الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كَانْقِضَاءِ مُدَّتِهِ) أَيْ الِاخْتِيَارِ (بِلَا ضَيَاعٍ) وَلَمْ يَخْتَرْ وَاحِدًا مِنْهُمَا، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ، وَيَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِي كُلٍّ إذَا لَمْ يَرْضَيَا بِأَخْذِ كُلٍّ مِنْهُمَا ثَوْبًا وَيَتْرُكُ لِصَاحِبِهِ الْآخَرَ.
(وَلَوْ انْقَضَتْ) مُدَّةُ الْخِيَارِ وَالِاخْتِيَارِ (فِي) اشْتِرَاءِ أَحَدِهِمَا عَلَى (الْخِيَارِ مَعَهُ) : أَيْ مَعَ الِاخْتِيَارِ بِأَنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا عَلَى أَنْ يَخْتَارَ، ثُمَّ هُوَ فِيمَا يَخْتَارُهُ بِالْخِيَارِ فَمَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَخْتَرْ (لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) مِنْ الثَّوْبَيْنِ وَلَا شَرِكَةَ فِيهِمَا، لِأَنَّ تَرْكَ الِاخْتِيَارِ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ دَلِيلٌ عَلَى إعْرَاضِهِ عَنْ الشِّرَاءِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ بِيَدِهِ أَوْ بِيَدِ الْبَائِعِ إذَا لَمْ يَقَعْ الْبَيْعُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَيَلْزَمُهُ وَلَا عَلَى لُزُومِ أَحَدِهِمَا فَيَشْتَرِكَا.
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ خِيَارُ التَّرَوِّي، شَرَعَ فِي بَيَانِ الْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ خِيَارُ النَّقِيصَةِ فَقَالَ:
(وَ) الْقِسْمُ (الثَّانِي) وَهُوَ
خِيَارُ النَّقِيصَةِ قِسْمَانِ:
مَا وَجَبَ لِفَقْدِ شَرْطٍ، وَمَا وَجَبَ لِظُهُورِ عَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ
. وَإِلَى الْأَوَّلِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (مَا) أَيْ خِيَارٌ (وَجَبَ) : أَيْ ثَبَتَ بَعْدَ إبْرَامِ الْبَيْعِ (لِعَدَمِ) : أَيْ لِأَجَلِ فَقْدِ شَيْءٍ (مَشْرُوطٍ) شُرِطَ فِي الْعَقْدِ (فِيهِ) : أَيْ فِي ذَلِكَ الْمَشْرُوطِ (غَرَضٌ) لِلْمُشْتَرِي كَانَ فِيهِ مَالِيَّةٌ؛ كَشَرْطِ كَوْنِهَا طَبَّاخَةً فَلَمْ تُوجَدْ كَذَلِكَ، أَوْ لَا مَالِيَّةَ فِيهِ: كَاشْتِرَاطِ كَوْنِهَا ثَيِّبًا لِيَمِينٍ عَلَيْهِ أَلَّا يَطَأَ بِكْرًا فَوَجَدَهَا بِكْرًا كَمَا يَأْتِي فِي الْأَمْثِلَةِ إذَا وَقَعَ الشَّرْطُ فِي الْعَقْدِ (وَلَوْ حُكْمًا، كَمُنَادَاةٍ) عَلَيْهَا حَالَ تَسْوِيمِهَا
ــ
[حاشية الصاوي]
[خِيَارُ النَّقِيصَةِ قِسْمَانِ][مَا وَجَبَ لفقد شَرْط وَمَا وَجَبَ لِظُهُورِ عَيْب فِي الْمَبِيع]
قَوْلُهُ: [كَانَ فِيهِ مَالِيَّةٌ] : أَيْ بِأَنَّ الثَّمَنَ يَزِيدُ عِنْدَ وُجُودِهِ وَيَقِلُّ عِنْدَ عَدَمِهِ. قَوْلُهُ: [كَاشْتِرَاطِ كَوْنِهَا ثَيِّبًا] إلَخْ: أَيْ وَكَمَا لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِشَرْطِ كَوْنِهَا نَصْرَانِيَّةً فَوَجَدَهَا مُسْلِمَةً فَأَرَادَ رَدَّهَا، وَادَّعَى أَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَطَ كَوْنَهَا نَصْرَانِيَّةً لِإِرَادَتِهِ تَزْوِيجَهَا مِنْ عَبْدِهِ النَّصْرَانِيِّ وَيُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ وَجْهٍ بِخِلَافِ دَعْوَى أَنَّ عَلَيْهِ يَمِينًا فِي مَسْأَلَةِ الثَّيِّبِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَلَوْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ وَجْهٌ.
أَنَّهَا طَبَّاخَةٌ أَوْ خَيَّاطَةٌ فَتُوجَدُ بِخِلَافِهِ. فَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فَلَهُ الرَّدُّ. وَمَثَّلَ لِلْمَشْرُوطِ الَّذِي فِيهِ الْغَرَضُ بِقَوْلِهِ: (كَطَبْخٍ وَخِيَاطَةٍ) وَنَسْجٍ وَقُوَّةِ حَمْلٍ وَفَرَاهَةٍ وَطَحْنٍ وَحَرْثٍ مِنْ كُلِّ وَصْفٍ فِيهِ حَقٌّ مَالِيٌّ (وَثُيُوبَةٌ لِيَمِينٍ) عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَطَأُ الْأَبْكَارَ ثُمَّ (يَجِدُهَا بِكْرًا) وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْيَمِينِ، لَا إنْ انْتَفَى الْغَرَضُ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ وَاشْتَرَطَ أَلَّا يَكُونَ كَاتِبًا فَوَجَدَهُ كَاتِبًا وَلَا إنْ وَجَدَهَا بِكْرًا فِي غَيْرِ يَمِينٍ فَيُلْغَى الشَّرْطُ، وَلَا رَدَّ.
وَأَشَارَ لِلْقِسْمِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ: (أَوْ) مَا وَجَبَ (لِنَقْصٍ) أَيْ لِوُجُودِ نَقْصٍ فِي الْمَبِيعِ - عَقَارًا كَانَ الْمَبِيعُ أَوْ عَرْضًا أَوْ عَيْنًا فَيَشْمَلُ الثَّمَنَ (الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ) فِي ذَلِكَ الْمَبِيعِ، فَلَهُ الرَّدُّ بِهِ إنْ أَخَلَّ بِالذَّاتِ أَوْ بِالثَّمَنِ أَوْ التَّصَرُّفِ الْعَادِي أَوْ كَانَ يَخَافُ عَاقِبَتَهُ لَا إنْ لَمْ يُخِلَّ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ كُلِّهِ (كَغِشَاوَةٍ) بِعَيْنِهِ لِعَدَمِ تَمَامِ الْبَصَرِ، وَكَذَا إذَا كَانَ يَعْشُو بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ لَا يُبْصِرُ لَيْلًا (وَعَوَرٍ) : وَأَوْلَى الْعَمَى، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ غَائِبًا وَبِيعَ بِالصِّفَةِ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ، أَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَعْمَى حَيْثُ كَانَ الْعَوَرُ ظَاهِرًا، وَإِلَّا فَلَا يَنْفَعُهُ دَعْوَى أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ حَالَ الْبَيْعِ، فَإِنْ كَانَ خَفِيًّا كَمَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ تَامَّ الْحَدَقَةِ يَظُنُّ فِيهِ أَنْ يُبْصِرَ فَلَهُ الرَّدُّ وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا وَالْمُشْتَرِي بَصِيرًا (وَظَفَرٍ) بِعَيْنِهِ: وَهُوَ لَحْمٌ يَنْشَأُ عَلَى بَيَاضِ الْعَيْنِ مِنْ جِهَةِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ] : أَيْ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ الْعَادَةُ التَّلْفِيقَ مِنْ السِّمْسَارِ، فَإِنْ كَانَتْ الْعَادَةُ التَّلْفِيقَ فَلَا يُعَدُّ قَوْلُهُ شَرْطًا.
قَوْلُهُ: [وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْيَمِينِ] : أَيْ وَلَوْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ وَجْهُ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ سَهْلٍ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: [فَيُلْغَى الشَّرْطُ] : أَيْ لِكَوْنِهِ لَا غَرَضَ فِيهِ وَلَا نَفْعَ لِلْمُشْتَرِي نَعَمْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ فِي عَبْدٍ الْخِدْمَةَ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ كَاتِبٍ فَوَجَدَهُ كَاتِبًا أَنَّ لَهُ الرَّدُّ وَأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لِغَرَضٍ وَهُوَ خِلَافُ اطِّلَاعِ الْعَبْدِ عَلَى عَوْرَاتِ السَّيِّدِ.
قَوْلُهُ: [وَظَفَرٍ] : بِالتَّحْرِيكِ. وَمِثْلُهُ الشَّعْرُ النَّابِتُ فِي الْعَيْنِ فَيُرَدُّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ الْبَصَرَ.
الْأَنْفِ إلَى سَوَادِهَا (وَعَرَجٍ وَخِصَاءٍ) بِغَيْرِ بَقَرٍ (وَاسْتِحَاضَةٍ) : بِأَمَةٍ وَلَوْ وَخْشًا لِأَنَّهَا مِنْ الْمَرَضِ الَّذِي شَأْنُ النُّفُوسِ أَنْ تَكْرَهَهُ (وَعَسَرٍ) بِفَتْحَتَيْنِ: وَهُوَ الْعَمَلُ بِالْيَدِ الْيُسْرَى فَقَطْ بِخِلَافِ الْأَضْبَطِ وَهُوَ مَنْ يَعْمَلُ بِكُلٍّ مِنْ يَدَيْهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَعْسَرُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (وَبَخَرٍ) : عُفُونَةُ الْفَرْجِ وَكَذَا عُفُونَةُ النَّفَسِ إذَا قَوِيَ (وَزِنًا) مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى أَيْ ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ زَنَى عِنْدَ الْبَائِعِ (وَشُرْبٍ) لِمُسْكِرٍ وَكَذَا أَكْلُ الْمُغَيِّبِ كَأَفْيُونٍ وَحَشِيشَةٍ (وَزَعَرٍ) لِذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى: وَهُوَ عَدَمُ نَبَاتِ شَعْرِ الْعَانَةِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْمَرَضِ إلَّا لِدَوَاءٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَخِصَاءٍ] : بِالْمَدِّ فَهُوَ عَيْبٌ وَإِنْ زَادَ فِي ثَمَنِ الرَّقِيقِ لِأَنَّهُ مَنْفَعَةٌ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ كَغِنَاءِ الْأَمَةِ. قَوْلُهُ: [بِغَيْرِ بَقَرٍ] : أَيْ فَإِنَّ الْخِصَاءَ فِيهَا لَيْسَ عَيْبًا لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ مِنْهَا إلَّا الْخَصِي وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ خُصُوصُ الْبَقَرِ لَا مَا يَشْمَلُ الْجَامُوسَ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِيهِ عَدَمُ الْخِصَاءِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْخِصَاءَ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْحَيَوَانِ غَيْرَ الْبَقَرِ يُرَدُّ بِهِ وَلَوْ يَزِيدُهُ حُسْنًا.
قَوْلُهُ: [وَاسْتِحَاضَةٍ] : أَيْ إنْ ثَبَتَ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ الْبَائِعِ احْتِرَازًا مِنْ الْمَوْضُوعَةِ لِلِاسْتِبْرَاءِ تَحِيضُ، ثُمَّ يَسْتَمِرُّ عَلَيْهَا الدَّمُ فَلَا تُرَدُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَدُّ إلَّا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ. وَمِثْلُ الِاسْتِحَاضَةِ تَأْخِيرُ حَيْضَةِ الِاسْتِبْرَاءِ عَنْ وَقْتِ مَجِيئِهَا زَمَنًا لَا يَتَأَخَّرُ الْحَيْضُ لِمِثْلِهِ عَادَةً لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الرِّيبَةِ. وَهَذَا فِيمَنْ تَتَوَاضَعُ. وَأَمَّا مَنْ لَا تَتَوَاضَعُ فَلَا تُرَدُّ بِتَأْخِيرِ الْحَيْضِ إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهَا حَاضَتْ عِنْدَهُ، لِأَنَّهُ عَيْبٌ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لِدُخُولِهَا فِي ضَمَانِهِ بِالْعَقْدِ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْعَادَةُ بِقِدَمِهِ.
قَوْلُهُ: [ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى] : أَيْ عَلِيًّا أَوْ وَخْشًا. قَوْلُهُ: [وَكَذَا عُفُونَةُ النَّفَسِ إذَا قَوِيَ] : أَيْ وَلَوْ مِنْ ذَكَرٍ كَمَا فِي (ح) لِتَأَذِّي سَيِّدِهِ بِكَلَامِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ عَيْبِ التَّزْوِيجِ فَلَا يُرَدُّ بِبَخَرِ الْفَمِ لِبِنَاءِ النِّكَاحِ عَلَى الْمُكَارَمَةِ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: [وَزِنًا] : شَمِلَ اللِّوَاطَ فَاعِلًا أَوْ مَفْعُولًا. قَوْلُهُ: [وَهُوَ عَدَمُ نَبَاتِ شَعْرِ الْعَانَةِ] : أَيْ وَأَمَّا قَطْعُ ذَنَبِ الدَّابَّةِ فَيُسَمَّى بَتْرًا، وَهُوَ عَيْبٌ أَيْضًا.
وَمِثْلُهُ عَدَمُ نَبَاتِ شَعْرِ الْحَاجِبِ أَوْ الْهُدْبِ (وَزِيَادَةِ سِنٍّ) : مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى فِي مُقَدَّمِ الْفَمِ أَوْ مُؤَخِّرِهِ (وَجُذَامٍ وَلَوْ بِأَصْلٍ) بِأَنْ كَانَ بِأَحَدِ أَبَوَيْهِ وَإِنْ عَلَا، لِأَنَّهُ يَسْرِي فِي الْفُرُوعِ فَيُخَافُ عَاقِبَتُهُ (وَجُنُونِهِ) : أَيْ الْأَصْلُ مِنْ أَبٍ أَوْ أُمٍّ (بِطَبْعٍ) : أَيْ لَا دَخْلَ لِمَخْلُوقٍ فِيهِ فَشَمِلَ الْوَسْوَاسَ وَالصَّرَعَ الْمُذْهِبَ لِلْعَقْلِ وَالْعَتَهَ.
(لَا) إنْ كَانَ (بِمَسِّ جِنٍّ) فَلَا يُرَدُّ بِهِ الْفَرْعُ لِعَدَمِ سَرَيَانِهِ لَهُ عَادَةً وَالْبَرَصُ كَالْجُذَامِ (وَسُقُوطِ سِنٍّ مِنْ مُقَدَّمٍ) أَيْ مُقَدَّمِ الْفَمِ مُطْلَقًا وَلَوْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ وَخْشٍ (أَوْ) مِنْ (رَائِعَةٍ) وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمُقَدَّمِ (وَإِلَّا) تَكُنْ رَائِعَةً بَلْ وَخْشًا أَوْ ذَكَرًا مِنْ غَيْرِ الْمُقَدَّمِ (فَأَكْثَرَ) مِنْ سِنٍّ تُرَدُّ بِهِ، لَا بِوَاحِدَةٍ فَهَذَا أَوْفَى مِنْ كَلَامِهِ (وَشَيْبٍ بِهَا) : أَيْ بِالرَّائِعَةِ فَقَطْ تُرَدُّ بِهِ (لَا بِغَيْرِهَا) مِنْ ذَكَرٍ أَوْ وَخْشٍ فَلَا يُرَدُّ بِالشَّيْبِ (إلَّا أَنْ يَكْثُرَ) فَيُرَدُّ بِهِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِي الْعَقْدِ وَإِلَّا رُدَّ بِهِ وَلَوْ لَمْ يَكْثُرْ (وَبَوْلٍ بِفَرْشٍ) : أَيْ حَالَ النَّوْمِ (فِي وَقْتٍ يُنْكَرُ) الْبَوْلُ فِيهِ، بِأَنْ يَبْلُغَ سِنًّا لَا يَبُولُ الْإِنْسَانُ فِيهِ غَالِبًا (إنْ ثَبَتَ حُصُولُهُ عِنْدَ الْبَائِعِ)
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَمِثْلُهُ عَدَمُ نَبَاتِ شَعْرِ الْحَاجِبِ أَوْ الْهُدْبِ] إلَخْ: أَيْ فَهُمَا عَيْبٌ وَلَوْ كَانَا لِدَوَاءٍ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: [وَزِيَادَةِ سِنٍّ] : أَيْ فَوْقَ الْأَسْنَانِ، وَأَمَّا كِبَرُ السِّنِّ مِنْ الْمُقَدَّمِ فَهُوَ عَيْبٌ فِي الرَّائِعَةِ وَانْظُرْهُ فِي غَيْرِهَا. قَوْلُهُ:[أَوْ أُمٌّ] : أَيْ مَثَلًا فَالْمُرَادُ مُحَرَّمٌ. قَوْلُهُ: [فَلَا يُرَدُّ بِهِ الْفَرْعُ] : أَيْ وَلَوْ كَانَ الْجُنُونُ الَّذِي بِمَسِّ جِنٍّ فِي أَحَدِ الْأُصُولِ فَلَا يُرَدُّ بِهِ أَحَدُ الْفُرُوعِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْجُنُونُ بِنَفْسِ الْمَبِيعِ فَعَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ قَوْلًا وَاحِدًا كَانَ بِطَبْعٍ أَوْ مَسِّ جِنٍّ.
قَوْلُهُ: [وَسُقُوطِ سِنٍّ] : أَيْ لِغَيْرِ إثْغَارٍ وَلِغَيْرِ مَنْ طَعَنَتْ فِي الْكِبَرِ بِحَيْثُ لَا يُسْتَغْرَبُ سُقُوطُ أَسْنَانِهِ. قَوْلُهُ: [وَشَيْبٍ] : أَيْ إنْ وُجِدَ قَبْلَ أَوَانِهِ وَأَمَّا فِي بِنْتِ السِّتِّينَ فَلَيْسَ بِعَيْبٍ.
قَوْلُهُ: [وَهَذَا إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ] : أَيْ وَأَمَّا إذَا اُشْتُرِطَ شَيْءٌ فَيُعْمَلُ بِهِ إذَا تَخَلَّفَ الْمَشْرُوطُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْعَادَةُ السَّلَامَةَ مِنْهُ فَالْمَدَارُ فِي الشَّرْطِ عَلَى الْغَرَضِ الشَّرْعِيِّ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الْبَابِ.
بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ (وَإِلَّا) يَثْبُتُ (حَلَفَ) الْبَائِعُ أَنَّهَا لَمْ تَبُلْ عِنْدَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهَا بَالَتْ عِنْدَهُ، فَإِنْ نَكَلَ رُدَّتْ عَلَيْهِ الذَّاتُ الْمَبِيعَةُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَهَذَا (إنْ بَالَتْ) بَعْدَ الشِّرَاءِ (عِنْدَ أَمِينٍ) أُنْثَى أَوْ ذَكَرٍ لَهُ زَوْجَةٌ أَوْ أُمٌّ وَيُصَدِّقُ الْأَمِينُ فِي بَوْلِهَا عِنْدَهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَ أَمِينٍ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِيَمِينٍ عَلَيْهِ، فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِمْ: عِنْدَ أَمِينٍ، إلَّا أَنْ يُحْتَرَزَ بِهِ عَنْ كَوْنِهَا تَحْتَ يَدِ الْبَائِعِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي بَوْلَهَا عِنْدَهُ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ. وَظَاهِرٌ أَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِي قِدَمِهِ وَحُدُوثِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْأَمِينَ مُصَدَّقٌ فِيمَا قَالَهُ لَا أَنَّهُ فِي وُجُودِهِ وَعَدَمِهِ كَمَا قِيلَ.
(وَتَخَنُّثِ عَبْدٍ وَفُحُولَةِ أَمَةٍ اشْتَهَرَتْ بِذَلِكَ) الْأَظْهَرُ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ تَأْوِيلُ غَيْرِ عَبْدِ الْحَقِّ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ التَّشَبُّهُ بِأَنْ يَتَشَبَّهَ الْعَبْدُ فِي كَلَامِهِ وَحَرَكَاتِهِ بِالنِّسَاءِ وَأَنْ تَتَشَبَّهَ الْأَمَةُ فِي ذَلِكَ بِالرِّجَالِ، وَقَوْلُهُ:" اشْتَهَرَتْ " بِالتَّاءِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَيْدَ الِاشْتِهَارِ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَمَةِ فَقَطْ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَوَجْهُهُ فِي التَّوْضِيحِ: بِأَنَّ التَّخَنُّثَ فِي الْعَبْدِ يُضْعِفُهُ عَنْ الْعَمَلِ وَيُنْقِصُ نَشَاطَهُ، وَالتَّذْكِيرَ فِي الْأَمَةِ لَا يَمْنَعُ جَمِيعَ الْخِصَالِ الَّتِي تُرَادُ مِنْهَا وَلَا يُنْقِصُهَا. فَإِذَا اُشْتُهِرَتْ بِذَلِكَ كَانَ عَيْبًا لِأَنَّهَا مَلْعُونَةٌ كَمَا
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهَا بَالَتْ عِنْدَهُ] : تَصْوِيرٌ لِيَمِينِ الْبَائِعِ فَهُوَ تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ لِأَنَّ يَمِينَهُ لَا تَكُونُ إلَّا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ.
قَوْلُهُ: [كَمَا قِيلَ] : الْقَائِلُ لَهُ (عب) وَتَبِعَهُ فِي الْأَصْل، فَقَالَ وَدَلَّ قَوْلُهُ: إنْ أَقَرَّتْ إلَخْ عَلَى أَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِي وُجُودِهِ وَعَدَمِهِ لَا فِي حُدُوثِهِ وَقِدَمِهِ إذْ لَا يَحْسُنُ حِينَئِذٍ أَنْ يُقَالَ إنْ أَقَرَّتْ إلَخْ. وَاخْتِلَافُهُمَا فِي الْحُدُوثِ وَالْقِدَمِ الْقَوْلُ لِمَنْ شَهِدَتْ الْعَادَةُ لَهُ أَوْ رَجَحَتْ بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ لَمْ تَقْطَعْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلِلْبَائِعِ بِيَمِينٍ (اهـ) . وَمَا قَالَهُ هُنَا فَقَدْ تَبِعَ فِيهِ (بْن) فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا ادَّعَى الْبَوْلَ وَلَمْ يُثْبِتُ حُصُولُهُ عِنْدَ الْبَائِعِ بِإِقْرَارٍ وَلَا بَيِّنَةٍ فَإِنْ حَصَلَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ عِنْدَ الْأَمِينِ لَزِمَ الْبَائِعَ الْيَمِينُ عَلَى نَفْيِ الْقِدَمِ مَا لَمْ تَقْطَعْ الْعَادَةُ أَوْ تُرَجِّحْ حُدُوثَهُ وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ عَلَى الْبَائِعِ وَمَا لَمْ تَقْطَعْ الْعَادَةُ أَوْ تُرَجِّحْ قِدَمَهُ وَإِلَّا فَيُرَدُّ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ مِنْ الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَتْ مُجَرَّدَ دَعْوَى مِنْ الْمُشْتَرِي فَلَا يَمِينَ عَلَى الْبَائِعِ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ تَوَجُّهَ الْيَمِينِ عَلَى الْبَائِعِ إنَّمَا يَكُونُ فِي نَفْيِ الْقِدَمِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحُدُوثِ وَأَمَّا فِي الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ فَلَا تَتَوَجَّهُ عَلَى الْبَائِعِ يَمِينٌ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ دَعْوَى مِنْ الْمُشْتَرِي
فِي الْحَدِيث. وَجَعَلَ فِي الْوَاضِحَةِ قَيْدَ الِاشْتِهَارِ رَاجِعًا لَهُمَا (اهـ) فَلِذَا اقْتَصَرَ فِي الْمُخْتَصَرِ عَلَيْهِ. وَتَأَوَّلَهَا عَبْدُ الْحَقِّ: بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّخَنُّثِ وَالْفُحُولَةِ الْفِعْلُ، بِأَنْ يُفْعَلَ بِالْعَبْدِ وَتَفْعَلُ الْأَمَةُ فِعْلَ شِرَارِ النِّسَاءِ. وَرَدَّهُ أَبُو عِمْرَانَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْفِعْلَ لَكَانَ عَيْبًا وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَحْتَاجُ لِقَيْدِ الِاشْتِهَارِ فِي الْأَمَةِ فَظَهَرَ مِنْ هَذَا النَّقْلِ أَنَّ الْأَرْجَحَ أَنَّ تَخَنُّثَ الْعَبْدِ عَيْبٌ مُطْلَقًا اُشْتُهِرَ بِهِ أَوْ لَا، وَأَنَّ فُحُولَةَ الْأَمَةِ لَا تُرَدُّ بِهِ إلَّا إذَا اُشْتُهِرَتْ بِهِ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ يُقَدَّمُ عَلَى صَرِيحِ غَيْرِهَا وَأَنَّ الْأَرْجَحَ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ فِي تَفْسِيرِ التَّخَنُّثِ التَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ (وَكَرَهَصٍ) هُوَ دَاءٌ بِحَافِرِ الدَّابَّةِ كَالْفَرَسِ (وَعَثْرٍ) لِدَابَّةٍ (وَحَرَنٍ) بِفَتْحَتَيْنِ (وَعَدَمِ
ــ
[حاشية الصاوي]
فَفِي الْحَقِيقَةِ مَنْ نَظَرَ لِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى مِنْ الْمُشْتَرِي قَالَ التَّنَازُعُ، فِي الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ، وَمَنْ نَظَرَ لِحُصُولِ الْبَوْلِ عِنْدَ الْأَمِينِ وَالْمُشْتَرِي قَالَ التَّنَازُعُ فِي الْحُدُوثِ وَالْقِدَمِ وَكُلٌّ صَحِيحٌ. تَنْبِيهٌ:
مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي يُرَدُّ بِهَا إذَا وُجِدَ الْعَبْدُ الْبَالِغُ غَيْرُ مَخْتُونٍ وَالْأُنْثَى الْبَالِغَةُ غَيْرُ مَخْفُوضَةٍ حَيْثُ كَانَا مَوْلُودَيْنِ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ وَفِي مِلْكِ مُسْلِمٍ أَوْ طَالَتْ إقَامَتُهُمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَفِي مِلْكِهِمْ كَمَا أَنَّ وُجُودَ الْخِتَانِ وَالْخِفَاضِ فِي الْمَجْلُوبِينَ عَيْبٌ خَشْيَةَ كَوْنِهِمْ مِنْ رَقِيقٍ أَبَقَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ غَارَ عَلَيْهِ الْكُفَّارُ وَهَذَا إذَا كَانُوا مِنْ قَوْمٍ لَيْسَ عَادَتُهُمْ الِاخْتِتَانَ. وَمِنْ الْعُيُوبِ أَنْ يَبِيعَ الرَّقِيقَ بِعُهْدَةِ دَرْكِ الْمَبِيعِ مِنْ الْعُيُوبِ مَعَ كَوْنِهِ اشْتَرَاهُ بِبَرَاءَةٍ مِنْ الْعُيُوبِ كَمَا إذَا اشْتَرَاهُ مِمَّنْ تَبْرَأُ لَهُ مِنْ عُيُوبٍ لَا يَعْلَمُهَا مَعَ طُولِ إقَامَتِهِ عِنْدَهُ ثُمَّ يَبِيعُهُ عَلَى الْعُهْدَةِ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَقُولُ: لَوْ عَلِمْت أَنَّك اشْتَرَيْته بِالْبَرَاءَةِ لَمْ اشْتَرِهِ مِنْك إذْ قَدْ أُصِيبُ بِهِ عَيْبًا وَأَجِدُك عَدِيمًا فَلَا يَكُونُ لِي الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِك.
قَوْلُهُ: [وَكَرَهَصٍ] : أَدْخَلَتْ الْكَافُ الدَّبَرَ وَهُوَ الْقُرْحَةُ وَالنِّطَاحُ وَالرَّفْسُ وَتَقْوِيسُ الذِّرَاعَيْنِ وَقِلَّةُ الْأَكْلِ وَالنُّفُورُ الْمُفْرِطَيْنِ وَأَمَّا كَثْرَةُ الْأَكْلِ فَلَيْسَتْ عَيْبًا فِي الْحَيَوَانِ الْبَهِيمِيِّ وَهِيَ عَيْبٌ فِي الرَّقِيقِ إنْ كَانَتْ خَارِجَةً عَنْ الْمُعْتَادِ. وَقَالَ (بْن) : وَجَدْت: بِخَطِّ ابْنِ غَازِيٍّ مَا نَصُّهُ: قِيلَ الْعَمَلُ الْيَوْمَ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى فَرَسًا فَأَقَامَ عِنْدَهُ شَهْرًا لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ رَدِّهِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ فَانْظُرْ هَلْ يَصِحُّ هَذَا اهـ قُلْت وَقَدْ اُسْتُمِرَّ بِهَذَا الْعَمَلِ فَفِي نَظْمِ الْعَمَلِيَّاتِ:
وَبَعْدَ شَهْرٍ الدَّوَابُّ بِالْخُصُوصِ
…
بِالْعَيْبِ لَا تُرَدُّ فَافْهَمْ النُّصُوصْ
حَمْلٍ مُعْتَادٍ) لِمِثْلِهَا بِأَنْ وَجَدَهَا لَا تُطِيقُ حَمْلَ أَمْثَالِهَا، فَتُرَدُّ بِذَلِكَ. وَيُقَاسُ عَلَى هَذِهِ الْعُيُوبِ مَا شَابَهَهَا مِنْ كُلِّ عَيْبٍ أَدَّى لِنَقْصٍ فِي الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ أَوْ خِيفَ عَاقِبَتُهُ. وَالشَّيْخُ ذَكَرَ هُنَا أَمْثِلَةً كَثِيرَةً.
(وَلَا رَدَّ بِكَيٍّ لَمْ يُنْقِصْ) ثَمَنًا وَلَا ذَاتًا (وَلَا) رَدَّ (بِتُهْمَةٍ) لِرَقِيقٍ (بِكَسَرِقَةٍ) وَاخْتِلَاسٍ وَغَصْبٍ (ظَهَرَتْ الْبَرَاءَةُ مِنْهَا) بِأَنْ ثَبَتَ أَنَّ السَّارِقَ غَيْرُهُ، أَوْ أَنَّ الشَّيْءَ لَمْ يُسْرَقْ أَصْلًا، أَوْ أَقَرَّ رَبُّ الْمَتَاعِ بِذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ كَانَ لَهُ الرَّدُّ، وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا فِي نَفْسِهِ مَشْهُورًا بِالْعَدَاءِ وَإِلَّا فَلَهُ الرَّدُّ مُطْلَقًا.
(وَلَا) رَدَّ (بِمَا لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ إلَّا بِتَغَيُّرٍ لِلْمَبِيعِ) : مِنْ كَسْرٍ أَوْ نَشْرٍ أَوْ ذَبْحٍ (كَسُوسِ خَشَبٍ وَفَسَادِ جَوْزٍ وَنَحْوِهِ) كَلَوْزٍ وَبُنْدُقٍ (وَمُرِّ قِثَّاءٍ) وَبِطِّيخٍ وَوُجُودِ فَسَادِ بَاطِنِ شَاةٍ بَعْدَ ذَبْحِهَا (إلَّا لِشَرْطٍ) فَيُعْمَلُ بِهِ وَتُرَدُّ.
(وَلَا قِيمَةَ) لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَ عَدَمِ الرَّدِّ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ، وَكَذَا لَا قِيمَةَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا رَدَّهَا بِالشَّرْطِ، إذَا كَسَرَهَا فِي نَظِيرِ الْكَسْرِ فِيمَا يَظْهَرُ.
وَقَوْلُنَا: " إلَّا لِشَرْطٍ " هُوَ مَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ فِي التَّوْضِيحِ، لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَالْعَادَةُ كَالشَّرْطِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بِأَنْ وَجَدَهَا لَا تُطِيقُ حَمْلَ أَمْثَالِهَا] : أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْحَمْلِ مَا يُحْمَلُ عَلَى الدَّابَّةِ لَا الْوَلَدُ. وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الشِّرَاءِ حَمْلَ الدَّابَّةِ فَوَجَدَهَا غَيْرَ حَامِلٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلْبَيْعِ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: [لَمْ يُنْقِصْ ثَمَنًا وَلَا ذَاتًا] : فَمَتَى نَقَصَ الثَّمَنُ أَوْ الْجَمَالُ وَالْخِلْقَةُ فَهُوَ عَيْبٌ وَإِلَّا فَلَا.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ] : أَيْ أَنَّ السَّارِقَ غَيْرُهُ وَلَمْ تَظْهَرْ لَهُ بَرَاءَةٌ.
قَوْلُهُ: [وَوُجُودِ فَسَادِ بَاطِنِ شَاةٍ] : مِثْلُهَا سَائِرُ الْأَنْعَامِ، وَهَذَا الْفَسَادُ يُسَمَّى فِي عُرْفِ أَرْبَابِ الْأَنْعَامِ بِالْغِشِّ، وَيُسَمَّى الْحَيَوَانُ غَاشًّا. تَنْبِيهٌ:
مَفْهُومُ قَوْلِهِ: وَلَا رَدَّ بِمَا لَا يُطَّلَعُ إلَّا بِتَغَيُّرٍ ": أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ يُرَدُّ لِفَسَادِهِ، كَالْبَيْضِ. لِأَنَّهُ قَدْ يُعْلَمُ قَبْلَ كَسْرِهِ. وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ إنْ رَدَّ الْبَيْضَ لِفَسَادِهِ بَعْدَ كَسْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي كَسْرِهِ - دَلَّسَ الْبَائِعُ أَمْ لَا - إنْ كَانَ لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ كَالْمُنْتِنِ، وَكَذَا إنْ جَازَ أَكْلُهُ كَالْمَمْرُوقِ إنْ
(وَلَا) رَدَّ (بِعَيْبٍ قَلَّ بِدَارٍ) : كَكَسْرِ عَتَبَةٍ وَسُلَّمٍ وَسُقُوطِ شُرَافَةٍ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِعَدَمِ الِالْتِفَاتِ إلَيْهِ، وَيَزُولُ بِالْإِصْلَاحِ. وَلَا قِيمَةَ عَلَى الْبَائِعِ فِي الْيَسِيرِ جِدًّا كَمَا مَثَّلْنَا. وَأَمَّا الْيَسِيرُ لَا جِدًّا، بِأَنْ يَكُونَ مَا دُونَ الثُّلُثِ - وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ - فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ:(وَرَجَعَ بِقِيمَةِ مَا لَهُ بَالٌ مِنْهُ) : أَيْ مِنْ الْعَيْبِ الْقَلِيلِ (فَقَطْ) لَا رَدَّ بِهِ إذَا لَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَ (كَصَدْعِ جِدَارٍ) مِنْهَا (بِغَيْرِ وَاجِهَتِهَا) ، إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا مِنْهُ، وَسَوَاءٌ خِيفَ عَلَى الْجِدَارِ نَفْسِهِ أَمْ لَا، عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْأُمَّهَاتِ.
(وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ بِوَاجِهَتِهَا) أَوْ بِغَيْرِهَا وَخِيفَ عَلَى الدَّارِ السُّقُوطُ مِنْهُ (فَكَثِيرٌ) تُرَدُّ بِهِ (كَعَدَمِ مَنْفَعَةٍ مِنْ مَنَافِعِهَا) : كَمِلْحِ بِئْرٍ بِمَحَلِّ الْحَلَاوَةِ أَيْ
ــ
[حاشية الصاوي]
دَلَّسَ بَائِعُهُ أَوْ لَمْ يُدَلِّسْ وَلَمْ يَكْسِرْهُ الْمُشْتَرِي. فَإِنْ كَسَرَهُ فَلَهُ رَدُّهُ وَمَا نَقَصَهُ مَا لَمْ يَفُتْ بِنَحْوِ قَلْيٍ وَإِلَّا فَلَا رَدَّ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا مَعِيبًا فَيَقُومُ عَلَى أَنَّهُ صَحِيحٌ غَيْرُ مَعِيبٍ وَصَحِيحٌ مَعِيبٌ فَإِذَا قِيلَ: قِيمَتُهُ صَحِيحًا غَيْرَ مَعِيبٍ عَشْرَةٌ وَصَحِيحًا مَعِيبًا ثَمَانِيَةٌ، رَجَعَ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ الْخُمْسُ. وَهَذَا إذَا كَسَرَهُ بِحَضْرَةِ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ فَلَا رَدَّ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَفَسَدَ عِنْدَ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [قَلَّ بِدَارٍ] : لَا مَفْهُومَ لِلدَّارِ بَلْ سَائِرُ الْعَقَارَاتِ كَذَلِكَ؛ كَالْفُرْنِ وَالْحَمَّامِ وَالطَّاحُونِ وَالْخَانِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَقَارِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْعَقَارَ يَسْهُلُ إصْلَاحُ عَيْبِهِ الْيَسِيرِ وَلِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ عَيْبٍ فَلَوْ رُدَّ بِالْيَسِيرِ لَضَرَّ الْبَائِعَ فَتُسُوهِلَ فِيهِ وَلِأَنَّهُ لَا يُرَادُ لِلتِّجَارَةِ غَالِبًا.
قَوْلُهُ: [إذَا لَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَ] : أَيْ مَحَلُّ الرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ دُونَ رَدِّ الْمَبِيعِ إذَا كَثُرَ وَلَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقِيلَ: مَا نَقَصَ عَنْ الرُّبْعِ، قِيلَ: مَا نَقَصَهَا عَشْرَةٌ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا مِائَةً وَقِيلَ إنَّهُ مُعْتَبَرٌ بِالْعُرْفِ، وَقِيلَ مَا نَقَصَ مُعْظَمُ الْقِيمَةِ.
قَوْلُهُ: [بِأَنْ كَانَ بِوَاجِهَتِهَا] : أَيْ وَإِنْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهَا مِنْهُ. فَقَوْلُهُ: " وَخِيفَ عَلَى الدَّارِ " قَيْدٌ فِي الثَّانِي فَقَطْ.
بِمَحَلِّ الْآبَارِ الَّتِي مَاؤُهَا حُلْوٌ وَكَتَهْوِيرِ بِئْرِهَا وَغَوْرِ مَائِهَا أَوْ لِعَدَمِ مِرْحَاضٍ بِهَا أَوْ كَوْنِهِ بِبَابِهَا.
(وَكُلُّ مَا) أَيْ عَيْبٍ (نَقَصَ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ) مِنْ قِيمَتِهَا (فَلَهُ الرَّدُّ) بِهِ.
(كَسُوءِ جَارِهَا وَكَثْرَةِ بَقِّهَا وَنَمْلِهَا وَكَشُؤْمِهَا) : بِأَنْ جُرِّبَتْ بِأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْكُنُ فِيهَا يُصَابُ بِمُصِيبَةٍ (وَجِنِّهَا) : أَيْ يَسْكُنُهَا الْجِنُّ فَيُؤْذُونَ سَاكِنَهَا.
(وَإِنْ ادَّعَى الرَّقِيقُ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (حُرِّيَّةً) بِعِتْقٍ سَابِقٍ أَوْ بِغَيْرِهِ أَوْ ادَّعَتْ الْأَمَةُ أَنَّهَا مُسْتَوْلَدَةٌ (لَمْ يُصَدَّقْ) بِلَا بَيِّنَةٍ، (وَلَا يَحْرُمُ) التَّصَرُّفُ الشَّرْعِيُّ فِيهِ مِنْ وَطْءٍ أَوْ اسْتِخْدَامٍ أَوْ بَيْعٍ. (لَكِنَّهُ) أَيْ الِادِّعَاءَ الْمَذْكُورَ (عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ) لِبَائِعِهِ (إنْ ادَّعَاهَا) : أَيْ الْحُرِّيَّةَ (قَبْلَ) دُخُولِهِ فِي (ضَمَانِ الْمُشْتَرِي) لَهُ، بِأَنْ كَانَتْ دَعْوَاهُ الْحُرِّيَّةَ زَمَنَ الْعُهْدَةِ أَوْ الْمُوَاضَعَةِ، فَإِنْ صَدَرَتْ مِنْهُ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِهِ فَلَا يُرَدُّ. (ثُمَّ إنْ بَاعَ) الْمُشْتَرِي ذَلِكَ الرَّقِيقَ (بَيَّنَ) لِلْمُشْتَرِي مِنْهُ وُجُوبًا أَنَّهُ قَدْ ادَّعَى الْحُرِّيَّةَ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ ادَّعَاهَا قَبْلَ دُخُولِهِ فِي
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَيْ بِمَحَلِّ الْآبَارِ] : أَيْ فِي خَطٍّ شَأْنُ آبَارِهِ الْحَلَاوَةُ.
قَوْلُهُ: [أَوْ كَوْنِهِ بِبَابِهَا] : أَيْ مُوَاجِهًا لَهُ أَوْ كَانَ فِي دِهْلِيزِهَا أَوْ كَانَ بِقُرْبِ الْحَائِطِ بِحَيْثُ يَحْصُلُ مِنْهُ نَزَز أَوْ رَائِحَةٌ بِمَنْزِلِ النَّوْمِ أَوْ الْجُلُوسِ
قَوْلُهُ: [نَقَصَ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ] : أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ الْأَقْوَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
قَوْلُهُ: [وَكَثْرَةِ بَقِّهَا] أَيْ وَأَمَّا أَصْلُ الْبَقِّ إذَا لَمْ يَكُنْ كَثِيرًا فَلَا يُرَدُّ بِهِ كَالنَّمْلِ. قَالَ (بْن) : وَأَمَّا قَوْلُ التُّحْفَة:
وَالْبَقُّ عَيْبٌ مِنْ عُيُوبِ الدُّورِ
…
وَيُوجِبُ الرَّدَّ عَلَى الْمَشْهُورِ
فَقَدْ تَعَقَّبَهُ وَلَدُهُ فِي شَرْحِهِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَيْدِ الْكَثْرَةِ وَأَصْلَحَهُ بِقَوْلِهِ:
وَكَثْرَةٌ لِلْبَقِّ عَيْبُ الدُّورِ
…
وَتُوجِبُ الرَّدَّ عَلَى الْمَأْثُورِ
(اهـ) قَوْلُهُ: [وَكَشُؤْمِهَا] : أَيْ لِمَا فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثٍ: الدَّارُ وَالدَّابَّةُ وَالْمَرْأَةُ» . قَوْلُهُ: [وَجِنِّهَا] : أَيْ وَإِيذَاءِ جِنِّهَا فَالْعَيْبُ ظُهُورُ الْإِيذَاءِ مِنْهُمْ وَإِلَّا فَالْمَنَازِلُ لَا تَخْلُو مِنْ الْجِنِّ.
قَوْلُهُ: [بَيَّنَ لِلْمُشْتَرِي مِنْهُ وُجُوبًا] : أَيْ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا تَكْرَهُهُ النُّفُوسُ.