الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوْ قَبْلَ الْبِنَاءِ (وَبِمَا أَنْفَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا) قَبْلَ عُسْرِهِ لَا فِي عُسْرِهِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي النَّفَقَةِ أَنَّهَا تَسْقُطُ بِالْعُسْرِ. (كَالْمَوْتِ) : أَيْ كَمَا تُحَاصِصُ بِصَدَاقِهَا وَبِمَا أَنْفَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا فِي مَوْتِهِ. (بِخِلَافِ نَفَقَتِهَا عَلَى الْوَلَدِ) فَلَا تُحَاصِصُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْمُوَاسَاةِ. وَإِذَا لَمْ تُحَاصِصْ بِهَا (فَفِي الذِّمَّةِ) : أَيْ فَتَكُونُ فِي ذِمَّةِ زَوْجِهَا تَرْجِعُ بِهِ عِنْدَ الْيُسْرِ (إلَّا لِقَرِينَةِ تَبَرُّعٍ) مِنْهَا عَلَى الْوَلَدِ فَتَسْقُطُ. وَكَذَا لَا تُحَاصِصُ بِنَفَقَتِهَا عَلَى أَبَوَيْهِ الْفَقِيرَيْنِ.
(وَإِنْ ظَهَرَ) عَلَى الْمُفْلِسِ أَوْ الْمَيِّتِ (دَيْنٌ) لِغَرِيمٍ بَعْدَ قَسْمِ مَالِهِ (أَوْ اُسْتُحِقَّ مَبِيعٌ) مِنْ سِلَعِهِ - (وَإِنْ) بِيعَتْ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لِأَحَدِ الْغُرَمَاءِ (قَبْلَ فَلَسِهِ - رَجَعَ) الْغَرِيمُ الطَّارِئُ أَوْ مَنْ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِهِ السِّلْعَةُ (عَلَى كُلٍّ) مِنْ الْغُرَمَاءِ (بِمَا يَخُصُّهُ) فِي الْحِصَاصِ. وَلَا يَأْخُذُ مَلِيًّا عَنْ مُعْدَمٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
بْن وَالْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [وَبِمَا أَنْفَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا قَبْلَ عُسْرِهِ] : أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَا أَنْفَقَتْهُ مِنْ عِنْدِهَا أَوْ تَسَلَّفَتْهُ حَكَمَ بِهَا حَاكِمٌ أَمْ لَا.
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ نَفَقَتِهَا عَلَى الْوَلَدِ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا أَنْفَقَتْ عَلَى وَلَدِ الْمُفْلِسِ فِي حَالِ يُسْرِهِ، فَإِنَّهَا لَا تُحَاصِصُ بِهَا. وَلَكِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ فِي الْمُسْتَقْبِلِ إذَا طَرَأَ لَهُ مَالٌ إنْ لَمْ تَكُنْ مُتَبَرِّعَةً وَهَذَا مَا لَمْ يَحْكُمْ بِهَا حَاكِمٌ، وَإِلَّا حَاصَّتْ بِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ تَسَلَّفَتْهَا أَوْ مِنْ عِنْدِهَا. فَالْمُحَاصَّةُ بِهَا تَحْصُلُ بِأَمْرَيْنِ: اتِّفَاقِهَا عَلَى الْوَلَدِ فِي حَالِ يَسْرَةِ الْأَبِ، وَحُكْمِ الْحَاكِمِ بِهَا.
قَوْلُهُ: [وَكَذَا لَا تُحَاصِصُ بِنَفَقَتِهَا عَلَى أَبَوَيْهِ] إلَخْ: أَيْ إلَّا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: أَنْ يُحْكَمَ بِهَا، وَأَنْ تَتَسَلَّفَ تِلْكَ النَّفَقَةَ، وَأَنْ يَكُونَ إنْفَاقُهَا عَلَيْهِمَا حَالَ يُسْرِهِ وَهَذَا التَّفْصِيلُ لِأَصْبَغَ. وَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ: فَإِنَّهَا لَا تُحَاصِصُ بِنَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادِ مُطْلَقًا كَمَا فِي بْن وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الْمَجْمُوعِ. بَلْ تَتْبَعُ الذِّمَّةَ إنْ لَمْ تَكُنْ مُتَبَرِّعَةً وَهُوَ مُقْتَضَى شَارِحِنَا.
[ظهور دُيُون عَلَى الْمُفْلِس]
قَوْلُهُ: [وَلَا يَأْخُذُ مَلِيًّا عَنْ مُعْدَمٍ] : حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُفْلِسَ أَوْ الْمَيِّتَ إذَا اقْتَسَمَ الْغُرَمَاءُ مَالَهُ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِمْ غَرِيمٌ أَوْ شَخْصٌ اُسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ مِنْ يَدِهِ، وَالْحَالُ
وَلَا حَاضِرًا عَنْ غَائِبٍ؛ لِأَنَّهُمْ اقْتَسَمُوا مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ. إلَّا أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِ إنْ اشْتَرَى قَبْلَ الْفَلَسِ فَظَاهِرٌ؛ وَبَعْدَهُ رَجَعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الَّذِي خَرَجَ مِنْ يَدِهِ. (كَوَارِثٍ أَوْ مُوصًى لَهُ) طَرَأَ (عَلَى مِثْلِهِ) فَيَرْجِعُ الطَّارِئُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْوَرَثَةِ أَوْ الْمُوصَى لَهُمْ بِمَا يَخُصُّهُ.
(وَإِنْ اُشْتُهِرَ مَيِّتٌ بِدَيْنٍ، أَوْ عَلِمَ بِهِ الْوَارِثُ وَأَقْبِضَ) الْغُرَمَاءَ الْحَاضِرِينَ (رَجَعَ عَلَيْهِ) : أَيْ رَجَعَ الطَّارِئُ عَلَيْهِ: بِمَا ثَبَتَ لَهُ، لِتَفْرِيطِهِ وَاسْتِعْجَالِهِ؛ كَمَا لَوْ قَبَضَ لِنَفْسِهِ (ثُمَّ رَجَعَ هُوَ عَلَى الْغَرِيمِ) الَّذِي قَبَضَ مِنْهُ.
(وَلَهُ) : أَيْ لِلطَّارِئِ (الرُّجُوعُ) عَلَى الْغَرِيمِ ابْتِدَاءً فَهُوَ مُخَيَّرٌ.
ــ
[حاشية الصاوي]
أَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا بِذَلِكَ الْغَرِيمِ وَلَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ مَشْهُورًا بِالدَّيْنِ، فَإِنَّهُ يُرْجَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَّةِ الَّتِي تَنُوبُهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا، وَلَا يَأْخُذُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ. فَلَوْ كَانَ مَالُ الْمُفْلِسِ عَشَرَةً وَعَلَيْهِ لِثَلَاثَةٍ كُلُّ وَاحِدٍ عَشَرَةٌ أَحَدُهُمْ غَائِبٌ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا عِلْمٌ بِهِ اقْتَسَمَ الْحَاضِرَانِ مَالَهُ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةً ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِوَاحِدِ وَثُلُثَيْنِ. وَقَوْلُنَا: لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا عِلْمٌ بِهِ، احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ كَانَا عَالِمَيْنِ بِهِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْمَلِيءُ عَنْ الْمُعْدَمِ وَالْحَاضِرُ عَنْ الْغَائِبِ وَالْحَيُّ عَنْ الْمَيِّتِ كَمَا سَيَأْتِي: وَقَوْلُنَا: وَلَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ مَشْهُورًا بِالدَّيْنِ، احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ كَانَ مَشْهُورًا بِالدَّيْنِ فَسَيَأْتِي أَنَّ الْغَرِيمَ الطَّارِئَ يَأْخُذُ الْمَلِيَّ عَنْ الْمُعْدَمِ وَالْحَاضِرَ عَنْ الْغَائِبِ وَقَوْلُهُ: الْغَرِيمُ الطَّارِئُ، يُحْتَرَزُ بِهِ عَمَّا لَوْ حَضَرَ إنْسَانٌ قِسْمَةَ تَرِكَةِ مَيِّتٍ وَلَمْ يَدَعْ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ يَمْنَعُهُ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِدَيْنٍ، فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ حَيْثُ حَصَلَ الْقَسَمُ فِي الْجَمِيعِ. فَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ الْقَسْمِ مَا يَفِي بِدَيْنِهِ لَمْ يَسْقُطْ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ مَا تَرَكَ حَقَّهُ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ ابْنُ عَاصِمٍ فِي التُّحْفَةِ بِقَوْلِهِ:
وَحَاضِرٌ لِقَسْمِ مَتْرُوكٍ لَهُ
…
عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَكُنْ أَهْمَلَهُ
لَا يَمْنَعُ الْقِيَامَ بَعْدُ إنْ بَقِيَ
…
لِلْقَسْمِ قَدْرُ دَيْنِهِ الْمُحَقَّقِ
يَقْبِضُ مِنْ ذَلِكَ حَقًّا مَلَكَهُ
…
بَعْدَ الْيَمِينِ أَنَّهُ مَا تَرَكَهُ
قَوْلُهُ: [بِمَا يَخُصُّهُ] : أَيْ فَقَطْ وَلَا يَأْخُذُ مَلِيًّا عَنْ مُعْدَمٍ وَلَا حَاضِرًا عَنْ غَائِبٍ وَلَا حَيًّا عَنْ مَيِّتٍ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ مُشْتَهِرًا بِالدَّيْنِ أَوْ عَلِمَ الْوَارِثُ بِالطَّارِئِ وَأُقْبَضَ الْغُرَمَاءَ - كَمَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ اُشْتُهِرَ مَيِّتٌ إلَخْ.