِسَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ.
قَوْلُهُ: [يَوْمَ الْحُكْمِ] : أَيْ بِالشَّرِكَةِ وَكَيْفِيَّةِ التَّقْوِيمِ أَنْ يُقَالَ: مَا قِيمَةُ الْبِنَاءِ قَائِمًا عَلَى أَنَّهُ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ؟ فَيُقَالُ: كَذَا، وَمَا قِيمَةُ الْأَرْضِ مُفْرَدَةً عَنْ الْغَرْسِ أَوْ الْبِنَاءِ الَّذِي فِيهَا؟ فَيُقَالُ: كَذَا، فَيَكُونَا شَرِيكَيْنِ بِقِيمَةِ مَا لِكُلٍّ، فَلَوْ قِيلَ لِلْمُسْتَحِقِّ: أَعْطِهِ قِيمَتَهُ قَائِمًا فَقَالَ: لَيْسَ عِنْدِي مَا أُعْطِيهِ الْآنَ، وَلَكِنْ يَسْكُنُ وَيَنْتَفِعُ حَتَّى يَرْزُقَنِي اللَّهُ مَا أُؤَدِّي مِنْهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ، لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ وَلَوْ رَضِيَ الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا، وَكَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ مِنْهُ يَسْتَوْفِي مَا وَجَبَ لَهُ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ مِنْ كِرَاءِ الشَّيْءِ الْمُسْتَحَقِّ لِفَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ.
(إلَّا الْمُسْتَحَقَّةَ بِحَبْسٍ) عَلَى مُعَيَّنَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمْ (فَالنُّقْضُ) بِضَمِّ النُّونِ: أَيْ الْمَنْقُوضُ مُتَعَيِّنٌ لِرَبِّهِ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ: اُنْقُضْ بِنَاءَك أَوْ غَرْسَك وَخُذْهُ وَدَعْ الْأَرْضَ لِمَنْ وُقِفَتْ عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي بَقَائِهِ مَنْفَعَةٌ لِلْوَقْفِ وَرَأَى النَّاظِرُ إبْقَاءَهُ فَلَهُ دَفْعُ قِيمَتِهِ مَنْقُوضًا مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ إنْ كَانَ لَهُ رَيْعٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَيْعٌ وَدَفَعَهُ مِنْ عِنْدَهُ مُتَبَرِّعًا لِحَقٍّ بِالْوَقْفِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ؛ كَمَا لَوْ بَنَى هُوَ أَوْ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ فَلَا يَكُونُ مَمْلُوكًا لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ بَلْ هُوَ مُلْحَقٌ بِالْوَقْفِ عَلَى مَا نَصُّوا عَلَيْهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَاقِعَ الْآنَ بِمِصْرَ أَنَّ النُّظَّارَ يَبِيعُونَ أَوْقَافَ الْمَسَاجِدِ أَوْ غَيْرَهَا وَالْمُشْتَرِي مِنْهُمْ عَالِمٌ عَارِفٌ بِأَنَّ هَذَا وَقْفٌ عَلَى مَسْجِدِ الْغُورِيِّ أَوْ الْأَشْرَفِ أَوْ غَيْرِهِمَا أَوْ عَلَى بَنِي فُلَانٍ، ثُمَّ يَجْعَلُونَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ دَرَاهِمَ قَلِيلَةً يُسَمُّونَهَا حَكْرًا وَيُسَمُّونَ اسْتِيلَاءَ الْبُغَاةِ عَلَى تِلْكَ الْأَوْقَافِ خُلُوًّا وَانْتِفَاعًا، يُبَاعُ وَيُشْتَرَى وَيُوَرَّثُ، وَبَعْضُهُمْ يَرْفَعُ ذَلِكَ الْحَكْرَ بِتَوْجِيهِ النَّاظِرِ عَلَى نَحْوِ جَامَكِيَّةٍ أَوْ وَظِيفَةٍ وَيُبْطِلُونَ الْوَقْفَ مِنْ أَصْلِهِ ثُمَّ يَنْسُبُونَ جَوَازَ ذَلِكَ لِلْمَالِكِيَّةِ، وَصَارَ قُضَاةُ مِصْرَ يَحْكُمُونَ بِصِحَّةِ ذَلِكَ مُعْتَمَدِينَ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَحَاشَا الْمَالِكِيَّةَ أَنْ يَقُولُوا بِذَلِكَ: كَيْفَ؟ وَمَذْهَبُهُمْ هُوَ الْمَبْنِيُّ عَلَى سَدِّ الذَّرَائِعِ وَإِبْطَالِ الْحِيَلِ؟ وَسَنَدُهُمْ: فَتْوَى وَقَعَتْ مِنْ النَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَانْظُرْهَا فِي الْمُطَوَّلَاتِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [إلَّا الْمُسْتَحَقَّةَ بِحَبْسٍ فَالنَّقْضُ] : مَا مَرَّ فِيمَا إذَا لَمْ تُسْتَحَقَّ الْأَرْضُ بِحَبْسٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ بَنَى أَوْ غَرَسَ فِي الْأَرْضِ تُوجِبُ شُبْهَةً ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِحَبْسٍ فَلَيْسَ لِلْبَانِي أَوْ الْغَارِسِ إلَّا نَقْضُهُ، إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَةَ الْبُقْعَةِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الْحَبْسِ، وَلَيْسَ لَنَا أَحَدٌ مُعَيَّنٌ نُطَالِبُهُ بِدَفْعِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ قَائِمًا فَيَتَعَيَّنُ النُّقْضُ بِضَمِّ النُّونِ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْحَبْسُ عَلَى مُعَيَّنَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا. خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ.
قَوْلُهُ: [فَانْظُرْهَا فِي الْمُطَوَّلَاتِ] : حَاصِلُهَا أَنَّهُ قَالَ فِي فَتْوَاهُ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَتَعَطَّلَ الْوَقْفُ بِالْمَرَّةِ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ رَيْعٌ لَهُ يُقَيِّمُهُ وَلَمْ يُمْكِنْ إجَارَتُهُ بِمَا يُقَيِّمُهُ فَأَذِنَ النَّاظِرُ لِمَنْ يَبْنِي فِيهِ أَوْ يَغْرِسُ فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ يَدْفَعُهُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ، أَوْ لَا يَقْصِدُ إحْيَاءَ الْوَقْفِ عَلَى أَنَّ مَا بَنَاهُ أَوْ غَرَسَهُ يَكُونُ لَهُ مِلْكًا وَيَدْفَعُ عَلَيْهِ حَكْرًا مَعْلُومًا فِي نَظِيرِ الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ لِمَنْ يَسْتَحِقُّهُ مِنْ مَسْجِدٍ أَوْ آدَمِيٍّ، فَلَعَلَّ هَذَا يَجُوزُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَيُسَمَّى