الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا يُفَوِّتُ الْمَغْصُوبَ فَقَالَ: (وَفَاتَ) الْمِثْلِيُّ وَكَذَا الْمُقَوَّمُ (بِتَغَيُّرِ ذَاتِهِ) عِنْدَ الْغَاصِبِ بِهُزَالٍ أَوْ عَرَجٍ أَوْ عَوَرٍ وَنَحْوِهَا، فَأَوْلَى ذَهَابُ عَيْنِهِ بِمَوْتٍ أَوْ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ ضَيَاعٍ وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَنَقْلِهِ) لِبَلَدٍ وَلَوْ لَمْ وَيَكُنْ فِيهِ كُلْفَةٌ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَمَعَ الْكُلْفَةِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا. (وَدُخُولِ صَنْعَةٍ فِيهِ) : أَيْ فِي الْمَغْصُوبِ (كَنُقْرَةٍ) : أَيْ قِطْعَةٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَنُحَاسٍ أَوْ حَدِيدٍ (صِيغَتْ) حُلِيًّا أَوْ آنِيَةً (وَطِينٍ لُبِّنَ) بِضَمِّ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ بِالْكَسْرِ أَيْ جُعِلَ لَبِنًا بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَأَوْلَى الْبِنَاءُ بِهِ (وَقَمْحٍ) مَثَلًا (طُحِنَ) وَدَقِيقٍ عُجِنَ وَعَجِينِ خُبْزٍ، فَإِنَّهُ فَوَاتٌ هُنَا. بِخِلَافِهِ فِي الرِّبَوِيَّاتِ فَلَمْ يَجْعَلُوهُ نَاقِلًا، فَمَنَعُوا التَّفَاضُلَ بَيْنَهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ احْتِيَاطًا لِلرِّبَا، وَهُنَا احْتَاطُوا لِلْغَاصِبِ فَلَمْ يُضَيِّعُوا كُلْفَةَ فِعْلِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ - وَإِنْ ظَلَمَ - لَا يُظْلَمُ: وَقَالَ أَشْهَبُ: إنَّهُ لَا يُنْقَلُ هُنَا كَالرِّبَوِيَّاتِ وَالظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ (وَحَبٍّ بُذِرَ) وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " زَرْعٌ ".
وَمَتَى حَصَلَ فَوَاتٌ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، بَلْ يَتَعَيَّنُ أَخْذُ مِثْلِهِ إلَّا بِرِضَا الْغَاصِبِ، وَإِنْ كَانَ مُقَوَّمًا خُيِّرَ رَبُّهُ بَيْنَ
ــ
[حاشية الصاوي]
[مَا يَفُوتُ بِهِ الْمَغْصُوب]
قَوْلُهُ: [وَنَحْوِهَا] : أَيْ كَالطَّحْنِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَسَيَذْكُرُ أَمْثِلَةَ ذَلِكَ بَعْدُ.
قَوْلُهُ: [وَدُخُولِ صَنْعَةٍ] : عَطْفُ خَاصٍّ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ بِتَغَيُّرِ ذَاتِهِ.
قَوْلُهُ: [حُلِيًّا أَوْ آنِيَةً] : أَيْ أَوْ ضُرِبَتْ دَرَاهِمَ.
قَوْلُهُ: [وَقَالَ أَشْهَبُ] إلَخْ: كَلَامُهُ وَإِنْ كَانَ وَجِيهًا غَيْرَ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ.
قَوْلُهُ: [وَحَبٍّ بُذِرَ] : الْبَذْرُ إلْقَاءُ الْحَبِّ عَلَى الْأَرْضِ فَمَتَى حَصَلَ وَإِنْ لَمْ يُغَطِّهِ طِينُ الْأَرْضِ كَانَ مُفَوَّتًا.
[فَرْعٌ ضمان جَنِين الْحَيَوَان الْحَامِل]
قَوْلُهُ: [إلَّا بِرِضَا الْغَاصِبِ] : أَيْ إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ، وَأَمَّا مِثْلُ بَذْرِ الْحَبِّ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ مُقَوَّمًا] : حَذَفَ كَانَ مَعَ اسْمِهَا وَأَبْقَى خَبَرَهَا وَهُوَ جَائِزٌ لِقَوْلِ ابْنِ مَالِكٍ:
وَيَحْذِفُونَهَا وَيُبْقُونَ الْخَبَرْ
…
وَبَعْدَ إنْ وَلَوْ كَثِيرًا ذَا اشْتُهِرْ
أَخْذِهِ أَوْ أَخْذِ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَبَيْضٍ أَفْرَخَ) بَعْدَ غَصْبِهِ، فَلِرَبِّهِ مِثْلُ الْبَيْضِ لَا الْفِرَاخُ (إلَّا) إنْ غَصَبَ (مَا) أَيْ طَيْرًا (بِأَرْضٍ) عِنْدَ الْغَاصِبِ ثُمَّ أَفْرَخَ (إنْ حَضَنَ) الطَّيْرُ الْمَغْصُوبُ بَيْضَ نَفْسِهِ فَالطَّيْرُ وَفِرَاخُهُ لِرَبِّهَا وَأَوْلَى إنْ غَصَبَ الطَّيْرَ وَبَيْضَهُ (وَعَصِيرٍ تَخَمَّرَ) بَعْدَ غَصْبٍ فَلِرَبِّهِ مِثْلُ الْعَصِيرِ لِفَوَاتِهِ بِالتَّخْمِيرِ:(وَإِنْ تَخَلَّلَ) الْعَصِيرُ عِنْدَ الْغَاصِبِ (خُيِّرَ) رَبُّهُ فِي أَخْذِهِ خَلًّا أَوْ مِثْلَ عَصِيرِهِ إنْ عَلِمَ قَدْرَهُ، وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ؛ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّ الْجُزَافَ يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ إذَا فَاتَ: فَالنُّقْرَةُ إذَا فَاتَتْ بِالصِّيَاغَةِ وَالطِّينُ إذَا لُبِّنَ وَنَحْوُهُمَا - إذَا لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهُمَا - فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِلْقِيمَةِ، وَلَا يَرْجِعُ لِلْمِثْلِ إلَّا إذَا عَلِمَ الْقَدْرَ وَزْنًا وَكَيْلًا أَوْ عَدَدًا وَالطِّينُ مِمَّا يُعْلَمُ قَدْرُهُ بِالْكَيْلِ بِنَحْوِ قُفَّةٍ.
(وَقِيمَةَ الْمُقَوَّمِ) عَطْفٌ عَلَى " مِثْلَ الْمِثْلِيِّ ": أَيْ وَضَمِنَ قِيمَةَ الْمُقَوَّمِ مِنْ عَرَضٍ أَوْ حَيَوَانٍ (وَ) قِيمَةَ (مَا أُلْحِقَ بِهِ) : أَيْ بِالْمُقَوَّمِ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ إذَا فَاتَ عِنْدَ الْغَاصِبِ (كَغَزْلٍ وَحُلِيٍّ وَآنِيَةٍ) مِنْ مَعْدِنٍ، فَإِنَّهَا إذَا فَاتَتْ بِنَسْجٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَبَيْضٍ أَفْرَخَ بَعْدَ غَصْبِهِ] : يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ بَيْضًا فَحَضَنَتْهُ دَجَاجَةٌ وَأَفْرَخَ فَعَلَيْهِ مِثْلُ الْبَيْضِ لِرَبِّهِ وَالْفِرَاخُ لِلْغَاصِبِ لِفَوَاتِ الْبَيْضِ بِخُرُوجِ الْفِرَاخِ مِنْهُ.
قَوْلُهُ: [فَالطَّيْرُ وَفِرَاخُهُ لِرَبِّهَا] : أَيْ فَلَا يُعَدُّ إفْرَاخُ بَيْضِهِ مُفَوِّتًا لِتَبَعَتِهِ لِلطَّيْرِ وَالطَّيْرُ لَمْ يَفُتْ.
قَوْلُهُ: [وَأَوْلَى إنْ غَصَبَ الطَّيْرَ وَبَيْضَهُ] : أَيْ وَأَفْرَخَ ذَلِكَ الْبَيْضُ عِنْدَهُ بِسَبَبِ حَضْنِ الطَّيْرِ لَهُ فَالْأُمُّ وَالْفِرَاخُ لِرَبِّهِ وَكَذَا إذَا غَصَبَ مِنْ شَخْصٍ. دَجَاجَةً وَبَيْضًا لَيْسَ مِنْهَا وَحَضَنَتْهُ تَحْتَهَا، فَإِنَّ الْأُمَّ وَالْفِرَاخَ لِرَبِّهَا وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْغَاصِبِ، فَإِنْ كَانَا لِشَخْصَيْنِ فَلِرَبِّ الْبَيْضِ مِثْلُهُ وَتَرْجِعُ الدَّجَاجَةُ لِرَبِّهَا وَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ كِرَاءُ مِثْلِهَا فِي حَضْنِهَا وَالْفِرَاخُ لِلْغَاصِبِ.
فَرْعٌ: لَوْ مَاتَ حَيَوَانٌ حَامِلٌ فَأَخْرَجَ رَجُلٌ مَا فِي بَطْنِهِ مِنْ الْحَمْلِ وَعَاشَ فَالْوَلَدُ لِرَبِّ الْحَيَوَانِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ عِلَاجِ الْمُخْرَجِ كَمَا فِي عب.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ تَخَلَّلَ الْعَصِيرُ] إلَخْ: أَيْ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ تَخَمُّرِهِ.
قَوْلُهُ: [خُيِّرَ رَبُّهُ] : أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا.