الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيْهِ فِيهِ كَالسَّمَاوِيِّ.
(لَكِنْ) عِنْدَ عَدَمِ الْعِلْمِ إذَا غَرِمَ فِي غَيْرِ السَّمَاوِيِّ (يَبْدَأُ بِالْغَاصِبِ) عِنْدَ وُجُودِهِ مُوسِرًا أَوْ تَرِكَتِهِ إنْ مَاتَ. (فَإِنْ تَعَذَّرَ) الرُّجُوعُ عَلَى الْغَاصِبِ (فَالْمَوْهُوبُ) لَهُ غَيْرُ الْعَالِمِ بِالْغَصْبِ، يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ وَأَمَّا الْغَاصِبُ فَيَوْمَ الْغَصْبِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَا رُجُوعَ لِغَارِمٍ) مِنْ غَاصِبٍ أَوْ مَوْهُوبٍ (عَلَى غَيْرِهِ) مِمَّنْ لَمْ يَغْرَمْ مِنْهُمَا. فَإِذَا غَرِمَ الْغَاصِبُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمَوْهُوبِ، وَإِذَا غَرِمَ الْمَوْهُوبُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْغَاصِبِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْغَاصِبِ. وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ وَلَوْ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْغَصْبِ عِنْدَ وُجُودِ الْغَاصِبِ مُوسِرًا مَقْدُورًا عَلَيْهِ، فَإِنْ اتَّبَعَهُ رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِالثَّمَنِ الَّذِي كَانَ دَفَعَهُ لَهُ، ثُمَّ إذَا غَرِمَ الْمُشْتَرِي لِلْمَالِكِ الثَّمَنَ أَوْ الْقِيمَةَ يَوْمَ جِنَايَتِهِ - وَكَانَ ذَلِكَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ - رَجَعَ بِالزَّائِدِ عَلَى الْغَاصِبِ إنْ تَيَسَّرَ وَإِلَّا ضَاعَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا وَارِثُ الْغَاصِبِ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ تَبْدِئَةٌ بِالْغَاصِبِ، إذْ لَا غَاصِبَ مَعَ الْوَارِثِ. فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ:" لَكِنْ يَبْدَأُ بِالْغَاصِبِ " خَاصٌّ بِمَسْأَلَةِ الْمَوْهُوبِ دُونَ الْمُشْتَرِي وَالْوَارِثِ، كَأَنَّهُ قَالَ: بِخِلَافِ غَيْرِ السَّمَاوِيِّ
ــ
[حاشية الصاوي]
وَالْخَطَأَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ.
قَوْلُهُ: [لَكِنْ عِنْدَ عَدَمِ الْعِلْمِ] : أَيْ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِدَلِيلِ تَفْرِيعِهِ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي إيضَاحُهُ فِي الشَّرْحِ.
وَقَوْلُهُ: [فِي غَيْرِ السَّمَاوِيِّ] : أَيْ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ عَلَى التَّأْوِيلَيْنِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ تَرِكَتِهِ] : مَعْطُوفٌ عَلَى " وُجُودِهِ "، وَالْمَعْنَى: يَبْدَأُ بِالْأَخْذِ مِنْ الْغَاصِبِ إنْ كَانَ حَيًّا مُوسِرًا أَوْ تَرِكَتِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا مُوسِرًا.
[عدم رُجُوع الْغَاصِب عَلَى غَيْره]
قَوْلُهُ: [أَوْ مَوْهُوبٍ] : أَيْ إذَا غَرِمَ فِي حَالِ تَعَذُّرِ الرُّجُوعِ عَلَى الْغَاصِبِ.
قَوْلُهُ: [وَأَمَّا الْمُشْتَرِي] إلَخْ: هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ: " لَكِنْ يَبْدَأُ بِالْغَاصِبِ " إلَخْ، فَإِنَّ مَوْضُوعَهُ فِي الْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ إذَا جَنَى عَلَى الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَرْجِعَ؛ عَلَيْهِ إلَى آخِرِ مَا قَالَ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: [رَجَعَ] : أَيْ الْمَالِكُ.
قَوْلُهُ: [فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ لَكِنْ يَبْدَأُ] إلَخْ: هَذَا الْحَاصِلُ لِمَا تَقَدَّمَ.
فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ كُلٌّ مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ أَوْ مِنْ وَارِثِهِ أَوْ مَوْهُوبِهِ، إلَّا أَنَّ الْغَاصِبَ يُقَدَّمُ عَلَى الْمَوْهُوبِ فِي الضَّمَانِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِي الرُّجُوعِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْغَاصِبِ. وَلَا يَتَأَتَّى فِي وَارِثِهِ تَبْدِئَةٌ بِغَاصِبٍ لِمَوْتِهِ وَلَا فِي تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْوَارِثَ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَمِنْهَا الْمَغْصُوبُ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ضَمِيرَ " غَيْرِهِ " فِي قَوْلِهِ:" خِلَافَ غَيْرِهِ " يَعُودُ عَلَى الْمُشْتَرِي: أَيْ فَالْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي؛ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي مِنْ وَارِثٍ وَمَوْهُوبٍ فَإِنَّهُ لَا غَلَّةَ لَهُ عِنْدَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْغَصْبِ.
أَمَّا الْوَارِثُ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَوْ مَاتَ الْغَاصِبُ وَتَرَكَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مِيرَاثًا فَاسْتَغَلَّهَا وَلَدُهُ كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ وَغَلَّتُهَا لِلْمُسْتَحِقِّ. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: لَا غَلَّةَ لِلْوَارِثِ عِنْدَ عَدَمِ الْعِلْمِ اتِّفَاقًا (اهـ) . وَسَوَاءٌ انْتَفَعَ لِنَفْسِهِ أَوْ أَكْرَى لِغَيْرِهِ. وَأَمَّا مَوْهُوبُ الْغَاصِبِ فَلَا غَلَّةَ لَهُ إذَا تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهَا وَإِذَا رَجَعَ عَلَيْهِ بِهَا فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ. وَأَمَّا لَوْ تَيَسَّرَ الرُّجُوعُ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ أُخِذَتْ مِنْهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهَا عَلَى الْمَوْهُوبِ. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: " لَكِنْ يَبْدَأُ بِالْغَاصِبِ " إلَخْ؛ فَقَوْلُنَا: " بِخِلَافِ غَيْرِهِ " إلَخْ مِنْ الْكَلَامِ الْمُوَجَّهِ.
وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الْغَاصِبِ وَوَارِثَهُ وَمَوْهُوبَهُ؛ إنْ عَلِمُوا بِالْغَصْبِ فَغُصَّابٌ يَجْرِي فِيهِمْ جَمِيعُ مَا جَرَى فِيهِ حَتَّى قَوْلُهُ: " وَالْقَوْلُ لَهُ فِي تَلَفِهِ " إلَخْ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ضَمِيرَ غَيْرِهِ] إلَخْ: هَذَا هُوَ الْأَحْسَنُ، فَكَانَ الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ فِي الْحَلِّ مَعَ الْحَاصِلِ الْآتِي وَيُتْرَكُ جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ مَا تَقَدَّمَ فِيهِ تَعْقِيدٌ وَتَكْرَارٌ لَا يَخْفَى.
قَوْلُهُ: [فَلَا غَلَّةَ لَهُ] إلَخْ: الْأَوْضَحُ فِي الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ: وَأَمَّا مَوْهُوبُ الْغَاصِبِ فَلَا يَفُوزُ بِالْغَلَّةِ إذَا تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ، إلَى آخِرِ مَا قَالَ.
قَوْلُهُ: [وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهَا عَلَى الْمَوْهُوبِ] : أَيْ فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَفُوزُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِالْغَلَّةِ.
قَوْلُهُ: [مِنْ الْكَلَامِ الْمُوَجَّهِ] : أَيْ الْمُحْتَمِلِ لِمَعْنَيَيْنِ عَلَى حَدِّ سَوَاءٍ عَلَى حَدِّ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
خَاطَ لِي عَمْرٌو قُبَاءْ
…
لَيْتَ عَيْنَيْهِ سَوَاءْ
وَالْحَالُ أَنَّ عَمْرًا كَانَ أَعْوَرَ لَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْأَوْلَى فِي الِاحْتِمَالَيْنِ الثَّانِي.
قَوْلُهُ: [وَوَارِثَهُ وَمَوْهُوبَهُ] : بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى الْمُشْتَرِي.
وَيَضْمَنُوا السَّمَاوِيَّ وَغَيْرَهُ. وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا فَلَا يَضْمَنُوا السَّمَاوِيَّ وَضَمِنُوا غَيْرَهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ، هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَغْصُوبِ. وَإِذَا قُلْنَا بِضَمَانِهِمْ فَفِي الْمُشْتَرِي يُخَيَّرُ الْمُسْتَحِقُّ بَيْنَ الرُّجُوعِ عَلَى الْغَاصِبِ أَوْ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ عَلِمَ بِالْغَصْبِ. فَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَاصِبِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَفِي الْمَوْهُوبِ يُقَدَّمُ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَاصِبِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَاصِبِ. وَفِي الْوَارِثِ لَا يُعْقَلُ تَقْدِيمُ الْغَاصِبِ. وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْغَلَّةِ فَالْمُشْتَرِي غَيْرُ الْعَالِمِ يَخْتَصُّ بِهَا فَلَا رُجُوعَ لِلْمَالِكِ بِهَا عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْغَاصِبِ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَأَمَّا الْوَارِثُ فَلَيْسَ لَهُ غَلَّةٌ. وَأَمَّا الْمَوْهُوبُ فَلَا غَلَّةَ لَهُ إنْ تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ، وَإِلَّا أُخِذَتْ مِنْ الْغَاصِبِ وَمَنْ غَرِمَهَا مِنْهُمَا فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْآخَرِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الرُّجُوعِ بِالْغَلَّةِ عَلَى غَاصِبٍ أَوْ مَوْهُوبٍ أَوْ وَارِثٍ حَيْثُ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً، فَإِنَّ رَبَّهَا إذَا أَخَذَهَا فَلَهُ أَخْذُ غَلَّتِهَا مَعَهَا. وَأَمَّا إنْ فَاتَتْ وَأَرَادَ بِهَا تَضْمِينَ مَنْ ذُكِرَ قِيمَتَهَا فَلَا غَلَّةَ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَيَضْمَنُوا السَّمَاوِيَّ] : مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ حَتَّى فَهُوَ مَنْصُوبٌ بِأَنْ مُضْمَرَةٍ لِعَطْفِهِ عَلَى الِاسْمِ الْخَالِصِ.
قَوْلُهُ: [فَلَا يَضْمَنُوا السَّمَاوِيَّ] : الْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ جَزْمٍ جَوَابُ الشَّرْطِ وَحُذِفَتْ النُّونُ تَخْفِيفًا.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي] : أَيْ بِالْقِيمَةِ أَوْ الثَّمَنِ.
قَوْلُهُ: [عَلَى مَا تَقَدَّمَ] : أَيْ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ اتَّبَعَهُ رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِالثَّمَنِ الَّذِي كَانَ دَفَعَهُ لَهُ.
قَوْلُهُ: [وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْغَلَّةِ] : مُقَابِلُ قَوْلِهِ هُنَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَغْصُوبِ.
قَوْلُهُ: [فَلَا رُجُوعَ لِلْمَالِكِ بِهَا عَلَيْهِ] : أَيْ؛ لِأَنَّهُ ذُو شُبْهَةٍ.
وَقَوْلُهُ: [وَلَا عَلَى الْغَاصِبِ] : أَيْ لِكَوْنِهِ لَمْ يُبَاشِرْ الْأَخْذَ.
قَوْلُهُ: [فَلَيْسَ لَهُ غَلَّةٌ] : أَيْ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْغَاصِبِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.
قَوْلُهُ: [فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْآخَرِ] : أَيْ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ غَلَّةِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ غَيْرِ الْعَالِمِ وَغَلَّةِ الْمَوْهُوبِ غَيْرِ الْعَالِمِ: أَنَّ الْمَوْهُوبَ خَرَجَ مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ فَضَعُفَتْ شُبْهَةُ الْمَوْهُوبِ لَهُ.
قَوْلُهُ: [وَاعْلَمْ] إلَخْ: دُخُولٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ قِيمَةٍ وَغَلَّةٍ.