الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَذَا يَجُوزُ مُسَاقَاتُهُ عَلَى حَوَائِطَ مُتَعَدِّدَةٍ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ إنْ اتَّفَقَ الْجُزْءُ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ. وَأَمَّا فِي عُقُودٍ فَيَجُوزُ مَعَ اخْتِلَافِهِ وَاتِّحَادِهِ. ثُمَّ إنَّ الْمُسَاقَاةَ إنْ وَقَعَتْ فِي سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا بُدَّ مِنْ تَوْقِيتِهَا بِوَقْتٍ يَنْتَهِي بِهِ الْجُذَاذُ سَوَاءٌ وَقَعَ بِلَفْظِ الْجُذَاذِ أَوْ بِشَهْرٍ يَقْتَضِي ذَلِكَ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُوَقَّتَ بِزَمَانٍ يَزِيدُ عَلَى الْجُذَاذِ عَادَةً لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الْعَامِلِ، وَهُوَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ.
(فَإِنْ لَمْ تُوَقَّتْ) بِوَقْتٍ (فَالْجُذَاذُ) أَيْ فَانْتِهَاؤُهَا الْجُذَاذُ. فَإِذَا كَانَتْ الْأَنْوَاعُ لَا تَخْتَلِفُ كَالنَّخْلِ وَالرُّمَّانِ فَظَاهِرٌ (وَ) إذَا كَانَتْ تَخْتَلِفُ وَتَتَمَيَّزُ الْبَطْنُ الْأُولَى عَنْ الثَّانِيَةِ (حُمِلَتْ عَلَى أَوَّلِ بَطْنٍ) إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ دُخُولُ الثَّانِيَةِ. فَإِذَا كَانَتْ بُطُونُهُ لَا تَتَمَيَّزُ - كَالنَّبْقِ وَالْجُمَّيْزِ وَالتُّوتِ - حُمِلَتْ عَلَى آخِرِ بَطْنٍ.
(وَشَرْطُ) صِحَّةِ مُسَاقَاةِ (الزَّرْعِ) زِيَادَةً عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَالْقَصَبِ) الْحُلْوِ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ (وَالْبَصَلِ وَالْمِقْثَاةِ) : بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَمِنْهَا الْبَاذِنْجَانُ وَالْقَرْعُ ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ: (عَجْزُ رَبِّهِ) عَنْ الْقِيَامِ بِهِ.
(وَ) الثَّانِي: (خَوْفُ هَلَاكِهِ) لَوْ لَمْ يَقُمْ بِشَأْنِهِ مِنْ سَقْيٍ وَعَمَلٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَكَذَا يَجُوزُ] : تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ: " وَجَازَ مُسَاقَاةٌ سِنِينَ " إلَخْ أَيْ: فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ السِّنِينَ فِي حَائِطٍ وَاحِدٍ أَوْ حَوَائِطَ بِالشَّرْطَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ.
قَوْلُهُ: [إنْ اتَّفَقَ الْجُزْءُ] : أَيْ وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً فِي النَّوْعِ وَالصِّفَةِ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ صَادِقٌ بِمَا إذَا اتَّحَدَ الْعَامِلُ وَرَبُّ الْحَائِطِ أَوْ تَعَدَّدَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ اتَّحَدَ أَحَدُهُمَا وَتَعَدَّدَ الْآخَرُ، وَهُوَ صَحِيحٌ مُطَابِقٌ لِمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ كَمَا فِي الْخَرَشِيِّ.
قَوْلُهُ: [يَنْتَهِي بِهِ الْجُذَاذُ] : مَثَلًا، إلَّا إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ ثَلَاثَ سِنِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ شَهْرًا فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الِانْتِهَاءُ شَهْرًا يَكُونُ فِيهِ الْجُذَاذُ.
[شَرْطُ صِحَّةِ مُسَاقَاةِ الزُّرُوعِ]
[تَنْبِيه مَا يُجْنَى ثَمَره وَيَبْقَى أصله]
قَوْلُهُ: [عَجْزُ رَبِّهِ] : وَمِنْ الْعَجْزِ اشْتِغَالُهُ عَنْهُ بِالسَّفَرِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْبَاجِيِّ.
قَوْلُهُ: [خَوْفُ هَلَاكِهِ] : أَيْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَجْزِ رَبِّهِ خَوْفُ هَلَاكِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْجَزُ رَبُّهُ وَالسَّمَاءُ تَسْقِي الزَّرْعَ. وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ صَرِيحٌ فِي اشْتِرَاطِ هَذَا الشَّرْطِ كَمَا
(وَ) الثَّالِثُ (بُرُوزُهُ) مِنْ أَرْضِهِ لِيُشَابِهَ الشَّجَرَ. وَأَمَّا إذَا شُرِطَ أَلَّا يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، وَأَلَّا يَكُونَ مِمَّا لَا يُخْلِفُ احْتِرَازًا عَنْ نَحْوِ الْقَضْبِ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْقُرْطِ فَمَعْلُومٌ مِمَّا تَقَدَّمَ فَلَا حَاجَةَ لِزِيَادَتِهِمَا هُنَا.
(وَ) إذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ وَجَازَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى الزَّرْعِ وَنَحْوِهِ، وَكَانَ فِي الْأَرْضِ شَجَرٌ قَلِيلٌ مُتَفَرِّقٌ (دَخَلَ) فِي الْمُسَاقَاةِ (شَجَرٌ تَبِعَ زَرْعًا) : بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ قَدْرَ ثُلُثِ قِيمَةِ الزَّرْعِ فَأَقَلَّ، فَيَدْخُلُ الشَّجَرُ لُزُومًا عَلَى الْجُزْءِ الْمُشْتَرَطِ فِي الزَّرْعِ، وَلَا يَجُوزُ إلْغَاؤُهُ لِلْعَامِلِ أَوْ لِرَبِّهِ، وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ: أَيْ يَدْخُلُ لُزُومًا، وَلَا يَجُوزُ إلْغَاؤُهُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا زَرْعٌ تَبَعُ شَجَرٍ.
(وَجَازَ إدْخَالُ بَيَاضِ شَجَرٍ أَوْ) بَيَاضِ (زَرْعٍ) فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ؛ وَالْبَيَاضُ: الْأَرْضُ الْخَالِيَةُ مِنْ الشَّجَرِ أَوْ الزَّرْعِ؛ سُمِّيَ بَيَاضًا لِأَنَّ أَرْضَهُ مُشْرِقَةٌ بِالنَّهَارِ
ــ
[حاشية الصاوي]
فِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ، فَسَقَطَ اعْتِرَاضُ الْبِسَاطِيِّ: بِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَيْسَ صَرِيحًا فِي كَلَامِهِمْ.
قَوْلُهُ: [بُرُوزُهُ مِنْ أَرْضِهِ] : إنْ قِيلَ: لَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ هَذَا الشَّرْطِ: إذْ لَا يُسَمَّى زَرْعًا أَوْ قَصَبًا أَوْ بَصَلًا مَثَلًا إلَّا بِذَلِكَ، وَقَبْلَهُ لَا يُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ حَقِيقَةً؟ وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا الِاسْمَ يُطْلَقُ عَلَى الْبَذْرِ مَجَازًا بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ، فَاشْتِرَاطُ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالزَّرْعِ وَمَا مَعَهُ مَا يَشْمَلُ الْبَذْرَ.
قَوْلُهُ: [وَإِذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ] : أَيْ الْخَمْسَةُ: الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورَةُ هُنَا وَعَدَمُ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَعَدَمُ الْخَلْفِ - الْمَعْلُومَانِ مِمَّا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: [وَجَازَتْ الْمُسَاقَاةُ] : أَيْ بِاسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ وَانْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ. تَنْبِيهٌ:
هَلْ الْوَرْدُ وَالْيَاسَمِينُ وَالْقُطْنُ وَنَحْوَهُ مِنْ كُلِّ مَا يُجْنَى ثَمَرَتُهُ وَيَبْقَى أَصْلُهُ فَيُثْمِرُ مَرَّةً أُخْرَى كَالزَّرْعِ؟ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الشُّرُوطُ الْخَمْسَةُ، أَوْ كَالشَّجَرِ فَيَجُوزُ مُسَاقَاتُهُ بِشُرُوطِهِ فَقَطْ؟ قَوْلَانِ فِي خَلِيلٍ، وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ: أَنَّ الْوَرْدَ وَالْيَاسَمِينَ كَالشَّجَرِ بِلَا خِلَافٍ، وَأَنَّ الْقُطْنَ، وَمِثْلُهُ الْعُصْفُرُ فِيهِمَا الْخِلَافُ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُمَا كَالزَّرْعِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الشُّرُوطُ الْخَمْسَةُ.
قَوْلُهُ: [زَرْعٌ] : فَاعِلُ يَدْخُلُ.
بِضَوْءِ الشَّمْسِ وَبِاللَّيْلِ بِضَوْءِ الْكَوَاكِبِ، فَإِذَا اسْتَتَرَتْ بِالزَّرْعِ أَوْ الشَّجَرِ سُمِّيَتْ سَوَادًا: يَعْنِي أَنَّ بَيَاضَ الشَّجَرِ أَوْ بَيَاضَ الزَّرْعِ الَّذِي تَجُوزُ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ يَجُوزُ إدْخَالُهُ فِي مُسَاقَاةِ مَا ذُكِرَ، بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: أَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ: (إنْ وَافَقَ الْجُزْءُ) فِي الْبَيَاضِ الْجُزْءَ فِي الشَّجَرِ أَوْ الزَّرْعِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا لَمْ يَجُزْ وَفَسَدَتْ. وَلِثَانِيهَا بِقَوْلِهِ:(وَبَذَرَهُ الْعَامِلُ) مِنْ عِنْدِهِ. فَإِنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ بَذْرَهُ عَلَى رَبِّهِ لَمْ يَجُزْ وَفَسَدَتْ. وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ: (وَقَلَّ) الْبَيَاضُ أَيْ كَانَ قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ لِلشَّجَرِ أَوْ الزَّرْعِ (كَثُلُثٍ) فَدُونَ: أَيْ بِأَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ أَيْ أُجْرَتُهُ بِالنِّسْبَةِ لِقِيمَةِ الثَّمَرَةِ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ (بَعْدَ إسْقَاطِ كُلْفَةِ الثَّمَرَةِ) كَمَا لَوْ كَانَ كِرَاؤُهُ مُفْرَدًا مِائَةً، وَقِيمَةُ الثَّمَرَةِ بَعْدَ إسْقَاطِ مَا يُنْفَقُ عَلَيْهَا مِائَتَانِ، فَيُعْلَمُ أَنَّ كِرَاءَهُ ثُلُثٌ. فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لَمْ يَجُزْ وَفَسَدَتْ.
(وَأُلْغِيَ) الْبَيَاضُ الْمَذْكُورُ لِلْعَامِلِ (إنْ سَكَتَا) عِنْدَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ (عَنْهُ)
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [سُمِّيَتْ سَوَادًا] : أَيْ لِحَجْبِ مَا ذَكَرَ بَهْجَةَ الْإِشْرَاقِ فَيَصِيرُ مَا تَحْتَهُ سَوَادًا.
قَوْلُهُ: [يَجُوزُ إدْخَالُهُ فِي مُسَاقَاةِ مَا ذُكِرَ] : حَاصِلُهُ أَنَّ لِلْبَيَاضِ أَرْبَعَةَ أَحْوَالٍ: الْأُولَى: إدْخَالُهُ فِي الْمُسَاقَاةِ وَتَجُوزُ بِالشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَشْتَرِطَهُ رَبُّ الْحَائِطِ لِنَفْسِهِ، فَيُمْنَعُ إنْ قَلَّ وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُنْعَزِلًا عَلَى حِدَةٍ. الثَّالِثَةُ: أَنْ يَسْكُتَا عَنْهُ، فَبَقِيَ لِلْعَامِلِ إنْ قَلَّ. الرَّابِعَةُ: أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْعَامِلُ لِنَفْسِهِ، وَهِيَ جَائِزَةٌ أَيْضًا إنْ قَلَّ.
قَوْلُهُ: [إنْ وَافَقَ الْجُزْءُ] : هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ أَصْبَغُ مُوَافَقَةَ الْجُزْءِ، وَقَدْ جَرَى الْعُرْفُ عِنْدَنَا أَنَّ الْبَيَاضَ لَا يُعْطَى إلَّا بِجُزْءٍ أَكْثَرَ فَلَهُ مُسْتَنَدٌ فَلَا يُشَوَّشُ عَلَى النَّاسِ إذْ ذَاكَ بِذِكْرِ الْمَشْهُورِ قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ (اهـ بْن) .
قَوْلُهُ: [وَبَذَرَهُ الْعَامِلُ مِنْ عِنْدِهِ] : أَيْ وَاشْتَرَطَ بَذْرَهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ.