الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بِشَرْطِ) حِينِهِ (مُنَافٍ) لِمَا يَقْتَضِيه الْعَقْدُ، إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ شُرِطَ فِيهِ شَرْطٌ مُنَافٍ لِمَا يَقْتَضِيه مُفْسِدٌ لَهُ (كَانَ) أَيْ شَرَطَ أَنْ (لَا يَقْبُضَهُ) مِنْ رَاهِنِهِ (أَوْ) شَرَطَ أَنْ (لَا يَبِيعَهُ عِنْدَ الْأَجَلِ) .
(وَ) بَطَلَ (بِجَعْلِهِ) : أَيْ الرَّهْنَ (فِي) بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ (فَاسِدٍ) ظَنَّ لُزُومَهُ أَوْ لَمْ يَظُنَّ فَيَأْخُذُهُ رَبُّهُ وَتَعَيَّنَ فَسْخُ الْفَاسِدِ (إلَّا أَنْ يَفُوتَ) الْفَاسِدُ بِمُفَوِّتٍ (فَفِي) : أَيْ فَيَصِحُّ جَعْلُ ذَلِكَ الرَّهْنِ فِي (عِوَضِهِ) مِنْ قِيمَةٍ أَوْ مِثْلٍ أَوْ ثَمَنٍ، كَمُخْتَلَفٍ فِيهِ يَفُوتُ بِالثَّمَنِ. وَقِيلَ: بِرَدِّ الرَّهْنِ لِفَسَادِهِ مُطْلَقًا وَلَوْ مَعَ الْفَوَاتِ وَيَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ لِوُقُوعِهِ فَاسِدًا، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ كَلَامِ الشَّيْخِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
يَتَرَتَّبُ عَلَى الْبَيْعِ لَا لِنَفْسِ حَقِيقَتِهِ. وَإِنَّمَا قَالَ: " بِمَعْنَى الْعَقْدِ " لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَّصِفُ بِالْبُطْلَانِ لَا الْمَالَ الْمَدْفُوعَ لِلتَّوَثُّقِ. وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ مَا لَمْ يَكُنْ مُشْتَرَطًا فِي دَيْنٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ فَاتَ، وَإِلَّا فَلَا بُطْلَانَ كَمَا يُفِيدُهُ الْأُجْهُورِيُّ فِي نَظْمِهِ الْآتِي.
قَوْلُهُ: [بِشَرْطِ حِينِهِ] : أَيْ حِينَ الْعَقْدِ وَمَفْهُومٌ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الشَّرْطُ الْمُنَافِي بَعْدَ الْعَقْدِ لَا يُعْتَبَرُ بَلْ هُوَ لَاغٍ وَالرَّهْنُ صَحِيحٌ.
قَوْلُهُ: [لِمَا يَقْتَضِيه الْعَقْدُ] : أَيْ مِنْ الْأَحْكَامِ فَعَقْدُ الرَّهْنِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُبَاعُ إذَا لَمْ يُوَفِّ الرَّاهِنُ الدَّيْنَ وَأَنَّهُ يُقْبَضُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ أَوْ عِنْدَ أَمِينٍ، فَإِنْ شَرَطَ خِلَافَ ذَلِكَ كَانَ مُنَاقِضًا وَرَافِعًا لِلْحَقِيقَةِ.
[بطلان الرَّهْن فِي الْبَيْع أَوْ القرض الْفَاسِد]
[تَنْبِيه إذَا أَعْطَى رَهْنًا فِي جِنَايَة تَحْمِلهَا الْعَاقِلَة]
قَوْلُهُ: [فِي بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ فَاسِدٍ] : مِثَالُ الْفَاسِدِ مِنْ الْبَيْعِ: الْبَيْعُ الْوَاقِعُ وَقْتَ نِدَاءِ جُمُعَةٍ أَوْ لِأَجَلِ مَجْهُولٍ، وَالْقَرْضُ الْفَاسِدُ: كَدَفْعِ عَفَنٍ فِي جَيِّدٍ.
قَوْلُهُ: [أَوْ لَمْ يَظُنَّ] : أَيْ سَوَاءٌ اشْتَرَطَ أَوْ لَا فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ خَلِيلٍ بِاشْتِرَاطِهِ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ ظَنَّ فِيهِ اللُّزُومَ.
قَوْلُهُ: [كَمُخْتَلَفٍ فِيهِ] إلَخْ: مِثَالٌ لِلَّذِي يَفُوتُ بِالثَّمَنِ.
قَوْلُهُ: [لِفَسَادِهِ] : أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا صَاحَبَهُ مِنْ الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ الْفَاسِدَيْنِ وَإِلَّا فَالرَّهْنُ لَيْسَ بِفَاسِدٍ.
قَوْلُهُ: [وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ كَلَامِ الشَّيْخِ] : أَيْ لِأَنَّ الشَّيْخَ لَمْ يُقَيِّدْ الْبُطْلَانَ بِفَوَاتٍ وَلَا بِعَدَمِهِ وَيُؤَيِّدُ الطَّرِيقَةَ الْأُولَى قَوْلُ الْمَجْمُوعِ، وَإِنْ وَقَعَ فِي فَاسِدٍ نُقِلَ لِعِوَضِ الْفَائِتِ وَلَوْ غَيْرَ مُشْتَرَطٍ حَيْثُ صَحَّ نَفْسُ الرَّهْنِ، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ عج:
(وَ) بَطَلَ بِجَعْلِهِ (فِي قَرْضٍ جَدِيدٍ) اقْتَرَضَهُ مِنْ إنْسَانٍ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَبْلَهُ وَجَعَلَ ذَلِكَ الرَّهْنَ فِيهِ (مَعَ دَيْنٍ قَدِيمٍ) مِنْ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ؛ أَيْ جَعَلَهُ فِيهِمَا مَعًا، لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَهُوَ تَوْثِقَةٌ فِي الْقَدِيمِ بِالرَّهْنِ، فَيُرَدُّ لِرَبِّهِ وَيَبْقَيَانِ بِلَا رَهْنٍ.
(وَ) إذَا حَصَلَ مَانِعٌ لِلرَّاهِنِ قَبْلَ رَدِّهِ لَهُ (اخْتَصَّ بِهِ) : أَيْ بِالرَّهْنِ الدَّيْنُ (الْجَدِيدُ) دُونَ الْقَدِيمِ: أَيْ فَيَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِهِ فِي الْجَدِيدِ فَقَطْ وَيُحَاصِصُ بِالْقَدِيمِ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الشَّيْخِ:" وَصَحَّ فِي الْجَدِيدِ "، فَمُرَادُهُ بِالصِّحَّةِ: الِاخْتِصَاصُ، لَا الصِّحَّةِ الْمُقَابِلَةِ لِلْفَسَادِ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْحَطَّابِ: كَلَامُ الْمُصَنِّفِ نَصٌّ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى ذَلِكَ لِغَيْرِهِ (اهـ) .
ــ
[حاشية الصاوي]
وَفَاسِدُ الرَّهْنِ فِيمَا صَحَّ أَوْ عِوَضٌ
…
لِفَاسِدٍ فَاتَ فَانْقُلْهُ إذَا اشْتَرَطَا
وَإِنْ يَكُنْ صَحَّ لَا مَا فِيهِ فَهُوَ إذَنْ
…
فِي عِوَضِهِ مُطْلَقًا إنْ فَاتَ فَاغْتَبَطَا
(اهـ)
تَنْبِيهٌ مَنْ جَنَى خَطَأً جِنَايَةً تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ وَظَنَّ أَنَّ الدِّيَةَ تَلْزَمُهُ بِانْفِرَادِهِ فَأَعْطَى بِهَا رَهْنًا ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ جَمِيعَهَا لَا يَلْزَمُهُ، حَلَفَ أَنَّهُ ظَنَّ لُزُومَ الدِّيَةِ وَمَا عَلِمَ عَدَمَ اللُّزُومِ، وَرَجَعَ فِي رَهْنِهِ مِنْ حِصَّةِ الْعَاقِلَةِ إلَى جُعْلِهِ فِي حِصَّتِهِ فَقَطْ. وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ لُزُومَ الدِّيَةِ لِلْعَاقِلَةِ وَرَهَنَ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي جَمِيعِ الدِّيَةِ.
قَوْلُهُ: [وَبَطَلَ يَجْعَلُهُ فِي قَرْضٍ جَدِيدٍ] إلَخْ: اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ فَسَادِ الرَّهْنِ إذَا كَانَ الْمَدِينُ مُعْسِرًا بِهِ أَوْ كَانَ الدَّيْنُ الْقَدِيمُ مُؤَجَّلًا حِينَ أَخَذَ الرَّهْنَ. أَمَّا لَوْ كَانَ حَالًّا أَوْ حَلَّ أَجَلُهُ صَحَّ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْغَرِيمُ مَلِيئًا مَقْدُورًا عَلَى الْخَلَاصِ مِنْهُ، لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ لَمَّا كَانَ قَادِرًا عَلَى أَخْذِ دَيْنِهِ، كَانَ تَأْخِيرُهُ كَابْتِدَاءِ سَلَفٍ. وَكَذَا لَوْ كَانَ الْغَرِيمُ عَدِيمًا وَكَانَ الرَّهْنُ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مُحِيطٌ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْمَلِيءِ (اهـ - بْن) وَمَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ:" فِي قَرْضٍ " أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي بَيْعٍ جَدِيدٍ لَصَحَّ فِي الْبَيْعِ الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ - كَذَا فِي عب تَبَعٌ لِاسْتِظْهَارِ ح قَالَ بْن: وَهُوَ قُصُورٌ؛ فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالْحُرْمَةِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَكَذَا أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الْفَلَسِ، قَالَ: إنَّ دَيْنَ الْبَيْعِ مِثْلُ دَيْنِ الْقَرْضِ فِي الْفَسَادِ (اهـ) .
قَوْلُهُ: [فَمُرَادُهُ بِالصِّحَّةِ الِاخْتِصَاصُ] : أَيْ بَعْدَ الْوُقُوعِ لَا أَنَّهُ يَصِحُّ ابْتِدَاءً بَلْ يُؤْمَرُ بِرَدِّهِ.