الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَالِهِ مِائَةٌ وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ فِيهِ، وَنِصْفُهَا عَلَى الْقِرَاضِ الثَّانِي وَرَأْسُ مَالِهِ خَمْسُونَ وَلَهُ نِصْفُ رِبْحِهَا وَلَا يُجْبَرُ الْأَوَّلُ بِالثَّانِي (انْتَهَى) أَيْ بِمَا يَنُوبُ الثَّانِي مِنْ الرِّبْحِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْجِنَايَةَ وَمَا أَخَذَ رَبُّهُ أَوْ غَيْرُهُ لَا يُجْبَرُ بِرِبْحٍ.
(وَأَنْفَقَ) الْعَامِلُ (مِنْهُ) : أَيْ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ: أَيْ يَجُوزُ لَهُ الْإِنْفَاقُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ، وَيُقْضَى لَهُ بِذَلِكَ بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ: أَشَارَ لِأَوَّلِهَا وَثَانِيهَا بِقَوْلِهِ: (إنْ سَافَرَ) بِهِ (لِلتِّجَارَةِ) : أَيْ شَرَعَ فِي السَّفَرِ لِتَنْمِيَةِ الْمَالِ وَلَوْ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَرُكُوبٍ وَمَسْكَنٍ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ حَمَّامٍ وَغَسْلِ ثَوْبٍ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ كَمَا يَأْتِي حَتَّى يَرْجِعَ لِوَطَنِهِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهُ بِالْحَضَرِ،
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْجِنَايَةَ] إلَخْ: أَيْ فِي قَوْلِهِ: " وَإِنْ جَنَى كُلٌّ أَوْ أَجْنَبِيٌّ أَوْ أَخَذَ شَيْئًا فَالْبَاقِي رَأْسُ الْمَالِ لَا يَجْبُرُهُ رِبْحٌ " إلَخْ. تَنْبِيهٌ:
لَا يُجْبَرُ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْخَلَفِ مُطْلَقًا، تَلِفَ كُلُّ الْمَالِ أَوْ بَعْضُهُ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ. وَإِذَا أَرَادَ الْخَلَفَ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ؛ فَإِنْ تَلِفَ جَمِيعُهُ لَمْ يَلْزَمْ الْعَامِلَ قَبُولُهُ، وَأَمَّا إنْ تَلِفَ بَعْضُهُ فَيَلْزَمُهُ قَبُولُهُ إنْ تَلِفَ الْبَعْضُ بَعْدَ الْعَمَلِ لَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْفَسْخَ. وَحَيْثُ كَانَ لَا يَلْزَمُ رَبَّ الْمَالِ الْخَلَفُ، وَاشْتَرَى الْعَامِلُ سِلْعَةً لِلْقِرَاضِ فَذَهَبَ لِيَأْتِيَ لِبَائِعِهَا بِثَمَنِهَا فَوَجَدَ الْمَالَ قَدْ ضَاعَ، وَأَبَى رَبُّهُ مِنْ الْخَلَفِ لَزِمَتْ السِّلْعَةُ الْعَامِلَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بِيعَتْ وَرِبْحُهَا لَهُ وَخُسْرُهَا عَلَيْهِ - كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْأَصْلِ. مَسْأَلَةٌ:
إنْ تَعَدَّدَ الْعَامِلُ، بِأَنْ أَخَذَ اثْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ مَالًا قِرَاضًا، وَعَمِلُوا فِيهِ فُضَّ الرِّبْحُ عَلَى حَسَبِ الْعَمَلِ كَشُرَكَاءِ الْأَبَدَانِ، فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ عَمَلِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَسَاوَوْا فِي الْعَمَلِ مَعَ اخْتِلَافِهِمْ فِي الرِّبْحِ وَعَكْسِهِ.
[إنْفَاق الْعَامِل عَلَى نَفْسه مِنْ مَال الْقِرَاض]
قَوْلُهُ: [وَيُقْضَى لَهُ بِذَلِكَ] : أَيْ عِنْدَ الْمُنَازَعَةِ.
قَوْلُهُ: [مِنْ طَعَامٍ] إلَخْ: مِنْ بِمَعْنَى فِي مُتَعَلِّقٌ بِأَنْفَقَ.
قَوْلُهُ: [وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ] : أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ إنْ سَافَرَ.
قَالَ اللَّخْمِيُّ: مَا لَمْ يَشْغَلْهُ عَنْ الْوُجُوهِ الَّتِي يَقْتَاتُ مِنْهَا، وَإِلَّا فَلَهُ الْإِنْفَاقُ. وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ:(مَا لَمْ يَبْنِ بِزَوْجَةٍ) فِي الْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ لَهُ لِلتِّجَارَةِ. فَإِنْ بَنَى بِهَا سَقَطَتْ نَفَقَتُهُ مِنْهُ لَا إنْ لَمْ يَبْنِ وَلَوْ دُعِيَ لِلدُّخُولِ. وَهَذَا الشَّرْطُ فِي الْحَقِيقَةِ شَرْطٌ فِي اسْتِمْرَارِ النَّفَقَةِ. وَلِرَابِعِهَا بِقَوْلِهِ: (وَاحْتَمَلَ الْمَالُ) الْإِنْفَاقَ مِنْهُ بِأَنْ يَكُونَ كَثِيرًا عُرْفًا فَلَا نَفَقَةَ فِي الْيَسِيرِ كَالْأَرْبَعِينَ وَالْخَمْسِينَ دِينَارًا خُصُوصًا فِي زَمَنِ الْغَلَاءِ. وَإِذَا جَازَ لَهُ النَّفَقَةُ عَلَى نَفْسِهِ أَنْفَقَ (ذَهَابًا وَإِيَابًا بِالْمَعْرُوفِ) وَجَازَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: " بِالْمَعْرُوفِ " شَرْطًا، وَبِهِ تَكُونُ الشُّرُوطُ خَمْسَةً. وَالْمُرَادُ بِالْمَعْرُوفِ: مَا يُنَاسِبُ. (لَا لِأَهْلٍ وَكَحَجٍّ) مِنْ الْقُرَبِ كَغَزْوٍ وَرِبَاطٍ وَصِلَةِ رَحِمٍ، وَالْمُرَادُ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [عَنْ الْوُجُوهِ الَّتِي يَقْتَاتُ مِنْهَا] : أَيْ كَمَا لَوْ كَانَتْ لَهُ صَنْعَةٌ يُنْفِقُ مِنْهَا فَعَطَّلَهَا لِأَجْلِ عَمَلِ الْقِرَاضِ، فَإِنَّ هَذَا قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ - كَمَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ - خِلَافًا لِلتَّتَّائِيِّ الْقَائِلِ بِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ.
قَوْلُهُ: [مَا لَمْ يَبْنِ بِزَوْجَةٍ] : أَيْ فَقَطْ لَا سُرِّيَّةٍ قَالَ التُّونُسِيُّ: إنْ تَزَوَّجَ فِي بَلَدٍ لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهُ حَتَّى يَدْخُلَ فَحِينَئِذٍ تَصِيرُ بَلَدَهُ، نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. وَالدَّعْوَى لِلدُّخُولِ لَيْسَتْ مِثْلَهُ فِي إسْقَاطِ النَّفَقَةِ خِلَافًا (لعب) - كَذَا فِي (بْن) .
قَوْلُهُ: [سَقَطَتْ نَفَقَتُهُ] : أَيْ وَيَأْتِي هُنَا قَيْدُ اللَّخْمِيِّ.
قَوْلُهُ: [فَلَا نَفَقَةَ فِي الْيَسِيرِ] : فَلَوْ كَانَ بِيَدِ الْعَامِلِ مَالَانِ يَسِيرَانِ لِرَجُلَيْنِ، وَيَحْمِلَانِ بِاجْتِمَاعِهِمَا النَّفَقَةَ وَلَا يَحْمِلَانِهَا عِنْدَ الِانْفِرَادِ، فَرَوَى اللَّخْمِيُّ: أَنَّ لَهُ النَّفَقَةَ. وَالْقِيَاسُ سُقُوطُهَا لِحُجَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنَّهُ دَفَعَ مَا لَا تَجِبُ فِيهِ النَّفَقَةُ (اهـ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَا أَعْرِفُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ لِغَيْرِهِ، وَلَمْ أَجِدْهَا فِي النَّوَادِرِ، وَهُوَ خِلَافُ أَصْلِ الْمَذْهَبِ فِيمَنْ جَنَى عَلَى رَجُلَيْنِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لَا تَبْلُغُ ثُلُثَ الدِّيَةِ - وَفِي مَجْمُوعِهِمَا مَا يَبْلُغُهُ - أَنَّ ذَلِكَ فِي مَالِهِ لَا عَلَى الْعَاقِلَةِ (اهـ بْن) .
قَوْلُهُ: [وَجَازَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ بِالْمَعْرُوفِ شَرْطًا] : أَيْ مُسْتَقِلًّا وَفِي الْحَقِيقَةِ هُوَ أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ جُعِلَ شَرْطًا مُسْتَقِلًّا أَوْ لَا.
بِالْأَهْلِ: الزَّوْجَةُ، لَا الْأَقَارِبُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَصَدَ بِسَفَرِهِ لَهُمْ صِلَةَ الرَّحِمِ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ. وَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ الْكَافِ فِي قَوْلِنَا:" وَكَحَجٍّ " أَيْ: لَا إنْ سَافَرَ لِزَوْجَةٍ بِبَلَدٍ وَلَا إنْ سَافَرَ لِقُرْبَةٍ كَحَجٍّ، وَهَذَا مُحْتَرَزُ الشَّرْطِ الثَّانِي أَيْ قَوْلُنَا:" لِلتِّجَارَةِ ". وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ الْإِنْفَاقُ فِي هَذَا؛ لِأَنَّهُ لِلَّهِ تَعَالَى وَمَا كَانَ لِلَّهِ لَا يُشْرَكُ مَعَهُ غَيْرُهُ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ:" مَا لَمْ يَبْنِ بِزَوْجَةٍ " وَمِنْ قَوْلِهِ: " لَا لِأَهْلٍ "، أَنَّهُ لَوْ سَافَرَ لِلتِّجَارَةِ بِزَوْجَتِهِ أَنَّ لَهُ النَّفَقَةَ أَيْ عَلَى نَفْسِهِ فَقَطْ فِي سَفَرِهِ ذَهَابًا وَإِيَابًا. وَأَمَّا فِي إقَامَتِهِ مَعَهَا فِي بَلَدِ التِّجَارَةِ، فَهَلْ لَهُ النَّفَقَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ دَوَامَهُ مَعَهَا لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ أَمْ لَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ بَنَى بِهَا فِي هَذَا الْبَلَدِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْأَوَّلِ، ثُمَّ إنَّ كُلَّ مَنْ سَافَرَ لِقُرْبَةٍ لَا نَفَقَةَ لَهُ فِي رُجُوعِهِ بِبَلَدٍ لَا قُرْبَةَ بِهِ، بِخِلَافِ مَنْ سَافَرَ لِزَوْجَتِهِ فَلَهُ النَّفَقَةُ فِي رُجُوعِهِ لِبَلَدٍ لَيْسَ بِهِ أَهْلٌ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا أَنَّ الرُّجُوعَ فِي الْقُرْبَةِ قُرْبَةٌ وَلَا كَذَلِكَ الرُّجُوعُ مِنْ عِنْدِ الْأَهْلِ. وَقَوْلُنَا:" وَأَنْفَقَ مِنْهُ " فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ النَّفَقَةَ تَكُونُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ لَا فِي ذِمَّةِ رَبِّ الْمَالِ، حَتَّى لَوْ ضَاعَ الْمَالُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى رَبِّهِ شَيْءٌ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّيْخِ: فِي الْمَالِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [لَا الْأَقَارِبُ] : أَيْ فَالْأَقَارِبُ غَيْرُ الزَّوْجَةِ - مِنْ أُمٍّ وَأَبٍ وَنَحْوِهِمَا - إنْ كَانَ قَاصِدًا بَلَدَهُمْ لِلتِّجَارَةِ لَا لِلصِّلَةِ فَلَهُ الْإِنْفَاقُ مِنْ الْمَالِ. بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ وَالْحَجِّ وَالْغَزْوِ، وَمَتَى قَصَدَ مَا ذُكِرَ فَلَا يُنْفِقُ وَلَوْ قَاصِدًا مَعَهُ التِّجَارَةَ.
قَوْلُهُ: [وَمَا كَانَ لِلَّهِ لَا يُشْرَكُ مَعَهُ غَيْرُهُ] : أَيْ سَوَاءٌ كَانَ تَابِعًا أَوْ مَتْبُوعًا فَلَا نَفَقَةَ لَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ لَكِنَّ هَذَا الْفَرْقَ لَا يَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّفَرِ لِلزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهُ لِحَقِّ مَخْلُوقٍ لَا لِلَّهِ.
قَوْلُهُ: [أَمْ لَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ بَنَى بِهَا] إلَخْ: أَيْ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ بَنَى بِزَوْجَةٍ فِي أَثْنَاءِ السَّفَرِ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: [وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْأَوَّلِ] : أَيْ أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ فَلَهُ الْإِنْفَاقُ عَلَى نَفْسِهِ.
قَوْلُهُ: [لَيْسَ بِهِ أَهْلٌ] : أَيْ زَوْجَةٌ.
قَوْلُهُ: [وَلَا كَذَلِكَ الرُّجُوعُ مِنْ عِنْدِ الْأَهْلِ] : أَيْ فَلَا يُقَالُ لَهُ قُرْبَةٌ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ مَخْلُوقٍ. قَالَ الْخَرَشِيُّ: فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ مَنْ سَافَرَ لِبَلَدٍ وَمَرَّ بِمَكَّةَ
فَلَا إهْمَالَ، ثُمَّ إذَا أَنْفَقَ الْعَامِلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَهُ فِي الْمَالِ، وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ.
(وَاسْتَخْدَمَ) الْعَامِلُ: أَيْ اتَّخَذَ لَهُ خَادِمًا يَخْدُمُهُ بِأُجْرَةٍ مِنْ الْمَالِ (إنْ تَأَهَّلَ) لِلْإِخْدَامِ: أَيْ كَانَ أَهْلًا لِذَلِكَ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهِيَ إنْ سَافَرَ لِتَنْمِيَةِ الْمَالِ وَلَمْ يَبْنِ بِزَوْجَتِهِ، وَاحْتَمَلَ الْمَالُ الْإِنْفَاقَ مِنْهُ. (وَاكْتَسَى) مِنْهُ زِيَادَةً عَلَى النَّفَقَةِ (إنْ طَالَ) زَمَنُ سَفَرِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا. وَالطُّولُ بِالْعُرْفِ. وَهُوَ مَا يُمْتَهَنُ بِهِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الثِّيَابِ أَيْ مَعَ الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ، فَالطُّولُ شَرْطٌ زَائِدٌ عَلَيْهَا.
(وَوُزِّعَ) مَا يُنْفِقُهُ (إنْ خَرَجَ) الْعَامِلُ (لِحَاجَةٍ) أُخْرَى غَيْرِ الْأَهْلِ وَالْقُرْبَةِ مَعَ الْخُرُوجِ لِلتِّجَارَةِ بِالْقِرَاضِ. فَإِذَا كَانَ مَا يُنْفِقُهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي عَمَلِ الْقِرَاضِ
ــ
[حاشية الصاوي]
لِكَوْنِهَا بِطَرِيقِهِ وَقَصْدُهُ - الْحَجُّ أَيْضًا - فَإِنَّ لَهُ النَّفَقَةَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ النُّسُكِ وَتَوَجُّهِهِ لِبَلَدِ التِّجَارَةِ (اهـ) .
قَوْلُهُ: [فَلَا إهْمَالَ] : أَيْ فِي كَلَامِنَا وَلَا فِي كَلَامِ الشَّيْخِ.
قَوْلُهُ: [وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ] : أَيْ فِي قَوْلِهِ: " أَوْ قَالَ أَنْفَقْتُ مِنْ غَيْرِهِ ".
قَوْلُهُ: [بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ] : مَا ذَكَرَهُ مِنْ اعْتِبَارِ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الِاسْتِخْدَامِ تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيَّ وَهُوَ الظَّاهِرُ، كَمَا قَالَ (بْن) بِدَلِيلِ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: الْخِدْمَةُ أَخَصُّ مِنْ النَّفَقَةِ وَكُلُّ مَا كَانَ شَرْطًا فِي الْأَعَمِّ فَهُوَ شَرْطٌ فِي الْأَخَصِّ، خِلَافًا (لعب) .
قَوْلُهُ: [إنْ طَالَ زَمَنُ سَفَرِهِ] : أَيْ فِي الطَّرِيقِ أَوْ طَالَتْ إقَامَتُهُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ إلَيْهِ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ الْبِضَاعَةِ كَالْقِرَاضِ فِي النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَسُقُوطِهِمَا فِيهَا. ثَالِثُهَا: الْكَرَاهَةُ لِسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ. قَالَ اللَّخْمِيُّ: الْعَادَةُ الْيَوْمَ لَا نَفَقَةَ وَلَا كِسْوَةَ فِيهَا، بَلْ إمَّا أَنْ يَعْمَلَ مُكَارَمَةً فَلَا نَفَقَةَ لَهُ أَوْ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهَا (اهـ بْن) .
قَوْلُهُ: [عَلَيْهَا] : أَيْ الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ.
قَوْلُهُ: [فَإِذَا كَانَ مَا يُنْفِقُهُ عَلَى نَفْسِهِ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ الشَّارِحَ ذَكَرَ طَرِيقَتَيْنِ فِي التَّوْزِيعِ: الْأُولَى: أَنَّ مَا يُنْفِقُهُ يُوَزَّعُ عَلَى مَا شَأْنُهُ أَنْ يُنْفَقَ فِي الْقِرَاضِ، وَعَلَى مَا شَأْنُهُ أَنْ يُنْفَقَ فِي الْحَاجَةِ، وَهَذَا مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْعُوفِيُّ.
مِائَةً، وَمَا يُنْفِقُهُ فِي ذَهَابِهِ لِلْحَاجَةِ مِائَةً، فَأَنْفَقَ مِائَةً، وُزِّعَتْ عَلَى الْقِرَاضِ وَالْحَاجَةِ مُنَاصَفَةً. وَلَوْ كَانَ مَا يُنْفِقُهُ فِي الْقِرَاضِ مِائَةً وَفِي الْحَاجَةِ خَمْسِينَ فَأَنْفَقَ مِائَةً، وُزِّعَتْ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ وَقِيلَ: يَنْظُرُ مَا بَيْنَ مَالِ الْقِرَاضِ، وَمَا يُنْفِقُهُ فِي الْحَاجَةِ وَيُوَزِّعُ مَا أَنْفَقَ عَلَى قَدْرِهِمَا هَذَا إذَا أَخَذَ الْقِرَاضَ قَبْلَ اكْتِرَائِهِ وَتَزَوُّدِهِ لِلْحَاجَةِ بَلْ. (وَلَوْ) أَخَذَهُ (بَعْدَ تَزَوُّدِهِ وَاكْتِرَائِهِ لَهَا) : أَيْ لِلْحَاجَةِ - كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ - قَالَ فِيهَا: إنْ خَرَجَ فِي حَاجَةٍ لِنَفْسِهِ فَأَعْطَاهُ رَجُلٌ قِرَاضًا فَلَهُ أَنْ يَفُضَّ النَّفَقَةَ عَلَى مَبْلَغِ قِيمَةِ نَفَقَتِهِ وَمَبْلَغِ الْقِرَاضِ (اهـ) وَلَا يُعَوَّلُ عَلَى قَوْلِ اللَّخْمِيِّ: مَنْ أَخَذَ قِرَاضًا، وَكَانَ خَارِجًا لِحَاجَتِهِ فَمَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ لَا شَيْءَ لَهُ كَمَنْ خَرَجَ إلَى أَهْلِهِ (اهـ) . وَلَعَلَّ الْفَرْقَ عَلَى مَا فِيهَا أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ الْقِرَاضِ وَالْحَاجَةِ قَصْدَ تَحْصِيلِ غَرَضٍ فِيهِ قُرْبَةٌ بِخِلَافِ الْأَهْلِ.
(وَلِكُلٍّ) مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ (فَسْخُهُ قَبْلَ) الشُّرُوعِ فِي (الْعَمَلِ) : أَيْ شِرَاءِ السِّلَعِ بِالْمَالِ (وَلِرَبِّهِ) فَقَطْ الْفَسْخُ (إنْ تَزَوَّدَ) الْعَامِلُ
ــ
[حاشية الصاوي]
وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ التَّوْزِيعَ يَكُونُ عَلَى مَا شَأْنُهُ أَنْ يُنْفَقَ فِي الْحَاجَةِ وَمَبْلَغِ مَالِ الْقِرَاضِ، وَهَذَا مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ وَنَحْوَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، لَكِنْ نَظَرَ فِيهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ - كَذَا فِي (بْن) .
قَوْلُهُ: [فَمَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ] : أَيْ وَارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: وَمَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ خِلَافُ نَصِّهَا.
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ الْأَهْلِ] : هَذَا الْفَرْقُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَهْلِ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ: الْأَقَارِبُ الَّذِينَ قَصَدَ صِلَتَهُمْ لَا الزَّوْجَةُ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ لَهَا لَا يُسَمَّى قُرْبَةً لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْفَرْقِ السَّابِقِ - فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [فَسْخُهُ] : أَيْ فَسْخُ عَقْدِ الْقِرَاضِ. وَالْمُرَادُ بِالْفَسْخِ التَّرْكُ: وَالرُّجُوعُ عَنْهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ فَرْعُ الْفَسَادِ وَهُوَ غَيْرُ فَاسِدٍ.
قَوْلُهُ: [قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ] : أَيْ وَقَبْلَ التَّزَوُّدِ لَهُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: [وَلِرَبِّهِ فَقَطْ] : إنَّمَا كَانَ لِرَبِّهِ فَقَطْ دُونَ الْعَامِلِ عِنْدَ التَّزَوُّدِ؛ لِأَنَّ التَّزَوُّدَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَامِلِ عَمَلٌ فَيَلْزَمُهُ تَمَامُهُ.