الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الخامس
357 -
عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ مَسْعودٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِىءٍ مُسْلِمٍ، هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، ونزَلَتْ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] " إلى آخر الآية (1).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (2229)، كتاب: المساقاة، باب: الخصومة في البئر والقضاء فيها، و (2285)، كتاب: الخصومات، باب: كلام الخصوم بعضهم في بعض، و (2380)، كتاب: الرهن، باب: إذا اختلف الراهن والمرتهن ونحوه، و (2523)، كتاب: الشهادات، باب: سؤال الحاكم المدعي: هل لك بينة، قبل اليمين، و (2525)، باب: اليمين على المدعى عليه في الأموال والحدود، و (2528)، باب: يحلف المدعى عليه حيثما وجبت عليه اليمين، و (2531)، باب: قول اللَّه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77]، و (4275)، كتاب: التفسير، باب:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] و (6283)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: عهد اللَّه عز وجل، و (6299)، باب: قول اللَّه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77]، و (6761)، كتاب: الأحكام، باب: =
* الشرح:
يجوز تنوينُ (يمين) على أن يكون (صبر) صفةً لها، ويكون من باب: رجل عدل، وتجويز عدم التّنوين على الإضافة، وقد رويناه بالوجهين، ومعنى (الصبر) هنا: الحبس؛ أي يحبس نفسه عن اليمين، ويسمى (1) -أيضًا-: غموسًا.
قال الفقهاء (2): لأنها تغمس صاحبَها في النار، ولذلك قال
= الحكم في البئر ونحو، و (7007)، كتاب: التوحيد، باب: قول اللَّه تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} [القيامة: 22].
ورواه مسلم (138/ 220)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار، وأبو داود (3243)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: فيمن حلف يمينًا ليقتطع بها مالًا لأحد، والترمذي (1269)، كتاب: البيوع، باب: ما جاء في اليمين الفاجرة يقتطع بها مال المسلم، و (2996)، كتاب: التفسير، باب: ومن سورة آل عمر ان، وابن ماجة (2323)، كتاب: الأحكام، باب: من حلف على يمين فاجرة ليقتطع بها مالًا.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"إكمال المعلم" للقاضي عياض (1/ 435)، و"المفهم" للقرطبي (1/ 351)، و"شرح مسلم" للنووي (2/ 158)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 147)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1520)، و"التوضيح" لابن الملقن (30/ 289)، و"فتح الباري" لابن حجر (11/ 559)، و"عمدة القاري" للعيني (12/ 257)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (9/ 383)، و"كشف اللثام" للسفاريني (6/ 379).
(1)
في "ت": "وتسمى".
(2)
"قال الفقهاء" ليس في "ت".
أصحابنا: لا كفارة فيها؛ لأن إثمها أعظمُ من أن يُكَفَّر (1).
وفي الحديث: ما يدلُّ على ذلك من الوعيد الشديد لحاللها (2)، وكأن ذكر المسلم هنا من باب التشنيع والتبشيع على الحالف والحالة هذه؛ كما يقال: قَتْلُ الرجلِ الصالحِ، وسَفْكُ دمِ العالمِ حرامٌ، وإن كان قتلُ غيرهما من المسلمين حرامًا؛ لكن قتل هذين أشنع وأبشع من قتل غيرهما من المسلمين ممن ليس بصالح ولا عالم.
وقولُ ابن مسعود رضي الله عنه: ونزلت: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ} [آل عمران: 77] إلى آخرها (3)، يقتضي: أن معنى الآية معنى الحديث ظاهرًا.
وقد اختلف المفسرون في سبب نزولها، فقال (4) ابن عطية: قال عكرمة: نزلت في أحبار اليهود؛ أبي رافع، وكِنَانة بنِ أبي الحقيق، وكعبِ بنِ الأشرفَ (5)، وحُيَيِّ بنِ أخطبَ (6)، تركوا عهدَ اللَّه في التوراة للمكاسِبِ والرياسة، التي كانوا بسبيلها.
وروي أنها نزلت بسبب خصومة (7) الأشعثِ بنِ قيس مع رجل من
(1) في "ت": "تُكَفَّرَ".
(2)
"لحالفها" ليس في "ت".
(3)
في "ت": "آخره".
(4)
في "ت": "قال".
(5)
في "خ": "أشرف".
(6)
في "خ": "أخطل".
(7)
في "ت": "خصوص".
اليهود في أرضٍ، فوجبت اليمينُ على اليهوديِّ، فقال الأشعثُ: إِذًا يحلفُ يا رسول اللَّه! ويذهبُ بمالي؟ فنزلت الآية.
ورُوي: أن الأشعث بن قيس اختصم في أرض مع رجل من قرابته، فوجبت اليمينُ على الأشعث، وكان في الحقيقة مبطِلًا، قد غصبَ تلك الأرضَ في جاهليته (1)، فنزلت الآيةُ (2)، فنكلَ الأشعثُ عن اليمين، وتحرَّجَ، وأعطى الأرضَ، وزادَ من عندِه أرضًا أخرى.
وروي أن الآية (3) نزلت بسبب خصومة لغير الأشعثِ بنِ قيس.
وقال الشعبي: نزلت في رجل أقام (4) سلعةً في السوق أولَ النهار، ولما كان في آخره (5)، جاءه رجلٌ، فساومه، فحلف حانثًا: لقد (6) منعها في أول النهار من كذا أو كذا، ولولا المساءُ ما باعها، فنزلت الآية بسببه (7).
(1) في "خ": "جاهلية".
(2)
سيأتي تخريجه في الحديث التالي من هذا الباب.
(3)
في "ت": "أنها".
(4)
في "ت" زيادة: "في".
(5)
في "ت": "فلما كان آخر النهار".
(6)
في "ت": "أنه".
(7)
رواه البخاري (4276)، كتاب: التفسير، باب: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا [آل عمران: 77]، من حديث ابن أبي أوفى رضي الله عنه. وانظر:"المحرر الوجيز" لابن عطية (1/ 459).
ق (1): ويترجَّح قولُ مَنْ ذهب إلى هذا المعنى بهذا الحديث، وبيانُ سبب النزول طريقٌ قوي في فهم معاني الكتاب العزيز، وهو أمر يحصل للصحابة بقرائنَ تحتفُّ بالقضايا (2).
قال ابن عطية: وهي آية (3) يدخل فيها (4) الكفرُ فما دونَه من جَحْدِ الحقوق، وخطر (5) المواثيق، وكلُّ أحد (6) يأخذ من وعيد الآية على (7) قدر جريمته (8)، واللَّه أعلم (9).
* * *
(1)"ق": بياض في "ت".
(2)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 147).
(3)
في "ت": "وهو أنه".
(4)
في "ت": "تحتها".
(5)
في "ت": "وهو" مكان "خطر".
(6)
"أحد" ليس في "ت".
(7)
في "خ": "عن".
(8)
في "خ": "خدعته".
(9)
انظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية (1/ 459).