الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَضَمِنَ) الْوَكِيلُ وَلَوْ مُفَوَّضًا (إنْ أَقْبَضَ) دَيْنًا عَلَى مُوَكِّلِهِ أَوْ أَقْبَضَ مَبِيعًا وَكَّلَهُ عَلَى بَيْعِهِ لِمُشْتَرِيهِ (وَلَمْ يَشْهَدْ) عَلَى الْإِقْبَاضِ حَيْثُ أَنْكَرَهُ الْقَابِضُ أَوْ مَاتَ أَوْ غَابَ بَعِيدًا أَيْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهَا، وَسَوَاءٌ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْإِشْهَادِ أَوْ بِعَدَمِهِ. عَلَى الْمَذْهَبِ (أَوْ أَنْكَرَ) الْوَكِيلُ (الْقَبْضَ) لِمَا وَكَّلَهُ عَلَى قَبْضِهِ (فَشُهِدَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ: أَيْ قَامَتْ (عَلَيْهِ) بَيِّنَةٌ (بِهِ) : أَيْ بِأَنَّهُ قَبَضَ (فَشَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِتَلَفِهِ) : أَيْ الْمَقْبُوضِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَلَا تَنْفَعُهُ بَيِّنَةٌ التَّلَفِ بِلَا تَفْرِيطٍ لِأَنَّهُ أَكْذَبهَا بِإِنْكَارِهِ الْقَبْضَ (كَالْمِدْيَانِ) يُنْكِرُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَتَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ بِهِ عَلَيْهِ فَيُقِيمُ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ دَفَعَهُ لِرَبِّهِ فَيَضْمَنُ، وَلَا تَنْفَعُهُ بَيِّنَتُهُ بِالدَّفْعِ لِأَنَّهُ أَكْذَبَهَا بِإِنْكَارِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ:
ــ
[حاشية الصاوي]
الْغُنْمُ مَفْرُوضٌ فِي مَالٍ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ، فَإِنَّ مَا هُنَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِذِمَّتِهِ إلَّا خُصُوصُ النَّقْصِ لَا جَمِيعُ الْمَالِ.
[ضمان الْوَكِيل]
قَوْلُهُ: [وَضَمِنَ الْوَكِيلُ] إلَخْ: مَحَلَّ الضَّمَانِ إنْ لَمْ يَكُنْ الدَّفْعُ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ فَإِنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ، وَمُصِيبَةُ مَا أَقْبِضُ عَلَى الْمُوَكِّلِ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ. بِخِلَافِ الضَّامِنِ يَدْفَعُ الدَّيْنَ بِحَضْرَةِ الْمَضْمُونِ حَيْثُ أَنْكَرَ رَبُّ الدَّيْنِ الْقَبْضَ فَإِنَّ مُصِيبَةَ مَا دَفَعَ عَلَى الضَّامِنِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ عَلَى الْمَضْمُونِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ حَيْثُ جُعِلَ الدَّافِعُ فِي الْأُولَى غَيْرُ مُفَرِّطٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ مُفَرِّطًا مَعَ أَنَّ الدَّفْعَ مِنْ كُلٍّ بِحَضْرَةِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَنَّ مَا يَدْفَعُهُ الْوَكِيلُ مَالَ الْمُوَكِّلِ، فَكَانَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَنْ يُشْهِدَ. بِخِلَافِ الضَّامِنِ فَإِنَّ مَا يَدْفَعُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَعَلَيْهِ الْإِشْهَادُ فَهُوَ مُفَرِّطٌ بِعَدَمِهِ.
قَوْلُهُ: [عَلَى الْمَذْهَبِ] : وَقِيلَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ، وَعَلَى الْمَذْهَبِ فَيُسْتَثْنَى هَذَا مِنْ قَاعِدَةِ الْعَمَلِ بِالْعُرْفِ، أَمَّا لَوْ اشْتَرَطَ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ عَدَمَ الْإِشْهَادِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ جَزْمًا.
قَوْلُهُ: [يُنْكِرُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ] : الْمُنَاسِبُ يُنْكِرُ الْمُعَامَلَةَ، بِأَنْ يَقُولَ: لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَك مُعَامَلَةٌ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ: لَا دَيْنَ لَك عَلَيَّ، فَهُوَ مِثْلُ: لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ، مِنْ غَيْرِ فَارِقٍ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهُ أَكْذَبَهَا بِإِنْكَارِهِ] : قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ تَكْذِيبُهُ لَهَا إلَّا بِإِنْكَارِ
لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ فَأُقِيمَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ فَأَقَامَ بَيِّنَةً بِالدَّفْعِ فَتَنْفَعُهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْقَضَاءِ.
(وَصُدِّقَ) الْوَكِيلُ بِيَمِينِهِ (فِي دَعْوَى التَّلَفِ) لِمَا وُكِّلَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ (وَ) فِي دَعْوَى (الدَّفْعِ) لِثَمَنٍ أَوْ مُثَمَّنٍ أَوْ دَفْعِ مَا وُكِّلَ عَلَيْهِ لِمُوَكَّلِهِ (وَلَزِمَك) أَيُّهَا الْمُوَكِّلُ إذَا وَكَّلْته عَلَى شِرَاءِ سِلْعَةٍ فَاشْتَرَاهَا لَك (غَرِمَ الثَّمَنَ) وَلَوْ مِرَارًا إنْ ادَّعَى تَلَفَهُ بِلَا تَفْرِيطٍ (إلَى أَنْ يَصِلَ) الثَّمَنُ (لِرَبِّهِ) بَائِعِ السِّلْعَةِ (إلَّا أَنْ تَدْفَعَهُ لَهُ) : أَيْ لِلْوَكِيلِ (أَوَّلًا) قَبْلَ الشِّرَاءِ، فَإِنَّهُ إذَا ضَاعَ لَمْ يَلْزَمْ الْمُوَكِّلُ دَفْعُهُ ثَانِيَةً، سَوَاءٌ تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِ السِّلْعَةِ أَوْ بَعْدَهُ، وَتَلْزَمُ السِّلْعَةُ الْوَكِيلَ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ إذَا أَبَى الْمُوَكِّلُ مِنْ دَفْعِهِ ثَانِيًا، مَا لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِعَيْنِهِ فَفَعَلَ وَتَلِفَ الثَّمَنُ أَوْ اسْتَحَقَّ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
أَصْلِ الْمُعَامَلَةِ لَا بِنَفْيِ الدَّيْنِ عَنْ ذِمَّتِهِ.
قَوْلُهُ: [وَصُدِّقَ الْوَكِيلُ بِيَمِينِهِ] إلَخْ: يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ غَيْرُ الْمُفَوَّضِ إذَا وُكِّلَ عَلَى قَبْضِ حَقٍّ فَقَالَ: قَبَضْته وَتَلِفَ مِنِّي، فَإِنَّهُ يَبْرَأُ لِمُوَكِّلِهِ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَمِينٌ. وَأَمَّا الْغَرِيمُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَإِنَّهُ لَا يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ إلَّا إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ أَنَّهُ دَفَعَ الدَّيْنَ إلَى الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ، وَلَا تَنْفَعُهُ شَهَادَةُ الْوَكِيلِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، وَإِذَا غَرِمَ الْغَرِيمُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ تَلَفُهُ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ. وَقَوْلُنَا: غَيْرُ الْمُفَوَّضِ، أَمَّا لَوْ كَانَ مُفَوَّضًا - وَمِثْلُهُ الْوَصِيُّ إذَا أَقَرَّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِأَنَّهُ قَبَضَ الْحَقَّ لِمُوَكِّلِهِ أَوْ لِيَتِيمِهِ وَتَلِفَ مِنْهُ - فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْغَرِيمُ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ بَيِّنَةٍ لِأَنَّ الْمُفَوَّضَ وَالْوَصِيَّ جَعَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْإِقْرَارَ.
قَوْلُهُ: [وَفِي دَعْوَى الدَّفْعِ] : أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَبْضُ بِبَيِّنَةٍ تُوَثِّقُ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِهَا كَالْوَدِيعَةِ.
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ تَدْفَعَهُ لَهُ] : إنَّمَا ضَمِنَ الْمُوَكِّلُ عِنْدَ عَدَمِ دَفْعِ الثَّمَنِ قَبْلَ الشِّرَاءِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ إنَّمَا اشْتَرَى عَلَى ذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ فَالثَّمَنُ فِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يَصِلَ لِلْبَائِعِ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ:" إنْ لَمْ تَدْفَعْهُ " عَدَمُ غُرْمِ الْمُوَكِّلِ إنْ دَفَعَ الثَّمَنَ لِلْوَكِيلِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَتَلِفَ بَعْدَهُ، وَظَاهِرُهُ: سَوَاءٌ تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِ السِّلْعَةِ أَوْ بَعْدَهُ. قَالَ: (عب) وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ يَنْقُدْهُ وَإِلَّا لَزِمَ الْمُوَكِّلُ إلَّا أَنْ يَصِلَ لِرَبِّهِ، فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ.
قَوْلُهُ: [فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ] : أَيْ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ اسْتِحْقَاقِ الْمُثَمَّنِ الْمُعَيَّنِ.