الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَ) ضَمِنَ (بِقَوْلِهِ) لِرَبِّهَا: (ضَاعَتْ قَبْلَ أَنْ تَلْقَانِي، بَعْدَ امْتِنَاعِهِ مِنْ دَفْعِهَا) لَهُ وَلَوْ لِعُذْرٍ كَاشْتِغَالِهِ بِأَمْرٍ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُ عَنْ بَيَانِ تَلَفِهَا دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ إنَّمَا عَلِمَ بِالتَّلَفِ بَعْدَ أَنْ لَقِيَهُ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينٍ. (وَكَذَا) يَضْمَنُ إنْ قَالَ: تَلِفَتْ (بَعْدَهُ) : أَيْ بَعْدَ أَنْ لَقِيتنِي (إنْ مَنَعَ) دَفْعَهَا لَهُ (بِلَا عُذْرٍ) ثَابِتٍ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا لِعُذْرٍ قَامَ بِهِ وَثَبَتَ، لَمْ يَضْمَنْ.
(لَا) يَضْمَن (إنْ قَالَ لَا أَدْرِي مَتَى تَلِفَتْ) : أَيْ قَبْلَ أَنْ تَلْقَانِي أَوْ بَعْدَهُ، كَانَ هُنَاكَ عُذْرٌ مِنْ الدَّفْعِ أَمْ لَا. وَيَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ.
(وَلَهُ) : أَيْ لِلْمُودَعِ - بِالْفَتْحِ - (أُجْرَةُ مَحَلِّهَا) : أَيْ الَّذِي تُوضَعُ فِيهِ إنْ كَانَ مِثْلُهُ تُؤْخَذُ أُجْرَتُهُ. (لَا) أُجْرَةُ (حِفْظِهَا) : لِأَنَّ حِفْظَهَا مِنْ قَبِيلِ الْجَاهِ؛ لَا أُجْرَةَ لَهُ كَالْقَرْضِ وَالضَّمَانِ (إلَّا لِشَرْطٍ) فَيُعْمَلُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْجَاهِ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا هُوَ يُشْبِهُهُ فِي الْجُمْلَةِ.
(وَلَهُ) : أَيْ لِلْمُودَعِ - بِالْفَتْحِ - (الْأَخْذُ مِنْهَا) : أَيْ مِنْ الْوَدِيعَةِ بِقَدْرِ حَقِّهِ (إنْ ظَلَمَهُ) رَبُّهَا (بِمِثْلِهَا) مِنْ سَرِقَةٍ أَوْ خِيَانَةٍ أَوْ غَصْبٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
ــ
[حاشية الصاوي]
فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى ضَمَانِهِ الْمُرْسَلَ إلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [بِلَا عُذْرٍ ثَابِتٍ] : صَادِقٍ بِأَنْ يَكُونَ هُنَا عُذْرٌ وَلَمْ يَثْبُتْ.
قَوْلُهُ: [لَا يَضْمَنُ إنْ قَالَ لَا أَدْرِي] إلَخْ: أَيْ لِحَمْلِهِ عَلَى أَنَّهَا تَلِفَتْ قَبْلَ اللِّقَاءِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: [؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْجَاهِ حَقِيقَةً] : أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا مُنِعَ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى الْحِفْظِ؛ لِأَنَّ عَادَةَ النَّاسِ أَنَّهُمْ لَا يَأْخُذُونَ لِحِفْظِ الْوَدَائِعِ أُجْرَةً. وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أُجْرَةِ الْمَحَلِّ وَأُجْرَةِ الْحِفْظِ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، بَلْ يُقَالُ فِيهِمَا إنْ شَرَطَ الْأَخْذَ أَوْ كَانَ الْعُرْفَ عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا.
[أُجْرَةً مَحِلّ الْوَدِيعَة والأخذ مِنْهَا]
[تَتِمَّة إذَا تُنَازِع الْوَدِيعَة شَخْصَانِ]
قَوْلُهُ: [بِمِثْلِهَا] : مُتَعَلِّقٌ بِظُلْمِهِ وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ بَعْدَهَا مُضَافٌ مَحْذُوفٌ: أَيْ بِأَخْذِ
{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] وَمَحَلُّ جَوَازِ الْأَخْذِ بِمِثْلِ حَقِّهِ (إنْ أَمِنَ) الْآخِذُ (الرَّذِيلَةَ) بِالنِّسْبَةِ إلَى الْخِيَانَةِ (وَ) أَمِنَ (الْعُقُوبَةَ) عَلَى نَفْسِهِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ حِفْظَ الْأَعْرَاضِ وَالْجَوَارِحِ وَاجِبٌ (عَلَى الْأَرْجَحِ) مِنْ الْقَوْلَيْنِ، وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ الْأَخْذُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «أَدِّ الْأَمَانَةَ لِمَنْ ائْتَمَنَك وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَك» . (وَالتَّرْكُ) لِلْأَخْذِ مِنْهَا (أَسْلَمُ) : أَيْ مِنْ الْوَدِيعَةِ بِقَدْرِ حَقِّهِ لِلنَّفْسِ وَالدِّينِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
بَابٌ فِي الْإِعَارَةِ وَأَحْكَامِهَا
ــ
[حاشية الصاوي]
مِثْلِهَا فِي الْقَدْرِ وَالْجِنْسِ وَالصِّفَةِ إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِالْقِيمَةِ.
قَوْلُهُ: [وَأَمِنَ الْعُقُوبَةَ عَلَى نَفْسِهِ] : أَيْ مِنْ ضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ قَتْلٍ كَمَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْجَوْرِ.
قَوْلُهُ: «أَدِّ الْأَمَانَةَ لِمَنْ ائْتَمَنَك» إلَخْ: أَجَابَ ابْنُ رُشْدٍ مُؤَيِّدًا لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مَعْنَى " وَلَا تَخُنْ " إلَخْ أَيْ: لَا تَأْخُذْ أَزْيَدَ مِنْ حَقِّك فَتَكُنْ خَائِنًا، وَأَمَّا مَنْ أَخَذَ حَقَّهُ فَلَيْسَ بِخَائِنٍ.
قَوْلُهُ: [وَالتَّرْكُ لِلْأَخْذِ مِنْهَا أَسْلَمُ] : أَيْ؛ لِأَنَّ فِي الْأَخْذِ رِيبَةً وَفِي الْحَدِيثِ: «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا يَرِيبُك» .
تَتِمَّةٌ: إنْ تَنَازَعَ الْوَدِيعَةَ شَخْصَانِ فَقَالَ الْمُودَعُ - بِالْفَتْحِ - هِيَ لِأَحَدِكُمَا وَنَسِيته قُسِمَتْ بَيْنَهُمَا إنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا، وَقُضِيَ لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ وَإِنْ أَوْدَعَ شَخْصَيْنِ وَغَابَ الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ وَتَنَازَعَا فِيمَنْ تَكُونُ عِنْدَهُ جُعِلَتْ بِيَدِ الْأَعْدَلِ وَالضَّمَانُ عَلَيْهِ إنْ فَرَّطَ فَإِنْ تَسَاوَيَا فِي الْعَدَالَةِ قُسِمَتْ بَيْنَهُمَا إنْ قَبِلَتْ الْقَسْمَ وَإِلَّا فَالْقُرْعَةُ.