الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب العدة
الحديث الأول
(1)
313 -
عَنْ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةِ: أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ، وَهِيَ فِي بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، فَتُوُفِّيَ (2) عَنْهَا فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ وَهِيَ حَامِلٌ، فَلَمْ تنشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا (3) بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا، تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ؛ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، فَقَالَ لَهَا: مَا لِي أَرَاكِ مُتَجَمِّلَةً؟ لَعَلَّكِ تُرَجِّينَ النكِّاحَ؟! وَاللهِ: مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْكِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ. قَالَتْ سُبَيْعَةُ: فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ (4)، جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي حَتَّى (5) أَمْسَيْتُ، فَأتَيْتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فَسَألْتُهُ
(1) قوله: "الحديث الأول" ليس في "ز" و"ت".
(2)
في "ت": "توفي".
(3)
"حملها" ليس في "خ".
(4)
"ذلك" ليس في "ز".
(5)
في "ز": "حين".
عَنْ ذَلِكَ، فَأفْتَانِي بِأنِّي قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي، وَأَمَرَني بِالتَّزْوِيجِ إِنْ بَدَا لِي.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ تَتَزَوَّجَ حِينَ وَضَعَتْ، وإنْ كَانَتْ (1) فِي دَمِهَا، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَقْرَبُها زَوْجُهَا حَتَّى تَطْهُر (2).
* * *
(1) في "ز": "كان".
(2)
* تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (3770)، كتاب: المغازي، باب: فضل من شهد بدرًا، و (5013، 5014)، كتاب: الطلاق، باب:{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4]، ومسلم (1484/ 56)، كتاب: الطلاق، باب: انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها، وغيرها، بوضع الحمل، واللفظ له، وأبو داود (2306)، كتاب: الطلاق، باب: في عدة الحامل، والنسائي (3518)، كتاب: الطلاق، باب: عدة الحامل المتوفى عنها زوجها.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (3/ 290)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (6/ 210)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 63)، و"المفهم" للقرطبي (4/ 280)، و"شرح مسلم" للنووي (10/ 108)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 58)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1332)، و"التوضيح" لابن الملقن (25/ 502) ، و"فتح الباري" لابن حجر (9/ 471)، و"عمدة القاري" للعيني (17/ 102)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (8/ 180)، و"كشف اللثام" للسفاريني (5/ 461)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (7/ 85).
* الشرح:
سُبَيْعَة: بضم السين وفتح الموحدة.
وقوله: "في (1) بني عامرِ بنِ لؤيٍّ": أي (2) نسبهُ فيهم.
ومعنى (تَنْشَب): تمكثْ.
ومعنى (تعلَّت من نِفاسِها)؛ أي: طَهُرَتْ منه.
وأبو السَّنابِل: -بفتح السين و (3) بالموحدة- وبَعْكَك: -بالموحدة بعدها عين مهملة- بوزن (4) جَعْفَر، واسمه عمرٌو، وقيل: حبَّة -بالحاء المهملة والموحدة المشددة-، وقيل: بعد الحاء نون، بنُ الحجاجِ بنِ الحارثِ بنِ السباق بنِ عبد الدار (5)، هكذا نسبه ابنُ (6) الكلبي، وابنُ عبدِ البرِ.
وقيل في نسبه غيرُ هذا (7).
(1) في "ت": "من".
(2)
"أي" ليست في "خ".
(3)
الواو ليست في "ز".
(4)
في "ت": "على وزن".
(5)
في "خ": "عبد اللَّه".
(6)
في "ت": "أبو".
(7)
انظر: "الاستيعاب" لابن عبد البر (4/ 1684)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (6/ 152)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (2/ 522)، و"تهذيب الكمال" للمزي (33/ 385)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (7/ 190).
وقد اختلف الناس في عِدَّة الحامل المتوفَّى عنها زوجُها.
والمشهورُ عندنا، وعند الجمهور: انقضاءُ عدتها بوضع الحملِ، وإن وضعت قبلَ أربعةِ أشهرٍ وعشرٍ، بل بلحظةٍ بعدَ موته وقبلَ غسلِه (1)؛ لقوله تعالى:{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] فعمَّ تعالى، فلم يفرق بين عدةِ وفاةٍ ولا طلاقٍ.
وقال عليٌّ، وابنُ عباس رضي الله عنهما، وهو قول سحنون: عليها أَقْصَى الأَجَلين؛ لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} [البقرة: 234] الآيةَ، فإذا انقضت، فلا بدَّ من طلب الوضع لأجل الآية الأخرى، وأنه لا يصح نكاحُ الحامل، فأخذ بموجب الآيتين جميعًا.
وقال ابن مسعود (2): آيةُ النساء القُصرى (3) نزلت (4) آخِرًا بعدَ سورة الطلاق، وفيها البراءةُ بوضع (5) الحمل، فأشار (6) إلى أنها تقضي (7) على آية البقرة، وهذا ترجيحٌ للمذهب المشهور. (8)(9)
(1) في "ت": "وقبل غفله".
(2)
"وقال ابن مسعود" ليس في "ت".
(3)
في "ت": "لصغرى".
(4)
"نزلت" ليس في "ز".
(5)
في "خ": "موضع".
(6)
في "خ" و"ز": "وأشار".
(7)
في "ت": "تقتضي".
(8)
في "ت": "المشروع".
(9)
انظر: "المعلم" للمازري (2/ 206)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 63).
ع (1): وقد (2) روي عن ابن عباس الرجوعُ عن قوله: أَقْصى الأَجَلين (3).
فإن قلت: الآيتان كلُّ واحدة منهما عامَّةٌ من وجه، خاصةٌ من وجه، فآيةُ البقرة عامةٌ في كل متوفًّى عنها، حاملًا كانت أو حائلًا، والأخرى عامةٌ في كل حاملٍ، متوفًّى عنها كانت، أو غير متوفًّى عنها، وإذا تعارض العمومان، تعينَ الاحتياطُ، فلا تنقضي العدةُ السالفة إلا بيقين، وهو أقصى الأجلين؛ إذ لا ترجيح لأحد العمومين على الآخر.
قلت: سلَّمنا التعارض؛ لكن يترجح قولُ الجمهور من أوجه:
الأول: ما قاله ابن مسعود رضي الله عنه.
الثاني: حديثُ سبيعة هذا، وهو نصٌّ عين المسألة.
الثالث: ظهورُ المعنى (4)، وهو العلمُ ببراءة الرحم من الحمل، وهو المطلوب.
وقولها: "فأفتاني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بأني (5) حَلَلْتُ حينَ وضعتُ حملي": تصريحٌ بانقضاء العدة بنفس الوضع، وقد نُقل عن الشعبي، والنخعي، وحمادٍ: أن جواز نكاحها متوقفٌ على الطهر من دم النفاس؛
(1)"ع" ليس في "ز" و"ت".
(2)
"قد" ليس في "ت".
(3)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 64).
(4)
في "ز": "المعين".
(5)
في "ز" زيادة: "قد".
تعلقًا بقوله: "فلما تعلَّتْ من نِفاسِها"؛ أي: طهرت، ورُدَّ هذا بقولها:"فأفتاني رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بأني قد حللتُ حين وضعتُ حَمْلي"(1)، وأن قوله:"فلما تعلَّتْ من نفاسها"؛ إنما هو إخبارٌ عن وقتِ سؤالها، ولا حجةَ فيه، وإنما الحجةُ في قوله عليه الصلاة والسلام: إنها حلت حين وضعتْ، ولم يُعَلِّل بالطهر من النفاس.
ع: وظاهرُ قوله عليه الصلاة والسلام: "حللتِ حينَ وضعتِ"، ولم يفصل ولدًا كاملًا (2)، أو سقطًا، أو غيْرَه حجةٌ للكافة من أن ذلك يبرئها كيف كان، من غير مراعاةِ إتمامِ (3) خِلْقَةٍ، بل بكلِّ (4) مُضغة وعَلَقة مما يُعلم أنه سقطٌ؛ خلافًا لأحدِ قولَي الشافعي: إن عدتها لا تنقضي إلا (5) بوضع (6) ولدٍ كامل (7).
ق: وهذا ضعيف -يعني: الاستدلالَ بعدم الاستفصال-؛ لأن الغالب هو الحملُ التامُّ المتخلِّقُ، ووضعُ المضغةِ والعلقةِ نادرٌ، وحملُ الجواب على الغالب ظاهرٌ، وإنما يقوي هذه القاعدة حيث
(1) من قوله: "تصريح بانقضاء العدة. . . " إلى هنا ليس في "ز".
(2)
في "خ": "حاملًا".
(3)
في "ت": "لتمام".
(4)
في "ت": "لكل".
(5)
"لا تنقضي إلَّا" ليس في "ز".
(6)
في "ت": "لوضع".
(7)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 65).
لا يترجَّح بعضُ الاحتمالات على بعض، وتختلف (1) الحكم باختلافها (2).
قلت: وهو كما قال رحمه اللَّه تعالى، وكأن المعتمد في ذلك عندَ العلماء (3): ظهورُ المعنى (4)، وهو أن وضعَ شيء مما ذُكر دليلٌ واضحٌ على براءة الرحم، واللَّه أعلم.
ع: وقولُ أبي السنابل لها ما قالَ، قيل (5): إنما قال ذلك لتتربَّصَ لقوله حتى يأتي أولياؤها، إذ كانوا غُيَّبًا، فيتزوجها هو؛ إذ (6) كان له فيها غرض، وكان رجلًا كبيرًا، فمالت إلى نكاح غيره، كما جاء في حديث مالك.
ويحتمل أنه حملَ الآيةَ على العموم لكل متوفًّى عنها، كما حملَها غيرُه، حاملًا كانت أو غيرَ حامل -كما تقدم-، ولعل الغائبَ من أوليائها على التنزيل الأول ممن ترجعُ (7) إلى رأيه، ولا تخالفُه (8)؛
(1) في "خ": "وقت" بدل "ويختلف".
(2)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 60).
(3)
"عند العلماء" ليس في "ز".
(4)
في "ز": "المعين".
(5)
"قيل" ليس في "ت".
(6)
في "ت": "وإن".
(7)
في "ز": "يرجع".
(8)
في "ت": "يخالفه".
إذ لو (1) لم يكن لها وليٌّ حاضرٌ جملةً، لم يكن بدٌّ من انتظاره في القرب، واللَّه أعلم (2).
* * *
(1)"لو" ليس في "ت".
(2)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 65).