الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأَوَّلُ: (مُهَايَأَةٌ) : أَيْ قِسْمَةُ مُهَايَأَةٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ هَيَّأَ لِصَاحِبِهِ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ. وَيُقَالُ: تَهَايُؤٌ بِيَاءٍ تَحْتِيَّةٍ قَبْلَ الْهَمْزَةِ، وَبِهِ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ. وَيُقَالُ: أَيْضًا تَهَانُؤ بِنُونٍ قَبْلَ الْهَمْزَةِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ مِنْ الْمُهَانَأَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ هَنَّأَ صَاحِبَهُ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ، وَهَذَا الْقَسْمُ هُوَ مَا بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ كَمَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ:(وَهِيَ) أَيْ
قِسْمَةُ الْمُهَايَأَةِ
(اخْتِصَاصُ كُلِّ شَرِيكٍ عَنْ شَرِيكِهِ) فِي شَيْءٍ مُتَّحِدٍ - كَعَبْدٍ أَوْ دَارٍ - أَوْ مُتَعَدِّدٍ - كَعَبْدَيْنِ أَوْ دَارَيْنِ - (بِمَنْفَعَةِ) شَيْءٍ (مُتَّحِدٍ) كَعَبْدٍ بَيْنَهُمَا يَسْتَخْدِمُهُ أَحَدُهُمَا شَهْرًا وَالثَّانِي شَهْرًا مِثْلًا، أَوْ دَارٍ يَسْكُنُهَا أَحَدُهُمَا مُدَّةً وَالثَّانِي مِثْلَهَا (أَوْ مُتَعَدِّدٍ) كَدَارَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ يَأْخُذُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا دَارًا أَوْ عَبْدًا وَالثَّانِي يَأْخُذُ الْآخَرَ، أَوْ دَارٍ وَعَبْدٍ بَيْنَهُمَا يَأْخُذُ أَحَدُهُمَا الدَّارَ يَسْكُنُهَا، وَيَأْخُذُ الثَّانِي الْعَبْدَ يَسْتَخْدِمُهُ (فِي زَمَنٍ) مَعْلُومٍ. فَتَعْيِينُ الزَّمَنِ شَرْطٌ: إذْ بِهِ يُعْرَفُ قَدْرُ الِانْتِفَاعِ، وَإِلَّا فَسَدَتْ اتِّفَاقًا فِي الْمُتَّحِدِ وَعَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ عَرَفَةَ فِي الْمُتَعَدِّدِ، وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِهِمْ تَرْجِيحُهَا. وَطَرِيقَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ فِي الْمُتَعَدِّدِ، وَعَلَيْهَا فَإِنْ عَيَّنَ فَلَازِمَةٌ،
ــ
[حاشية الصاوي]
[الْقِسْمَةُ أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ] [
قِسْمَةُ الْمُهَايَأَةِ]
قَوْلُهُ: [مُهَايَأَةٌ] : أَيْ وَهِيَ الْإِعْدَادُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالتَّجْهِيزُ، وَيُقَالُ هَيَّأَ الشَّيْءَ لِصَاحِبِهِ أَعَدَّهُ وَجَهَّزَهُ لَهُ.
قَوْلُهُ: [وَبِهِ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ] : أَيْ خَلِيلٌ.
قَوْلُهُ: [بِنُونٍ] : أَيْ مَضْمُومَةٍ، وَيَجُوزُ قَلْبُ الْهَمْزَةِ بَعْدَهَا يَاءً، وَحِينَئِذٍ تُقْلَبُ ضَمَّةُ النُّونِ كَسْرَةً، وَيُقَالُ أَيْضًا بِالْبَاءِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ وَهَبَ لِصَاحِبِهِ الِاسْتِمْتَاعَ بِحَقِّهِ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَيَجُوزُ قَلْبُ الْهَمْزَةِ يَاءً بَعْدَ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ كَمَا تُقْلَبُ بَعْدَ النُّونِ، وَيُقَالُ فِيهَا مَا قِيلَ فِي النُّونِ. فَتَحَصَّلَ أَنَّ جُمْلَةَ الصُّوَرِ ثَمَانٍ: مُهَايَأَةٌ بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ وَمُهَانَأَةٌ بِالنُّونِ، وَمُهَابَأَةٌ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَتَهَايُؤٌ بِالْيَاءِ مَعَ الْهَمْزَةِ، وَتَهَانُؤُ بِالنُّونِ الْمَضْمُومَةِ مَعَ الْهَمْزَةِ أَوْ الْمَكْسُورَةِ مَعَ الْيَاءِ، وَتَهَايُؤ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ الْمَضْمُومَةِ مَعَ الْهَمْزَةِ أَوْ الْمَكْسُورَةِ مَعَ الْيَاءِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ] : أَيْ كَلَامُ خَلِيلٍ؛ لِأَنَّ الرَّسْمَ وَاحِدٌ.
قَوْلُهُ: [وَعَلَيْهَا فَإِنْ عَيَّنَ فَلَازِمَةٌ] : أَيْ فَالتَّعْيِينُ شَرْطٌ فِي لُزُومِهَا.
فَتَحَصَّلَ مِمَّا قَالَ الشَّارِحُ إنَّهُ إنْ عَيَّنَ الزَّمَنَ صَحَّتْ وَلَزِمَتْ فِي الْمَقْسُومِ الْمُتَّحِدِ
وَإِلَّا فَلِكُلٍّ الْفَسْخُ مَتَى شَاءَ. وَهَلْ يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الزَّمَنِ كَشَهْرٍ وَشَهْرٍ أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي أَمْثِلَةِ ذَلِكَ مَعَ بَيَانِ مَا يُشْتَرَطُ فِيهَا مِنْ عَدَمِ طُولِ الزَّمَنِ فِي الْحَيَوَانِ بِقَوْلِهِ: (كَخِدْمَةِ عَبْدٍ وَرُكُوبِ دَابَّةٍ) فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ يَوْمًا أَوْ جُمُعَةً بَلْ (وَلَوْ كَشَهْرٍ) لَا أَكْثَرَ، لِأَنَّ الْحَيَوَانَ يُسْرِعُ لَهُ التَّغَيُّرُ بِخِلَافِ الْعَقَارِ (وَسُكْنَى دَارٍ) يَسْكُنُهَا كُلٌّ مُدَّةً مُعَيَّنَةً (وَزَرْعِ أَرْضٍ) مَأْمُونَةٍ بَيْنَهُمَا يَزْرَعُهُمَا كُلٌّ مُدَّةً مُعَيَّنَةً (وَلَوْ سِنِينَ) كَثِيرَةً، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ فَلَا يَجُوزُ قَسْمُهَا مُهَايَأَةً؛ لِأَنَّهَا كَالْإِجَارَةِ يُمْنَعُ فِيهَا الْغَرَرُ، فَعُلِمَ أَنَّ شَرْطَهَا تَعْيِينُ الزَّمَنِ وَانْتِفَاءُ الْغَرَرِ. وَلِذَا لَمْ يَجُزْ طُولُ الزَّمَنِ فِي الْحَيَوَانِ وَنَحْوِهِ كَالثَّوْبِ، وَلَمْ يَجُزْ فِي أَرْضِ الزِّرَاعَةِ الْغَيْرِ الْمَأْمُونَةِ. وَهِيَ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ، فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهَا إذَا تَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ وَقَعَتْ صَحِيحَةً إلَّا بِرِضَاهُمَا أَوْ رِضَاهُمْ إنْ كَانُوا جَمَاعَةً، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:
(وَلَزِمَتْ) وَقَوْلُهُ (كَالْإِجَارَةِ) : أَيْ فِي تَعْيِينِ الزَّمَنِ وَاللُّزُومِ.
وَشَرْطُهَا أَيْضًا أَنْ تَكُونَ فِي مَنْفَعَةٍ كَرُكُوبٍ وَسُكْنَى كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَعْرِيفِهَا. (لَا) فِي (غَلَّةٍ) : أَيْ كِرَاءً، كَأَنْ يَأْخُذَ كُلٌّ مِنْهُمَا كِرَاءَ الدَّابَّةِ أَوْ الدَّارِ مُدَّةً
ــ
[حاشية الصاوي]
وَالْمُتَعَدِّدِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ فَسَدَتْ فِي الْمُتَّحِدِ اتِّفَاقًا وَفِي الْمُتَعَدِّدِ خِلَافٌ، فَابْنُ الْحَاجِبِ يَقُولُ بِصِحَّتِهَا وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ لَازِمَةٍ، وَابْنُ عَرَفَةَ يَقُولُ بِفَسَادِهَا.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ الْحَيَوَانَ يُسْرِعُ لَهُ التَّغَيُّرُ] : أَيْ وَلِأَنَّ الْمُدَّةَ الَّتِي يَقَعُ الْقَبْضُ بَعْدَهَا هُنَا كَالْمُدَّةِ فِي الْإِجَارَةِ، فَكَمَا لَا يَجُوزُ إجَارَةُ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ عَلَى أَنْ يَقْبِضَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ لَا يَجُوزُ فِي الْمُهَايَأَةِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ.
قَوْلُهُ: [يَزْرَعُهُمَا] : هَكَذَا نُسْخَةُ الْمُؤَلَّفِ بِالتَّثْنِيَةِ، وَالْمُنَاسِبُ إفْرَادُ الضَّمِيرِ.
قَوْلُهُ: [أَيْ فِي تَعْيِينِ الزَّمَنِ وَاللُّزُومِ] : الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِي اللُّزُومِ عِنْدَ تَعْيِينِ الزَّمَنِ.
قَوْلُهُ: [لَا فِي غَلَّةٍ] : مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ قَدَّرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَشَرْطُهَا أَيْضًا أَنْ تَكُونَ فِي مَنْفَعَةٍ إلَخْ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ لَا فِي غَلَّةٍ اللَّبَنُ. فَيَجُوزُ إنْ حَصَلَ فَضْلٌ بَيِّنٌ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ.