الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آصُعَ بِكَذَا أَوْ ذِرَاعٍ أَوْ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ أَوْ رِطْلٍ أَوْ عَشَرَةِ أَرْطَالِ (وَإِلَّا) : بِأَنْ أُرِيدَ بَعْضٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ (فَلَا) يَجُوزُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: " لَا مِنْهَا وَأُرِيدَ الْبَعْضُ " لِلْجَهْلِ بِجُمْلَةِ الثَّمَنِ وَالْمُثْمَنِ فَلَمْ يُغْتَفَرْ.
(وَ) بِخِلَافِ بَيْعِ (جُزَافٍ) مُثَلَّثُ الْجِيمِ - فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ - وَهُوَ: بَيْعُ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَوْ يُعَدُّ جُمْلَةً بِلَا كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ وَلَا عَدٍّ، وَالْأَصْلُ فِيهِ الْمَنْعُ لِلْجَهْلِ، لَكِنْ أَجَازَهُ الشَّارِعُ لِلضَّرُورَةِ وَالْمَشَقَّةِ فَيَجُوزُ بِشُرُوطٍ سَبْعَةٍ:
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بِأَنْ أُرِيدَ بَعْضٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَلَا يَجُوزُ] : الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِ " مِنْ " كَقَوْلِهِ: أَشْتَرِي مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ كُلَّ إرْدَبٍّ بِدِينَارٍ، أَوْ أَشْتَرِي مِنْ هَذِهِ الشَّقَّةِ كُلَّ ذِرَاعٍ بِكَذَا، أَوْ أَشْتَرِي مِنْ هَذِهِ الشَّمْعَةِ كُلَّ رِطْلٍ بِكَذَا، فَإِنْ أُرِيدَ بِهَا التَّبْعِيضُ مُنِعَ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا بَيَانُ الْجِنْسِ - وَالْقَصْدُ أَنْ يَقُولَ: أَبِيعُك هَذِهِ الصُّبْرَةِ كُلَّ إرْدَبٍّ بِكَذَا، فَلَا يُمْنَعُ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يُرَدْ بِهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَطَرِيقَتَانِ؛ الْمَنْعُ لِتَبَادُرِ التَّبْعِيضِ مِنْهَا، وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ، وَالْجَوَازُ لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهَا. وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ مُتَبَادِرَةٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَ الْمَنْعَ بِإِرَادَةِ الْبَعْضِ. وَأَقْوَى الطَّرِيقَتَيْنِ الْأُولَى كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ (بْن) نَقْلًا عَنْ الْفَاكِهَانِيِّ، فَانْظُرْهُ، وَمَثَّلَ الْإِتْيَانَ بِ " مِنْ " وَإِرَادَةَ الْبَعْضِ فِي الْمَنْعِ، كَمَا إذَا قَالَ أَشْتَرِي مِنْك مَا يَحْتَاجُ لَهُ الْمَيِّتُ مِنْ هَذِهِ الشُّقَّةِ كُلَّ ذِرَاعٍ بِكَذَا، أَوْ أَشْتَرِي مِنْك مَا يَكْفِينِي قَمِيصًا مِنْ هَذِهِ الشُّقَّةِ كُلَّ ذِرَاعٍ بِكَذَا، أَوْ أَشْتَرِي مِنْك مَا تُوقِدُهُ النَّارُ مِنْ هَذِهِ الشَّمْعَةِ فِي الزِّفَافِ كُلَّ رِطْلٍ بِكَذَا. تَنْبِيهٌ:
يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَبِيعَ نَحْوَ الشَّاةِ وَيَسْتَثْنِي قَدْرًا مِنْ الْأَرْطَالِ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِهَا إنْ بِيعَتْ قَبْلَ الذَّبْحِ أَوْ السَّلْخِ. فَإِنْ بِيعَتْ بَعْدَهُمَا جَازَ لَهُ اسْتِثْنَاءُ مَا شَاءَ وَكَذَا لَهُ اسْتِثْنَاءُ جُزْءٍ شَائِعٍ مُطْلَقًا، قَلَّ أَوْ كَثُرَ قَبْلَ السَّلْخِ أَوْ بَعْدَهُ. وَلَا يَجُوزُ لِمُسْتَثْنِي الْأَرْطَالِ أَخْذُ شَيْءٍ بَدَلَهَا. وَيَجُوزُ بَيْعُ الصُّبْرَةِ أَوْ الثَّمَرَةِ جُزَافًا وَيُسْتَثْنَى قَدْرُ الثُّلُثِ فَأَقَلُّ إنْ كَانَ الْمُسْتَثْنَى كَيْلًا وَفِي الْجُزْءِ الشَّائِعِ يَسْتَثْنِي مَا شَاءَ.
[بَيْع الجزاف وَشُرُوطه]
[تَنْبِيه بَيْع جزافان فِي صَفْقَة وَاحِدَة]
قَوْلُهُ: [وَبِخِلَافِ بَيْعِ جُزَافٍ] : عَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: وَهُوَ بَيْعُ مَا يُمْكِنُ عِلْمُ قَدْرِهِ دُونَ أَنْ يَعْلَمَ (اهـ) .
أَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: (إنْ رُئِيَ) حَالَ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ وَاسْتَمَرَّ عَلَى حَالِهِ لِوَقْتِ الْعَقْدِ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الصِّفَةِ، وَلَا عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ يُمْكِنُ فِيهَا التَّغْيِيرُ. وَهَذَا مَا لَمْ يَلْزَمْ عَلَى الرُّؤْيَةِ فَسَادُ الْمَبِيعِ؛ كَقِلَالِ الْخَلِّ مُطَيَّنَةٍ يُفْسِدُهَا فَتْحُهَا، وَإِلَّا جَازَ. وَيَكْفِي حُضُورُهَا مَجْلِسَ الْعَقْدِ. وَلِلثَّانِي بِقَوْلِهِ:(وَلَمْ يَكْثُرْ جِدًّا) أَيْ يَكُونُ كَثِيرًا لَا جِدًّا، فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا جِدًّا بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ حَزْرُهُ، أَوْ قَلَّ جِدًّا بِحَيْثُ يَسْهُلُ عَدُّهُ، لَمْ يَجُزْ جُزَافًا. بِخِلَافِ مَا قَلَّ جِدًّا مِنْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ فَيَجُوزُ. (وَجَهِلَاهُ) مَعًا: أَيْ جَهِلَا قَدْرَ كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ أَوْ عَدَدِهِ (وَحَزَرَاهُ) أَيْ خَمَّنَا قَدْرَهُ عِنْدَ إرَادَةِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَوْ قَبْلَهُ وَاسْتَمَرَّ عَلَى حَالِهِ] إلَخْ: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ فِي الْجُزَافِ الْحُضُورُ سَوَاءٌ كَانَ زَرْعًا قَائِمًا أَوْ صُبْرَةَ طَعَامٍ أَوْ غَيْرَهُمَا وَإِنَّمَا يَشْتَرِطُ فِيهِ الرُّؤْيَةُ بِالْبَصَرِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُقَارِنَةً لِلْعَقْدِ أَوْ سَابِقَةً عَلَيْهِ. وَهَذَا بِخِلَافِ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ مِنْ اشْتِرَاطِ حُضُورِ بَيْعِ الْجُزَافِ حِينَ الْعَقْدِ إلَّا الزَّرْعَ الْقَائِمَ وَالثِّمَارَ فِي رُءُوسِ الْأَشْجَارِ فَيُغْتَفَرُ فِيهِمَا عَدَمُ الْحُضُورِ إنْ تَقَدَّمَتْ الرُّؤْيَةُ وَاخْتَارَ (ح) هَذِهِ الطَّرِيقَةَ.
قَوْلُهُ: [وَلَمْ يَكْثُرُ جِدًّا] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ مَا كَثُرَ جِدًّا يُمْنَعُ بَيْعُهُ جُزَافًا سَوَاءٌ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَعْدُودًا لِتَعَذُّرِ حَزْرِهِ. وَمَا كَثُرَ لَا جِدًّا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا مَكِيلًا كَانَ أَوْ مَعْدُودًا أَوْ مَوْزُونًا لِإِمْكَانِ حَزْرِهِ. وَأَمَّا مَا قَلَّ جِدًّا فَيُمْنَعُ بَيْعُهُ جُزَافًا إنْ كَانَ مَعْدُودًا؛ لِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ لَهُ فِي عِلْمِهِ بِالْعَدِّ، وَيَجُوزُ إنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا وَلَوْ كَانَ لَا مَشَقَّةَ فِي كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ. قَوْلُهُ:[وَجَهِلَاهُ] : أَيْ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا، بِكَبَيْعِهِ عَدَدًا وَهُمَا يَجْهَلَانِ عَدَدَهُ وَيَعْرِفَانِ وَزْنَهُ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ إذَا كَانَ لَهُ جِهَتَانِ - كَوَزْنٍ وَعَدَدٍ - وَجُهِلَ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا وُجِدَ شَرْطُهُ.
قَوْلُهُ: [وَحَزَرَاهُ] : أَيْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ أَهْلِ الْحَزْرِ بِأَنْ اعْتَادَاهُ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ. فَلَوْ وَكَّلَا مَنْ يَحْزِرُهُ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْحَزْرِ كَفَى، كَانَا مِنْ أَهْلِ الْحَزْرِ أَمْ لَا. فَالشَّرْطُ حَزْرُ الْبَيْعِ بِالْفِعْلِ مِنْ أَهْلِ الْحَزْرِ كَانَ الْحَزْرُ
(وَاسْتَوَتْ أَرْضُهُ) فِي اعْتِقَادِهِمَا، وَإِلَّا فَسَدَ الْعَقْدُ. ثُمَّ إنْ ظَهَرَ الِاسْتِوَاءُ فَظَاهِرٌ وَإِلَّا فَالْخِيَارُ لِمَنْ لَزِمَهُ الضَّرَرُ. (وَشَقَّ عَدُّهُ) : أَيْ كَانَ فِي عَدِّهِ مَشَقَّةٌ إنْ كَانَ مَعْدُودًا كَالْبِيضِ، وَأَمَّا مَا شَأْنُهُ الْكَيْلُ - كَالْحَبِّ - أَوْ الْوَزْنِ - كَالزَّيْتُونِ - فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْمَشَقَّةُ. (وَلَمْ تُقْصَدْ أَفْرَادُهُ) أَيْ آحَادُهُ بِالْبَيْعِ فَإِنْ قُصِدَتْ كَالثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ جُزَافًا. (إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُهَا) عَادَةً:(كَرُمَّانٍ) وَتُفَّاحٍ وَبَيْضٍ فَيَجُوزُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
مِنْهُمَا أَوْ مِمَّنْ وَكَّلَاهُ.
قَوْلُهُ: [فِي اعْتِقَادِهِمَا] : مُرَادُهُ بِالِاعْتِقَادِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ. قَوْلُهُ: [فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْمَشَقَّةُ] : وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ مَظِنَّةُ الْمَشَقَّةِ لِاحْتِيَاجِهِمَا لِآلَةٍ وَتَحْرِيرٍ وَذَلِكَ لَا يَتَأَتَّى لِكُلِّ النَّاسِ بِخِلَافِ الْعَدِّ. لِتَيَسُّرِهِ لِغَالِبِ النَّاسِ.
قَوْلُهُ: [وَلَمْ تُقْصَدْ أَفْرَادُهُ] : أَيْ بِأَنْ كَانَ التَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا كَثِيرًا فَإِنْ قَلَّ التَّفَاوُتُ جَازَ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُهَا؛ فَهُوَ مُسْتَثْنَى مِنْ مَفْهُومِ مَا قَبْلَهُ. فَإِنْ قُصِدَتْ أَفْرَادُهُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا وَلَا بُدَّ مِنْ عَدِّهِ إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُ تِلْكَ الْأَفْرَادِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا وَلَا يَضُرُّ قَصْدُ الْأَفْرَادِ. فَعُلِمَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَا يُبَاعُ جُزَافًا إمَّا أَنْ يُعَدَّ بِمَشَقَّةٍ أَوْ لَا، وَفِي كُلٍّ: إمَّا أَنْ تُقْصَدَ أَفْرَادُهُ أَوْ لَا، وَفِي كُلٍّ: إمَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُهَا أَوْ لَا. فَمَتَى عُدَّ بِلَا مَشَقَّةٍ لَمْ يَجْرِ جُزَافًا قُصِدَتْ أَفْرَادُهُ أَوْ لَا، قَلَّ ثَمَنُهَا أَوْ لَا. وَمَتَى عُدَّ بِمَشَقَّةٍ. فَإِنْ لَمْ تُقْصَدْ أَفْرَادُهُ جَازَ بَيْعُهُ جُزَافًا قَلَّ ثَمَنُهَا أَوْ لَا. وَإِذَا قُصِدَتْ جَازَ إنْ قَلَّ ثَمَنُهَا بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِهَا مَعَ بَعْضٍ وَمُنِعَ إنْ لَمْ يَقِلَّ. فَالْمَنْعُ فِي خَمْسَةِ أَحْوَالٍ وَالْجَوَازُ فِي ثَلَاثَةٍ.
قَوْلُهُ: [كَرُمَّانٍ] : وَمِثْلُهُ الْبِطِّيخُ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ آحَادُهُ كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ. تَنْبِيهٌ:
بَقِيَ مِنْ شُرُوطِ الْجُزَافِ: أَنْ لَا يَشْتَرِيَهُ مَعَ مَكِيلٍ عَلَى مَا سَيَأْتِي. وَأَمَّا عَدَمُ الدُّخُولِ عَلَيْهِ، فَقِيلَ: إنَّهُ شَرْطٌ لَا بُدَّ مِنْهُ. وَعَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَدْفَعَ دِرْهَمًا لِعَطَّارٍ لِيُعْطِيَك بِهِ شَيْئًا مِنْ الْأَبْزَارِ مِنْ غَيْرِ وَزْنٍ، وَلَا لِفَوَّالٍ لِيَدْفَعَ لَك بِهِ
فَعُلِمَ أَنَّ الشُّرُوطَ الْخَمْسَةَ: الْأُوَلُ عَامَّةٌ، وَأَنَّ الشَّرْطَيْنِ الْآخَرَيْنِ خَاصَّانِ بِالْمَعْدُودِ. (لَا إنْ لَمْ يُرَ) فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ جُزَافًا. (وَإِنْ) كَانَ غَيْرُ الْمَرْئِيِّ (مِلْءَ ظَرْفٍ) فَارِغٍ: كَقُفَّةٍ يَمْلَؤُهَا حِنْطَةً بِدِرْهَمٍ أَوْ قَارُورَةٍ يَمْلَؤُهَا زَيْتًا مَثَلًا بِكَذَا (وَلَوْ) كَانَ الظَّرْفُ مَمْلُوءًا فَاشْتَرَاهُ جُزَافًا بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَمْلَأَهُ (ثَانِيًا) مِنْ ذَلِكَ الْمَبِيعِ بِدِرْهَمٍ (بَعْدَ تَفْرِيغِهِ) : لِأَنَّ الثَّانِيَ غَيْرُ مَرْئِيٍّ حَالَ الْعَقْدِ وَلَيْسَ الظَّرْفُ مَكِيلًا مَعْلُومًا (إلَّا نَحْوَ سَلَّةِ زَبِيبٍ) وَتِينٍ وَقِرْبَةِ مَاءٍ وَجِرَارِهِ مِمَّا صَارَ فِي الْعُرْفِ كَالْمِكْيَالِ لِذَلِكَ الشَّيْءِ، فَيَجُوزُ شِرَاءُ مِثْلِهِ فَارِغًا وَمَلْئِهِ ثَانِيًا بَعْدَ تَفْرِيغِهِ بِدِرْهَمٍ. وَالسَّلَّةُ بِفَتْحِ السِّينِ: الْإِنَاءُ الَّذِي يُوضَعُ فِيهِ التِّينُ وَنَحْوُهُ. (وَلَا إنْ كَثُرَ جِدًّا) بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ حَزْرُهُ عَادَةً فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا. (أَوْ عَلِمَهُ أَحَدُهُمَا) فَلَا يَجُوزُ جُزَافًا. (فَإِنْ عَلِمَ الْجَاهِلُ) بِقَدْرِهِ (حِينَ الْعَقْدِ بِعِلْمِهِ) : أَيْ بِعِلْمِ صَاحِبِهِ لِقَدْرِهِ (فَسَدَ) الْبَيْعُ وَرَدَّهُ إنْ كَانَ قَائِمًا وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ. (وَ) إنْ عَلِمَ الْجَاهِلُ بِعِلْمِ صَاحِبِهِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ (خُيِّرَ) فِي الرَّدِّ وَالْإِمْضَاءِ.
(أَوْ قُصِدَتْ الْأَفْرَادُ) وَلَمْ يَقِلَّ ثَمَنُهَا (كَثِيَابٍ) فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا جُزَافًا
ــ
[حاشية الصاوي]
فُولًا حَارًّا أَوْ مُدَمَّسًا، وَلَا أَنْ تَأْتِيَ لِجَزَّارٍ وَتَتَّفِقَ مَعَهُ عَلَى أَنْ يُكَوِّمَ لَك لَحْمًا وَتَشْتَرِيَهُ جُزَافًا. فَلَا بُدَّ فِي الْجَوَازِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ أَنْ يَكُونَ مُجْزَفًا عِنْدَهُ قَبْلَ طَلَبِك. وَقِيلَ لَا يَضُرُّ الدُّخُولُ عَلَيْهِ وَهِيَ فُسْحَةٌ، وَاخْتَارَهُ فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [لَا إنْ لَمْ يُرَ] : أَيْ يُبْصَرَ حِينَ الْعَقْدِ وَلَا قَبْلَهُ وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا. وَظَاهِرُهُ مَنْعُ بَيْعِ غَيْرِ الْمَرْئِيِّ، وَلَوْ وَقَعَ عَلَى الْخِيَارِ لِلْخُرُوجِ عَنْ الرُّخْصَةِ.
قَوْلُهُ: [كَقُفَّةٍ] إلَخْ: أَيْ حَيْثُ كَانَتْ الْقُفَّةُ أَوْ الْقَارُورَةُ غَيْرَ مَعْرُوفَةِ الْقَدْرِ وَإِلَّا كَانَ مِكْيَالًا مَعْلُومًا فَيَخْرُجُ عَنْ الْجُزَافِ، وَأَمَّا شَرْطُ مَا فِي الْمِكْيَالِ الْمَجْهُولِ جُزَافًا فَجَائِزٌ بِشُرُوطِهِ لَا عَلَى أَنَّهُ مَكِيلٌ بِهِ.
قَوْلُهُ: [فَسَدَ الْبَيْعُ] إلَخْ: أَيْ لِتَعَاقُدِهِمَا عَلَى الْغَرَرِ. قَوْلُهُ: [وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ] : أَيْ؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ مَجْهُولُ الْقَدْرِ.
(وَنَقْدٍ) ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (وَالتَّعَامُلُ) : أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ التَّعَامُلَ بِذَلِكَ النَّقْدِ (بِالْعَدَدِ) . فَإِنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْوَزْنِ فَقَطْ جَازَ لِعَدَمِ قَصْدِ الْأَفْرَادِ حِينَئِذٍ (وَلَا) يَجُوزُ (جُزَافٌ) كَانَ مِمَّا أَصْلُهُ أَنْ يُكَالَ كَالْحَبِّ أَمْ لَا - (مَعَ مَكِيلٍ) مِنْ نَوْعِهِ أَوْ غَيْرِهِ - كَانَ مِمَّا أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ جُزَافًا أَوْ كَيْلًا - لِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا أَوْ خُرُوجِهِمَا مَعًا عَنْ الْأَصْلِ.
فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ؛ اسْتَثْنَى مِنْهَا صُورَةً بِقَوْلِهِ: (إلَّا أَنْ يَأْتِيَا) مَعًا (عَلَى الْأَصْلِ؛ كَجُزَافِ أَرْضٍ مَعَ مَكِيلِ حَبٍّ) كَإِرْدَبِّ حِنْطَةٍ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ؛ (فَيَجُوزُ)(كَجُزَافَيْنِ) مُطْلَقًا جَاءَ كُلٌّ عَلَى الْأَصْلِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَا. كَقِطْعَةِ أَرْضٍ مَعَ قِطْعَةِ أَرْضٍ أُخْرَى فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ بِكَذَا
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَإِنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْوَزْنِ فَقَطْ جَازَ] : أَيْ كَانَتْ مَسْكُوكَةً أَمْ لَا، وَأَمَّا بِالْعَدَدِ أَوْ بِالْوَزْنِ وَالْعَدَدِ فَيُمْنَعُ مَسْكُوكَةً أَمْ لَا هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ:[كَانَ مِمَّا أَصْلُهُ أَنْ يُكَالَ] : إلَخْ: لَمَّا كَانَ الْغَرَرُ الْمَانِعُ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ قَدْ يَكُونُ بِسَبَبِ انْضِمَامِ مَعْلُومٍ لِمَجْهُولٍ؛ لِأَنَّ انْضِمَامَهُ إلَيْهِ يَصِيرُ فِي الْمَعْلُومِ جَهْلًا لَمْ يَكُنْ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ، شَرَعَ الْمُصَنِّفُ يُبَيِّنُهُ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ.
قَوْلُهُ: [كَانَ مِمَّا أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ جُزَافًا] : أَيْ كَالْأَرْضِ.
وَقَوْلُهُ: [أَمْ لَا] : أَيْ كَالْحَبِّ. قَوْلُهُ: [لِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا] : أَيْ فِي صُورَتَيْنِ وَهِيَ جُزَافُ حَبٍّ مَعَ مَكِيلٍ مِنْهُ وَمَكِيلُ أَرْضٍ مَعَ جُزَافِ أَرْضٍ. وَقَوْلُهُ: [أَوْ خُرُوجُهُمَا مَعًا] : أَيْ فِي صُورَةٍ؛ وَهِيَ مَكِيلُ أَرْضٍ مَعَ جُزَافِ حَبٍّ. قَوْلُهُ: [فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ] : أَيْ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا مَمْنُوعَةٌ وَالرَّابِعَةُ الْمُسْتَثْنَاةُ. قَوْلُهُ: [كَجُزَافِ أَرْضٍ مَعَ مَكِيلِ حَبٍّ] : أَيْ كَقِطْعَةِ أَرْضٍ مَجْهُولَةِ الْقَدْرِ يَشْتَرِيهَا مَعَ إرْدَبِّ قَمْحٍ بِدِينَارٍ مَثَلًا.
قَوْلُهُ: [كَجُزَافَيْنِ مُطْلَقًا] : قَدَّرَ الشَّارِحُ هُنَا. قَوْلُهُ: مُطْلَقًا إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ حَذَفَهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: [كَقِطْعَةِ أَرْضٍ مَعَ قِطْعَةِ أَرْضٍ أُخْرَى] إلَخْ: تَمْثِيلٌ عَلَى سَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ.