الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَحُبِسَ) الْمُفْلِسُ (لِثُبُوتِ عُسْرِهِ، إنْ جُهِلَ حَالُهُ) : لَا إنْ عُلِمَ عُسْرُهُ (إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ) : بِمَالٍ أَوْ بِوَجْهٍ حَتَّى يَثْبُتَ عُسْرُهُ فَلَا يُحْبَسُ. (وَغُرْمُ) الْحَمِيلِ (إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ) : أَيْ بِالْمُفْلِسِ الْمَجْهُولِ الْحَالِ (إلَّا أَنْ يُثْبِتَ) الْحَمِيلُ (عُسْرَهُ) فَإِنْ أَثْبَتَهُ فَلَا يَغْرَمُ لِأَنَّهُ إنَّمَا ضَمِنَهُ لِيُثْبِتَ عُسْرَهُ (أَوْ ظَهَرَ مَلَاؤُهُ) : عُطِفَ عَلَى " جَهْلِ حَالِهِ ": أَيْ يُحْبَسُ إنْ كَانَ ظَاهِرَ الْمَلَاءِ بِالْمَدِّ: أَيْ الْغِنَى بَيْنَ النَّاسِ (إنْ تَفَالَسَ) : أَيْ ادَّعَى الْفَلَسَ: أَيْ
ــ
[حاشية الصاوي]
[حَبَسَ الْمُفْلِس إِن لَمْ يَأْتِ بِحَمِيلِ]
قَوْلُهُ: [وَحُبِسَ الْمُفْلِسُ] : مُرَادُهُ بِهِ الْمِدْيَانُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: " إنْ جُهِلَ حَالُهُ " كَانَ مُفْلِسًا بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ أَمْ لَا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ، لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ هَذَا التَّقْسِيمِ - كَمَا يَأْتِي - ظَاهِرُ الْمَلَاءِ وَمَعْلُومُهُ وَهُمَا لَا يُفْلِسَانِ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَهَذَا هُوَ الرَّابِعُ مِنْ الْأُمُورِ الْخَمْسَةِ وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ التَّنْبِيهُ عَلَى الْخَامِسِ.
قَوْلُهُ: [إنْ جُهِلَ حَالُهُ] : أَيْ هَلْ هُوَ مَلِيٌّ أَوْ مُعْدَمٌ لِأَنَّ النَّاسَ مَحْمُولُونَ عَلَى الْمَلَاءِ وَهَذَا مِمَّا قُدِّمَ فِيهِ الْغَالِبُ عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْفَقْرُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُولَدُ فَقِيرًا لَا مِلْكَ لَهُ.
قَوْلُهُ: [لَا إنْ عُلِمَ عُسْرُهُ] : أَيْ فَلَا يُحْبَسُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى. {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] .
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ] : قُيِّدَ فِي الْمَجْهُولِ حَالُهُ.
قَوْلُهُ: [بِمَالٍ أَوْ بِوَجْهٍ] : قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: لَمْ يُبَيِّنْ فِي الْمُدَوَّنَةِ هَلْ الْحَمِيلُ بِالْوَجْهِ أَوْ بِالْمَالِ؟ وَالصَّوَابُ أَنْ يَكُونَ بِالْوَجْهِ، وَأَوْلَى بِالْمَالِ وَلَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ بِالْمَالِ، قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ والأندلسيي نَ.
قَوْلُهُ: [أَوْ ظَهَرَ مَلَاؤُهُ] : الْمُرَادُ بِظَاهِرِ الْمَلَاءِ: مَنْ يُظَنُّ بِهِ ذَلِكَ بِسَبَبِ لِبْسِهِ الْفَاخِرِ مِنْ الثِّيَابِ وَرُكُوبِهِ لِجَيِّدِ الدَّوَابِّ وَكَثْرَةِ الْخَدَمِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْلَمَ حَقِيقَةُ حَالِهِ.
قَوْلُهُ: [إنْ كَانَ ظَاهِرَ الْمَلَاءِ بِالْمَدِّ] : أَيْ وَأَمَّا بِالْقَصْرِ مَهْمُوزًا: فَهُوَ الْجَمَاعَةُ، وَبِلَا هَمْزٍ: فَالْأَرْضُ الْمُتَّسَعَةُ - كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.
الْعُدْمَ وَأَنَّهُ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى وَفَاءِ مَا عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ بِحَمِيلٍ حَتَّى يُثْبِتَ عُسْرَهُ (فَإِنْ وَعَدَ) غَرِيمَهُ (بِالْقَضَاءِ وَسَأَلَ تَأْخِيرَ نَحْوَ الْيَوْمَيْنِ، أُجِيبَ) لِذَلِكَ وَلَا يُحْبَسُ (إنْ أَعْطَى حَمِيلًا بِالْمَالِ)، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَوْ حَمِيلًا بِالْوَجْهِ فَإِنَّهُ يَكْفِي. (وَإِلَّا) يَأْتِي بِحَمِيلٍ أَوْ أَتَى بِحَمِيلٍ بِالْوَجْهِ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونَ لَمْ يُجَبْ وَ (سُجِنَ) .
(كَمَعْلُومِ الْمَلَاءِ) بِالْمَدِّ فَإِنَّهُ يُسْجَنُ وَيُضْرَبُ حَتَّى يُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ مَا لَمْ يَأْتِ بِحَمِيلٍ غَارِمٍ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ. (وَأَجَلُ) الْمَدِينِ الْمَعْلُومِ الْمَلَاءِ، وَكَذَا ظَاهِرِ الْمَلَاءِ إنْ وَعَدَ بِالْوَفَاءِ وَطَلَبَ التَّأْخِيرَ (لِبَيْعِ عَرْضِهِ إنْ أَعْطَى حَمِيلًا بِهِ) : أَيْ بِالْمَالِ وَإِلَّا سُجِنَ، وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ بَيْعُهُ، بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ لِأَنَّ الْمُفْلِسَ قَدْ ضُرِبَ عَلَى يَدَيْهِ وَمُنِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ.
(وَلَهُ) : أَيْ لِرَبِّ الدَّيْنِ (تَحْلِيفُهُ عَلَى عَدَمِ النَّاضِّ) عِنْده مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ إذَا اتَّهَمَهُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ (وَإِنْ عَلِمَ بِهِ) : أَيْ بِالنَّاضِّ وَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [إنْ لَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ بِحَمِيلٍ] : أَيْ بِالْمَالِ أَوْ بِالْوَجْهِ عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ.
قَوْلُهُ: [وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ] إلَخْ: قِيلَ الْحَلِفُ لَفْظِيٌّ، فَكَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ الْمُلِدِّ وَكَلَامُ سَحْنُونَ فِي الْمُلِدِّ.
قَوْلُهُ: [مَا لَمْ يَأْتِ بِحَمِيلٍ غَارِمٍ] : أَيْ وَلَا يَكْفِيه الْحَمِيلُ بِالْوَجْهِ فَقَوْلُ الْأَصْلِ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ حَمِيلٌ أَيْ بِالْوَجْهِ.
قَوْلُهُ: [وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ بَيْعُهُ] : أَيْ بَيْعُ مَالِهِ.
قَوْلُهُ: [وَمُنِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ] : أَيْ أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ تَرْكَ التَّصَرُّفِ، فَهُوَ تَفْسِيرٌ لِمَعْنَى الضَّرْبِ.
قَوْلُهُ: [تَحْلِيفُهُ عَلَى عَدَمِ النَّاضِّ] : قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: وَاخْتُلِفَ هَلْ يَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ إخْفَاءِ النَّاضِّ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِهِ فَقِيلَ: يَحْلِفُ، وَقِيلَ: لَا. وَقِيلَ: إنْ كَانَ مِنْ التُّجَّارِ حَلَفَ وَإِلَّا فَلَا. وَالْخِلَافُ فِي هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَاف فِي تَوَجُّهِ التُّهْمَةِ (اهـ) .
جُبِرَ عَلَى دَفْعِهِ وَلَوْ بِالضَّرْبِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى) وَيُسْجَنَ حَتَّى يَدْفَعَ مَا عَلَيْهِ.
(فَإِنْ أَثْبَتَ) الْمَدِينُ الْمَجْهُولُ الْحَالِ أَوْ ظَاهِرُ الْمَلَاءِ (عُسْرَهُ بِشَهَادَةٍ بَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ (أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ وَلَا بَاطِنٌ) فَشَهَادَتُهَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَشْهَدَ عَلَى الْبَتِّ (وَحَلَفَ كَذَلِكَ) بِأَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَا يُعْلَمُ لَهُ مَالٌ إلَخْ؛ إذْ يَحْتَمِلُ أَنَّ لَهُ مَالًا فِي الْوَاقِعِ وَلَا يُعْلَمُ بِهِ. وَالْمَذْهَبُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ: أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ بِأَنْ يَقُولَ: لَيْسَ عِنْدِي مَالٌ إلَخْ (أُنْظِرَ لِمُيَسَّرَةٍ) فَلَا يُسْجَنُ وَلَا يُطَالَبُ قَبْلَهَا وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِتَكَسُّبٍ وَلَا اسْتِشْفَاعٍ وَلَا بِنَزْعِ مَالِ رَقِيقٍ لَمْ يَبِعْ عَلَيْهِ. (وَرَجَحَتْ بَيِّنَةُ الْمَلَاءِ) : أَيْ الشَّهَادَةُ بِهِ عَلَى بَيِّنَةِ الْعَدَمِ إنْ بَيَّنَتْ السَّبَبَ، بِأَنْ قَالَتْ: لَهُ مَالٌ قَدْ أَخْفَاهُ وَكَذَا إنْ لَمْ تُبَيِّنْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَلَوْ بِالضَّرْبِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى] : قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَلَوْ أَدَّى إلَى إتْلَافِ نَفْسِهِ لَكِنْ لَا يَقْصِدُ الْحَاكِمُ إتْلَافَهُ فَإِنْ قَصَدَهُ اُقْتُصَّ مِنْهُ.
قَوْلُهُ: [أَنَّهُ لَا يُعْلَمُ لَهُ مَالٌ] : الْأَوْضَحُ بِنَاءُ " يُعْلَمُ " لِلْفَاعِلِ وَنَصْبُ " مَالًا ".
قَوْلُهُ: [وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ] : أَيْ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَرَجَّحَ ابْنُ سَلْمُونٍ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَمَشَى عَلَيْهِ خَلِيلٌ بِاحْتِمَالِ أَنَّهُ يَكُونُ لَهُ مَالٌ لَا يَعْلَمُهُ بِكَإِرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَتَحَصَّلَ أَنَّ فِي الْيَمِينِ قَوْلَيْنِ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ فَهِيَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ عَلَى كُلٍّ.
قَوْلُهُ: [وَرَجَحَتْ بَيِّنَةِ الْمَلَاءِ] إلَخْ: يَعْنِي أَنَّ الْمَدِينَ إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ قَوْمٌ بِالْمَلَاءِ وَشَهِدَ لَهُ قَوْمٌ بِالْعُدْمِ فَإِنَّ بَيِّنَةَ الْمَلَاءِ تُقَدَّمُ إنْ بَيَّنَتْ سَبَبَ الْمَلَاءِ بِأَنْ عَيَّنَتْ مَا هُوَ مَلِيءٌ بِسَبَبِهِ سَوَاءٌ بَيَّنَتْ بَيِّنَةَ الْعُدْمِ السَّبَبَ أَمْ لَا.
قَوْلُهُ: [وَكَذَا إنْ لَمْ تُبَيِّنْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ] : قَالَ بَعْضُهُمْ: الَّذِي بِهِ الْعَمَلُ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْمَلَاءِ وَإِنْ لَمْ تُبَيِّنْ سَبَبَهُ، وَالْقَاعِدَةُ تَقْدِيمُ مَا بِهِ الْعَمَلُ. فَإِنْ قِيلَ شَهَادَةٌ بَيِّنَةُ الْمَلَاءِ مُسْتَصْحَبَةٌ - لِأَنَّ الْغَالِبَ الْمَلَاءُ وَبَيِّنَةُ الْعُدْمِ نَاقِلَةٌ وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمُسْتَصْحَبَةِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّاقِلَةَ هُنَا شَهِدَتْ بِالنَّفْيِ، وَبَيِّنَةُ الْمَلَاءِ مُثْبِتَةٌ وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي فَالْقَاعِدَةُ الْأُولَى الَّتِي هِيَ تَقْدِيمُ النَّاقِلَةِ عَلَى الْمُسْتَصْحِبَةِ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا لَمْ تَشْهَدْ النَّاقِلَةُ بِالنَّفْيِ وَالْمُسْتَصْحَبَةُ بِالْإِثْبَاتِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَدَوِيُّ.
(وَأُخْرِجَ الْمَجْهُولُ) الْحَالِ مِنْ الْحَبْسِ (إنْ طَالَ حَبْسُهُ بِالِاجْتِهَادِ) مِنْ الْحَاكِمِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَالٌ مَا صَبَرَ عَلَى الْحَبْسِ هَذِهِ الْمُدَّةَ، وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالدَّيْنِ قِلَّةً وَكَثْرَةً. وَأَمَّا ظَاهِرُ الْمِلَاءِ فَلَا يَخْرُجُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ بِعَدَمِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَمَعْلُومُ الْمَلَاءِ يَخْلُدُ فِي السِّجْنِ حَتَّى يَغْرَمَ مَا عَلَيْهِ أَوْ يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ غَارِمٍ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَحُبِسَتْ النِّسَاءُ عِنْدَ) امْرَأَةٍ (أَمِينَةٍ أَوْ) امْرَأَةٍ (ذَاتِ أَمِينٍ) مِنْ الرِّجَالِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ أَبٍ أَوْ ابْنٍ، وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ هِيَ أَمِينَةٌ أَيْضًا (وَحُبِسَ الْجَدُّ) : أَيْ جَازَ حَبْسُهُ لِوَلَدِ ابْنِهِ (وَ) حُبِسَ (الْوَلَدُ لِأَبِيهِ) : فِي دَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَا الْعَكْسَ) : أَيْ لَا يُحْبَسُ وَالِدٌ لِوَلَدِهِ. (كَالْيَمِينِ) فَلِلْوَالِدِ أَنْ يُحْلِفَ وَلَدَهُ فِي حَقٍّ لَا الْعَكْسَ (إلَّا) الْيَمِينَ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَأُخْرِجَ الْمَجْهُولُ الْحَالِ] إلَخْ: أَيْ بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ ظَاهِرٌ وَلَا بَاطِنٌ وَإِنْ وَجَدَ مَالًا لَيَقْضِيَنَّ الْغُرَمَاءَ حَقَّهُمْ كَمَا قَيَّدَ بِهِ شُرَّاحُ خَلِيلٍ.
قَوْلُهُ: [أَوْ يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ غَارِمٍ] : أَيْ أَوْ تَشْهَدَ لَهُ بَيِّنَةُ بِذَهَابِ مَالِهِ.
قَوْلُهُ: [عِنْدَ امْرَأَةٍ أَمِينَةٍ] : أَيْ بِحَيْثُ لَا يُخْشَى عَلَى النِّسَاءِ مِنْهَا. وَأَمَّا الْأَمْرَدُ الْبَالِغُ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فَيُحْبَسُ كُلٌّ وَحْدَهُ أَوْ عِنْدَ مَحْرَمٍ. وَغَيْرُ الْبَالِغِ لَا يُحْبَسُ.
قَوْلُهُ: [امْرَأَةٍ ذَاتِ أَمِينٍ] : إنَّمَا قَدَّرَ الشَّارِحُ امْرَأَةً لِيُفِيدَ اشْتِرَاطَ الْأَمَانَةِ فِيهَا أَيْضًا مَعَ عَدَمِ الِانْفِرَادِ فَقَوْلُهُ أَوْ ذَاتِ أَمِينٍ عُطِفَ عَلَى ذَلِكَ الْمَحْذُوفِ.
قَوْلُهُ: [لَا الْعَكْسَ] : أَيْ فَالْوَالِدُ - أَبًا أَوْ أُمًّا - لَا يُحْبَسُ لِوَلَدِهِ وَلَوْ أَلِدَ بِدَفْعِ الْحَقِّ وَالْمُرَادُ الْأَبُ وَالْأُمُّ نَسَبًا لَا رَضَاعًا وَأَمَّا رَضَاعًا فَيُحْبَسُ لِدَيْنِ وَلَدِهِ مِنْ الرَّضَاعِ. قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ لَمْ يُحْبَسْ الْوَالِدَانِ فَلَا أَظْلِمُ الْوَلَدَ لَهُمَا، فَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَ بِهِمَا مَا يَفْعَلُ بِالْمُلِدِّ مِنْ الضَّرْبِ وَغَيْرِهِ كَالتَّقْرِيعِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِحَقِّ الْوَلَدِ بَلْ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى رَدْعًا وَزَجْرًا وَصِيَانَةً لِأَمْوَالِ النَّاسِ. وَلَا يُقَالُ: إنَّ الضَّرْبَ أَشَدُّ مِنْ الْحَبْسِ فَمُقْتَضَى كَوْنِهِمَا لَا يُحْبَسَانِ أَنَّهُمَا لَا يُضْرَبَانِ، لِأَنَّنَا نَقُولُ: الْحَبْسُ لِدَوَامِهِ أَشَدُّ مِنْ الضَّرْبِ - قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [فِي حَقٍّ لَا الْعَكْسَ] : أَيْ لَيْسَ لِلْوَلَدِ أَنْ يُحْلِفَ الْوَالِدَ لِأَنَّهُ عُقُوقٌ وَلَا يُقْضَى لِلْوَلَدِ بِتَحْلِيفِ وَالِدِهِ إذَا شَحَّ الْوَالِدُ وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ حَدُّهُ إنْ قَذَفَهُ لِأَنَّ
الْمُنْقَلِبَةَ) مِنْ الْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ؛ كَأَنْ يَدَّعِيَ عَلَى ابْنِهِ بِحَقٍّ فَأَنْكَرَ وَلَمْ يَحْلِفْ الِابْنُ لِرَدِّ دَعْوَى وَالِدِهِ فَرُدَّتْ عَلَى الْأَبِ فَيَحْلِفُ الْأَبُ لِيَأْخُذَ حَقَّهُ (أَوْ) الْيَمِينَ (الْمُتَعَلِّقَ بِهَا حَقُّ غَيْرِهِ) : أَيْ غَيْرِ الْوَلَدِ؛ كَدَعْوَى الْأَبِ ضَيَاعَ صَدَاقِ ابْنَتِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ مِنْهُ، وَخَالَفَهُ زَوْجُهَا وَطَلَبَهُ بِجِهَازِهَا؛ فَيَحْلِفُ الْأَبُ أَنَّهُ ضَاعَ مِنْهُ بِلَا تَفْرِيطٍ لِحَقِّ الزَّوْجِ. وَكَذَا يَحْلِفُ الْأَبُ إذَا ادَّعَى قَبْلَ سَنَةٍ مِنْ دُخُولِهَا أَنَّهُ أَعَارَهَا شَيْئًا مِنْ جِهَازهَا كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَا يُخْرَجُ) الْمَسْجُونُ فِي حَقٍّ شَرْعِيٍّ أَيْ لَا يُجَابُ وَلَا يُقْضَى بِخُرُوجِهِ (لِعِيَادَةِ قَرِيبٍ) لَهُ (كَأَبِيهِ) وَابْنِهِ وَزَوْجَتِهِ وَلَوْ قَرُبَ (وَلَا جُمُعَةٍ وَعِيدٍ، وَ) لَا يَخْرُجُ لِأَجْلِ (عَدُوٍّ) مَعَهُ فِي الْحَبْسِ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْحَبْسِ التَّشْدِيدُ (إلَّا
ــ
[حاشية الصاوي]
الْحَدَّ أَشَدُّ مِنْ الْيَمِينِ هَذَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُقْضَى لِلْوَلَدِ بِتَحْلِيفِ وَالِدِهِ فِي حَقٍّ يَدَّعِيه عَلَيْهِ وَيَحُدُّهُ وَيَكُونُ بِذَلِكَ عَاقًّا وَلَا يُعْذَرُ فِيهِ بِجَهْلٍ، وَهُوَ بَعِيدٌ؛ فَإِنَّ الْعُقُوقَ مِنْ الْكَبَائِرِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُمَكَّنَ أَحَدٌ مِنْ ذَلِكَ. وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ الضَّعِيفِ مَشَى خَلِيلٌ فِي بَابِ الْحُدُودِ حَيْثُ قَالَ: وَلَهُ حَدُّ أَبِيهِ وَفُسِّقَ.
قَوْلُهُ: [كَأَنْ يَدَّعِيَ عَلَى ابْنِهِ بِحَقٍّ] : أَيْ وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى الْوَلَدُ عَلَى أَبِيهِ بِحَقٍّ وَأَقَامَ شَاهِدًا وَلَمْ يَحْلِفْ الْوَلَدُ مَعَهُ فَرُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْأَبِ؛ فَهَلْ يَحْلِفُ الْأَبُ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ؟ وَهُوَ مَا قَالَهُ عب قَالَ بْن وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ، فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْأَبَ لَا يَحْلِفُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَدَّعِيه الْوَلَدُ عَلَيْهِ وَنَصُّهُ: وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَسَحْنُونٌ إنَّهُ لَا يُقْضَى بِتَحْلِيفِهِ أَبَاهُ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ إنْ دَعَا إلَيْهِ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ لِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل {وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا} [الإسراء: 23] الْآيَةَ، وَلَمَّا جَاءَ أَنَّهُ:«مَا بَرَّ وَالِدَيْهِ مَنْ شَدَّ النَّظَرَ إلَيْهِمَا أَوْ إلَى أَحَدِهِمَا» ، وَرُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَمِينَ لِلْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ» وَيَشْهَدُ لِصِحَّتِهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» . وَأَمَّا إنْ