الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الْإِعَارَةُ) : أَيْ حَقِيقَتُهَا عُرْفًا، وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ التَّعَاوُرِ: بِمَعْنَى التَّدَاوُلِ أَوْ مِنْ الْعَرْوِ بِمَعْنَى الْإِصَابَةِ وَالْعُرُوضِ، يُقَالُ: اعْتَرَاهُ كَذَا: بِمَعْنَى أَصَابَهُ وَعَرَضَ لَهُ أَوْ بِمَعْنَى الْخُلُوِّ، يُقَالُ: عَرَا عَنْهُ بِمَعْنَى خَلَا. وَأُنْكِرَ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّهَا مِنْ الْعَارِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
[بَابٌ فِي الْإِعَارَةِ وَأَحْكَامِهَا] [
تَعْرِيف الْإِعَارَة]
لَمَّا كَانَ بَيْنَ الْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ مُنَاسَبَةٌ، مِنْ جِهَةِ أَنَّ كُلًّا يُثَابُ فَاعِلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُودَعَ - بِالْفَتْحِ - يُثَابُ عَلَى الْحِفْظِ وَالْمُعِيرُ - بِالْكَسْرِ - يُثَابُ عَلَى الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ كُلًّا فَعَلَ مَعْرُوفًا وَهُوَ صَدَقَةٌ أَعْقَبَهَا بِهَا.
قَوْلُهُ: [وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ] : أَيْ الْعَارِيَّةُ - لَا بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ - بَلْ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ؛ فَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ اسْتِخْدَامُ. قَوْلِهِ: [مِنْ التَّعَاوُرِ] إلَخْ: أَيْ فَهِيَ وَاوِيَّةٌ فَأَصْلُ عَارِيَّةٍ عَوَرِيَّةٌ بِفَتَحَاتٍ تُخَفَّفُ بَاؤُهَا وَتُشَدَّدُ تَحَرَّكَتْ الْوَاوُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا قُلِبَتْ أَلْفًا. قَوْلُهُ: [أَوْ مِنْ الْعَرْوِ] : أَيْ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
وَإِنِّي لَتَعْرُونِي لِذِكْرَاك هِزَّةٌ
…
كَمَا انْتَفَضَ الْعُصْفُورُ بَلَّلَهُ الْقَطْرُ
فَأَصْلُهَا عَارُووَةٌ بِوَزْنِ فَاعُولَةٍ؛ قُلِبَتْ الْوَاوُ الثَّانِيَةُ يَاءً لِتَطَرُّفِهَا وَالتَّاءُ فِي نِيَّةِ الِانْفِصَالِ فَاجْتَمَعَتْ الْوَاوُ وَالْيَاءُ وَسُبِقَتْ إحْدَاهُمَا بِالسُّكُونِ قُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ الْيَاءُ فِي الْيَاءِ هَذَا فِي الْمُشَدَّدَةِ وَأَصْلُ الْمُخَفَّفَةِ عَارِوَةٌ فَاعِلَةٌ أُبْدِلَتْ الْوَاوُ يَاءً لِتَطَرُّفِهَا.
قَوْلُهُ: [وَأُنْكِرَ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّهَا مِنْ الْعَارِ] : إنَّمَا أُنْكِرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهَا أَمْرٌ مَنْدُوبٌ وَالْمُسْتَعِيرُ إنْ كَانَ مُحْتَاجًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ عَارٌ، وَالْعَارُ فِي الْمُسْتَقْبِحِ شَرْعًا وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ، وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنْ الْعَارِ لَكَانَتْ يَائِيَّةً، وَقِيلَ: الْقَوْمُ يَتَعَيَّرُونَ مَعَ أَنَّهُمْ قَالُوا يَتَعَاوَرُونَ أَيْ يُعِيرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَأَصْلُهَا عَلَيْهِ عَيْرَةٌ عَلَى وَزْنِ فَعْلَةٌ
(تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ) : خَرَجَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكُ ذَاتٍ، وَكَذَا الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْقَرْضُ. (مُؤَقَّتَةٍ) بِزَمَنٍ أَوْ فِعْلٍ نَصًّا أَوْ عُرْفًا. (بِلَا عِوَضٍ) : خَرَجَتْ الْإِجَارَةُ وَالْحَبْسُ الْمُطْلَقُ. وَأَمَّا الْمُؤَقَّتُ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي الْحَبْسِ التَّوْقِيتُ، فَهُوَ وَارِدٌ عَلَيْهِ. إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ مُؤَقَّتَةٌ أَصَالَةً؛ فَالْأَصْلُ فِي الْعَارِيَّةِ التَّوْقِيتُ، فَلِذَا جَعَلَ فَصْلًا مِنْهَا، وَالْأَصْلُ فِي الْحَبْسِ الدَّوَامُ. وَلِذَا اُخْتُلِفَ فِيهِ إذَا وَقَّتَ هَلْ يَصِحُّ؟ وَالرَّاجِحُ الصِّحَّةُ. (وَهِيَ مَنْدُوبَةٌ) : أَيْ الْأَصْلُ فِيهَا النَّدْبُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ التَّعَاوُنِ عَلَى الْخَيْرِ وَالْمَعْرُوفِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
تَحَرَّكَتْ الْوَاوُ وَانْفَتِحْ مَا قَبْلَهَا قُلِبَتْ أَلْفًا.
قَوْلُهُ: [خَرَجَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكُ ذَاتٍ] إلَخْ: أَيْ وَخَرَجَ أَيْضًا تُمْلِيك الِانْتِفَاعِ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ أَعَمُّ مِنْ مِلْكِ الِانْتِفَاعِ، كَأَنْ تُوقِفَ بَيْتًا عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ يَسْكُنُونَهُ فَفِيهِ تَمْلِيكُ انْتِفَاعٍ وَلَيْسَ فِيهِ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ يَكُونُ بِنَفْسِهِ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهُ وَلَا أَنْ يُعِيرَهُ لِغَيْرِهِ، وَالْمَنْفَعَةُ أَعَمُّ مِنْ الِانْتِفَاعِ؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهَا الِانْتِفَاعَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ كَأَنْ يُعِيرَهُ أَوْ يُؤَاجِرَهُ.
قَوْلُهُ: [خَرَجَتْ الْإِجَارَةُ] : أَيْ بِقَوْلِهِ بِلَا عِوَضٍ.
وَقَوْلُهُ: [وَالْحَبْسُ الْمُطْلَقُ] : أَيْ بِقَوْلِهِ: " مُؤَقَّتَةٍ "، فَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوَّشٌ.
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ يُقَالَا الْمُرَادُ] إلَخْ: أَيْ أَوْ يُقَالُ إنَّهُ خَارِجٌ بِتَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ، فَإِنَّ الْحَبْسَ فِيهِ تَمْلِيكُ انْتِفَاعٍ لَا مَنْفَعَةٍ. قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ: فَإِنْ قُلْت إذَا حَبَسَ بُيُوتًا عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ لِأَجْلِ أَنْ يَنْتَفِعُوا بِأُجْرَتِهَا فَهَلْ هُوَ مِنْ تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ الِانْتِفَاعِ؟ قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ تَمْلِيكِ الِانْتِفَاعِ، فَحِينَئِذٍ يُرَادُ بِالِانْتِفَاعِ مَا يَشْمَلُ الِانْتِفَاعَ بِالْبُيُوتِ أَوْ بِأُجْرَتِهَا (اهـ) .
قَوْلُهُ: [وَهِيَ مَنْدُوبَةٌ] : أَيْ إنْ وَقَعَتْ مِنْ مَالِكِ الذَّاتِ وَالْمَنْفَعَةِ، أَوْ مِنْ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ إنْ جَعَلَ ذَلِكَ لَهُ. قَالَ (شب) : وَقَدْ يَعْرِضُ وُجُوبُهَا: كَغِنًى عَنْهَا لِمَنْ يَخْشَى بِعَدَمِهَا هَلَاكَهُ. وَحُرْمَتُهَا: كَكَوْنِهَا تُعِينُهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَكَرَاهَتُهَا كَكَوْنِهَا تُعِينُهُ عَلَى مَكْرُوهٍ، وَتُبَاحُ لِغِنًى عَنْهَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ كَرَاهَتِهَا فِي حَقِّهِ. قَالَ سَيِّدِي