الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ.
آخِذٌ؛ وَمَأْخُوذٌ مِنْهُ، وَبَائِعٌ لَهُ، وَصِيغَةٌ.
ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى التَّعْرِيفِ الْمَذْكُورِ قَوْلَهُ: (فَلِلشَّرِيكِ) الْمُسْتَحِقِّ (أَوْ وَكِيلِهِ الْأَخْذُ) بِالشُّفْعَةِ لِمَا عَاوَضَ عَلَيْهِ شَرِيكَهُ مِنْ الْعَقَارِ (جَبْرًا) شَرْعِيًّا (وَلَوْ) كَانَ الشَّرِيكُ الْمُسْتَحِقُّ (ذِمِّيًّا) بَاعَ شَرِيكُهُ الْمُسْلِمُ أَوْ الذِّمِّيُّ نَصِيبَهُ لِذِمِّيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ، فَلِلذِّمِّيِّ الْأَخْذُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ: لَكِنْ إنْ كَانَ الشَّرِيكَانِ ذِمِّيَّيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا لِذِمِّيٍّ فَشَرْطُ الْقَضَاءِ بِهَا أَنْ يَتَرَافَعَا إلَيْنَا. فَمَتَى كَانَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ مُسْلِمًا فَهِيَ ثَابِتَةٌ تَرَافَعَا أَوْ لَمْ يَتَرَافَعَا، وَإِلَّا فَلَا تَثْبُتُ إلَّا بِالتَّرَافُعِ.
(أَوْ) كَانَ الشَّرِيكُ (مُحَبِّسًا) لِحِصَّتِهِ قَبْلَ بَيْعِ شَرِيكِهِ، فَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ
ــ
[حاشية الصاوي]
[أَرْكَانُ الشُّفْعَةِ]
قَوْلُهُ: [آخِذٌ] : أَيْ وَهُوَ الشَّفِيعُ.
وَقَوْلُهُ: [وَمَأْخُوذٌ مِنْهُ] : أَيْ وَهُوَ الْمُشْتَرِي.
قَوْلُهُ: [وَبَائِعٌ لَهُ] : الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَشَيْءٌ مَأْخُوذٌ وَهُوَ الْمَبِيعُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ مِنْ أَسْبَابِهَا لَا مِنْ أَرْكَانِهَا. وَتَرَكَ خَامِسًا: وَهُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ قِيمَةٍ، فَأَفَادَ الْأَوَّلَ مِنْهَا بِقَوْلِهِ:" فَلِلشَّرِيكِ أَوْ وَكِيلِهِ الْأَخْذُ " إلَخْ، وَالثَّانِي مِنْهَا بِقَوْلِهِ مِمَّنْ طَرَأَ مِلْكُهُ. وَالثَّالِثُ بِقَوْلِهِ " لِعَقَارٍ وَلَوْ مُنَاقَلًا بِهِ " إلَخْ؛ وَالْخَامِسُ الَّذِي زِدْنَاهُ بِقَوْلِهِ:" بِمِثْلِ " الْمِثْلِ إلَخْ. وَالصِّيغَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي: " وَلَزِمَهُ إنْ قَالَ أَخَذْت ".
قَوْلُهُ: [لِمَا عَاوَضَ عَلَيْهِ] : أَيْ كَانَتْ الْمُعَاوَضَةُ مَالِيَّةً أَوْ غَيْرَهَا.
قَوْلُهُ: [شَرْعِيًّا] : أَيْ بِحُكْمِ الشَّرْعِ فَلَا ظُلْمَ فِيهِ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ كَانَ الشَّرِيكُ الْمُسْتَحِقُّ ذِمِّيًّا] : بَالَغَ عَلَيْهِ رَدًّا عَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّ صُوَرَ الْمَسْأَلَةِ ثَمَانٍ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ وَالْبَائِعَ إمَّا مُسْلِمَانِ أَوْ كَافِرَانِ، أَوْ الشَّرِيكُ مُسْلِمٌ وَالْبَائِعُ كَافِرٌ أَوْ الْعَكْسُ، وَفِي كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعِ: الْمُشْتَرِي إمَّا مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ؛ فَمَهْمَا كَانَ الشَّفِيعُ مُسْلِمًا فَالشُّفْعَةُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ كَافِرًا وَالْمُشْتَرِي مُسْلِمًا فَمَحَلُّ الْخِلَافِ، وَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ ذِمِّيِّينَ فَلَا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِالشُّفْعَةِ إلَّا إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا. فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ فِي الرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ أَنْ يَقُولَ فِي الْحَلِّ: وَلَوْ كَانَ الشَّرِيكُ الْمُسْتَحِقُّ ذِمِّيًّا بَاعَ شَرِيكُهُ الْمُسْلِمُ أَوْ الذِّمِّيُّ نَصِيبَهُ لِمُسْلِمٍ.
(لِيُحَبِّسَ) فِي مِثْلِ مَا حَبَّسَ فِيهِ الْأَوَّلَ، لَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّحْبِيسَ فَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ. كَمَا أَنَّ الْمُحَبَّسَ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ أَخْذٌ بِهَا وَلَوْ لِيُحَبِّسَ كَمَا يَأْتِي.
(وَالْوَلِيِّ) بِالشُّفْعَةِ وَالْوَلِيِّ بِالْجَرِّ، عَطْفًا عَلَى " الشَّرِيكِ ": أَيْ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ (لِمَحْجُورِهِ) السَّفِيهِ أَوْ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ إذَا بَاعَ شَرِيكُهُ الْمَحْجُورَ. (وَالسُّلْطَانِ) لَهُ أَخْذٌ بِالشُّفْعَةِ (لِبَيْتِ الْمَالِ) : فَإِذَا مَاتَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَلَا وَارِثَ لَهُ فَأَخَذَ السُّلْطَانُ نَصِيبَهُ لِبَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ بَاعَ الشَّرِيكُ، فَلِلسُّلْطَانِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ. وَكَذَا لَوْ مَاتَ إنْسَانٌ عَنْ بِنْتٍ مَثَلًا فَأَخَذَتْ النِّصْفَ، ثُمَّ بَاعَتْهُ فَلِلسُّلْطَانِ الْأَخْذُ مِنْ الْمُشْتَرِي لِبَيْتِ الْمَالِ. (لَا مُحَبَّسٌ عَلَيْهِ) فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ (أَوْ نَاظِرٌ) عَلَى وَقْفٍ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذٌ بِهَا (وَلَوْ لِيُحَبِّسَ) بِهَا فِيمَا حَبَّسَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ يَأْخُذُ بِهِ، وَقِيلَ: إنْ أَرَادَ الْأَخْذَ لِيُلْحِقَهُ بِالْأَوَّلِ فَلَهُ ذَلِكَ.
(إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ) أَيْ لِمَنْ ذَكَرَ مِنْ مُحَبَّسٍ عَلَيْهِ أَوْ نَاظِرٍ؟ (الْمَرْجِعُ) : أَيْ مَرْجِعُ الْوَقْفِ، أَيْ رُجُوعُهُ، كَمَنْ حَبَّسَ عَلَى جَمَاعَةٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ لِفُلَانٍ مِلْكًا، فَلَهُ حِينَئِذٍ الْأَخْذُ بِهَا. وَكَذَا إنْ جَعَلَ الْمُحَبَّسُ لَهُ الْأَخْذَ لِيُحَبِّسَ فِي مِثْلِ الْأَوَّلِ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ وَكِيلًا عَنْهُ فِي ذَلِكَ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فِي مِثْلِ مَا حَبَّسَ فِيهِ الْأَوَّلُ] : الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِمِثْلٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مُطْلَقِ تَحْبِيسٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمَجْمُوعِ.
قَوْلُهُ: [فَلِلسُّلْطَانِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ] : قَالَ سَحْنُونَ فِي الْمُرْتَدِّ يُقْتَلُ وَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ شُفْعَةٌ: إنَّ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَأْخُذَهَا إنْ شَاءَ لِبَيْتِ الْمَالِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ نَاظِرٌ عَلَى وَقْفٍ] : أَيْ كَدَارٍ مَوْقُوفٍ نِصْفُهَا عَلَى جِهَةٍ وَلَهُ نَاظِرٌ، فَإِذَا بَاعَ الشَّرِيكُ نِصْفَهُ فَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ أَخْذٌ بِالشُّفْعَةِ، وَلَوْ لِيُحَبِّسَ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ لَهُ الْوَاقِفُ الْأَخْذَ لِيُحَبِّسَ، وَإِلَّا كَانَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ إنْ أَرَادَ] إلَخْ: الْقَائِلُ لَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ.
قَوْلُهُ: [كَمَنْ حَبَّسَ عَلَى جَمَاعَةٍ] : أَيْ مُدَّةَ حَيَّاتِهِمْ.
وَقَوْلُهُ: [ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ] : أَيْ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْجَمَاعَةِ أَوْ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ.
(وَ) لَا (جَارٌ) فَلَا شُفْعَةَ لَهُ (وَإِنْ مَلَكَ تَطَرُّقًا) : أَيْ طَرِيقًا إلَى الدَّارِ الَّتِي بِيعَتْ، بِأَنْ كَانَتْ الطَّرِيقَ الْمُوَصِّلَةَ إلَى دَارِ كُلٍّ وَاحِدَةً فَبَاعَ أَحَدُ الْجَارَيْنِ دَارِهِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا لِلْآخَرِ.
(مِمَّنْ طَرَأَ) : أَيْ تَجَدَّدَ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَخْذِ: أَيْ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُعَاوِضْ الْأَخْذُ مِمَّنْ طَرَأَ (مِلْكُهُ) عَلَى مَنْ أَرَادَ الْأَخْذَ؛ فَلَوْ مَلَكَا الْعَقَارَ مَعًا بِشِرَاءٍ أَوْ نَحْوَهُ فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (اللَّازِمُ) نَعْتٌ لِمِلْكِهِ، احْتَرَزَ بِهِ عَمَّنْ طَرَأَ مِلْكُهُ بِمُعَاوَضَةٍ لَكِنْ بِمِلْكٍ غَيْرِ لَازِمٍ: كَبَيْعِ الْخِيَارِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهِ، وَكَبَيْعِ مَحْجُورٍ بِلَا إذْنٍ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ إلَّا بَعْدَ إمْضَاءِ الْوَلِيِّ (اخْتِيَارًا) فَلَا شُفْعَةَ فِي مِلْكٍ طَرَأَ بِلَا اخْتِيَارٍ كَالْإِرْثِ (بِمُعَاوَضَةٍ) : وَلَوْ غَيْرَ مَالِيَّةٍ،
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَلَا جَارٌ] : أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ.
قَوْلُهُ: [مِمَّنْ طَرَأَ] : هَذَا هُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي وَهُوَ الْمُشْتَرِي.
قَوْلُهُ: [كَبَيْعِ الْخِيَارِ] : اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْمِلْكَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ، وَحِينَئِذٍ فَلَمْ يَتَجَدَّدْ مِلْكٌ لِلْمُشْتَرِي حِينَ الْخِيَارِ فَهُوَ خَارِجٌ بِقَوْلِهِ مِمَّنْ طَرَأَ وَلَيْسَ خَارِجًا بِقَوْلِهِ اللَّازِمُ. وَأُجِيبَ أَنَّ إخْرَاجَهُ بِقَوْلِهِ اللَّازِمُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ مِنْ أَنَّ الْمَبِيعَ زَمَنَ الْخِيَارِ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَيُصَدَّقُ أَنَّهُ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ الْمِلْكَ غَيْرُ لَازِمٍ.
قَوْلُهُ: [فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهِ] : أَيْ وَيُثْبِتُ الشُّفْعَةَ لِمُشْتَرِي الْخِيَارِ إنْ بَاعَ شَخْصٌ دَارِهِ مَثَلًا نِصْفَيْنِ نِصْفًا خِيَارًا أَوَّلًا، ثُمَّ النِّصْفَ الثَّانِيَ بَتًّا لِشَخْصٍ آخَرَ فَأَمْضَى بَيْعَ الْخِيَارِ الْأَوَّلَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْمُشْتَرِي بَتًّا؛ لِأَنَّ الْإِمْضَاءَ حَقَّقَ مِلْكَهُ يَوْمَ الشِّرَاءِ فَالشُّفْعَةُ لَهُ عَلَى ذِي الْبَتِّ. وَهَذَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ مِنْ أَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ مُنْعَقِدٌ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ مُنْحَلٌّ الَّذِي هُوَ الْمَشْهُورُ فَالشُّفْعَةُ لِمُشْتَرِي الْبَتِّ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ.
قَوْلُهُ: [وَكَبَيْعِ مَحْجُورٍ] : مِثْلُ بَيْعِهِ شِرَاؤُهُ، فَإِذَا اشْتَرَى يُقَالُ فِيهِ قَدْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ لَكِنَّ ذَلِكَ الْمِلْكَ غَيْرُ لَازِمٍ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ حَتَّى يُجِيزَهُ وَلِيُّهُ.
قَوْلُهُ: [كَالْإِرْثِ] : أَيْ فَإِذَا كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ وَمَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ وَارِثٍ أَخَذَ حِصَّتَهُ مِنْهَا فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ وَارِثِهِ بِالشُّفْعَةِ.