الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَ) إنْ اخْتَلَفَا (فِي الْبَتِّ) وَالْخِيَارِ (فَلِمُدَّعِيهِ) : أَيْ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْبَتِّ، لِأَنَّهُ الْغَالِبُ عِنْدَ النَّاسِ (كَمُدَّعِي الصِّحَّةِ) الْقَوْلُ قَوْلُهُ، دُونَ مُدَّعِي الْفَسَادِ لِلْبَيْعِ (إلَّا أَنْ يَغْلِبَ الْفَسَادُ) فِي شَيْءٍ - كَالصَّرْفِ وَالسَّلَمِ وَالْمُسَاقَاةِ - فَإِنَّهَا لِكَثْرَةِ الشُّرُوطِ فِيهَا يَغْلِبُ عَلَيْهَا الْفَسَادُ، فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِيهِ فِيهَا مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى الصِّحَّةِ.
(وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ؛ إنْ فَاتَ رَأْسُ الْمَالِ) : وَفَوَاتُهُ - إنْ كَانَ عَيْنًا
ــ
[حاشية الصاوي]
[اخْتِلَاف الْبَائِع وَالْمُشْتَرِي فِي الْبَتّ وَالْخِيَار] [
تَنْبِيه اخْتِلَاف الْبَائِع وَالْمُشْتَرِي فِي الصِّحَّة وَالْفَسَاد]
قَوْلُهُ: [فَلِمُدَّعِيهِ] : أَيْ مَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِخِلَافِهِ؛ كَأَنْ جَرَى الْعُرْفُ بِالْخِيَارِ فَقَطْ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْخِيَارِ. وَأَمَّا إنْ اتَّفَقَا عَلَى وُقُوعِ الْبَيْعِ عَلَى الْخِيَارِ لَكِنْ ادَّعَاهُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِنَفْسِهِ، فَقِيلَ: يَتَفَاسَخَانِ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا، وَقِيلَ: يَتَحَالَفَانِ وَيَكُونُ الْبَيْعُ بَتًّا. وَالْقَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ. وَهَذَا مَا لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِأَنَّ الْخِيَارَ لِأَحَدِهِمَا وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ.
قَوْلُهُ: [دُونَ مُدَّعِي الْفَسَادِ] : أَيْ بَيَّنَ وَجْهَ الْفَسَادِ أَمْ لَا فَاتَ الْمَبِيعُ أَمْ لَا، هَذَا قَوْلُ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ (شب) وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَدْ فَاتَتْ وَإِلَّا تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ (عب) لَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ وَخَلِيلٍ الْإِطْلَاقُ وَقَدْ أَيَّدَهُ فِي الْحَاشِيَةِ.
تَنْبِيهٌ هَلْ الْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ إنْ لَمْ يَغْلِبْ الْفَسَادُ مُطْلَقًا، اخْتَلَفَ الثَّمَنُ بِهِمَا أَمْ لَا، أَوْ إنَّمَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ بِالصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ الثَّمَنُ؟ كَدَعْوَى أَحَدِهِمَا وُقُوعَهُ عَلَى الْأُمِّ أَوْ الْوَلَدِ وَادَّعَى الْآخَرُ وُقُوعَهُ عَلَيْهِمَا مَعًا، وَكَدَعْوَى الْبَائِعِ أَنَّ الْمَبِيعَ بِمِائَةٍ وَالْمُشْتَرِي أَنَّهُ بِقِيمَتِهِ، فَكَالِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِهِ يَتَلَاحَقَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ عِنْدَ قِيَامِ السِّلْعَةِ. فَإِنْ فَاتَتْ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي إنْ أَشْبَهَ، أَشْبَهَ الْبَائِعَ أَمْ لَا؛ فَإِنْ انْفَرَدَ الْبَائِعُ بِالشَّبَهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَلَزِمَ الْمُبْتَاعَ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ. وَهَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ كَانَ الْمُشَبِّهُ مُدَّعِيَ الصِّحَّةِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مُدَّعِي الْفَسَادِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِشَبَهِهِ فَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ وَيَلْزَمُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ، ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ - كَذَا فِي الْأَصْلِ.
[اخْتِلَاف الْبَائِع وَالْمُشْتَرِي فِي السَّلَم وَبَيْع النَّقْد]
قَوْلُهُ [وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ] إلَخْ: حَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّهُ قَدْ سَبَقَ أَنَّهُمَا إذَا تَنَازَعَا
بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ الَّذِي يُظَنُّ فِيهِ التَّصَرُّفُ بِهَا وَالِانْتِفَاعُ بِهَا. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ وَلَوْ مِثْلِيًّا بِتَغَيُّرِ سُوقٍ أَوْ ذَاتٍ (بِيَدِهِ) : أَيْ بَعْدَ قَبْضِهِ مِنْ الْمُسْلِمِ. (كَالْمُشْتَرِي) : فِي بَيْعِ النَّقْدِ (يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنْ أَشْبَهَ) سَوَاءً أَشْبَهَ الْمُسْلِمَ أَمْ لَا، فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَانْفَرَدَ الْمُسْلِمُ بِالشَّبَهِ فَالْقَوْلُ لَهُ.
(فَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَ) كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى نَفْيِ دَعْوَى صَاحِبِهِ وَتَحْقِيقِ دَعْوَاهُ. (وَفُسِخَ) عَقْدُ السَّلَمِ إذَا كَانَ اخْتِلَافُهُمَا فِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ فِي الْأَجَلِ أَوْ الْحَمِيلِ فَيُرَدُّ مَا يَجِبُ رَدُّهُ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ مِثْلٍ إذْ الْمَوْضُوعُ فَوَاتُ رَأْسِ الْمَالِ بِيَدِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ.
(إلَّا) إذَا كَانَ اخْتِلَافُهُمَا (فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَسَلَمُ وَسَطٍ) مِنْ سُلُومَاتِ النَّاسِ فِي الْبَلَدِ لِتِلْكَ السِّلْعَةِ وَفِي الزَّمَنِ. فَمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ: فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ فِي الْحَمِيلِ أَوْ فِي الْأَجَلِ، وَكَلَامُ الشَّيْخِ مُجْمَلٌ.
(وَ) إنْ اخْتَلَفَا (فِي مَوْضِعِهِ) : أَيْ مَوْضِعِ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (فَالْقَوْلُ
ــ
[حاشية الصاوي]
فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثْمَنِ أَوْ نَوْعِهِمَا تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا فِي حَالَةِ الْقِيَامِ وَالْفَوَاتِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ النَّقْدِ وَالسَّلَمِ. وَأَمَّا إذَا تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثْمَنِ أَوْ قَدْرِ الْأَجَلِ أَوْ فِي الرَّهْنِ أَوْ الْحَمِيلِ، فَمَعَ الْقِيَامِ يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ بَيْعِ النَّقْدِ وَالسَّلَمِ، وَأَمَّا مَعَ الْفَوَاتِ فَيَنْعَكِسُ السَّلَمُ مَعَ بَيْعِ النَّقْدِ فَفِي بَيْعِ النَّقْدِ الَّذِي يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينٍ إنْ أَشْبَهَ، أَشْبَهَ الْبَائِعُ أَمْ لَا. فَإِنْ انْفَرَدَ الْبَائِعُ بِالشَّبَهِ صُدِّقَ بِيَمِينٍ، فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا. وَفِي السَّلَمِ إذَا فَاتَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا أَوْ غَيْرَهُ الَّذِي يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ الْبَائِعُ وَهُوَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ إنْ أَشْبَهَ، أَشْبَهَ الْمُسْلَمَ أَمْ لَا. وَإِنْ انْفَرَدَ الْمُسْلَمُ بِالشَّبَهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ. فَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا إذَا كَانَ التَّنَازُعُ فِي غَيْرِ قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَرُدَّ لِلْمُسْلَمِ مَا يَجِبُ رَدُّهُ مِنْ قِيمَةِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ مِثْلِهِ وَإِذَا كَانَ التَّنَازُعُ فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لَزِمَ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ سَلَمُ وَسَطٍ.
قَوْلُهُ [الَّذِي يُظَنُّ فِيهِ التَّصَرُّفُ] : أَيْ فَطُولُ الزَّمَانِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةٌ لِمَا ذُكِرَ عَلَى الْعَيْنِ وَهُوَ بِيَدِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ فَوَاتِ السِّلْعَةِ الْمَقْبُوضَةِ فِي بَيْعِ النَّقْدِ، وَقِيلَ إنَّ فَوَاتَ الْعَيْنِ بِالْغَيْبَةِ عَلَيْهَا.
لِمُدَّعِي مَوْضِعِ الْعَقْدِ) بِيَمِينِهِ، (وَإِلَّا) يَدَّعِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مَوْضِعَ الْعَقْدِ بَلْ غَيْرُهُ (فَالْبَائِعُ) : أَيْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ الْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينِهِ إنْ أَشْبَهَ سَوَاءٌ أَشْبَهَ الْآخَرَ أَمْ لَا فَإِنْ انْفَرَدَ الْمُسْلِمُ بِالشَّبَهِ فَقَوْلُهُ بِيَمِينٍ.
(وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ) مِنْهُمَا (حَلَفَا وَفُسِخَ) عَقْدُ السَّلَمِ وَرَدَّ مِثْلَ رَأْسِ السَّلَمِ أَوْ قِيمَتَهُ، وَهَذَا إنْ فَاتَ رَأْسُ الْمَالِ بِيَدِهِ. فَإِنْ كَانَ بَاقِيًا تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا مُطْلَقًا (كَفَسْخِ مَا يُقْبَضُ) مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ (بِكَالْيَمَنِ) بِفَتْحِ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ وَالْمِيمِ: اسْمٌ لِلْقَطْرِ الْمَعْلُومِ، يَعْنِي: إذَا أَسْلَمَهُ فِي شَيْءٍ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْهُ فِي الْيَمَنِ أَوْ فِي الْمَغْرِبِ أَوْ فِي مِصْرَ، وَأَطْلَقَا - بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدَاهُ بِبَلَدٍ مُعِين - فَإِنَّهُ يُفْسَخُ لِفَسَادِهِ.
(وَجَازَ) إنْ قَيَّدَا (بِبَلَدِ كَذَا) مِنْ ذَلِكَ الْقُطْرِ: كَالْقَاهِرَةِ بِمِصْرَ، وَتُونُسَ بِالْمَغْرِبِ: وَصَنْعَاءَ بِالْيَمَنِ، وَمَكَّةَ بِالْحِجَازِ، وَلَمْ يُقَيِّدَا بِمَكَانٍ مِنْ تِلْكَ الْبَلَدِ وَإِذَا جَازَ فَلَا فَسْخَ.
(وَقُضِيَ) الْوَفَاءُ (بِسُوقِهَا) إنْ كَانَ لَهَا سُوقٌ وَتَنَازَعَا فِي مَكَانِ الْقَبْضِ، (وَإِلَّا) يَكُنْ لِتِلْكَ السِّلْعَةِ سُوقٌ (فَفِي أَيِّ مَكَان مِنْهَا) : أَيْ مِنْ هَذَا الْبَلَدِ يُفْضِي الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مَا عَلَيْهِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي مَوْضِعِ الْعَقْدِ] : أَيْ لِأَنَّهُمَا لَوْ سَكَتَا عَنْ ذِكْرِ مَوْضِعِ الْقَبْضِ بِمَوْضِعِ الْعَقْدِ.
قَوْلُهُ: [فَالْبَائِعُ] : أَيْ لِأَنَّهُ غَارِمٌ قَدْ تَرَجَّحَ جَانِبُهُ بِالْغُرْمِ.
قَوْلُهُ [حَلَفَا] : أَيْ وَبَدَأَ الْبَائِعُ وَهُوَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [وَجَازَ إنْ قُيِّدَا بِبَلَدِ كَذَا] : أَيْ لِعَدَمِ الْجَهْلِ.
قَوْلُهُ: [وَقُضِيَ الْوَفَاءُ بِسُوقِهَا] : حَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ الْمُسْلِمُ قَبْضَ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِمَكَانٍ مُعَيَّنٍ كَمِصْرِ كَانَ جَائِزًا، فَإِنْ حَصَلَ تَنَازُعٌ فِي مَحَلِّ الْقَبْضِ مِنْ هَذَا الْبَلَدِ قُضِيَ بِالْقَبْضِ فِي سُوقِ تِلْكَ السِّلْعَةِ إنْ كَانَ لَهَا سُوقٌ.
قَوْلُهُ: [يَقْضِي الْمُسْلَمُ إلَيْهِ] : أَيْ وَيُبَرَّأُ مِنْ عُهْدَتِهِ وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ قَبُولُهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ إلَّا لِعُرْفٍ خَاصٍّ بِالْقَضَاءِ بِمَحَلٍّ خَاصٍّ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ.
وَلَمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُ السَّلَمِ نَاسَبَ أَنْ يُعَقِّبَهُ بِبَابِهِ فَقَالَ:
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَلَمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْمُسْلَمِ] : أَيْ فِي قَوْلِهِ وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ إنْ فَاتَ رَأْسُ الْمَالِ بِيَدِهِ إلَى آخِرِهِ.