الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ كَقِطْعَةِ أَرْضٍ مَعَ صُبْرَةِ قَمْحٍ أَوْ مَعَ إرْدَبٍّ مِنْ قَمْحٍ وَكَصُبْرَةٍ مَعَ أُخْرَى. (وَمَكِيلَيْنِ مُطْلَقًا) فَيَجُوزُ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ؛ كَمِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ أَرْضٍ وَمِثْلِهَا مِنْ أُخْرَى أَوْ مَعَ إرْدَبِّ قَمْحٍ أَوْ إرْدَبِّ قَمْحٍ مَعَ إرْدَبِّ فُولٍ بِكَذَا. (وَجُزَافٍ مَعَ عَرْضٍ) فَيَجُوزُ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ؛ كَصُبْرَةِ حَبٍّ أَوْ قِطْعَةِ أَرْضٍ مَعَ عَبْدٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يُبَاعُ جُزَافًا.
(وَجَازَ) الْبَيْعُ (عَلَى رُؤْيَةِ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ) مِنْ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ كَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ بِخِلَافِ الْمُقَوَّمِ فَلَا يَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِهِ كَثَوْبٍ مِنْ أَثْوَابٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَمَكِيلِينَ مُطْلَقًا] : أَيْ خَرَجَا عَنْ الْأَصْلِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَا، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: كَمِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ أَرْضٍ إلَخْ: تَمْثِيلٌ عَلَى سَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ أَيْضًا.
1 -
قَوْلُهُ: [وَجُزَافٌ مَعَ عَرْضٍ] : أَيْ خَرَجَ ذَلِكَ الْجُزَافُ عَنْ الْأَصْلِ أَمْ لَا، بِدَلِيلِ تَمْثِيلِ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ:[مِمَّا لَا يُبَاعُ جُزَافًا] : أَيْ وَلَا كَيْلًا كَسَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ. تَنْبِيهٌ: يَجُوزُ جُزَافَانِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ إنْ اتَّحَدَ ثَمَنُهُمَا وَصِفَتُهُمَا، كَصُبْرَتَيْ قَمْحٍ اشْتَرَاهُمَا عَلَى الْكَيْلِ كُلَّ صَاعٍ مِنْهُمَا بِدِرْهَمٍ. فَلَوْ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ فِيهِمَا - كَمَا لَوْ اشْتَرَى كُلَّ صَاعٍ مِنْ إحْدَاهُمَا بِدِرْهَمٍ وَالْأُخْرَى بِنِصْفِ دِرْهَمٍ. أَوْ اخْتَلَفَتْ الصِّفَةُ كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ أَوْ الْجُودَةُ وَالرَّدَاءَةُ - مُنِعَ وَلَوْ اتَّحَدَ الثَّمَنُ، وَلَا يُضَافُ لِجُزَافِ بَيْعٍ عَلَى كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ غَيْرُهُ مُطْلَقًا مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَعْدُودًا مِنْ جِنْسِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ. فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَبِيعَ صُبْرَةً كُلَّ قَفِيزٍ مِنْهَا بِكَذَا عَلَى أَنَّ مَعَ الْمَبِيعِ سِلْعَةَ كَذَا مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ ثَمَنٍ لَهَا بَلْ ثَمَنُهَا مِنْ جُمْلَةِ مَا اشْتَرَى بِهِ الْمَكِيلَ؛ لِأَنَّ مَا يَخُصُّ السِّلْعَةَ حِينَ الْبَيْعِ مَجْهُولٌ (اهـ. مُلَخَّصًا مِنْ الْأَصْلِ) .
[بَيْع الْمَبِيع الْغَائِب]
قَوْلُهُ: [عَلَى رُؤْيَةِ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ] : أَيْ يَجُوزُ الْعَقْدُ مُكْتَفِيًا بِذَلِكَ فِي مَعْرِفَةِ الصِّفَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ بَتًّا أَوْ عَلَى الْخِيَارِ وَلَوْ جُزَافًا؛ لِمَا مَرَّ أَنَّ رُؤْيَةَ الْبَعْضِ كَافِيَةٌ فِيهِ كَرُؤْيَةِ السَّمْنِ فِي حَلْقِ الْجَرَّةِ مَثَلًا. وَيَشْتَرِطُ فِي رُؤْيَةِ ذَلِكَ الْبَعْضِ فِي الْجُزَافِ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا كَالْمِثَالِ. قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ الْمُقَوَّمِ] : أَيْ كَعِدْلٍ مَمْلُوءٍ مِنْ الْقُمَاشِ، فَلَا تَكْفِي رُؤْيَةُ
(وَ) عَلَى رُؤْيَةِ (الصِّوَانِ) بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّهَا وَتَخْفِيفِ الْوَاوِ: مَا يَصُونَ الشَّيْءَ كَقِشْرِ الرُّمَّانِ وَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ فَلَا يُشْتَرَطُ كَسْرُ بَعْضِهِ لَيَرَى مَا فِي دَاخِلِهِ وَمِنْ ذَلِكَ الْبِطِّيخُ.
(وَ) عَلَى رُؤْيَةِ (الْبَرْنَامَجِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ: الدَّفْتَرُ الْمَكْتُوبُ فِيهِ صِفَةُ مَا فِي الْعِدْلِ مِنْ الثِّيَابِ الْمَبِيعَةِ؛ أَيْ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ ثِيَابًا مَرْبُوطَةً فِي الْعِدْلِ مُعْتَمِدًا فِيهِ عَلَى الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ فِي الدَّفْتَرِ؛ فَإِنْ وُجِدَتْ عَلَى الصِّفَةِ لَزِمَ، وَإِلَّا خُيِّرَ الْمُشْتَرِي؛ إنْ كَانَتْ أَدْنَى صِفَةٍ، فَإِنْ وَجَدَهَا أَقَلَّ عَدَدًا وَضَعَ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ بِقَدْرِهِ. فَإِنْ كَثُرَ النَّقْصُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ لَمْ يَلْزَمْهُ وَرَدَّ بِهِ الْبَيْعَ. فَإِنْ وَجَدَهَا أَكْثَرَ عَدَدًا كَانَ الْبَائِعُ شَرِيكًا مَعَهُ بِنِسْبَةِ الزَّائِدِ وَقِيلَ يَرُدُّ مَا زَادَ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَيَّ. (وَ) لَوْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَغَابَ عَلَيْهِ وَادَّعَى أَنَّهُ أَدْنَى أَوْ أَنْقَصُ مِمَّا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الْبَرْنَامَجِ (حَلَفَ الْبَائِعُ أَنَّ مَا فِي الْعَدْلِ مُوَافِقٌ لِلْمَكْتُوبِ) حَيْثُ
ــ
[حاشية الصاوي]
بَعْضِهِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الرِّوَايَاتُ تَدُلُّ عَلَى مُشَارَكَةِ الْمُقَوَّمِ لِلْمِثْلِيِّ فِي كِفَايَةِ رُؤْيَةِ الْبَعْضِ إذَا كَانَ الْمُقَوَّمُ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ (اهـ) . وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ. وَمَحَلُّ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِرُؤْيَةِ الْبَعْضِ فِيهِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَشْرِهِ إتْلَافٌ وَإِلَّا اكْتَفَى بِرُؤْيَةِ الْبَعْضِ.
قَوْلُهُ: [وُضِعَ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ بِقَدْرِهِ] : أَيْ كَمَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ. قَوْلُهُ: [لَمْ يَلْزَمْهُ وَرَدَّ بِهِ الْبَيْعَ] : أَيْ إنْ شَاءَ. وَلَا يَتَعَيَّنُ الرَّدُّ. وَلَيْسَ هَذَا مِنْ قَبِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي: وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِأَقَلَّ اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْمُعَيَّنِ وَمَا هُنَا فِي الْمَوْصُوفِ. وَإِنَّمَا اُغْتُفِرَ الِاعْتِقَادُ عَلَى الدَّفْتَرِ لِمَا فِي حَلِّ الْعِدْلِ مِنْ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ تَلْوِيثِ شَيْئِهِ وَمُؤَنِ شَدِّهِ إنْ لَمْ يَرْضَهُ الْمُشْتَرِي، فَأُقِيمَتْ الصِّفَةُ مُقَامَ الرُّؤْيَةِ وَإِنْ كَانَ الشَّيْءُ حَاضِرًا. قَوْلُهُ:[حَلَفَ الْبَائِعُ] إلَخْ: حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ: أَنَّ الْمُشْتَرِيَ عَلَى الْبَرْنَامَجِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ قَبْضِ الْمَتَاعِ - وَغَابَ عَلَيْهِ أَوْ تَلِفَ الْبَرْنَامَجُ - عَدِمَ مُوَافَقَةَ مَا فِي الْعِدْلِ لِمَا فِي الْبَرْنَامَجِ وَادَّعَى الْبَائِعُ الْمُوَافَقَةَ، فَإِنَّ الْبَائِعَ يَحْلِفُ أَنَّ مَا فِي الْعِدْلِ مُوَافِقٌ لِلْمَكْتُوبِ فِي الْبَرْنَامَجِ وَهَذَا إذَا قَبَضَهُ عَلَى تَصْدِيقِ الْبَائِعِ فَإِنْ قَبَضَهُ عَلَى أَنَّ
أَنْكَرَ مَا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي: أَيْ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِيَمِينِهِ؛ (وَإِلَّا) بِأَنْ نَكَلَ (حَلَفَ الْمُشْتَرِي وَرَدَّ الْبَيْعَ) وَحَلَفَ أَنَّهُ مَا بَدَّلَ فِيهِ وَأَنَّ هَذَا هُوَ الْمُبْتَاعُ بِعَيْنِهِ، فَإِنْ نَكَلَ كَالْبَائِعِ لَزِمَهُ. (كَدَافِعٍ لِدَرَاهِمَ) كَانَتْ عَلَيْهِ دَيْنًا أَوْ أَقْرَضَهَا لِغَيْرِهِ (ادَّعَى عَلَيْهِ) : أَيْ ادَّعَى عَلَيْهِ آخِذُهَا (أَنَّهَا رَدِيئَةٌ أَوْ نَاقِصَةٌ) ، فَالْقَوْلُ لِدَافِعِهَا بِيَمِينٍ أَنَّهُ مَا دَفَعَ إلَّا جِيَادًا أَوْ كَامِلَةً، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ آخِذُهَا وَرَدَّهَا أَوْ كَمَّلَ لَهُ دَافِعُهَا النَّقْصَ. وَهَذَا إذَا قَبَضَهَا آخِذُهَا عَلَى الْمُفَاضَلَةِ. فَإِنْ قَبَضَهَا لِيَزِنَهَا أَوْ لِيَنْظُرَ فِيهَا فَالْقَوْلُ لِلْقَابِضِ بِيَمِينِهِ.
(وَ) جَازَ (بَيْعٌ) لِسِلْعَةٍ (عَلَى الصِّفَةِ) لَهَا مِنْ غَيْرِ بَائِعِهَا بَلْ (وَإِنْ مِنْ الْبَائِعِ، إنْ لَمْ يَكُنْ) الْمَبِيعُ (فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ)
ــ
[حاشية الصاوي]
الْمُشْتَرِيَ مُصَدِّقٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي. وَكَذَا إذَا قَبَضَهُ لِيُقَلِّبَ وَيَنْظُرَ، قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ نَقْلًا عَنْ اللَّخْمِيِّ اهـ. (بْن) . إنْ قُلْت: الْقَاعِدَةُ أَنَّ الَّذِي يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا الْمُدَّعِي؟ وَهُنَا قَدْ حَلَفَ الْبَائِعُ وَهُوَ مُدَّعٍ لِلْمُوَافَقَةِ. قُلْت: الْبَائِعُ وَإِنْ ادَّعَى الْمُوَافَقَةَ إلَّا أَنَّهُ فِي الْمَعْنَى مُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ مَنْ تَرَجَّحَ قَوْلُهُ بِمَعْهُودٍ أَوْ أَصْلٍ وَالْأَصْلُ هُنَا الْمُوَافَقَةُ.
قَوْلُهُ: [حَلَفَ الْمُشْتَرِي] : أَيْ عَلَى الْمُخَالَفَةِ.
قَوْلُهُ: [إنَّهُ مَا دَفَعَ إلَّا جِيَادًا] : تَصْوِيرٌ لِصِيغَةِ مُتَعَلَّقِ يَمِينِهِ وَيَحْلِفُ فِي نَقْصِ الْعَدَدِ عَلَى الْبَتِّ وَفِي نَقْصِ الْوَزْنِ وَالْغِشِّ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ دَرَاهِمِهِ فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فِيهِمَا. وَقِيلَ: يَحْلِفُ فِي نَقْصِ الْوَزْنِ عَلَى الْبَتِّ مُطْلَقًا كَنَقْصِ الْعَدَدِ وَاعْتَمَدَهُ فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [وَجَازَ بَيْعٌ لِسِلْعَةٍ عَلَى الصِّفَةِ] : أَيْ عَلَى الْبَتِّ أَوْ الْخِيَارِ أَوْ السُّكُوتِ.
قَوْلُهُ: [بَلْ وَإِنْ مِنْ الْبَائِعِ] : رَدٌّ بِالْمُبَالَغَةِ عَلَى مَنْ مَنَعَ الشِّرَاءَ عَلَى اللُّزُومِ مُعْتَمِدًا عَلَى وَصْفِ الْبَائِعِ، فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ الشَّيْءُ بِوَصْفِ بَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوثَقُ بِوَصْفِهِ إذْ يَقْصِدُ الزِّيَادَةَ فِي الصِّفَةِ لِإِنْفَاقِ السِّلْعَةِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا ارْتَضَاهُ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ مِنْ جَوَازِ الْبَيْعِ بِوَصْفِ الْبَائِعِ. نَعَمْ لَا يَجُوزُ النَّقْدُ فَهُوَ
بِأَنْ كَانَ غَائِبًا عَنْ مَجْلِسِهِ (وَإِنْ) كَانَ (بِالْبَلَدِ) . فَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ حُضُورُهُ.
(وَإِلَّا) يَكُنْ غَائِبًا عَنْهُ (فَلَا) يَصِحُّ بَيْعُهُ عَلَى الصِّفَةِ وَلَا (بُدَّ مِنْ الرُّؤْيَةِ) لَهُ لِتَيَسُّرِ عِلْمِ الْحَقِيقَةِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي فَتْحِهِ ضَرَرٌ) لِلْمَبِيعِ (أَوْ فَسَادٌ لَهُ) فَيَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الصِّفَةِ، ثُمَّ إنْ وَجَدَهُ عَلَيْهَا فَالْبَيْعُ لَازِمٌ وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ. (وَ) جَازَ الْبَيْعُ (عَلَى رُؤْيَةٍ) سَابِقَةٍ لِلْمَبِيعِ (إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ بَعْدَهَا عَادَةً) إلَى وَقْتِ الْعَقْدِ، وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْيَاءِ: مِنْ فَاكِهَةٍ وَثِيَابٍ وَحَيَوَانٍ وَعَقَارٍ، فَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ التَّغَيُّرَ لَمْ يَجُزْ عَلَى الْبَتِّ.
(وَ) جَازَ عَلَى الْخِيَارِ (إنْ لَمْ يَبْعُدْ) مَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ أَوْ الرُّؤْيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (جِدًّا) . فَإِنْ بَعُدَ جِدًّا (كَخُرَاسَانَ) بِالْمَشْرِقِ (مِنْ إفْرِيقِيَّةَ) بِالْمَغْرِبِ مِمَّا يُظَنُّ فِيهِ التَّغَيُّرُ قَبْلَ إدْرَاكِهِ عَلَى صِفَتِهِ لَمْ يَجُزْ (إلَّا عَلَى خِيَارٍ بِالرُّؤْيَةِ) أَيْ عَلَى
ــ
[حاشية الصاوي]
شَرْطٌ فِي النَّقْدِ عِنْدَهُمَا لَا فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ فَمَتَى كَانَ الْوَصْفُ مِنْ الْبَائِعِ مُنِعَ النَّقْدُ كَانَ تَطَوُّعًا أَوْ بِشَرْطٍ كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ كَمَا ارْتَضَاهُ فِي الْحَاشِيَةِ. قَوْلُهُ: [بِأَنْ كَانَ غَائِبًا عَنْ مَجْلِسِهِ] : حَاصِلُهُ أَنَّ الْغَائِبَ إذَا بِيعَ بِالصِّفَةِ عَنْ اللُّزُومِ فَلَا بُدَّ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ مِنْ كَوْنِهِ غَائِبًا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ. وَأَمَّا مَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ بِالْخِيَارِ أَوْ بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ بِلَا وَصْفٍ أَوْ عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ بَتًّا أَوْ خِيَارًا فَلَا يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ غَيْبَةُ بَلْ يَجُوزُ وَلَوْ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي فَتْحِهِ فَسَادٌ.
قَوْلُهُ: [فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ عَلَى الصِّفَةِ] : أَيْ لُزُومًا. قَوْلُهُ: [وَجَازَ الْبَيْعُ عَلَى رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ] : فَإِنْ حَصَلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي ادَّعَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي رَآهُ عَلَيْهَا وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ عَلَيْهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ بِيَمِينِهِ إنْ حَصَلَ شَكٌّ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ: هَلْ تِلْكَ الْمُدَّةُ تُغَيِّرُ الْمَبِيعَ أَمْ لَا؟ فَإِنْ قَطَعَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِعَدَمِ التَّغَيُّرِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ، أَوْ بِالتَّغَيُّرِ فَلِلْمُشْتَرِي بِلَا يَمِينٍ. وَإِنْ رَجَحَتْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ.
خِيَارِ الْمُشْتَرِي عِنْدَ رُؤْيَتِهِ (فَيَجُوزُ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ أَوْ الرُّؤْيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ بَعُدَ أَوْ لَمْ يَبْعُدْ (إنْ لَمْ يَنْقُدْ) : أَيْ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ نَقْدَ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ. فَإِنْ شَرَطَ لَمْ يَجُزْ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ اثْنَتَيْ عَشَرَ صُورَةً؛ لِأَنَّهُ: إمَّا أَنْ يُبَاعَ عَلَى الصِّفَةِ، أَوْ عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ، أَوْ بِدُونِهِمَا، وَفِي كُلٍّ: إمَّا أَنْ يُبَاعَ عَلَى الْبَتِّ، أَوْ عَلَى الْخِيَارِ بِالرُّؤْيَةِ، وَفِي كُلٍّ: إمَّا أَنْ يَكُونَ بَعِيدًا جِدًّا أَوْ لَا. فَإِنْ كَانَ عَلَى الْخِيَارِ جَازَ مُطْلَقًا إنْ لَمْ يَنْقُدْ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْبَتِّ جَازَ؛ إلَّا فِيمَا بِيعَ بِدُونِهِمَا - قَرُبَ أَوْ بَعُدَ لِلْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ - أَوْ كَانَ يَتَغَيَّرُ عَادَةً أَوْ بَعِيدًا جِدًّا، وَأَمَّا إنْ كَانَ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْعَقْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي فَتْحِهِ مَشَقَّةٌ أَوْ فَسَادٌ فَيُبَاعُ بِالْوَصْفِ أَوْ عَلَى مَا فِي الْبَرْنَامَجِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَيْ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ] إلَخْ: لَا مَفْهُومَ لَهُ، بَلْ يُمْنَعُ النَّقْدُ وَلَوْ تَطَوُّعًا لِمَا يَأْتِي لَهُ فِي بَابِ الْخِيَارِ فِي قَوْلِهِ: وَمُنِعَ وَإِنْ بِلَا شَرْطٍ فِي كُلِّ مَا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ عَنْ مُدَّةِ الْخِيَارِ كَمُوَاضَعَةٍ وَغَائِبٍ إلَخْ.
قَوْلُهُ: [جَازَ مُطْلَقًا] : أَيْ فِي سِتِّ صُوَرٍ، وَهِيَ: عَلَى الصِّفَةِ، أَوْ رُؤْيَةٍ، مُتَقَدِّمَةٍ، أَوْ بِدُونِهِمَا، وَفِي كُلٍّ: قَرُبَ أَوْ بَعُدَ. قَوْلُهُ: [وَإِنْ كَانَ عَلَى الْبَتِّ جَازَ] : أَيْ فِي صُورَتَيْنِ، وَهُمَا: الصِّفَةُ، وَالرُّؤْيَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَلَمْ يَبْعُدْ جِدًّا فِيهِمَا. وَمَفْهُومُهُ صُورَتَانِ وَهُمَا: الصِّفَةُ، وَالرُّؤْيَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ مَعَ الْبُعْدِ جِدًّا.
قَوْلُهُ: [إلَّا فِيمَا بِيعَ بِدُونِهِمَا] إلَخْ: تَحْتَهُ صُورَتَانِ مَمْنُوعَتَانِ أَيْضًا، فَالْمَمْنُوعُ أَرْبَعٌ وَالْجَائِزُ ثَمَانٍ، وَهَذَا كُلُّهُ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ النَّقْدِ وَعَدَمِهِ. وَأَمَّا إنْ نَظَرَ لَهُمَا كَانَتْ الصُّوَرُ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ عَلِمْت مِنْ حَاصِلِ الشَّارِحِ الِاثْنَتَيْ عَشَرَةَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَرْطُ النَّقْدِ. وَأَمَّا الِاثْنَتَا عَشَرَةَ الَّتِي فِيهَا شَرْطُ النَّقْدِ فَحَاصِلُهَا أَنَّ السِّتَّ الَّتِي فِيهَا الْخِيَارُ يُمْنَعُ فِيهَا شَرْطُ النَّقْدِ، وَكَذَا إذَا بِيعَ لَا عَلَى صِفَةٍ وَلَا عَلَى رُؤْيَةٍ بِاللُّزُومِ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ؛ فَهَاتَانِ صُورَتَانِ. وَبَقِيَ أَرْبَعٌ: وَهِيَ الْمَبِيعُ بِالصِّفَةِ، أَوْ الرُّؤْيَةُ السَّابِقَةُ عَلَى اللُّزُومِ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ؛ فَيَجُوزُ بِشُرُوطٍ تُؤْخَذُ مِنْ الْمُصَنِّفِ وَالشَّرْحِ وَسَنَذْكُرُهَا بَعْدُ فَلْيُحْفَظْ.
(وَضَمَانُهُ) : أَيْ الْمَبِيعِ غَائِبًا عَلَى الصِّفَةِ أَوْ بِرُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ (مِنْ الْمُشْتَرِي) : أَيْ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِالْعَقْدِ (إنْ كَانَ عَقَارًا) وَلَوْ بِيعَ عَلَى الْمُذَارَعَةِ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: إنْ بِيعَتْ الدَّارُ مُذَارَعَةً فَالضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ بِلَا إشْكَالٍ (وَأَدْرَكَتْهُ الصَّفْقَةُ سَالِمًا) .
(وَإِلَّا) يَكُنْ عَقَارًا أَوْ أَدْرَكَتْهُ الصَّفْقَةُ مَعِيبًا (فَمِنْ الْبَائِعِ) الضَّمَانُ (إلَّا لِشَرْطٍ فِيهِمَا) : أَيْ إلَّا لِشَرْطٍ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي الْعَقَارِ أَنَّهُ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ مِنْ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي غَيْرِهِ فَيُعْمَلُ بِهِ. (وَقَبْضُهُ) : أَيْ الْمَبِيعِ غَائِبًا؛ أَيْ الْخُرُوجُ لَهُ (عَلَى الْمُشْتَرِي) . (وَ) يَجُوزُ (النَّقْدُ فِيهِ تَطَوُّعًا) مُطْلَقًا - عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ - (كَبِشَرْطٍ) : أَيْ كَمَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ بِشَرْطٍ (إنْ كَانَ) الْمَبِيعُ الْغَائِبُ عَلَى الصِّفَةِ أَوْ بِرُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ (عَقَارًا) عَلَى اللُّزُومِ وَلَوْ بَعْدَ لَا جِدًّا؛ لِأَنَّ شَأْنَهُ أَلَّا يُسْرِعَ إلَيْهِ التَّغَيُّرُ، إلَّا أَنْ يَصِفَهُ بَائِعُهُ فَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ بِشَرْطٍ، وَيَجُوزُ تَطَوُّعًا.
(أَوْ) كَانَ غَيْرَ عَقَارٍ، وَ (قَرُبَ كَيَوْمٍ وَنَحْوِهِ) يَوْمٌ ثَانٍ لَا أَكْثَرَ لِأَنَّ الشَّأْنَ عَدَمُ التَّغَيُّرِ فِي الْيَوْمَيْنِ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ أَوْ الْوَصْفِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَلَوْ بِيعَ عَلَى الْمُذَارَعَةِ] : أَيْ الرَّاجِحُ كَمَا أَفَادَهُ (ر) وَمَحَلُّ كَوْنِ الضَّمَانِ مِنْ الْمُشْتَرِي إذَا لَمْ تَحْصُلْ مُنَازَعَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَائِعِ فِي أَنَّ الْعَقْدَ صَادَفَ الْمَبِيعَ هَالِكًا أَوْ سَالِمًا، فَإِنْ حَصَلَتْ مُنَازَعَةٌ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي وَالضَّمَانُ عَلَى الْبَائِعِ؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ انْتِفَاءُ الضَّمَانِ عَنْ الْمُشْتَرِي. وَعَزَاهُ فِي التَّوْضِيحِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ (اهـ. خَرَشِيٌّ) .
قَوْلُهُ: [عَلَى الْمُشْتَرِي] : أَيْ وَشَرْطُهُ عَلَى بَائِعِهِ مَعَ كَوْنِ ضَمَانِهِ مِنْهُ يُفْسِدُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ عَلَيْهِ الْمُبْتَاعُ الْإِتْيَانَ بِهِ صَارَ كَوَكِيلِهِ فَانْتَفَى عَنْهُ الضَّمَانُ، فَشَرْطُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ مُوجِبٌ لِلْفَسَادِ. وَإِنْ كَانَ ضَمَانُهُ فِي إتْيَانِهِ مِنْ مُبْتَاعِهِ فَجَائِزٌ وَهُوَ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ، كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ. قَوْلُهُ:[وَيَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ تَطَوُّعًا] : حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَبِيعَ الْغَائِبَ بِالصِّفَةِ عَلَى اللُّزُومِ يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ تَطَوُّعًا سَوَاءٌ كَانَ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ. وَإِنْ كَانَ عَلَى الْخِيَارِ مُنِعَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية الصاوي]
النَّقْدُ مُطْلَقًا عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ النَّقْدِ تَطَوُّعًا - إذَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ اللُّزُومُ وَكَوْنُ الْوَاصِفِ لَهُ غَيْرَ الْبَائِعِ؟ لِأَنَّ وَصْفَهُ يَمْنَعُ مِنْ جَوَازِ النَّقْدِ وَلَوْ تَطَوُّعًا، وَهُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ فِي الْحَاشِيَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. أَوْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ؟ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ (بْن) فَإِنَّهُ نَازَعَ فِي كَوْنِ وَصْفِ الْبَائِعِ مِنْ جَوَازِ النَّقْدِ تَطَوُّعًا. وَأَمَّا النَّقْدُ بِشَرْطٍ فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا فَيَجُوزُ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ: أَنْ يَكُونَ عَلَى اللُّزُومِ، وَالْوَاصِفُ لَهُ غَيْرَ بَائِعِهِ وَأَنْ لَا يَبْعُدَ جِدًّا. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَقَارٍ فَيَجُوزُ بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ: أَنْ تَقْرُبَ غَيْبَتُهُ كَيَوْمَيْنِ، وَالْبَيْعُ عَلَى اللُّزُومِ، وَالْوَاصِفُ لَهُ غَيْرُ الْبَائِعِ، وَلَيْسَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ. فَإِنْ تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْهَا مُنِعَ شَرْطُ النَّقْدِ.