الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ فِي بَيَانِ السَّلَمِ وَشُرُوطِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ
(السَّلَمُ) : أَيْ حَقِيقَتُهُ (بَيْعُ) شَيْءٍ (مَوْصُوفٍ) : مِنْ طَعَامٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُوصَفُ، وَخَرَجَ الْمُعَيَّنُ فَبَيْعُهُ لَيْسَ بِسَلَمٍ (مُؤَجَّلٍ) خَرَجَ غَيْرُ الْمُؤَجَّلِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ الْأَجَلِ (فِي الذِّمَّةِ) : أَيْ ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، خَرَجَ بَيْعُ مَوْصُوفٍ لَا فِي الذِّمَّةِ كَبَيْعِ مَا فِي الْعَدْلِ عَلَى مَا فِي الْبَرْنَامَجِ أَوْ غَيْرِهِ وَكَبَيْعِ مَوْصُوفٍ بِمَكَانٍ غَيْرِ مَجْلِسِ الْعَقْدِ (بِغَيْرِ جِنْسِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِبَيْعٍ، خَرَجَ مَا إذَا دَفَعَ
ــ
[حاشية الصاوي]
[بَابٌ فِي بَيَانِ السَّلَمِ وَشُرُوطِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]
[الشَّرْط الْأَوَّل تَعْجِيل رأس الْمَال]
بَابٌ
قَالَ الْخَرَشِيُّ: هُوَ وَالسَّلَفُ وَاحِدٌ، فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إثْبَاتُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ مَبْذُولٌ فِي الْحَالِ؛ وَلِذَا قَالَ الْقَرَافِيُّ: سُمِّيَ سَلَمًا لِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ دُونَ عِوَضٍ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ سَلَفًا (اهـ) وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: دُونَ عِوَضٍ أَيْ فِي الْحَالِّ فَلَا يُنَافِي أَنَّ عِوَضَهُ مُؤَجَّلٌ.
فَقَوْلُهُ: [فِي بَيَانِ السَّلَمِ] : أَيْ حَقِيقَتِهِ.
وَقَوْلُهُ: [وَشُرُوطُهُ] : أَيْ السَّبْعَةُ.
وَقَوْلُهُ: [وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ] : أَيْ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ.
قَوْلُهُ: [بَيْعُ شَيْءٍ مَوْصُوفٍ] : شُرُوعٌ فِي تَعْرِيفِهِ.
قَوْلُهُ: [وَخَرَجَ الْمُعَيَّنُ] : أَيْ بِقَوْلِهِ مَوْصُوفٌ.
قَوْلُهُ: [وَسَيَأْتِي بَيَانُ الْأَجَلِ] : أَيْ فِي قَوْلِهِ وَأَنْ يُؤَجَّلَ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ كَنِصْفِ شَهْرٍ.
قَوْلُهُ: [أَيْ ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ] : أَيْ الَّذِي هُوَ الْبَائِعُ، وَأَمَّا دَافِعُ الثَّمَنِ فَيُسَمَّى مُسْلَمًا.
قَوْلُهُ: [عَلَى مَا فِي الْبَرْنَامَجِ] : أَيْ مُعْتَمِدًا فِيهِ عَلَى الصِّفَةِ الْمَكْتُوبَةِ فِي الدَّفْتَرِ.
وَقَوْلُهُ: [أَوْ غَيْرِهِ] : أَيْ كَالْكِتَابَةِ الَّتِي تُوجَدُ فَوْقَ الْعَدْلِ.
قَوْلُهُ: [بِمَكَانٍ غَيْرِ مَجْلِسِ الْعَقْدِ] : الْمُرَادُ بَيْعُ الْغَائِبِ عَلَى الصِّفَةِ.
قَوْلُهُ: [بِغَيْرِ جِنْسِهِ] : أَيْ حَقِيقَةً كَفَرَسٍ فِي بَعِيرٍ أَوْ حُكْمًا، كَمَا إذَا كَانَ
شَيْئًا فِي جِنْسِهِ فَلَيْسَ بِسَلَمٍ شَرْعًا، وَقَدْ يَكُونُ قَرْضًا وَسَيَأْتِي ذَلِكَ كُلُّهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: " مَوْصُوفٍ " بَيْعُ الْأَجَلِ، لِأَنَّهُ اشْتِرَاءُ مُعَيَّنٍ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ وَلَوْ زَادَ بَعْدَهُ:" غَيْرُ مَنْفَعَةٍ " لَكَانَ صَرِيحًا فِي إخْرَاجِ الْكِرَاءِ الْمَضْمُونِ.
ثُمَّ إنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِ شُرُوطٌ سَبْعَةٌ زِيَادَةً عَلَى شُرُوطِ الْبَيْعِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا:
الْأَوَّلُ: تَعْجِيلُ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَشَرْطُهُ: حُلُولُ رَأْسِ الْمَالِ) فِيهِ، فَلَا يَصِحُّ الدُّخُولُ فِيهِ عَلَى التَّأْجِيلِ (وَجَازَ تَأْخِيرُهُ) : بَعْدَ الْعَقْدِ (ثَلَاثًا) مِنْ الْأَيَّامِ (وَلَوْ) كَانَ التَّأْخِيرُ (بِشَرْطٍ) عِنْدَ الْعَقْدِ سَوَاءٌ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا أَوْ مِثْلِيًّا. (وَفَسَدَ بِتَأْخِيرِهِ عَنْهَا) : أَيْ عَنْ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ بِشَرْطٍ عِنْدَ الْعَقْدِ بَلْ
ــ
[حاشية الصاوي]
الْجِنْسُ وَاحِدًا وَاخْتَلَفَتْ فِي الْمَنْفَعَةِ كَفَارِهِ الْحُمُرِ فِي الْأَعْرَابِيَّةِ وَسَابِقِ الْخَيْلِ فِي الْحَوَاشِي كَمَا سَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: [وَقَدْ يَكُونُ قَرْضًا] : أَيْ فَيَجْرِي عَلَى أَحْكَامِهِ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْهُ رِبَا النَّسَاءِ جَازَ.
قَوْلُهُ: [بَيْعُ الْأَجَلِ] : أَيْ بِالْمَعْنَى الْإِضَافِيِّ وَهُوَ مَا عُجِّلَ فِيهِ الْمُثْمَنُ وَأُجِّلَ فِيهِ الثَّمَنُ عَكْسُ مَا هُنَا.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ زَادَ بَعْدَهُ] : أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ مَوْصُوفٌ.
وَقَوْلُهُ: [لَكَانَ صَرِيحًا] إلَخْ: أَيْ فَزِيَادَتُهُ تَصِيرُ الْكِرَاءُ الْمَضْمُونُ خَارِجًا صَرَاحَةً بِخِلَافِ عَدَمِ زِيَادَتِهِ فَتَصِيرُ التَّعْرِيفُ مُجْمَلًا.
قَوْلُهُ: [زِيَادَةً عَلَى شُرُوطِ الْبَيْعِ] : أَيْ فَتِلْكَ الزِّيَادَةُ صَيَّرَتْ السَّلَمَ أَخَصَّ مِنْ مُطْلَقِ بَيْعٍ، وَإِنَّمَا زِيدَتْ فِيهِ تِلْكَ الشُّرُوطُ لِكَوْنِهِ رُخْصَةً فَشَدَّدَ فِيهِ.
قَوْلُهُ: [عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ] : أَيْ بَيْنَ الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا.
قَوْلُهُ: [فَلَا يَصِحُّ الدُّخُولُ فِيهِ عَلَى التَّأْجِيلِ] : أَيْ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ بِشَرْطٍ] : رُدَّ بِ " لَوْ " قَوْلُ سَحْنُونَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْبَغْدَادِيِّينَ بِفَسَادِ السَّلَمِ إذَا أُخِّرَ رَأْسُ الْمَالِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِشَرْطٍ لِظُهُورِ قَصْدِ الدَّيْنِ مَعَ الشَّرْطِ، وَاخْتَارَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ الْكَاتِبِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَمَحَلُّ اغْتِفَارِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مَا لَمْ
(وَلَوْ) تَأَخَّرَ (بِلَا شَرْطٍ إنْ كَانَ) رَأْسُ الْمَالِ (عَيْنًا) عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَاَلَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ وَلَوْ تَأَخَّرَ لِأَجْلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ حَيْثُ تَأَخَّرَ بِلَا شَرْطٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَابْنِ حَبِيبٍ. فَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ فَلَا يُفْسَخُ إنْ كَانَ التَّأْخِيرُ بِلَا شَرْطٍ فِي الْعَقْدِ وَلَوْ لِأَجْلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لَكِنْ قَدْ يَجُوزُ التَّأْخِيرُ بِلَا شَرْطٍ وَقَدْ يُكْرَهُ. وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:
(وَجَازَ) تَأْخِيرُ رَأْسِ الْمَالِ (بِلَا شَرْطٍ إنْ كَانَ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ) بِأَنْ كَانَ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ (كَحَيَوَانٍ) وَثَوْبٍ يُعْرَفُ بِصِفَتِهِ وَلَوْنِهِ وَجَازَ (لِتَعَيُّنِهِ) فَلَا يَدْخُلُ فِي الذِّمَّةِ بِالْغَيْبَةِ عَلَيْهِ (وَلَوْ) تَأَخَّرَ (لِأَجْلِ السَّلَمِ) عَلَى الرَّاجِحِ.
(وَكُرِهَ) التَّأْخِيرُ لِرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ (إنْ كَانَ يُعَابُ عَلَيْهِ) بِأَنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ، (مِثْلِيًّا) كَانَ - كَطَعَامٍ وَصُوفٍ وَقُطْنٍ وَحَدِيدٍ لِأَنَّهُ مِمَّا يُوزَنُ - (أَوْ عَرْضًا) - كَثِيَابٍ لَا تُعْرَفُ بِعَيْنِهَا. وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ فِيمَا ذُكِرَ:(إنْ لَمْ يُحْضَرْ الْعَرْضُ) مَجْلِسَ الْعَقْدِ (أَوْ) لَمْ (يُكَلْ الطَّعَامُ) الَّذِي جُعِلَ رَأْسُ مَالٍ فِي غَيْرِ طَعَامٍ، فَإِنْ أُحْضِرَ ذَلِكَ الْعَرْضُ أَوْ كَيْلُ الطَّعَامِ لِرَبِّهِ ثُمَّ تَرَكَهُ عِنْدَ الْمُسْلَمِ فَلَا كَرَاهَةَ فِي تَأْخِيرِهِ وَلَوْ لِأَجْلِ السَّلَمِ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ الَّذِي بِهِ
ــ
[حاشية الصاوي]
يَكُنْ أَجَلُ السَّلَمِ كَيَوْمَيْنِ، وَذَلِكَ فِيمَا إذَا شَرَطَ قَبْضَهُ بِبَلَدٍ آخَرَ، وَإِلَّا فَيَجِبُ أَنْ يَقْبِضَ رَأْسَ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بِالْقُرْبِ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ] : حَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّهُ أَخَّرَ رَأْسَ الْمَالِ عَنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؛ فَإِنْ كَانَ التَّأْخِيرُ بِشَرْطٍ، فَسَدَ السَّلَمُ اتِّفَاقًا إنْ كَانَ التَّأْخِيرُ كَثِيرًا جِدًّا، وَإِنْ كَانَ التَّأْخِيرُ بِلَا شَرْطٍ فَقَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِمَالِكٍ، بِفَسَادِ السَّلَمِ وَعَدَمِ فَسَادِهِ سَوَاءٌ كَثُرَ التَّأْخِيرُ جِدًّا أَوْ لَا. وَالْمَشْهُورُ الْفَسَادُ مُطْلَقًا كَمَا فِي نَقْلِ (ح) عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ؛ وَكُلُّ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا.
قَوْلُهُ: [وَجَازَ تَأْخِيرُ رَأْسِ الْمَالِ بِلَا شَرْطٍ] إلَخْ: أَيْ وَأَمَّا مَعَ شَرْطِ التَّأْخِيرِ فَلَا يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَيَفْسُدُ كَالْعَيْنِ، قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ لِأَنَّهُ بَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ، وَبَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ لَا يُمْنَعُ إلَّا مَعَ الشَّرْطِ.
قَوْلُهُ: [وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ] : أَيْ مِنْ كَرَاهَةِ تَأْخِيرِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ إنْ كَانَ يَغْلِبُ عَلَيْهِ مِثْلِيًّا أَوْ عَرْضًا إنْ لَمْ يُحْضَرْ أَوْ يُكَلْ الطَّعَامُ، وَإِلَّا فَلَا
الْفَتْوَى، وَفِي كَلَامِ الشَّيْخِ أَوَّلًا وَآخِرًا نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ فَرَاجِعْهَا إنْ شِئْت.
(وَ) جَازَ رَأْسُ السَّلَمِ (بِمَنْفَعَةِ) شَيْءٍ (مُعَيَّنٍ) : كَسُكْنَى دَارٍ وَخِدْمَةِ عَبْدٍ وَرُكُوبِ دَابَّةٍ (مُدَّةً مُعَيَّنَةً) كَشَهْرٍ إنْ شَرَعَ فِيهَا قَبْلَ أَجَلِ السَّلَمِ (وَلَوْ انْقَضَتْ بَعْدَ أَجَلِهِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ قَبْضٌ لِلْأَوَاخِرِ، وَإِنَّمَا مُنِعَتْ الْمَنَافِعُ عَنْ دَيْنٍ لِأَنَّهُ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَالسَّلَمُ ابْتِدَاءً دِينٌ فِي دَيْنٍ وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ فَسْخِهِ، وَاحْتُرِزَ بِ " عَيْنٍ " عَلَى الْمَنْفَعَةِ الْمَضْمُونَةِ كَقَوْلِهِ: أَحْمِلُك إلَى مَكَّةَ فِي نَظِيرِ إرْدَبِّ قَمْحٍ فِي ذِمَّتِك تَدْفَعُهُ بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا.
ــ
[حاشية الصاوي]
كَرَاهَةَ بَلْ يَجُوزُ.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّ تَأْخِيرَ الْعَرْضِ وَالْحَيَوَانِ - إذَا كَانَ رَأْسُ مَالٍ عَنْ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ - إنْ كَانَ بِشَرْطٍ مُنِعَ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ بِلَا شَرْطٍ فَالْجَوَازُ فِي الْحَيَوَانِ ظَاهِرٌ، وَفِي الطَّعَامِ إنْ كِيلَ، وَفِي الْعَرْضِ إنْ أُحْضِرَ مَجْلِسَ الْعَقْدِ لِانْتِقَالِ كُلٍّ مِنْ الذِّمَّةِ لِلْأَمَانَةِ، وَلِذَلِكَ لَوْ هَلَكَ يَكُونُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا كُرِهَ فِي الطَّعَامِ وَالْعَرْضِ. هَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ بِكَرَاهَةِ تَأْخِيرِهِمَا بِلَا شَرْطٍ مُطْلَقًا وَلَوْ كِيلَ الطَّعَامُ أَوْ أُحْضِرَ الْعَرْضُ.
قَوْلُهُ: [كَسُكْنَى دَارٍ] إلَخْ: أَيْ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ أَسْلَمْتُك سُكْنَى دَارِي هَذِهِ أَوْ خِدْمَةَ عَبْدِي فُلَانٍ أَوْ رُكُوبَ دَابَّتِي هَذِهِ شَهْرًا فِي إرْدَبِّ قَمْحٍ آخُذُهُ مِنْك فِي شَهْرِ كَذَا.
قَوْلُهُ: [إنْ شَرَعَ فِيهَا] : أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ مَنْفَعَةَ الْمُعَيَّنِ - سَوَاءٌ كَانَ حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا أَوْ عَرْضًا - مُلْحَقَةٌ بِالْعَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبْضِهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، وَقَبْضًا بِقَبْضِ أَصْلِهَا ذِي الْمَنْفَعَةِ أَوْ الشُّرُوعِ فِي اسْتِيفَائِهَا مِنْهُ، فَلَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ أَصْلِهَا حِينَ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.
قَوْلُهُ: [بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ] إلَخْ: بَلْ الشُّرُوعُ فِي قَبْضِهَا كَافٍ، وَلَوْ قُلْنَا: إنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ لَيْسَ قَبْضًا لِلْأَوَاخِرِ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهِ ابْتِدَاءً دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَقَدْ اسْتَخَفُّوهُ فِي السَّلَمِ، كَذَا قِيلَ.
قَوْلُهُ: [تَدْفَعُهُ بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا] : مَحَلُّ مَنْعِ السَّلَمِ بِالْمَنَافِعِ الْمَضْمُونَةِ مَا لَمْ يَشْرَعْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي اسْتِيفَائِهَا، وَإِلَّا جَازَ كَمَا فِي الْخَرَشِيِّ تَبَعًا لِلْقَانِي قَالَ بْن وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَيَّنَةِ وَالْمَضْمُونَةِ؛ وَقَالَ الْأُجْهُورِيُّ: لَا يَجُوزُ بِالْمَنَافِعِ
(وَ) جَازَ السَّلَمُ (بِجُزَافٍ) بِشُرُوطِهِ بِجَعْلِ رَأْسِ مَالٍ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ.
(وَ) جَازَ السَّلَمُ (بِخِيَارٍ) فِي عَقْدِهِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ (فِي الثَّلَاثِ) : أَيْ ثَلَاثَةِ الْأَيَّامِ فَقَطْ وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَبْدًا أَوْ دَارًا فِي ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ: الْخِيَارُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ رَأْسِ الْمَالِ مِنْ رَقِيقٍ وَدَارٍ وَغَيْرِهِمَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْخِيَارِ. وَمَحَلُّ جَوَازِهِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ: (إنْ لَمْ يُنْقَدْ) رَأْسَ الْمَالِ وَلَوْ تَطَوُّعًا وَإِلَّا فَسَدَ. لِلتَّرَدُّدِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ.
وَشَرْطُ النَّقْدِ مُفْسِدٌ وَإِنْ لَمْ يُنْقَدْ وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ. وَمَحَلُّ الْفَسَادِ بِالنَّقْدِ تَطَوُّعًا إنْ كَانَ مِمَّا تَقْبَلُهُ الذِّمَّةُ، بِأَنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ. فَإِنْ كَانَ حَيَوَانًا مُعَيَّنًا أَوْ ثَوْبًا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَلَا يَفْسُدُ بِنَقْدِهِ تَطَوُّعًا لِعَدَمِ التَّرَدُّدِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ.
(وَ) جَازَ (رَدُّ زَائِفٍ) وُجِدَ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ بَعْدَ طُولٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
الْمَضْمُونَةُ مُطْلَقًا وَلَوْ شَرَعَ فِيهَا مُتَمَسِّكًا بِظَاهِرِ النَّقْلِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ عب وَشَارِحُنَا وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ كَمَا قَالَ فِي الْحَاشِيَة.
تَنْبِيهٌ: لَوْ وَقَعَ السَّلَمُ بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ، وَتَلِفَ ذُو الْمَنْفَعَةِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهَا رَجَعَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عَلَى الْمُسْلَمِ بِقِيمَةِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي لَمْ تُقْبَضْ وَلَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ، قِيَاسًا لِلْمَنْفَعَةِ عَلَى الدَّرَاهِمِ الزَّائِفَةِ، فَهَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الْإِجَارَةِ:" وَفُسِخَتْ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ لَا بِهِ ".
قَوْلُهُ: [بِشُرُوطِهِ] : أَيْ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قَوْلِ خَلِيلٍ " رُئِيَ إنْ " إلَخْ. وَجَازَ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ جُزَافًا بِالشُّرُوطِ وَلَوْ نَقْدًا مَسْكُوكًا حَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا، وَذَلِكَ فِي مُتَعَامَلٍ بِهِ وَزْنًا فَقَطْ.
قَوْلُهُ: [يُجْعَلُ رَأْسَ مَالٍ] : وَأَمَّا جَعْلُهُ مُسْلَمًا فِيهِ فَلَا يَصِحُّ، لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ شُرُوطِهِ: أَنْ يُرَى حِينَ الْعَقْدِ وَهُوَ مُتَعَذَّرٌ هُنَا.
قَوْلُهُ: [وَقَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ] : هُوَ ضَعِيفٌ، فَقَدْ رَدَّهُ عِيَاضٌ وَابْنُ عَرَفَةَ كَمَا قَالَ الْحَطَّابُ.
قَوْلُهُ: [إنْ لَمْ يُنْقَدْ رَأْسُ الْمَالِ وَلَوْ تَطَوُّعًا] : وَتَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَعَ نَظَائِرِهَا فِي بَابِ الْخِيَارِ.
قَوْلُهُ: [وَجَازَ رَدُّ زَائِفٍ] إلَخْ: أَيْ جَازَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَدُّ الزَّائِفِ الْمَغْشُوشِ بِأَنْ يَكُونَ الذَّهَبُ أَوْ الْفِضَّةُ مَخْلُوطَيْنِ بِنُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ، وَأَمَّا لَوْ وَجَدَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ