الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنَّ الصُّعُودَ عَلَيْهَا نَادِرٌ.
(وَنُدِبَ) لِلْجَارِ (تَمْكِينُ جَارٍ) لَهُ (مِنْ غَرْزِ خَشَبٍ فِي جِدَارٍ) لِأَنَّهُ مِنْ الْمَعْرُوفِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ.
(وَ) نُدِبَ لِلْإِنْسَانِ (إرْفَاقٌ) لِغَيْرِهِ مِنْ جَارٍ أَوْ قَرِيبٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ وَيَتَأَكَّدُ فِي الْقَرِيبِ وَالْجَارِ قَالَ تَعَالَى:
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ الْمَنَارَةِ] : مَحَلُّ مَنْعِ الصُّعُودِ عَلَيْهَا مَا لَمْ يُجْعَلْ لَهَا سَاتِرٌ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ يَمْنَعُ مِنْ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْجِيرَانِ، وَمَا لَمْ يَكُنْ الصَّاعِدُ أَعْمَى كَمَا عِنْدَنَا بِمِصْرَ.
[مَا يَنْدُب لِلْجَارِ]
قَوْلُهُ: [تَمْكِينُ جَارٍ لَهُ مِنْ غَرْزِ خَشَبٍ] : أَيْ لِمَا فِي الْمُوَطَّإِ «لَا يُمْنَعُ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ» رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ " خَشَبَةً " بِالْإِفْرَادِ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ، حَمَلَ مَالِكٌ ذَلِكَ عَلَى النَّدْبِ وَحَمَلَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ عَلَى الْوُجُوبِ. وَاخْتُلِفَ هَلْ: لِجَارِ الْمَسْجِدِ غَرْزُ خَشَبَةٍ فِي حَائِطِهِ؟ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ نَقْلًا لَهُ عَنْ الشُّيُوخِ، أَوْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ وَبِهِ قَالَ ابْنُ نَاجِي.
قَوْلُهُ: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [النساء: 36] : أَيْ وَأَحْسِنُوا بِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا وَإِنَّمَا قَرَنَ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ بِعِبَادَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ لِتَأَكُّدِ حَقِّهِمَا عَلَى الْوَلَدِ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ أُمُّك. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أُمُّك: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أُمُّك، ثُمَّ أَبُوك ثُمَّ أَدْنَاك فَأَدْنَاك» ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «رَغْمَ أَنْفِهِ رَغْمَ أَنْفِهِ قِيلَ: مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَوْ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يَدْخُلْ الْجَنَّةَ» .
قَوْلُهُ: {وَبِذِي الْقُرْبَى} [النساء: 36] : أَيْ وَأَحْسِنُوا إلَى ذَوِي الْقُرْبَى وَهُمْ ذَوُو رَحِمِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -
ــ
[حاشية الصاوي]
يَقُولُ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» ، وَمَعْنَى يُنْسَأُ لَهُ فِي أَثَرِهِ يُؤَخَّرُ لَهُ فِي أَجَلِهِ.
قَوْلُهُ: {وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ} [النساء: 36] : أَيْ وَأَحْسِنُوا إلَى مَنْ ذُكِرَ وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالْإِحْسَانِ إلَيْهِمْ لِأَنَّ الْيَتِيمَ مَخْصُوصٌ بِنَوْعَيْنِ مِنْ الْعَجْزِ الصِّغَرُ وَعَدَمُ النَّفَقَةِ. وَالْمِسْكِينُ هُوَ الَّذِي رَكِبَهُ ذُلُّ الْفَاقَةِ وَالْفَقْرِ فَتَمَسْكَنَ لِذَلِكَ وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا» ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» ، وَأَحْسِبُهُ قَالَ:«وَكَالْقَائِمِ الَّذِي لَا يَفْتُرُ وَكَالصَّائِمِ الَّذِي لَا يَفْطُرُ» .
قَوْلُهُ: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى} [النساء: 36] : أَيْ وَأَحْسِنُوا إلَى الْجَارِ الَّذِي قَرُبَ جِوَارُهُ مِنْكُمْ، وَقِيلَ الْجَارُ ذُو الْقُرْبَى هُوَ الْقَرِيبُ.
قَوْلُهُ: {وَالْجَارِ الْجُنُبِ} [النساء: 36] : أَيْ الَّذِي بَعُدَ جِوَارُهُ عَنْك، أَوْ هُوَ الْأَجْنَبِيُّ الَّذِي لَيْسَ بَيْنَك وَبَيْنَهُ قَرَابَةٌ. عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْت أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ» . «وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟ قَالَ إلَى أَقْرَبِهِمَا بَابًا لَك» . وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا أَبَا ذَرٍّ إذَا طَبَخْت مَرَقًا فَأَكْثِرْ مَاءَهُ وَتَعَاهَدْ جِيرَانَك» . وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: «أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: إذَا طَبَخْت مَرَقًا فَأَكْثِرْ مَاءَهُ ثُمَّ اُنْظُرْ إلَى أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِك
(بِمَاءٍ) لِشُرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
فَأَصِبْهُمْ مِنْهَا بِمَعْرُوفٍ» . وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا نِسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ» مَعْنَاهُ: وَلَوْ أَنْ تُهْدِيَ لَهَا الشَّيْءَ الْحَقِيرَ الَّذِي هُوَ كَظِلْفِ الشَّاةِ.
قَوْلُهُ: {وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ} [النساء: 36] : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الرَّفِيقُ فِي السَّفَرِ، وَقِيلَ هُوَ الْمَرْأَةُ تَكُونُ مَعَك إلَى جَنْبِك، وَقِيلَ هُوَ الَّذِي يَصْحَبُك رَجَاءَ نَفْعِك. قَالَ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم:«خَيْرُ الْأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ، وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ» .
قَوْلُهُ: {وَابْنِ السَّبِيلِ} [النساء: 36] : يَعْنِي الْمُسَافِرَ الْمُجْتَازَ بِك الَّذِي قَدْ انْقَطَعَ بِهِ، وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: الْمُرَادُ بِابْنِ السَّبِيلِ الضَّيْفُ يَمُرُّ بِك فَتُكْرِمُهُ وَتُحْسِنُ إلَيْهِ. قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخَرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ قَدَّمَ. قَالُوا وَمَا جَائِزَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ» زَادَ فِي رِوَايَةٍ: «وَلَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ أَخِيهِ حَتَّى يُؤْثِمَهُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يُؤْثِمُهُ قَالَ: يُقِيمُ عِنْدَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ يَقْرِيهِ بِهِ» (اهـ) وَقِيلَ مَعْنَى الْجَائِزَةِ الزَّادُ الَّذِي يُعْطِيهِ لَهُ بَعْدَ الضِّيَافَةِ، أَيْ فَيُقْرِي الضَّيْفَ ثَلَاثَةَ أَيَّامِ ثُمَّ يُعْطِيهِ مَا يَجُوزُ بِهِ مِنْ مَنْهَلٍ إلَى مَنْهَلٍ.
قَوْلُهُ: {وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 36] : يَعْنِي الْمَمَالِيكَ، وَالْإِحْسَانُ إلَيْهِمْ أَلَّا يُكَلِّفَهُمْ
(وَمَاعُونٍ) كَإِنَاءٍ وَفَأْسٍ وَسِكِّينٍ. (وَ) نُدِبَ (إعَانَةٌ فِي مُهِمٍّ) كَمَوْتٍ وَعُرْسٍ وَسَفَرٍ. (وَ) نُدِبَ (فَتْحُ بَابٍ لِمُرُورٍ) فِي دَارٍ لَهَا بَابَانِ وَأَرَادَ الْجَار أَنْ يَمُرَّ فِي الدَّارِ بِدُخُولِهِ مِنْ بَابٍ لِيَخْرُجَ مِنْ الْآخَرِ لِحَاجَةٍ، وَلَا ضَرَرَ عَلَى رَبِّ الدَّارِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
مَا لَا يُطِيقُونَ، وَلَا يُؤْذِيهِمْ بِالْكَلَامِ الْخَشِنِ، وَأَنْ يُعْطِيَهُمْ مِنْ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ بِقَدْرٍ لِلْكِنَايَةِ. عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ:«كَانَ آخِرُ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اتَّقُوا اللَّهَ فِيمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» . وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا: «هُمْ إخْوَانُكُمْ وَخَوَلُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَيَلْبِسُهُ مِمَّا يَلْبَسُ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كُلِّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ» (اهـ مُلَخَّصًا مِنْ الْخَازِنِ) .
قَوْلُهُ: [وَنُدِبَ إعَانَةٌ] : أَيْ لِأَيِّ مُسْلِمٍ لِمَا فِي الْحَدِيثِ: «اللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدِ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» .
قَوْلُهُ: [وَلَا ضَرَرَ عَلَى رَبِّ الدَّارِ] : الْجُمْلَةِ خَالِيَةٌ أَيْ فَمَصَبُّ تَمْكِينِهِ مِنْ الْمُرُورِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَرَرٌ وَإِلَّا فَلَا يُؤْمَرُ بِذَلِكَ.