الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَدِينَارٍ وَثَوْبٍ بِمِثْلِهِمَا أَوْ دِرْهَمٍ وَشَاةٍ (بِمِثْلِهِمَا) .
اعْلَمْ أَنَّ قَاعِدَةَ الْمَذْهَبِ سَدُّ الذَّرَائِعِ؛ فَالْفَضْلُ الْمُتَوَهَّمُ كَالْمُحَقَّقِ؛ فَتَوَهُّمُ الرِّبَا كَتَحَقُّقِهِ. فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعَ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ أَوْ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ نَوْعِهِ أَوْ سِلْعَةٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُوهِمُ الْقَصْدَ إلَى التَّفَاضُلِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ. إذْ رُبَّمَا كَانَ أَحَدُ الثَّوْبَيْنِ أَقَلَّ قِيمَةً مِنْ الدِّينَارِ الْآخَرِ أَوْ أَكْثَرَ فَتَأْتِي الْمُفَاضَلَةُ.
(وَ) لَا يَجُوزُ صَرْفُ (مُؤَخَّرٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ رِبَا النَّسَاءِ (وَلَوْ) كَانَ التَّأْخِيرُ (غَلَبَةً) : كَأَنْ يَحُولَ بَيْنَهُمَا عَدُوٌّ أَوْ سَيْلٌ أَوْ نَارٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. (أَوْ قَرُبَ) التَّأْخِيرُ (مَعَ فُرْقَةٍ) فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِقَوْلِ سَنَدٍ: إذَا تَصَارَفَا فِي مَجْلِسٍ وَتَقَابَضَا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَالْمَشْهُورُ الْمَنْعُ عَلَى الْإِطْلَاقِ. وَقِيلَ: يَجُوزُ فِيمَا قَرُبَ (اهـ) . وَأَمَّا دُخُولُ الصَّيْرَفِيِّ حَانُوتَهُ لِيُخْرِجَ مِنْهُ الدَّرَاهِمَ أَوْ مَشَى قَدْرَ حَانُوتٍ أَوْ حَانُوتَيْنِ لِتَقْلِيبِ الدَّرَاهِمِ فَقِيلَ بِالْكَرَاهَةِ وَقِيلَ بِالْجَوَازِ.
(أَوْ عَقَدَ وَوَكَّلَ) غَيْرَهُ (فِي الْقَبْضِ) فَيُمْنَعُ (إلَّا بِحَضْرَةِ مُوَكِّلِهِ) .
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [إذْ رُبَّمَا كَانَ أَحَدُ الثَّوْبَيْنِ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ مَا صَاحَبَ أَحَدَ النَّقْدَيْنِ مِنْ الْعَرَضِ يُقَدَّرُ مِنْ جِنْسِ النَّقْدِ الْمُصَاحِبِ لَهُ فَيَأْتِي الشَّكُّ فِي التَّمَاثُلِ وَالْمَنْعُ فِي هَذِهِ مُطْلَقٌ وَلَوْ تَحَقَّقَ تَمَاثُلُ الدِّينَارَيْنِ وَتَمَاثُلُ قِيمَةِ الْعَرَضَيْنِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَالِكًا مَنَعَ الصُّورَتَيْنِ وَأَبُو حَنِيفَةَ أَجَازَهُمَا وَفَرَّقَ الشَّافِعِيُّ بَيْنَهُمَا فَأَجَازَ الْأُولَى وَمَنَعَ الثَّانِيَةَ وَتُسَمَّى عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِمَسْأَلَةِ دِرْهَمٍ وَمُدِّ عَجْوَةٍ.
[مَا يَمْنَع مِنْ الصَّرْف سدا لِلذَّرَائِعِ]
قَوْلُهُ: [وَلَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ غَلَبَةً] : أَيْ طَالَ أَمْ لَا. وَكَرِهَ مَالِكٌ لِلصَّرَّافِ أَنْ يُدْخِلَ الدِّينَارَ تَابُوتَه قَبْلَ تَمَامِ الصَّرْفِ. قَوْلُهُ: [وَقِيلَ يَجُوزُ فِيمَا قَرُبَ] : أَيْ وَهُوَ مَذْهَبُ الْعُتْبِيَّةِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِيهَا: يَجُوزُ التَّأْخِيرُ الْقَلِيلُ مَعَ تَفَرُّقِ الْأَبْدَانِ اخْتِيَارًا.
قَوْلُهُ: [إلَّا بِحَضْرَةِ مُوَكِّلِهِ] : أَيْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُوَكِّلَ أَجْنَبِيًّا أَوْ شَرِيكَهُ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ. وَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ: يَجُوزُ أَنْ يَقْبِضَ، إذَا كَانَ الْوَكِيلُ شَرِيكًا وَلَوْ فِي غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ؛ قِيلَ: إنَّ التَّوْكِيلَ عَلَى الْقَبْضِ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا كَانَ الْوَكِيلُ شَرِيكًا أَوْ أَجْنَبِيًّا قَبَضَ فِي حَضْرَةِ مُوَكِّلِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ،
(أَوْ غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا وَطَالَ) بِلَا تَفَرُّقٍ فِي الْمَجْلِسِ فَيُمْنَعُ وَيَفْسُدُ الصَّرْفُ. (أَوْ) غَابَ (نَقْدَاهُمَا) مَعًا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَلَوْ لَمْ يَطُلْ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الطُّولِ. وَمَعْنَاهُ كَمَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: أَنْ تَعْقِدَ الصَّرْفَ مَعَ غَيْرِك وَلَيْسَ مَعَكُمَا شَيْءٌ، ثُمَّ تَقْتَرِضَ الدِّينَارَ مِنْ رَجُلٍ بِجَانِبِك وَهُوَ يَقْتَرِضُ الدَّرَاهِمَ مِنْ رَجُلٍ بِجَانِبِهِ فَدَفَعْت لَهُ الدِّينَارَ وَدَفَعَ لَك الدَّرَاهِمَ؛ فَلَا خَيْرَ فِيهِ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ طُولٌ. وَلَوْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ مَعَهُ وَاقْتَرَضْت أَنْتَ الدِّينَارَ فَإِنْ كَانَ أَمْرًا قَرِيبًا كَحَلِّ الصُّرَّةِ وَلَمْ تَقُمْ وَلَمْ تَبْعَثْ لَهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ (اهـ) . وَمَعْنَى قَوْلِهَا: لَا خَيْرَ فِيهِ. أَنَّهُ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى الْفَسَادِ وَالْغَرَرِ، قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ. (أَوْ) وَقَعَ الصَّرْفُ (بِدَيْنٍ) مِنْ الْجَانِبَيْنِ؛ كَأَنْ يَكُونَ لَك عَلَى شَخْصٍ دَرَاهِمُ وَلَهُ عَلَيْك دَنَانِيرُ فَتُسْقِطُ الدَّرَاهِمَ فِي الدَّنَانِيرِ فَيَمْتَنِعُ (إنْ تَأَجَّلَ) الدَّيْنُ مِنْ كُلٍّ بَلْ (وَإِنْ) تَأَجَّلَ (مِنْ أَحَدِهِمَا) . لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ الْمُؤَجَّلَ عُدَّ مُسَلِّفًا فَإِذَا جَاءَ الْأَجَلُ اقْتَضَى مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ. فَكَأَنَّ الْقَبْضَ إنَّمَا وَقَعَ عِنْدَ الْأَجَلِ وَعَقْدُ الصَّرْفِ
ــ
[حاشية الصاوي]
وَقِيلَ: يَضُرُّ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: إنْ كَانَ شَرِيكًا فَلَا يَضُرُّ وَلَوْ قَبَضَ فِي غَيْبَةِ مُوَكِّلِهِ وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا ضَرَّ إنْ قَبَضَ فِي غَيْبَةِ مُوَكِّلِهِ، وَقِيلَ: إنْ قَبَضَ بِحَضْرَةِ مُوَكِّلِهِ فَلَا يَضُرُّ مُطْلَقًا وَإِنْ قَبَضَ فِي غَيْبَتِهِ ضَرَّ مُطْلَقًا. وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [فَيُمْنَعُ وَيَفْسُدُ الصَّرْفُ] : أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالصِّحَّةِ. قَوْلُهُ: [وَمَعْنَاهُ كَمَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ] إلَخْ: مَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ هَذِهِ تُسَمَّى الصَّرْفَ عَلَى الذِّمَّةِ كَمَا فِي (شب) . وَأَمَّا الصَّرْفُ فِي الذِّمَّةِ فَهِيَ فِي الدُّيُونِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى عَقْدِ الصَّرْفِ الَّتِي أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ: أَوْ وَقَعَ الصَّرْفُ بِدَيْنٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ إلَخْ. قَوْلُهُ: [اقْتَضَى مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ] : أَيْ قَبَضَ وَأَخَذَ مِنْ نَفْسِهِ مَا أَسْلَفَهُ فَكَأَنَّ الَّذِي لَهُ الدِّينَارُ يَأْخُذُهُ مِنْ نَفْسِهِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَاَلَّذِي لَهُ الدَّرَاهِمُ يَأْخُذُهَا مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ فِي نَظِيرِ الدِّينَارِ الَّذِي تَرَكَهُ لِصَاحِبِهِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ الدِّينَارُ حِينَ تَصَارَفَ فَقَدْ عَجَّلَ الدِّينَارَ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ فَسَلَّفَهُ لِصَاحِبِهِ إلَى أَنْ يَأْتِيَ الْأَجَلُ يَصْرِفُهُ بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي فِي ذِمَّتِهِ فَظَهَرَ كَوْنُهُ صَرْفًا مُؤَخَّرًا وَكَذَا يُقَالُ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ.
قَدْ تَقَدَّمَ، فَلَوْ حَلَّا مَعًا جَازَ.
(أَوْ) وَقَعَ الصَّرْفُ (لِرَهْنٍ) عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ (أَوْ وَدِيعَةٍ) عِنْدَ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ. (أَوْ) وَقَعَ لِحُلِيِّ (مُسْتَأْجِرٍ أَوْ عَارِيَّةِ غَائِبٍ) كُلٌّ مِنْ الرَّهْنِ وَمَا بَعْدَهُ عَنْ مَجْلِسِ الصَّرْفِ، فَيُمْنَعُ. فَإِنْ حَضَرَ فِي مَجْلِسِهِ جَازَ فِي الْجَمِيعِ. (كَمَصُوغٍ) : أَيْ كَمَا يَمْتَنِعُ صَرْفُ مَصُوغٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (غُصِبَ) وَغَابَ عَنْ مَجْلِسِ الصَّرْفِ. وَأَمَّا الْمَسْكُوكُ وَنَحْوُهُ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالتِّبْرِ فَيَجُوزُ صَرْفُهُ وَلَوْ غَائِبًا لِتَعَلُّقِهِ بِالذِّمَّةِ كَالدَّيْنِ الْحَالِّ كَمَا سَيُنَبَّهُ عَلَيْهِ قَرِيبًا (إلَّا أَنْ يَذْهَبَ) الْمَصُوغُ: أَيْ يَتْلَفَ أَوْ يَعْدَمَ عِنْدَ غَاصِبِهِ (فَيَضْمَنُ) بِسَبَبِ ذَلِكَ (قِيمَتَهُ) :
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَلَوْ حَلَّا مَعًا جَازَ] : لَا يُقَالُ: هَذَا مُقَاصَّةٌ لَا صَرْفٌ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ: قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُقَاصَّةَ إنَّمَا تَكُونُ فِي الدَّيْنَيْنِ الْمُتَّحِدَيْ الصِّنْفِ فَلَا تَكُونُ فِي دَيْنَيْنِ مِنْ نَوْعَيْنِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَلَا صِنْفَيْ نَوْعٍ كَالْبُنْدُقِيِّ وَالْمَحْبُوبِ. قَوْلُهُ: [فَيُمْنَعُ] : أَيْ وَلَوْ شَرَطَ الضَّمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَالْمُودَعِ بِالْفَتْحِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ الْقَائِلِ بِالْجَوَازِ إذَا شَرَطَ الضَّمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَالْمُودِعِ وَقْتَ عَقْدِ الرَّهْنِ أَوْ الْوَدِيعَةِ وَلَوْ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهَا بَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ عَلَى الضَّمَانِ الْمُرْتَهِنُ أَوْ الْمُودِعُ صَارَ كَأَنَّهُ حَاضِرٌ فِي مَجْلِسِ الصَّرْفِ وَمُنِعَ صَرْفُ الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ وَالْمُسْتَأْجَرِ وَالْمُعَارِ حَيْثُ كَانَ غَائِبًا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَلَوْ كَانَ الْمُصَارَفُ عَلَيْهِ مَسْكُوكًا عَلَى الْمَشْهُورِ. خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ الْقَائِلِ بِجَوَازِ صَرْفِ الْمَرْهُونِ الْمَسْكُوكِ الْغَائِبِ عَنْ الْمَجْلِسِ إمَّا لِحُصُولِ الْمُنَاجَزَةِ بِالْقَبُولِ أَوْ لِلِالْتِفَاتِ إلَى إمْكَانِ التَّعَلُّقِ بِالذِّمَّةِ فَأَشْبَهَ الْمَغْصُوبَ إذْ هُوَ عَلَى الضَّمَانِ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ (اهـ) . قَوْلُهُ:[كَمَصُوغٍ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَصُوغَ إذَا هَلَكَ فِي حَالِ غَصْبِهِ يَلْزَمُ فِيهِ الْقِيمَةُ لِدُخُولِ الصِّيَاغَةِ فِيهِ وَقَبْلَ هَلَاكِهِ يَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ رَدُّهُ بِعَيْنِهِ، فَلِذَلِكَ مُنِعَ صَرْفٌ فِي غَيْبَتِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ هَلَكَ وَلَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ وَمَا يَدْفَعُهُ فِي صَرْفِهِ قَدْ يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ فَيُؤَدِّي إلَى التَّفَاضُلِ بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ. وَأَمَّا غَيْرُ الْمَصُوغِ فَبِمُجَرَّدِ غَصْبِهِ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ مِثْلُهُ وَلَا يَدْخُلُ فِي صَرْفِهِ فِي غَيْبَتِهِ احْتِمَالُ التَّفَاضُلِ. قَوْلُهُ:[وَلَا يَجُوزُ تَصْدِيقٌ فِيهِ] : مَعْطُوفٌ عَلَى جُمْلَةِ وَحَرُمَ فِي عَيْنٍ إلَخْ: كَأَنَّهُ قَالَ: حَرُمَ فِي عَيْنٍ وَحَرُمَ الصَّرْفُ مُلْتَبِسًا بِتَصْدِيقٍ فِيهِ.
أَيْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ بِالصَّنْعَةِ صَانِعٌ مِنْ الْمُقَوِّمَاتِ (فَيَجُوزُ) الصَّرْفُ لِمَا فِي الذِّمَّةِ كَالدَّيْنِ الْحَالِّ، فَإِذَا قُوِّمَ بِدِينَارٍ جَازَ أَنْ يَدْفَعَ عَنْهُ دَرَاهِمَ وَعَكْسُهُ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ عِنْدَ الْعَقْدِ. (كَالْمَسْكُوكِ) إذَا غُصِبَ وَلَوْ غَابَ عَلَيْهِ فَيَجُوزُ صَرْفُهُ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ. (وَلَا) يَجُوزُ (تَصْدِيقٌ فِيهِ) : أَيْ فِي الصَّرْفِ لَا فِي عَدَدِهِ وَلَا وَزْنِهِ وَلَا جَوْدَتِهِ، بَلْ يَجِبُ الْعَدُّ وَالْوَزْنُ وَالنَّقْدُ وَإِنْ كَانَ الدَّافِعُ لَك مَشْهُورًا بِالْأَمَانَةِ وَالصِّدْقِ إذْ رُبَّمَا كَانَ نَاقِصًا عَدَدًا أَوْ وَزْنًا؛ أَوْ زَائِفًا؛ فَيَرْجِعُ بِهِ فَيُؤَدِّي إلَى الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ.
ثُمَّ شَبَّهَ فِي مَنْعِ التَّصْدِيقِ فُرُوعًا أَرْبَعَةً فَقَالَ: (كَمُبَادَلَةٍ فِي نَقْدٍ) : أَيْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ؛ كَأَنْ تُبَدِّلَ دِينَارًا بِمِثْلِهِ أَوْ دِرْهَمًا بِمِثْلِهِ. (أَوْ طَعَامٍ) : وَلَوْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ؛ كَأَنْ تُبَدِّلَ صَاعًا مِنْ قَمْحٍ بِمِثْلِهِ أَوْ بِفُولٍ فَلَا يَجُوزُ التَّصْدِيقُ فِيهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْعَدَدِ وَقَدْرِ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ فِيمَا يُوزَنُ مِنْهُ.
(وَقَرْضٍ) لَا يَجُوزُ التَّصْدِيقُ فِيهِ، مَنْ اقْتَرَضَ نَقْدًا أَوْ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُمَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَدِّقَ الْمُقْتَرِضَ فِيمَا أَخَذَهُ مِنْهُ؛ لِاحْتِمَالِ وُجُودِ نَقْصٍ أَوْ رَدَاءَةٍ فَيَتَغَاضَى عَنْهُ آخُذُهُ لِحَاجَتِهِ وَفِي نَظِيرِ الْمَعْرُوفِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَيُؤَدِّي إلَى الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ] : أَيْ حَيْثُ رَجَعَ بِهِ وَلَمْ يَغْتَفِرْهُ. وَإِنْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ عَدَمَ الرُّجُوعِ عِنْدَ الْعَقْدِ لَزِمَ أَكْلُ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ. قَوْلُهُ: [فَلَا يَجُوزُ التَّصْدِيقُ فِيهِ] : أَيْ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ النَّقْدِ وَالطَّعَامِ لِئَلَّا يُوجَدَ نَقْصٌ فَيَدْخُلُ التَّفَاضُلُ إنْ شَرَطَ عَدَمَ الرُّجُوعِ بِالنَّقْصِ أَوْ التَّأْخِيرِ إنْ شَرَطَ الرُّجُوعَ بِهِ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ. وَحُرْمَةُ التَّصْدِيقِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ فِيهَا، وَالْآخَرُ جَوَازُ التَّصْدِيقِ فِيهَا قَالَ (بْن) : وَلَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ. قَوْلُهُ: [وَقَرْضٌ] : مَعْطُوفٌ عَلَى مُبَادَلَةٍ وَهُوَ الْفَرْعُ الثَّانِي مِنْ الْفُرُوعِ الْأَرْبَعَةِ.
قَوْلُهُ: [فَيُتَغَاضَى عَنْهُ] : بَالِغِينَ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَتَيْنِ: أَيْ يُتَغَافَلُ وَيُتَسَاهَلُ.